" إننا لن نكون تابعين للغرب عندما نكون علمانيين ، و لكننا سنكون متكافئين معه. "
الإسلام و العلمانية
.................................
عام .
العلمانية هي الآلة التي تصنع الحضارة ، لهذا فكل المجتمعات بها قدر من العلمانية بمقدار حظها من الحضارة ، و لا يوجد مجتمع مهما كان أصوليا لم يتأثر بالحضارة العلمانية ، و لكن هذا التأثر يكون بدرجات متفاوتة ، و يمكننا أن نتصور أن هناك مقياسا للعلمانية تتوزع عليه الدول ، في أحد طرفيه تكون العلمانية ، بينما في الطرف الآخر توجد الأصوليات الدينية ، سنجد أن هناك مجموعة من الدول تتجمع عند الطرف العلماني ، و كلها من المجتمعات المتقدمة الغنية ، بينما تتجمع كل الدول الإسلامية تقريبا على الطرف الآخر .. الطرف الأصولي الفقير المتخلف . ربما يثير البعض سؤالآ : هل الدول المتقدمة تقدمت لأنها علمانية ، أم هي علمانية لأنها متقدمة ،و لكن النتيجة واحدة .. ارتباط التقدم بالعلمانية و التخلف بالأصولية ، هذا الارتباط لا يمكن جحده أو الإلتفاف عليه ، رغم ذلك و كي نكون منطقيين فهذه الحقيقة لا تعني ضرورة حظر الدين من أجل التقدم ، و لكنها تعني ضرورة فصل الدين عن الحياة العامة ، و اعتباره شأنا شخصيا فقط ، هذا الدرس البسيط هو ما يرفض معظم المسلمين استيعابه و التجاوب معه ، في محاولة عبثية لتغيير دروب الحضارة و العودة بها للخلف .
إلى أين ذهبت الأصولية بالمسلمين ؟.
( هذه المعلومات منقولة من مداخلة للأستاذ جعفر علي واردة في شريط طرحته بعنوان ( صدمة الحداثة ) ، فشكرا له مرة أخرى على جهده القيم الجاد) .
1- بينما يشكّل المسلمون تقريباً ربع سكان العالم فإن حصتهم من الثروة العالمية تقل عن 6 ٪ .
يعتبر ثلثا فقراء العالم تقريباً - أي أولئك الذين يعيشون بأقل من دولارين يومياً - من المسلمين.
2- بين البلدان الثلاثين الأغنى في العالم لا نجد بلداً إسلامياً واحداً.
3- من بين منتجات الدرجة الأولى المميزة ال 5000 في العالم لا تنتج واحدة في بلد إسلامي.
4- إذا ما استثنينا النفط والكافيار والسجاد الإيراني، فإن الدول ال 57 الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي لا تقدم شيئاً للسوق العالمية.
5- ليس في العالم الإسلامي فريق كرة قدم من الدرجة الأولى.
6- هناك 1.2 مليون مسلم من ذوي التعليم العالي، بينهم 180 ألف إيراني أُرغموا - بسبب استنـزاف العقول - على الهجرة إلى أوروبا، وأمريكا الشمالية، وأستراليا، ونيوزيلندا كل عام (هناك أطباء إيرانيون في كندا أكثر من الأطباء في إيران نفسها).
7- في العقود الثلاثة الماضية، لقي ما لا يقل عن 2.5 مليون شخص حتفهم في حروب جرت داخل أو بين الدول الإسلامية.
8- يقبع ثلثا السجناء السياسيين في العالم في سجون دول إسلامية.
9- تم تنفيذ 80 ٪ من الإعدامات في العالم في العالم الإسلامي.
10- يشكل المسلمون حوالي 80 ٪ من لاجئي العالم.
11- كل الدول التي عانت من انهيار اقتصادي، وبالتالي أصبحت \"دولاً عاجزة\" تنتمي، باستثناء واحدة، إلى العالم الإسلامي.
12- يعيش الرجل المسلم، في المتوسط، أقل بعشرين سنة من نظيره الغربي.
