زميلي العاقل،
تحية طيبة لك خصوصا لأنك لم تحد عن الموضوع مثل من سبقك.
اقتباس:هل هذا الرد مقنع لحل المشكلة ؟ أنا اجده كذلك : ماذا عنك ؟
1) أما عن كونه مقنع فهو بالتأكيد كذلك.
فمهما علا الانسان وارتفع فهو بالنهاية خاضع لمشيئة الالاه.
هذا معلوم ومن هنا تأتي الحيرة: كيف يمكن أن يقوم الالاه بوضع صفة خطيرة في الانسان تجعله يشترك معه في إحدى صفاته.
وصدقني كلما فكرت في هذا كلما أصابني حيرة رهيبة: الانسان أزلي؟؟؟
كيف يمكن لهذا أن يكون؟؟؟
بالطبع حيرة على كيف للمؤمنين أن يصدقوا هذا على أساس أني شخصيا كما قلت من قبل في إحدى مداخلاتي في هذا الموضوع لا أرى في مسألة الخلود بعد الموت سوى وسيلة للانسان لقهر الموت الذي يهدد غروره المعرفي ويهدد حياته بالعبث واللاجدوى (وأرجو أن تكون قد اطلعت على ردودي السابقة لأنها بقيت دون ردود فقد تدخل فيها بعض الزملاء الذي إما حادوا عن الموضوع أو ممن لم يحسنوا الرد كما جاء في سياق مداخلاتي).
2) أما عن كونه رد فهو للأسف لا يعدل من المعادلة المنطقية التي يوجد بها الخطأ الذي سبق وبينته: فالله أزلي والانسان أزلي وأزليتهما ستكون هي نفسها وسيشتركان في نفس الصفة ولا يمكن لأزلية ما أن تختلف على أزلية أخرى. كل ما فعلته أنك
أضفت معلومة هي أن الانسان حصل على أزليته من عند الله. فالله هو الذي خلق الانسان ووضع فيه ما شاء من الصفات وكان أمر الله للانسان أن يكون خالدا بعد موته، الخ. فهذه كلها حقائق. لكنها لا تؤثر في حقيقة أن الله بوضعه صفة الخلود في الانسان قد جعل من الذات الانسانية تشترك معه وبنفس مقدار تلك الصفة (التي لا تقبل الدرجات والمقادير فخلود الانسان هو بالضبط مثل خلود الالاه) وبالتالي فقد امتلك الانسان صفة الاهية بفضل الالاه. لكن بفضله أو بدون فضله فقد امتلكها في كل الأحوال.
فأن تكون تلك الصفة ممنوحة من الالاه نفسه أو اكتسبها الانسان أو حصل عليها بطريقة ما فذلك أمر لا يؤثر على حقيقة أن الانسان أزلي وأن الأزلية هي صفة لا تقبل المعايرة فهي إما موجودة وإما غير موجودة.
فالصفة لا تتأثر بمصدرها بل بطبيعتها.
هناك طالبان لا يغشان في الامتحان:
الطالب الأول لا يغش لأنه مقتنع أن الغش سلوك سيء وأن ذلك عيب، الخ.
الطالب الثاني لا يغش لأن المراقب على درجة كبيرة من اليقظة ولا يمكن للطالب أن يغش وإلا اكتشف أمره.
هنا نحن أمام حالتين لكن أمام صفة واحدة.
الحقيقة الموضوعية تقول أن الطالبان لا يغشان.
لكن لا دخل لسبب عدم قيامها بالغش بالصفة التي نلاحظها عليهما.
قد نحتاج تلك المعلومة (السبب) في أمر آخر لكن أمامنا الآن طالبان يحملان نفس الصفة.
إن كنت تملك 1000 دولار ومنحتني 500 دولار. فالحقيقة الموضوعية تقول أن عندك 500 دولار وعندي أيضا 500 دولار. أي أننا نحمل نفس المقدار وبالتالي نملك نفس صفة الثراء. ولو منحتي 900 دولار فالحقيقة الموضوعية تقول أنني أصبحت "أغنى" منك حتى ولو كنت أنت من منحي ذلك بل وحتى ولو كنت قادرا على استرجاع أموالك متى شئت. لكن متى استرجعت أموالك فعلا، عندها فقط تتغير الحقيقة.
وبما أن الصفة هي التي تشكل الذات (أنا غنيّ لأني أملك الكثير من المال ولست أملك الكثير من المال لأني غني وأنت شجاع لان هناك شجاعة داخلك وليس هناك شجاعة داخلك لأنك شجاع) فإن ذات الانسان تتغير بتغيير الصفات التي حصل عليها.
وبحصول الانسان على صفة بنفس مقدار وجودها في الالاه يسبب مشكلة حاصلة بغض النظر عن مصدر الصفة التي سببت المشكلة.
أنا أعتقد أن هناك من المسلمين من أدرك خطورة هذه المسألة ولذلك نرى آراءا تنفي خلود الانسان كما جاء في كلامك:
اقتباس:هناك من المعتزلة ، كأبو الهذيل العلاف وغيره ، من قالوا أن أهل الجنة يعيشون في لذة لفترة معينة ثم يتوقفون . وابن تيمية قال بأن النار تفنى .
حقا إن هذه الآراء لم تصدر إلا من عقول حيرتها هذه المسألة وأنا نفسي لا أرى أي سبب يدعو الالاه لكي يتنازل عن صفة الأزلية التي لم يشاركه فيها أحد في بدايتها (الله أزلي في البداية والنهاية) فكيف يرضى أن يشاركه بنو آدم (وربما آخرون) في الأزلية في طرفها الآخر (النهاية).
مع خالص تحياتي:97: