تروث: تروّث من فضلك، أراك ترقص كراقصة مقتدرة.


بهذه المداخلة أودّ أن أبيّن لكم ما يحرّك هنا قـُـرَيْحـَـة بعض المشاركين ولماذا ذهبوا بعيدا وفتحوا موضوع الجنس ("البتاع تبعو" على سبيل المثال مما يعني بالعربية القحّة الذكورية "الذكر" أو "الزب") رغم أن الصورة التي نشرتها the sun لا قيمة لها من هذه الناحية سوى أنها صورة لشخص كانت له في القديم سلطة ثم قلب له الدهر ظهر المجنّ. ولا يختلف عن بقيّة الناس فكلّـنا بنو الإنسان نغتسل كلّ يوم وندوّش كلّ صباح ونلبس ملابس داخلية نظيفة قبل أن نذهب للعمل (إلا الوسخين القذرين منّا) فأين المشكلة في هذه الصورة؟

كنت يوما قرأت في دراسة اهتمت بالوضع في الدنمارك بعد نهاية الحرب العالمية الثانية والقضاء على النازية، أن المجتمع الدنماركي في تلك الحقبة من الزمن أصابه نوع من الجنون، إذ بعد انسحاب الجنود الألمان الذين كانوا احتلوا الدنمارك وأثناء محاكمة قياديّيهم في محكمة نورنبرغ التاريخية وهم صاغرون، قام الرجال الدانمركيون في بلادهم بعمل بذيء لم يسبق له مثيل: جمعوا النساء اللواتي كنّ لهن علاقات حب أو علاقات جنسية مع الجنود الألمان أثناء الإحتلال، فقطعوا شعرهنّ وقرّعوا رأسهنّ بالمقص كالشيّاه، ثم أجبروهنّ ممزّقات الثياب حليقات الرؤوس على جوب شواع مدن الدنمارك لكي يراهن الناس ويبصقون عليهن ويركلوهن على مؤخرتهن عقابا لهنّ على علاقاتهنّ مع جنود المحتل (الألمان) أيام الإحتلال. (بالمناسبة: الفرنسيون كانوا فعلوا نفس الشيء وهناك أفلام "ابيض/أسود" توثـّـق ذلك).

التحليل النفسي لمثل هذا العمل بسيط للغاية: القاعدة تقول أن المنتصر أكثر "سيكسيـّـة" من المنهزم، يعني رجال الأمة المنتصرة في عين النساء هم بكل بساطة –جنسيا- أكثر جاذبية من رجال الأمة المنهزمة.
وما فعله آنذاك المجتمع الدنماركي (وكذلك المجتمع الفرنسي) من إساءة بالغة للنساء اللواتي كنّ سقطن في براثن حبّ الرجال الألمان المنتصرين (قبل هزيمتهم)، لم يكن سوى تعبير عن الإنتقام لأن تلك النساء في نظرهم كنّ قمن ليس فقط بخيانة رجل واحد، بل بخيانة جماعية لكل رجال المجتع الدنماركي المحتلّ (من طرف النازيين آنذاك) على السواء.

إذن، إذا كان هنا أحدهم ختم الله على فؤاده وانطلقت عيناه عندما رأى صورة السجين مباشرة نحو (البتاع تبعو)، فذلك دليل على أن الشرق له مشكلة أعظم وأشدّ من مشكلة الدنمارك أو فرنسا قبل 60 سنة.

أعانكم الله.

وعموما أنا ضدّ تصرف هذه المجلّة الرخيصة التي بحاجة لأن تنشر هذه الصور، فسيّان أكان الأمر يتعلّق برئيس سابق (وكلّ الرؤساء طغاة) أو بعاهرة أو بضحيّة حادثة سير، فلكل إنسان مهما كان حقّ أدنى في احترام إنسانيته وإلا كنّا كمن يبصق على وجهه بنفسه. كلّنا في نفس السفينة حتى السفهاء منّا.