قبل ان ادخل في الموضوع ونكتب السؤال الذي سأله السيد المسيح للتلاميذ عن ( من هو ) ؟؟

دعوني اذكر طريقتين خطأ في طرح السؤال عن شخصية السيد يسوع المسيح :

من اراد ان يعرف من هو يسوع المسيح ، عليه ان يسأل هذا السؤال وينتظر الاجابة من الكتاب المقدس ، ولكن ان يأتي احدا ليقول ( هل المسيح هو الله ) ؟؟ او ( هل قال المسيح انا هو الله فاتبعوني ) هذه كلها صيغة اسئلة لن تقود صاحبها الى معرفة الحقيقة ، بل سوف تقوده الى مجادلة عقيمة هو قد حكم نهايتها قبل بدايتها . لماذا ؟

اولا : السؤال بصيغة "هل المسيح هو الله ؟؟"
هي صيغة مضلة ومضللة ، لان اجابتها الحقيقية وبحسب ما اعلنه الكتاب المقدس ، هي ( لا)
وهذه الاجابة قد تصدم المسيحي التقليدي (غير الدارس ) كما تصدم المسلم نفسه ، فكلاهما لا يعرف ما يعلنه الكتاب المقدس عن من هو السيد المسيح .
وهنا يجب ان ننتبه بشدة الى الاعلان في الكتاب المقدس ان المسيح هو الله الظاهر في الجسد (تيموثاوس الاولى 3 : 16) ، اي انه كان انسانا كاملا بقدر ما كان الها كاملا ، لم تطغ صفات اللاهوت على صفات الناسوت ولم تمح صفات الناسوت صفات اللاهوت .

فلا يمكن ان تقول ان المسيح هو الله ونصمت بعد ذلك ، وفي هذا اذا قال لي المسلم ( كفروا الذين قالوا ان الله هو المسيح بن مريم ) سوف اوافقه على ذلك فورا وبدون تردد .
فالله روح لم يراه احد ولكن واحدا فقط يستطيع ان يخبرنا من هو الله ، وهو الله المتأنس (يوحنا الاولى 4 : 12)

فاذا قلنا ان المسيح هو الله ، نكون متبعين لضلالة ظهرت في بداية المسيح ( اسمها الغنوسية ) وهي تقول ان المسيح كان هو الله وقد فندها ورد عليها التلميذ يوحنا الحبيب في رسالته قائلا :
"1 الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته ايدينا من جهة كلمة الحياة. 2 فان الحياة أظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الابدية التي كانت عند الآب وأظهرت لنا. 3 الذي رأيناه وسمعناه نخبركم به لكي يكون لكم ايضا شركة معنا.واما شركتنا نحن فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح. 4 ونكتب اليكم هذا لكي يكون فرحكم كاملا”
(يوحنا الاولى 1 : 1 – 3)

في الفقرة السابقة من الاشارات لازلية السيد يسوع المسيح ومن هو الكثير والكثير ، وسوف نناقشه في حينه ، ولكني وضعت الفقرة للاشارة الى ان لا يمكن ان نقول ان يسوع المسيح هو الله ، فهذا ليس صحيح لاهوتيا ولا عقائديا .


ثانيا : السؤال بصيغة ( هل قال المسيح انا هو الله فاتبعوني ) ؟؟
هذه الصيغة فاسدة وفاشلة من عدة جهات :

الجهة الاولى : لا يمكن لعاقل ان يخاطب الله بهذه الطريقة ، فلا يمكن لمسلم او مسيحي ان يسأل الله ويتشرط عليه بصيغة محددة للكلام .

الجهة الثانية : اذا وضعنا نفس الشرط لاثبات نبوة محمد فلن يستطيع المسلم ان يجيب على سؤال بصيغة هات من القرآن آية تقول : " يا محمد انت نبي الله وحبيبه " ، او " انا محمد نبي الله وحبيبه"
لن تجد في القرآن هذه الصيغة ، لانها من تأليفي انا وقد اخترت فيها صيغة ليست موجودة في القرآن
فالصيغة الوحيدة المقاربة لها تقول ( محمد رسول الله ) وليس هناك ما يقول ( محمد نبي الله ) ، ونفس الشيء بالنسبة لصيغة المسلم ، فالسيد المسيح تكلم كثيرا عن لاهوته ، ولكن ليس بالصيغة التي وضعها المسلم .

الجهة الثالثة : كلنا نعرف ان اسم (الله ) هو واحد من اسماء عدة ، فالمسلم لديه ( 99 اسما من اسماء الله ) وكلهم اسم لواحد .
وفي المسيحية ايضا الله له عدة اسماء ، فاذا اشار السيد يسوع المسيح الى نفسه مستخدما احدهم ، فهي اشارة واضحة الى لاهوته ، وهذا ما سوف نناقشه في بحثنا المتواضع هذا .

