اقتباس:كثير من الزملاء يعتقدون في أنفسهم بما يخالف الحقيقة ، ليس لأنهم يتعمدون خداع أحد ،و لكن لأن المعايير العلمية غائبة عن معظم مجتمعاتنا العربية ، فالبعض يرى نفسه علمانيا لمجرد أنه لا يطالب بتطبيق الشريعة فورا و لكن بعد تبويبها و تنظيمها و هكذا ،و البعض يرى نفسه ليبراليا لأنه يدعوا لإنتخابات حرة يشترك فيها الإسلاميون فورا ،و هكذا .. رغم أن هذا العلماني يساند احزابا دينية مثل حماس و حزب الله و حكم الملالي في طهران ، وهذا الليبرالي لا يدرك أن الإنتخابات الحرة هي آلية فرز في نظام ديمقراطي علماني ، فالنظم الثيوقراطية هي لا ديمقراطية بالتعريف . يقول أحد الحكماء " أننا لسنا ما نعتقده في أنفسنا و لكننا ما نعتقد فيه " ، و هذا يماثل قول الإمبراطور الروماني الفيلسوف ( ماركوس أوريليوس Marcus Aurelius) " Our life is what our thoughts make it ، " حياتنا هي ما تصنعها أفكارنا " . ربما يعتقد أحدنا أنه تنويري و علماني ،و لكنه يكره الهندوس و يحتقرهم ،ولا يحب المسيحيين و يراهم أقل قيمة ، و يعتقد أن المرأة غبية و لا يمكن أن تعادل الرجل ، و يمتثل لمعتقدات دينية لا دليل عليها ولا شواهد ، و يرفض قانونا يبيح زواج المسيحي من مسلمة ، أسوة بإباحة زواج المسلم من مسيحية و ... هكذا ، هذا الأحد ليس كما يعتقد في نفسه ، و لكنه مجموع أفكاره الأصولية .. هو أصولي .هذه الظاهرة ليست نادرة بل هي شائعة أكثر كثيرا مما نعتقد ، إننا عادة يا صديقي لا نمد الخطوط على استقامتها ، بل نقتصر على ما يريحنا ، نحن دائما نوجد فقط في comfort zone بنما توجد الحقيقة حيث الجهد و التعصب و الأرق .

الأخ الكريم بهجت..
لي بعض الملاحظات المتواضعة على ما تفضلتم بذكره..
- بداية لا أعتقد حقاً بوجود معايير علمية تحدد لنا كيفية تصنيف المرجعيات التي يستند إليها شخص ما, سواءً في توجهاته السياسية أو الفكرية ... الخ. كما أنني لا أرى ضرورة لوجودها - في مجتمعاتنا العربية أو غيرها - وذلك أنه لا يمكن أن يوجد شخص ينطبق عليه مثلاً: معيار العلماني الخالص أو الليبرالي الكامل أو الديني المصفى..
- وبالتالي تقودنا هذه الرؤية إلى تقنين المرجعيات في أيقونات جاهزة للإستعمال برسم التنفيذ, ونعتبر بذلك التعامل مع أي أيقونات أخرى بمثابة الخيانة و الخروج على المبادئ.
- الإنسان اجتماعي بطبعه, وبالتالي لا يمكن أن يعيش دون التفاعل مع المحيط الاجتماعي من حوله, والذي قد لا يكون أفراده متخذين لنفس المرجعية التي يتخذها وإلا فسيضطر للعزلة, وهذا غير ممكن, وحتى أكثر الاتجاهات تطرفاً لا تستطيع ذلك.
- وفي الغالب ما تلعب جملة من العوامل الإنسانية في مشاعرنا, من فرح وحزن وغضب .. الخ, فعندما يتضامن شخص ما مثلاً مع مجموعة من البشر هنا أو هناك بغض النظر عن هوياتهم أو مرجعياتهم, فذلك لا يعني خيانة للمبادئ التي يؤمن بها, وإلا لتجردنا بذلك عن إنسانيتنا.
- أخيراً, يمكن القول أن الافكار التي نحملها هي نتاج التراكمات والتجارب التي مررنا بها ولا يمكن فصلها عما اصبحنا عليه الآن, بوعينا أو بدونه..

تقديري..