13- من غير المحتمل أن يحصل 40 ٪ من الشباب المسلم المتعلم على مهنة عصرية لائقة في بلدانهم.
14- بينما تتراوح نسبة البطالة في الغرب بين 5 - 12 ٪ خلال العقدين الماضيين، فإن معدل المتوسط للبطالة في العالم الإسلامي يزيد على 20 ٪. ويعني الافتقار إلى الوظائف والنقص في السكن أن الكثير من الشباب المسلمين لا يستطيعون الزواج وتكوين عوائل. في إيران على سبيل المثال، من المحتمل أن ينتهي المطاف بحوالي 40 ٪ من الشابات ممن تقل أعمارهن عن 20 عاماً في الوقت الحاضر إلى العنوسة .. (قبل شهرين أعلنت السعودية رسمياً رقماً مشابهاً).
15- المدن الكبيرة الوحيدة، حيث يعتبر نقص المياه مشكلة يومية، هي في العالم الإسلامي: كراتشي، طهران، مدينة الكويت، القاهرة، والجزائر، من بين مدن أخرى.
16- وفقاً لدراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية يعتبر بلد إسلامي وحيد، هو عمان، بين الدول الأربعين التي توفر لمواطنيها الرعاية الصحية والطبية وفق المعايير الحديثة (إيران تأتي في المرتبة 98).
17- من الناحية السياسية، لا يتمتع العالم الإسلامي إلا بنفوذ ضئيل في صياغة الأجندة العالمية أو اقتراح سياسات ضرورية لمعالجة المشاكل التي تعني البشرية بأسرها. وتوصد الأبواب بوجه الدول الإسلامية للدخول إلى صفوف صناع القرار في العالم، حيث حفنة من القوى الغربية تتحكم في الأمر.
18- خلال السنوات ال 200 الماضية، لم تحرز قوة إسلامية نصراً في حرب ضد خصم غير إسلامي.
طرح قضية الأصولية الإسلامية .
منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر أصبح الإسلام في بؤرة إهتمام الغرب و العالم ، فشهدت المكتبات الغربية طوفان من نسخ القرآن التي بيعت على أوسع نطاق ،كما نظمت المشروعات الدراسية و البحثية لدراسة الإسلام و عقائده ، وهكذا خضع القرآن و الأحاديث النبوية للفحص و النقد الدقيقين على نطاق كوني واسع ، و ربما لأول مرة بهذه الصورة الملحة و الأكاديمية . لم يكن ذلك الإهتمام إعجابا بالإسلام ، بل على النقيض كان خوفا منه ( ظاهرة الإسلاموفوبيا )، و بحثا عن سبب تلك الكراهية المميتة التي يحملها المسلمون للغرب ، و كانت النتيجة أن ترسخت قناعة كبيرة بأن هذه الكراهية مصدرها الإسلام ذاته ، و بصرف النظر عن مدى صحة هذه النتيجة ، أصبح على المسلمين مواجهة ما يرونه في العالم حولهم ، من تدني سمعة المسلمين و الإسلام ،و مظاهر الكراهية ضد المسلمين و دينهم ، هذه المظاهر التي باتت تنفجر في وجوههم بشكل دوري على امتداد العالم ، غزوا أجنبيا لبلاد عربية و إسلامية ، عقوبات و تحركات دولية ، رسوما دانيماركية و تصريحات سياسية ،و قوانينا ضد النقاب و المآذن ، اعتداءات على المسلمين تصل إلى القتل ، هذه ليست سوى بدايات الهجوم العالمي المضاد لصد الجهاد الذي شنه الإسلاميون ضد العالم ، فما زال جبل الثلج تحت الماء مغمورا .
