(07-12-2009, 03:24 AM)The Holy Man كتب: المنطق المغيب في العقل الإسلامي
ولكن بعكس النهضة الأوربية التي ظلت مستمرة دون انقطاع حقيقي ، تعرضت فترة النهضة الإسلامية إلى انتكاسة أدت بشكل أو بآخر للرجوع والارتكاس إلى الاسلام البدائي أو البسيط إسلام قريش
..
عزيزي؛
اسمح لي أن أختلف معك ههنا، فتاريخ أوروبا لم يكن أبداً تاريخاً مستقيما وخطياً نحو النهضة، بل تعثر وعرف انكاسات عنيفة جداً.
بل إن تاريخ أوروبا منذ عصر الأنوار لليوم هو تاريح انتكاسات ونهضات متتالية، تمخض عنها مانعرفه كغرب متقدم اليوم.
من أكبر الانتكاسات اثنتين مهمتين بالعصر الحديث، الأولى حروب الأديان ما بين القرنين السادس عشر والسابع عشر والتي استمرت قرابة قرن وأتت على نصف سكان أوربا.
ثم الانتكاسة في النصف الثاني للقرن التاسع عشر بعيد الانهيار الاقتصادي بسبب الحروب المتتالية بين الامبراطوريتين الفرنسية والبروسية.
في النصف الثاني للقرن التاسع عشر عزيزي وصل الأمر لوضع كل مشاكل الصحة على ظهر العادة السرية مثلاً.
بهذا العصر تمت محاكمة أشعار بودلير (التي تدرس اليوم بمدارس فرنسا) وتم حظر ستة منها، وتدميره مادياً ومعنوياً بحد وصل به للموت انتحاراً. بحجج الأخلاق في ذلك الوقت ،من القصائد التي تمت محاكمتها قصيدة عن هابيل وقابيل، كنت قد ترجمتها سابقاً. وهذا الشاعر لم تتم إعادة اعتباره إلا في عام 1949 في البرلمان الفرنسي وصت برلماني واحد ضد إعادة الاعتبار.
انتعشت النهضة الأوروبية من جديد في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، ثم عادت للانتكاس مع الحرب العالمية الأولى، ثم تصاعدت مع الأزمة الاقتصادية لعام 1929 وانهيار البورصة، وتمخض عنها وصول النازية للحكم في ألمانيا، والفاشية في إيطاليا، ثم حرب عالمية ثانية أكلت الأخضر واليابس.
ولم تحصل المرأة فعلياً على حقوقها مثلاً أو تبدأ بالحصول عليها إلا في نهاية ستينيات القرن المنصرم.
هل تعرف أنه في بداية ستينيات القرن العشرين لم يكن يحق للمرأة أن تفتح حساباً إلا بإذن من زوجها؟ وأنه يحق لزوجها كان التصرف براتبها كما يحب ويرغب؟
إذاً فالتاريخ والنهضة ليست أبداً خطاً مستقيماً مستمراً، بل تاريخاً معقداً يتخلله عشرات السنين من فترات الانتكاسات. وهذا ما نعيشه نحن اليوم أيضاً.
خالص تحياتي.