"الموت لا يخيف إلا الجبناء" (سقراط - قبل أن يشرب السم)

وهذا رأيي أنا أيضا فالموت كان أكبر مشكلة وتهديد واجهه الإنسان منذ الأزل ولم يجد له من حل إلا اختلاق عوالم ما بعد الموت وطبعا لتكتمل الصورة وضع الانسان في تلك العوالم كل رغباته ومخاوفه وكل ما يمكن أن يهدد غروره المعرفي وراحة باله النفسية فبعد الموت هناك الجنة لي ولاخوتي الصالحين وبعد الموت هناك النار لهم ولرفاقهم المنحرفين. وكل هذا تحت حكم الكائن المتعالي (الالاه) وبما أن الالاه هو سيد الخير والحق والعدل، الخ. فهناك أيضا سيد للشر والظلم والقسوة، الخ. (الشيطان) وطبعا هناك أعوان للإلاه (الملائكة) وهناك أعوان للشيطان.

لكن أهم انجاز حققه الانسان بخياله الخصب هذا من وراء هذه الأقاصيص أنه هزم الموت. لأنه في العالم الآخر لا يوجد هناك موت مثل الحياة بل هناك خلود... وخلود... ثم خلود... لكن نسي الانسان ربما أن الخلود صفة إلاهية. لكن ماذا نقول؟ لا شيء يقف أمام تحقيق رغبات الانسان الدفينة حتى الالاه نفسه.

وأي مشكله أو تناقض يمكن أن نجده بينها يمكن أن يحل بالعلم عند الإلاه... وتلك لحكمة لا يعلها غيره... الإلاه على كل شيء قدير... لا شيء يعجز الإلاه... الإيمان قبل كل شيء...

فبالمطلق (الإلاه) يمكن تجاوز كل ما هو منطقي وكل ما هو نسبي بل العلم نفسه والحقائق العلمية بل وحتى الحقائق المنطقية ("الشيء لا يمكن أن يوجد في مكانين مختلفين في نفس الوقت" لكن عزرائيل مثلا يقوم بقبض أكثر من خمسة أرواح في الثانية في أماكن مختلفة - حسب الاحصائيات يموت كل ثانية ما معدله 5 أشخاص على الأرض)

طبعا هذه العناصر (الالاه، الجنة، الجحيم، الشيطان، الكائنات اللامرئية من ملائكة وجان...) موجودة في أغلب الديانات على وجه الأرض ومنذ القديم. ولا أبالغ إن قلت أن الخوف من الموت أو الجهل بما بعد الموت هو أهم عنصر دفع الانسان ليتخيل كل هذا لذلك نرى أنه كانت هناك شعوب تحنط موتاها وأخرى تؤمن أن بعد الموت تنتقل الأرواح إلى أشخاص أخرين أو تسكن أجساد بعض الحيوانات (البقر مثلا) وهناك شعوبا تقوم بحرق أجساد الأموات لتتحرر أرواحهم وتبلغ عالم الخلود...


والزميل استشهادي يجد عزاءه في الموت فبعد الموت سيتحقق العدل المطلق: الجنة للطيبين المؤمنين والنار للمكذبين الأشرار. لكنه نسي أن هناك احتمال أن يكون الموت هو نهاية الفلم لاغير وأن فلما لا نهاية له سيكون فلما "بايخ" بالتأكيد. بل ربما تكون النهاية أروع جزء من الفلم. لكن هناك البعض عندما يعجزون عن فهم النهاية يطالبون بجزء آخر للفلم...