الجهة الرابعة : يحاول طارح السؤال بهذه الصيغة ان يوهمنا انه اذا اتينا له بمراده فسوف يخر معترفا بلاهوت السيد المسيح ، ويتناسى ان في القرآن الذي يؤمن به بالدرجة الاولى ويرى فيه ناسخا للانجيل يعترف فرعون مصر باللاهوت ، ومع ذلك فهو لا يعطي هذا الاعتراف اي مصداقية ، ( فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى) (النازعـات:24) ، )وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ) (القصص:38)
فهل يكفي لطارح السؤال ان يقول اي انسان انه هو الله فيقر له هذا الاعتراف ؟؟
بالطبع لا ، والا لاعترف لفرعون باللاهوت وقوله في القرآن ( كلام الله بحسب ايمانه )
اذا ليس التصريح اللفظي وحده كافيا للمسلم لكي يعترف باللاهوت .

الجهة الخامسة : اذا كان المسلم يبتغي حوارا حقيقيا ، فكان عليه ان يكمل سؤاله للمسيحي ويقول له ، اذا كنت تؤمن بان الله جاء في الجسد ، فلماذا يتجسد الله ؟؟؟
والحقيقة ان معرفة سبب مجيء الله في الجسد في اهمية بل يفوق معرفة كيفية مجيئه الى الجسد .


وكما ان الكتاب المقدس نفسه يقر ان الاعتراف بلاهوت السيد المسيح لن يكون فعلا ومجهودا بشريا او عقلانيا فقط ، بل هو اعلان الهي لروح الانسان التي تخضع الى صوت الله وتريد ان تستجيب له ،" لذلك اعرفكم ان ليس احد وهو يتكلم بروح الله يقول يسوع اناثيما.وليس احد يقدر ان يقول يسوع رب الا بالروح القدس. " ( كورنثوس الاولى 12 : 13)
وهذا سوف يأتي في اعتراف بطرس امام المسيح بلاهوته ، واعتراف توما امام المسيح بلاهوته .
اذا من اراد ان يعرف من هو يسوع المسيح ؟ ، عليه ان يتعرف كيف اعلن يسوع عن نفسه ، وهل اشار الى نفسه مستخدما اسم من اسماء الله ؟؟؟

ثالثا : يعتقد المسلم انه عندما يأتي بآيات يتكلم فيها السيد يسوع المسيح انسانيا ان هذا ينفي لاهوته ، وهذا بالطبع لا يؤثر في المسيحي المؤمن ، والذي يعرف ان السيد المسيح كان يعلن عن نفسه دائما الانسان الكامل والاله الكامل .
اذا من اراد ان ينفي لاهوت المسيح عليه ان يأتي بآيات تنفي اللاهوت ، وليس آيات تثبت الناسوت .

ودارس الكتاب المقدس سوف يرى يسوع يستخدم تارة اسم ( ابن الانسان ) وتارة باسم ( ابن الله ) ، ولذلك فعندما يتكلم السيد يسوع المسيح عن نفسه انه ( ابن الانسان ) فهذا هو الناسوت ، يجوع ويعطش وينام ويصحو ويفعل كل شيء تماما كما يفعله البشر :
" فاذ قد تشارك الاولاد في اللحم والدم اشترك هو ايضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت اي ابليس " (عبرانيين 2 : 14)

رابعا : يشترط البعض ان يأتي بكلمات اعلان اللاهوت على فم السيد المسيح فقط ، وبالرغم من السيد المسيح تكلم عن نفسه باعلانات اللاهوت الكثيرة ، الا ان شرطا مثل هذا لا يمكن لعاقل ان يوافق عليه ، لماذا ؟؟
لانك تريد ان تقول للمسيحي ان لا يعترف بالكتاب المقدس كوحدة واحدة موحى بها من الله ، وهذا ما لن يفعله الانسان المسيحي .
فاي اعتراف بلاهوت المسيح على فم احد تلاميذه او اعدائه او الشياطين امامه ، فيجب وقتها ان نرى ما هو ردة فعل السيد يسوع المسيح على هذا الاعتراف ، فاذا انكره اتفقنا جميعا على انه ينكر اللاهوت ، واذا وافق عليه وقبله وامتدحه ، فهذا اعتراف كامل باللاهوت .

خامسا : هناك تدرج في اعلان السيد يسوع المسيح عن نفسه ، فنرى انه في اوقات كانت الشياطين تعرف من هو فكان يلزمها بالصمت ، وكذلك التلاميذ .

وتعالوا نرى مثلا هذه المرحلة في الاعلان كيف سأل المسيح وماهي الاجابة وما هو رد فعله :

وللحديث بقية ...