{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
حالة انتظار
عادل نايف البعيني غير متصل
Moderator
*****

المشاركات: 834
الانضمام: Sep 2002
مشاركة: #1
حالة انتظار
حالة انتظار



مسح مديته بثوبها دون أن يرتعش له جفن، لم يأبه لأحد، ولم يرد على تلك الهمهمات التي راحت تنهش قلبه، سار بهدوء سلحفاة حيث المصطبة التي طالما جلس عليها وإياها، أخذ علبة السجائر وراح يلف سيجارة من التبغ البلدي الثقيل من زرعه، وسلمى مكوّمة في حوش الدار، أولعها على عجل، وراح ينفث دخانها بأناة، بينما عشرات العيون راحت تبحلق فيه دون أن يلتفت لأيٍّ منها.
كانت الدماء لا تزال تثغب ببطء من عشرات الطعنات التي تلقتها سلمى منه، أحدٌ ممن رآه يكيل لها الطعنات لم يحاول التدخّل لإنقاذها، ومن يجرؤ؟ فهذا "متعب الورّاق" الرجل الجلف والقاسي، فجميع أهل الضيعة، يخافونه، ولا يجرؤون على مواجهته، حتى باتوا مسلّمين بأنّه دائما على حقّ، ولا بدّ بأنّ سلمى تستحق ما فعله بها، وهم بذات الوقت موقنون بأن سلمى طاهرة لا يمكن أن تخون متعب، ولكن لماذا قتلها، فلا شك بأن ذنبها كبير تستحق عليه القتل، أحرق سيجارته العاشرة وهو في حالة انتظار، لم يحاول الهرب من وجه العدالة، بل وضع المدية أمامه، حيث لا يزال عالقا عليها شيء من آثار دماء سلمى، وجلس يترقّب وصول الشرطة، ..... وعلى الرغم من جبروته ورباطة جأشه، لم يستطع أن يمنع دمعة، راحت تلح عليه حتى طفرت مدغدغة مشاعره، راجعة به إلى ليالي أنسه، ونعيمه، مع سلمى، تلمّس بظاهر كفه الجيب الوحيد على قميصه، ضغط على ما فيه بغيظ، وغاب في مغارة تفكيره، محاولا إقناع نفسه بما فعل.
بعد طول انتظار زحف نمل القلق إليه، وشعر بالزمن سلحفاة لا تكاد تمد رأسها لتسير حتى تعاود التوقف، تسلل خدر إلى مفاصله، فراحت تخزه من كل جانب، والعيون المتغيرة دائما لا تزال تنظر للجثة الثاغبة دماؤها، ثم تبحلق فيه وتمضي بأصحابها، وهو ساكن سكون رقاص ساعة خمد منذ زمن.
بعد ساعات من الانتظار وصل دركيّان واقتاداه إلى مخفر المدينة.
انسلّ الخبر، ومضى متلصّصًا من أسطح القرية، وعلى شرفاتها، وفي منعطفاتها: "سلمى حيّةُ من تحت تبن" "سلمى مخبّاية بثيابها" "سلمى صاحبة كار وما حدا عارف" قالت إحداهن:"مين كان يصدق إنو سلمى تعمل هيك" ترد أخرى:"يا ما وراء السواهي دواهي". بينما الصمت كان يأكلُ أم سلمى، وهي تندب ابنتها بشعر منفوش، وصوت يكاد لا يسمع متسائلة:"شو عْمِلْتِ يا سلمى؟".
باتت سلمى حديث الناس نساء ورجالا. ولكن ماذا فعلت سلمى، ولماذا درزتها مدية "متعب"؟ لا أحد يعرف! التوقّعات كثيرة، لكنّ أحدًا لم يكن قد يعرف الحقيقة ولا يجرؤ على البحث عنها.
... قال القاضي مخاطبا متعب:"إذن قتلتها بداعي غسل الشرف؟"
يجيب متعب:"نعم يا سيدي غسلت شرفي بدمها.
= وهل لديك دليل ملموس على ما فعلت، أقبضت عليها بالجرم المشهود.
_ نعم يا سيدي . بالجرم المشهود.
= وما هو دليلك هاته لنر".
مدّ "متعب" يده إلى جيب قميصه، وأخرج صورة، فَرَدَها على الطاولة أمام القاضي، وهو يقول:" تفضل يا سيدي، هذه صورتُه، ضبطتها، وهي تدسّها في صدرها، على عجل."
جحظت عينا القاضي، وانهار على المقعد، وهو ينظر إلى صورة شابٍّ أشقر الوجه، أنثوي الملامح، يمسك ميكروفونا يغني من خلاله، كانت الصورة صورة المطرب الأميركي إلفيس بريسلي؟

محبتي ومودتي
09-07-2009, 06:31 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


الردود في هذا الموضوع
حالة انتظار - بواسطة عادل نايف البعيني - 09-07-2009, 06:31 PM
RE: حالة انتظار - بواسطة هاله - 09-07-2009, 07:53 PM,
RE: حالة انتظار - بواسطة عادل نايف البعيني - 09-15-2009, 09:00 PM,

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  صورة الذات والآخر‏:‏ دراسة حالة لرواية‏'‏ موسم الهجرة للشمال‏'‏ Obama 1 1,636 10-17-2008, 06:06 AM
آخر رد: Obama
  في وصف حالة النشر في العالم العربي: أزمات ولا حلول! بسام الخوري 1 553 11-19-2007, 06:29 PM
آخر رد: بسام الخوري
  حلمت بغداد انني عدت اليك بعد انتظار sarjoun9 1 713 04-01-2007, 02:13 AM
آخر رد: sarjoun9
  حالة تصوف ابن حوران 6 1,230 12-04-2005, 02:10 AM
آخر رد: ابن حوران
  انتظار لمى 18 3,682 01-08-2005, 01:01 PM
آخر رد: لمى

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 1 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS