أحسنت أخاالإسلام
الحبيب رحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بورك فيك أن فتحت أمامنا نوافذ الخير لننهل من بلاغة القرآن الذي لا ينضب معينه أبدا
**********
أخي الحبيب
المقارنة تتم بين { القصاص حياة } وبين " القتل أنفى للقنل "
لكن بطريقة ماكرة حاول هذا الماكر أن يجعل المقارنة بين { ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون } وبين القول العربي الذي تفضلت بالإشارة إليه ليسوغ له ادعاء زيادة الحروف والكلمات في النص القرآني على القول العربي ، فليفطن لذلك.

ثم هل تعلم أخي الحبيب أن السيوطي في الإتقان ذكر عشرين وجها في ترجيح الآية القرآنية { القصاص حياة } على القول العربي " القتل أنفى للقتل " كثير منها غير موجود في الأوجه التي ذكرتها فكيف بك لو زاوجت بينها وبين ما ذكرت أو مازجت ؟

بلاغة الإيجاز في الكتاب العزيز:
**********
لا يعرف بلاغة الكلمة إلا بليغ ، كما لا يعرف سر أي علم إلا عالم به ، كان العربي يسمع الكلمة القرآنية فيخر أمام عظمتها ، متضائلا أمام بلاغتها ووجازتها، التي تحوي داخلها وافر المعاني.
يقول ابن مسعود رضي الله عنه عن قوله تعالى : { إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } ( النحل: 90 ) ‏ يقول: ما في القرآن آية أجمع للخير والشر منها.
وقال عنها الحسن وقد قرأها يوما: إن الله جمع لكم الخير كله والشر كله في آية واحدة فوالله ما ترك العدل والإحسان من طاعة الله شيئًا إلا جمعه ولا ترك الفحشاء والمنكر والبغي من معصية الله شيئًا إلا جمعه‏.‏

وتحليل ذلك أن { العدل } هو الصراط المستقيم المتوسط بين طرفي الإفراط والتفريط المومى به إلى جميع الواجبات في الاعتقاد والأخلاق والعبودية‏.‏
و { الإحسان } هو الإخلاص في واجبات العبودية لتفسيره في الحديث بقوله " أن تعبد الله كأنك تراه " أي تعبده مخلصًا في نيتك وواقفًا في الخضوع آخذا أهبة الحذر إلى ما لا يحصى ‏ {‏وإيتاء ذي القربى‏} ‏ هو الزيادة على الواجب من النوافل هذا في الأوامر.

**********
وتأمل أخي القارئ في هذا السياق قوله تعالى ‏ {‏ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ‏} ‏ فإنه جامع لمكارم الأخلاق لأن في أخذ { العفو } التسامح في الحقوق لين الجانب والرفق في كل شيء بما فيه الدعوة إلى الدين وفي " الأمر بالمعروف " كف عن كل أذى وامتثال لكل طاعة وفي " الإعراض عن الجاهلين " من معاني الصبر والحلم والتؤدة‏ ما لا يخفى.

**********
ومن بديع الإيجاز قوله تعالى:‏ {‏ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ 1 اللَّهُ الصَّمَدُ 2 لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ 3 وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ ‏} ( سورة الإخلاص) ‏ إلى آخرها فإنه نهاية التنزيه وقد تضمنت الرد على نحو أربعين فرقة قد شاب توحيدها وعقيدتها شوائب وقد أفرد ذلك بالتصنيف بهاء الدين بن شداد‏.‏هكذا ذكر السيوطي في الإتقان

**********
وكذلك قوله تعالى:‏ {‏ أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا ‏} ‏( النازعات: 31 ) حيث دل بهاتين الكلمتين على جميع ما أخرجه من الأرض قوتًا ومتاعًا للأنام من العشب والشجر والحب والثمر والعصف والحطب واللباس والنار التي هي من عود النبات وسائر ما يوجد في الماء من خيرات لا تحصى كالأسماك والجواهر والشعاب المرجانية وسائر ما يحتوي عليه عالم البحار والمحيطات والأنهار....