أثبتت التجربة التاريخية أن النقد العقلاني الحر هو السبيل الوحيد لتنقية العقائد و تطويرها ، بهذا فقط تصبح العقائد قابلة للحياة في زمن جديد مختلف عن ذلك الزمن الذي أفرزها ، هذا ماحدث للمسيحية الأوروبية نتيجة لإنبثاق عصر التنوير المجيد في أوروبا ، وهذا ما يجب أن يحدث أيضا للإسلام ، حتى يمكن أن يتقدم المسلمون بدلآ من وضعهم المتردي الحالي ، و لكن للأسف فمثل هذا النقد الضروري يبدوا مستحيلآ ، في ظل الثقافة الأحادية المصمتة التي تعصف بالعقل الإسلامي المعاصر ، فبدلآ من إطلاق مبادرات مسؤولة للقيام بمراجعة عقلانية للعقائد الإسلامية ، يبدي المسلمون غضبا عارما عند نقد دينهم سواء من جانب مسلمين آخرين أو من غير المسلمين . في مواجهة نقد الغربيين للإسلام ظهر اتجاهان ؛ اتجاه شعبي يعبر عن موقفه بالعنف سواء ضد الأقليات المسيحية في الداخل ، أو ضد المجتمعات الغربية ذاتها ، و هناك اتجاه آخر نخبوي يدافع عن الإسلام بشكل مسالم و إن كان لا يخلو من التبرير و العصبية .
إن أخطر مشاكل الإسلام ليست في جموعة الغفيرة الفقيرة الجاهلة ، فهؤلاء موجودون في كل المجتمعات البشرية في مراحل تخلفها ، و لكنها في مثقفيه و نخبه ، فهؤلاء - في معظمهم - لا يقلون تعصبا و انغلاقا عن الجماهير الأمية ، وهم لا يؤدون دورا يذكر في تنوير مجتمعاتهم و تثقيفها ،و لكن معظمهم يتكسب من تبرير التخلف أو تعميمه و تمجيده ، فمعظم ثروات المسلمين تتركز في يد حكام الخليج المتعصبين ،وهؤلاء يوظفون أفضل العقول المتاحة لخدمة أفكارهم المتخلفة و نشرها بين العامة و المتعلمين على السواء .
معظم من ينافح عن الإسلام هم من مثقفي البترول أولئك ، و هؤلاء يتحدثون عن أن الإسلام هو أكثر الأديان تسامحا ، و هم يقتبسون آيات مكية تتحدث عن حرية العقيدة ، وهي آيات تبدوا مغرقة في التسامح ، فهناك "لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي" (البقرة : 256) ، و " قل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر..." (الكهف: 29) ، و "... فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل" (يونس: 108) ،و غيرها كثير من الآيات المكية ، و لكن إذا تركنا المقدمات ،و مع مزيد من التعمق سنجد أن جموع الفقهاء يجمعون أن تلك الآيات نسخت بسورة التوبة " َإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " (التوبة -5 ) ، "قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ " (التوبة-29) ، و مع أفضل الظنون بالإسلام فنحن أمام أحكام متعارضة كلية ، بحيث يصعب تصديق صدورها من نفس المصدر ، و يبقى أن ما يعول عليه هو ما يعتقده علماء المسلمين ، و ما يجمع عليه جمهورهم ، و ما يشرع به فقهاؤهم و يعمل به قضاتهم ، هنا سنجد أن ما يجمعون عليه هو الأسوأ و الأبعد عن الحرية و حقوق الإنسان .. رفض حرية الإعتقاد ،ورفض المخالف ،و رفض حرية التفكير و التعبير ، فلا يسمحون لمسلم بترك دينه ، ويرون أن غير المسلم كافر ،و أن الحكم فيه هو الإسلام أو القتل أو الجزية لو كان من أهل الكتاب ، وهم يرون ذلك قمة الرحمة ووسطية إسلامهم !،و لكن لا يوجد سواهم من لا يرى ذلك مصادرة لأبسط و أهم أنواع الحريات ، حرية الضمير و العقيدة .
بالفحص المدقق يجد الغرب أن الخطاب الإسلامي الراهن يؤكد أسوأ شكوكه ولا ينفيها ، ومما يزيد المشكلة تعقيداً ، هو ذلك التداخل الكبير بين الخطاب الإسلامي الذي يصدر عن المؤسسات الدينية الرسمية في معظم أنحاء العالمين العربي والإسلامي ، وبين الخطاب الذي يصدر عن الجماعات الإسلامية الأصولية ، سواء كانت معتدلة أو متطرفة . بل أن خطاب الصدام بين الحضارات أصبح يشمل تيارات يفترض أنها في الأصل تيارات وافدة من أوروبا ، ومن بينها عناصر من التيار القومي ، بل ومن التيار الماركسي كذلك .
القضية الأولى التي يتطابق فيها رأي المؤسسات الرسمية مع تلك الأصولية تتعلق بالدولة المدنية الدستورية ، فإن الدولة الحديثة لا بد وأن تكون بالضرورة دولة علمانية ، ولكن هناك إجماع معلن أو مضمر بين المؤسسات الدينية الرسمية و الأصولية على الأخذ بنظرية "الحاكمية" ، أي أن الله وحده هو المشرع ،ودور البشر هو البحث عن الأحكام في النصوص الدينية ،و إعادة إنتاجها خلال ( الفتوى ) ، ومع أن هؤلاء الرسميون المسلمون يزعمون عادة أنهم ديمقراطيون ، إلا أنهم يتجاهلون أن الديمقراطية تعني الحق في أن يشرع الناس لأنفسهم ، بما يوافق زمانهم ، وهو ما يرفضونه .
أما القضية الثانية ، فهي قضية موقف التيار الإسلامي – الرسمي والشعبي – من "حرية العقيدة" فالتيار السائد في الحركة الإسلامية المعاصرة ، يصادر على هذا الحق ، على نحو ظاهر ، ويلح غالبا على تطبيق حد الردة على الذين يمارسونه ، أو حتى يدافعون عنه ، بل و يقرون حد الردة ( القتل ) على من يخالف آراء الفقهاء ، كمنكر معلوم من الدين بالضرورة .
هناك البعض من المثقفين الوطنيين ينافحون عن الإسلام و يبدون نوعا من العقلانية ، هؤلاء لا يحاولون تجميل موقف الإسلام من القضايا المثارة ، و لكنهم يحتجون بأن الأديان كلها متعصبة و ممتلئة بالغيبيات و ليس الإسلام فريدا في ذلك ، و كي يبسطوا فكرتهم و يدعمونها ؛ يقتبسون بحماس صادق ، و مهارة ملحوظة نصوصا من اليهودية و المسيحية و الهندوسية و البوذية ، هذه النصوص حافلة بالتلفيقات و المغالطات و الخرافات ، و ينتهون بسؤال يبدوا منصفا :" لماذا لا يوجه النقد سوى للإسلام ، أليس ذلك حرب صليبية جديدة ؟.
هذا الدفع يبدوا براقا و منطقيا ، و لكنه قول حق يراد به باطلآ ، لهذا لا يصمد للنقد طويلآ .. نعم كل الأديان تتساوى في تناقضها مع العقل و الحضارة ، و لكن هل كل الفيروسات على نفس الدرجة من الخطورة ؟ ، هناك فيروسات نشطة و فتاكة و أخرى ضعيفة فقدت خطورتها ، لا تسبب سوى أعراض طفيفة بين الفينة و الأخرى . لو نظرنا بشكل عملي سنجد أن كل الأديان الكبرى فقدت حيويتها و مضت مخلفة بعضا من الندوب في وجه البشرية ، و ينحسر نفوذها الآن و تأثيرها عن الحياة العامة حتى يكاد يتلاشى ، ولم تعد تلعب سوى دورآ شخصيا و على مستوى المؤمنين بها فقط ، و هكذا نجد أن كل الشعوب تقريبا تتبنى أنظمة الحكم العلمانية ، و لكن يبقى الإسلام هو الإستثناء الوحيد ، فهو ينشط بقوة في المجتمعات الإسلامية ، ليس على المستوى الفردي فقط ، بل على المستوى السياسي و الإجتماعي ، فمن بين 57 دولة مسلمة هناك فقط دولتان تتبنى نوعا من القيم العلمانية هما تركيا و تونس ، بينما نجد أن الشريعة الإسلامية وهي قانون ديني بدوي المحتوى ظهر من 1450 سنة يجري تطبيقها في 12 دولة على الأقل ، أما باقي الدول فهي تحاول تطبيق أجزاء من الشريعة بدرجة أو أخرى ، هذه المجتمعات المسلمة تستورد بعض القيم الديمقراطية ،و لكنها في الوقت ذاته تسعى للعودة بالمجتمع إلى القرن السابع الميلادي من أجل تطبيق الشريعة ، و لهذا لا نعجب لو لاحظنا أنه مع المد الإسلامي الجديد أصبحت المجتمعات الإسلامية تشغل مؤخرة السلم على مقياس التنمية .