**********
وكذلك قوله تعالى:‏ { لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنزِفُونَ ‏} ( الواقعة: 19 )‏ جمع فيه جميع عيوب الخمر من الصداع وعدم العقل وذهاب المال ونفاذ الشراب‏.‏

**********
وكذلك قوله تعالى:‏ ‏ { وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ ‏} ( هود: 44 ) فقد أمر فيها ونهى وأخبر ونادى ونعت وسمى وأهلك وأبقى وأسعد وأشقى وقص من الأنباء ما لو شرح ما اندرج في هذه الجملة من بديع اللفظ والبلاغة والإيجاز والبيان لجفت الأقلام وقد أفردت بلاغة هذه الآية بالتأليف‏. قال الكرماني في العجائب‏:‏ أجمع المعاندون على أن طوق البشر قاصر عن الإتيان بمثل هذه الآية بعد أن فتشوا جميع كلام العرب والعجم فلم يجدوا مثلها في فخامة ألفاظها وحسن نظمها وجودة معانيها في تصوير الحال مع الإيجاز من غير إخلال.

**********
وكذلك قوله تعالى:‏ { يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ‏} ‏ فقد جمع في هذه اللفظة أحد عشر جنسًا من الكلام، فالنملة – بتعبير القرآن - ‏ نادت وكنت ونبهت وسمعت وأمرت وقصت وحذرت وخصت وعمت وأشارت وعذرت‏.‏
فالنداء " يا" والكناية‏:‏ " أيّ " والتنبيه "ها" والتسمية "النمل" والأمر "ادخلوا" والقصص "مساكنكم" والتحذير "لا يحطمنكم" والتخصيص "سليمان" والتعميم "جنوده" والإشارة "وهم" والعذر "لا يشعرون" فأدت خمس حقوق‏:‏ حق الله وحق رسوله وحقها وحق رعيتها وحق جنود سليمان‏.‏

**********
ومن ذلك أيضا قوله تعالى:‏ { يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ‏} ‏ فقد جمع فيه أصول الكلام‏:‏ النداء والعموم والخصوص والأمر والإباحة والنهي والخبر‏.‏
وقال بعضهم‏:‏ جمع الله الحكمة في شطر آية " وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ "

**********
و قوله تعالى ‏ {‏{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ‏} ( القصص: 7 ) قال ابن العربي‏:‏ هي من أعظم آي في القرآن فصاحة إذ فيها أمران ونهيان وخبران وبشارتان‏.‏
وأسجل هنا ما نقله القرطبي في تفسيره عن الأصمعي قال: سمعت جارية أعرابية تنشد وتقول:
أستـغفر الله لذنبي كله قبلت إنسانا بغير حـله
مثل الغزال ناعما في دله فانتصف الليل ولم أصله
فقلت: قاتلك الله ما أفصحك ، فقالت: أيُعَدُّ هذا فصاحة مع قوله تعالى: { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ } ( القصص: 7 ) فجمع في آية واحدة بين أمرين ونهيين وخبرين وبشارتين.

**********
ومنه كذلك قوله تعالى: { فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ } ( الحجر: 94 ) قال ابن أبي الإصبع:‏ المعنى صرح بجميع ما أوحي إليك وبلغ كل ما أمرت ببيانه وإن شق بعض ذلك على بعض القلوب فانصدعت والمشابهة بينهما فيما يؤثره التصريح في القلوب فيظهر أثر ذلك على ظاهر الوجوه من القبض والانبساط ويلوح عليها من علامات الإنكار والاستبشار كما يظهر على ظاهر الزجاجة المصدوعة فانظر إلى جليل هذه الاستعارة وعظم إيجازها وما انطوت عليه من المعاني الكثيرة‏.‏
وقد حكى أن بعض الأعراب لما سمع هذه الآية سجد وقال‏:‏ سجدت لفصاحة هذا الكلام أه‏.‏

**********
وكذلك قوله تعالى:‏: { وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ } ( الزخرف: 71 ) قال بعضهم‏:‏ جمع بهاتين اللفظتين ما لو اجتمع الخلق كلهم على وصف ما فيها على التفصيل لم يخرجوا عنه.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	اللهم صللللللل على محمد وآلللللللل محمد	الوطن العربي	18	1,940	03-29-2013, 01:03 PM آخر رد: vodka
	آيات تحت الطلب ( وحى إله أم تأليف البشر ) !!	ahmed ibrahim	9	1,618	04-08-2012, 02:03 AM آخر رد: ahmed ibrahim
	تأليف المعجزات لمحمد رسول اللات	ابانوب	44	9,108	11-06-2011, 05:32 PM آخر رد: ahmed ibrahim
	اوضح ادلة على تحريف القران ! ؟؟؟	الفكر الحر	60	16,237	10-29-2011, 08:38 PM آخر رد: القيس عون
	لماذا لم ينزل القرآن جملة واحدة على محمد؟	AmandaFi	23	6,465	09-04-2011, 10:10 AM آخر رد: الحسن الهاشمي المختار