لا يوجد كثيرون خارج العالم الإسلامي يجادل أن الأصولية الإسلامية هي أخطر الأصوليات المعاصرة و أشدها فتكا ، هذه الخطورة تصيب المسلمين بشكل أساسي ثم العالم كله بعد ذلك ، فلا يوجد دين معاصر يقود المجتمعات و يقرر لها قضايا الحرب و السلام سوى الإسلام ، كما لا توجد جماعات دينية تحمل السلاح و تسعى لقلب أنظمة الحكم المدنية في بلادها بهدف تحويلها إلى أنظمة دينية سوى الميليشيات الجهادية الإسلامية ،ولا يوجد دين يتعاطى السياسية و يمزج كل ما هو ديني بما هو دنيوي سوى الإسلام .
و إلا فمن غير المسلمين يدعي الآن أن .
1- دينه ( الإسلام ) هو الدين الإلهي النقي الوحيد .
2- كل كلمة من ( كتابه ) القرآن هي كلام الله القديم و صادر منه مباشرة لفظآ و معنى .
3- أن كتابه ( القرآن ) يشمل كل المعلومات الكونية بما في ذلك المعرفة العلمية الحديثة .
4- أن كتابه المقدس يمتلك الإجابة ( المعتمدة ) لكل المشاكل البشرية .
5- أن الله ألغى كافة الأديان و جعلها مقتصرة على الإسلام ، و غيره أديان كاذبة و محرفة .
6- من المفروض على كل إنسان في العالم أن يدخل الإسلام ،و إلا يقتل أو يدفع أمواله و هو صاغر ذليل كنوع من الرحمة !.
7- أن كل أرض لا تتبع المسلمين هي دار حرب ، و تكون هدفا دائما لهجوم المسلمين و عدوانهم .
نقر أيضا أن الإسلام في هذا لا يختلف سوى في القليل مع المسيحية التي حكمت أوروبا من القرن 4 إلى 13 ، أو مع غيرها من الأديان التي حكمت العالم القديم و سعت لتطبيق معتقداتها بالعنف و القسوة ، في تلك العصور كان يسود العالم الظلامية و التعصب و القسوة و الدوجما ، و لكن المشكلة كلها أن الإسلام ( المعاصر ) مازال يحاكي تاريخ العالم الذي انقضى دون أن يبكيه أحد ، هذا التاريخ الذي نصفه بأنه عصر الظلام و القرون الوسطى ، فالإسلام مازال يعيش تلك القرون الظلامية الوسطى حتى الآن ، بينما يتجول الإنسان في الفضاء و يرتاد النجوم .
العلمانية المرفوضة .
استثناء من الشعوب النامية ؛ لم تبد الشعوب العربية تجاوبا مع العلمانية ،و يعود ذلك غالبا إلى تصاعد المد الأصولي ، فالعقل الأصولي السائد لا يرى العلمانية سوى نوعا من الإلحاد ، فهو لا يرى العالم سوى خلال ثنائية الإيمان و الكفر ، دار الإسلام و دار الحرب ، الجنة و النار ، ولأن العلمانية موقف سياسي حيادي فهي لا تتعامل مع قضية الإيمان ولا تدعو له ، و بالتالي لم يستطع العقل الأصولي أن يستوعب فكرة العلمانية ، بل رفضها و كفر معتنقيها !.
هذا الرفض الحدي طبيعي تماما و متوقع من أيديولوجيا تسعى لأن تهيمن على كل مكونات المجتمع و نشاطاته ، و هي بالتالي ترى أن موقف الحياد من الدين ،و فصله عن السياسة ، هو تدمير للإسلام ذاته الذي تراه دينا و دنيا ، مصحفا و سيفا ، و بالتالي جرى إدانة العلمانية كنوع من الإلحاد و الكيد للإسلام .
من جانب آخر ربطت العقلية التقليدية السائدة بين العلمانية و الأقليات الدينية و المسيحية خاصة ، و بالتالي تم تصوير العلمانية كمؤامرة ضد الإسلام ، ولا تخدم سوى مصالح المسيحيين الساعين لتجاوز التهميش ، هذه النظرة التقليدية كانت و ما زالت أسيرة للفكر التقليدي القروسطي الذي يرى أن الأغلبية هي الأغلبية الدينية الدائمة ،و ليست الأغلبية السياسية المتبدلة ، يبقى أن هذه الرؤية تغفل بل تطمس جوهر العلمانية ، الجوهر القائم على حرية ممارسة الدين للجميع ، على أن تكون المواطنة هي أساس الحقوق السياسية ، و بالتالي فليست وظيفة العلمانية الوحيدة هي توفير الحقوق للمسيحيين رغم نبل هذا الهدف في ذاته ، و لكنها تحرير كل المواطنين من هيمنة رجال الدين على الحياة العامة .
من المدهش أن الكنيسة الأورثوذكسية المصرية كانت واعية لهذه الحقيقية ، و لهذا فهي تتخذ موقفا معاديا للعلمانية ، بالرغم من إدراكها أن العلمانية هي وحدها الكفيلة بحصول المسيحي المصري على كامل حقوقه السياسية و الإنسانية مع المسلم و على قدم المساواة ، هذا الموقف لن يكون مستغربا في ضوء حقيقة أن الكنيسة كغيرها من المؤسسات الدينية تسعى لمصلحة قادتها و ليس لمصلحة أتباعها ،ولو كانت الكنيسة ذات رؤية حضارية واسعة ، لسعت لحصر دورها في النسق الديني الوظيفي ، و لدعمت العلمانية بين المسيحيين و المسلمين على السواء ، و شجعت أبنائها على العمل السياسي الوطني مع المسلمين المستنيرين كتفا بكتف ، واضعة مهمة النضال السياسي من أجل تأمين و حماية المصالح المسيحية على عاتق النشطاء السياسيين في الأحزاب العلمانية من المسيحيين و المسلمين على السواء .
الإسلام و حقوق الإنسان .
في 10 ديسمبر 2008 احتفل العالم بالذكرى 60 لصدور الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (UDHR) ، كان هناك الكثير من الإنجازات التي تحققت للبشرية يالفعل و يجب الإحتفال بها ، و لكن بقي أيضا الكثير من التحديات ، هذه التحديات تتمثل أساسا في معارضة المجتمعات المسلمة لكثير من تلك الحقوق على أساس ديني ، ففي مواجهة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ، ظهر إلى الوجود عام 1981 الإعلان الإسلامي العالمي لحقوق الإنسان (UIDHR) ، و كان هذا الإعلان بمثابة التحريف الرسمي لحقوق الإنسان العالمية ، و يفرغه من روحه ، فهو يضع قيودا دينية على حرية التفكير و التعبير ، عندما اشترط ألا تكون تلك الحريات مخالفة للشرع الإسلامي ! ، أو تشيع الفحشاء أو تضر بمصالح الأمة الإسلامية !، و غير ذلك من التعبيرات المرسلة المضللة ، و هي بذلك تضع المرجعية العليا منوطة بالشريعة المختلف فيها و عليها ، و ليس القانون الدولي المحكم أو القوانين المحلية .
ليس مفاجئا إذا أن يكون المسلمين وحدهم هم أصحاب الديانة الوحيدة التي تؤسس منظمة سياسية خاصة بهم ، هذه المنظمة هي منظمة المؤتمر الإسلامي(OIC), التي تأسست عام 1969 ،و تشمل في عضويتها 57 دولة ، و هي تمارس عملها كما لو كانت في صراع مع العالم الغير إسلامي ، أصدرت هذه المنظمة إعلان القاهرة عام 1990 الذي نصت فيه أن الحريات تكون خاضعة للشريعة الإسلامية ، كما حرمت فيه ترك الإنسان الإسلام ، هذا الإعلان الذي يحرم حرية التعبير و العقيدة لا يتسهدف حماية الإنسان بل حماية الإسلام فقط ، بهذه الممارسات و غيرها ينبري الإسلام لمقاومة الحراك العالمي من أجل استقلآل الإنسان و دعم حقوقه ، و يستثني المسلم من الإنضمام إلى ركب الحرية .
العلمانية هي الحل .
على عكس ما يدعيه الأصوليون المسلمون تبقى العلمانية وحدها هي الحل الحقيقي لمشكلة التخلف و التنمية في العالم الإسلامي، فالعلمانية هي أيديولوجية الحداثة ، و بالتالي هي الإطار الذي يستبعد هيمنة الأصولية الإسلامية على الوعي ، و يخلق أفضل الظروف لتفعيل قيم الحداثة و تحقيق التنمية ، فالعلمانية هي أساس لابد منه لقيام ديمقراطية فعالة ، فلا ديمقراطية بدون ترسيخ مبدأ المواطنة و حق الشعب في التشريع خارج نفوذ الأديان ، بل يكون التشريع وفقا لمصالح الناس المدققة خلال النقد العقلاني و ليس تمشيا مع الفتوى الدينية ، فالديمقراطية إذا لا يمكن أن تكون سوى علمانية ، غير ذلك فمجرد آلية الإنتخاب التي يمكن أن تتبناها حتى الأنظمة الدينية الشمولية، كما هو حادث في إيران بالفعل .
بالرغم من كل تلك المعوقات ، لا يجب أن يحول نفوذ الأصولية الإسلامية الطاغي على الساحة الفكرية دون أن نسعى بكل جهد من أجل احتضان القيم العلمانية و تمكينها مثل المواطنة و الدولة المدنية ، فلن يعترف بنا العالم طالما تقوقعنا في الشرنقة الأصولية لنختنق و نموت فيها ،و لكن سيعترف بنا العالم حين نسعى مع جميع الأمم الناهضة من أجل مجتمع علماني يحقق الفرص المتكافئة للجميع ، و سيعترف بنا العالم عندما نقضي على الفقر و المرض و الطائفية ، لن يحترمنا العالم لو وقفنا مع السعودية و إيران ضد حقوق الإنسان ، و لكن سيحترمنا لو وقفنا مع حقوق الإنسان ضد أعداء الإنسان في السعودية و إيران و إسرائيل .
إننا لن نكون تابعين للغرب عندما نكون علمانيين ، و لكننا سنكون متكافئين معه و نقف على قدم المساواة ، سنكون أعضاء معه و مع كل الشعوب الحرة في نادي الأقوياء المتميزين . العلمانية لا تعني التخلي عن حقوقنا في فلسطين و غيرها ،و لكنها تعني القوة التي ستحرر كل ما فقدناه ، و تعني الحرية في مكان نعيش فيه ، و تعني التفوق العلمي و الأخلاقي و الإزدهار الإقتصادي ، و تعني ألا نبدد المستقبل و فرصه من أجل ماض لا يعود ، العلمانية تعني التفاؤل المعرفي و الثقة بالنفس و بالعالم و بالإله أيضا .
هذا كله لا يمكن تحقيقه بدون تضافر كل القوى العلمانية الخيرة في العالم الإسلامي ،ودعم الشعوب المتقدمة الحرة .