[CENTER]
- 6 -
- عمل الروح القدس في الأذهان البشرية للإيحاء.
بهذه النقطة نصل أخيراً إلى جوهر الموضوع! ولذلك سنقوم بالبحث فيها في المجال الذي يتعلق بكتابة الكتاب المقدس ونقل أفكار الله إلى البشرية فيه.
تعالوا نأخذ أولاً كلمات يسوع المسيح لأتباعه عن طمأنة أتباعه بدعم الروح القدس لهم:
"12: 12 لان الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب ان تقولوه" – لوقا 12 : 12.
"21: 15 لاني انا اعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم ان يقاوموها او يناقضوها" – لوقا 21 : 15.
http://st-takla.org/pub_newtest/42_luk.html
إذاً كانوا هم مجرد أدوات أمينة في يد الله ليجري استخدامهم ودفع رسالتهم إلى الأمام بالرغم من المقاومة العتيدة التي كانوا سيواجهونها. فلم يكن يلزمهم حمل السيوف وفتح البلدان الأخرى بالعنف وسفك الدم والإستيلاء على ممتلكات الآخرين. فرسالتهم كانت لتنتشر وتتوسع بالمحبة وبالطريقة السلمية، مدعومة بالروح القدس الذي كان سيعمل في أذهانهم وكلامهم، وفي قلوب بعض سامعيهم من الذين يختارهم الخالق. (يوحنا 6 : 44 ، أعمال 16 : 14) لا بل وكان بإمكانهم أيضاً توقع تدخل الله بروحه القدوس
للتأثير في قلوب مسؤولي الدولة الإداريين من أجل عدم تعقيد الأمور أمام رسالتهم. فلا داعي لهم أن يقاوموا ترتيب الله الممثل بالحكام. (رومية 13 : 1 و 2 ، 1تيموثاوس 1 : 1 و 2)
وهنا أودّ لفت الإنتباه إلى إحدى العبارات البارزة أكثر بهذا الخصوص، تلك التي وعد بها يسوع المسيح تلاميذه قائلاً:
"14: 26 واما
المعزي بكل ما قلته لكم" – يوحنا 14 : 26.
"16: 13 واما متى جاء ذاك
روح الحق" – يوحنا 16 : 13.
http://st-takla.org/pub_newtest/43_john.html
نلاحظ هنا الأدوار العديدة الفعالة التي ذكرها يسوع المسيح للروح القدس، والتي كانت ستدعم الجماعة المسيحية الوشيكة بالتأثير في أذهانهم:
- المعزي
- المعلـّم
- المذكـّر
- المرشد للحق
- المتكلم بـ (الناقل لـ) كلام الله
- المخبر بأمور آتية
كل هذه بالإضافة إلى الإمكانيات التي سبق ورأيناها في المداخلات السابقة. فالحفاظ على القداسة للجماعة المسيحية كان سيأتي من روح الله. وروح الحكمة والفهم والإدراك والشعور بالمسؤولية والحماسة والمهارة في عمل الرب أيضاً منها. والكثير غيرها طبعاً.
كيف كان سيتم ذلك؟
حسناً! لقد استعمل يهوه الله وسائل عديدة ومختلفة لنقل أفكاره إلى ذهن خدامه، وبالتالي لتجري كتابتها لتشكـّل أخيراً كلمته الموحى بها. منها:
- الأحلام
- الرؤى
- الغيبات (Trance)
- الإيحاء المباشر إلى الذهن
- الملائكة
- توجيه بعض خدامه إلى كتب ومراجع تاريخية أو وثائق للنقل منها.
- التدخل المباشر في حياة البعض لجعل الأمور تسير بطريقة معينة.
- إعطاء الفهم لبعض خدامه لمعاني النبوات السابقة، وطريقة تطبيقها.
- تمييز الأرواح. (إعطاء القدرة لبعض خدامه على التمييز فيما إذا كانت كتابة معينة من مصدر إلهي أم لا).
ووسائل أخرى طبعاً ...
نلاحظ هنا إذاً بأن بعض الطرق التي استخدمها الله كانت مباشرة جداً. فأحلام فرعون مثلاً وتمكن يوسف من تفسيرها كان لا شك فيها بأنها من توجيه إلهي. وكذا الأمر بالنسبة للأحلام المذكورة في سفر دانيال (تلك التي لدانيال نفسه أو لنبوخذنصر امبراطور بابل). أيضاً الرؤى التي رآها الأنبياء كإشعياء وحزقيال ويوحنا وغيرهم، كانت ترفـَق أحياناً بعبارة "اكتب كذا وكذا" لتـُكتب حرفياً. كما أن إرسال الله لملائكته في بعض المناسبات كان توجيهاً مباشراً للكتابة. لكن الأمر لم يكن دائماً بتلك الطرق الواضحة المباشرة، ومع ذلك لها تماماً نفس الأهمية كغيرها. لقد كانت التوجيه الذهني لخدامه بواسطة روحه. فكيف كان يحدث ذلك؟ وهل كان كل الكتبة يشعرون بشكل مباشر بتدخل روح الله عندما كانوا يكتبون؟
حسناً، فكما سبق وقلنا بأن الروح القدس يعطي طاقات معيّنة في الذهن، أو يحرّض على أمر أو مهارة أو اندفاع معيّن، يشعر الشخص في هذه الحالة بالإتزان والجدّية وبالرغبة والتصميم على الكتابة. وغالباً لا يدرك الحدود التي تفصل بين رغباته الشخصية في الكتابة وتلك التي حرّضه عليها روح الله. فعمل الروح القدس يندمج في شخصيته ودوافعه ويصير جزءاً منه. وتصير الكتابات بالتالي من نتاج روح الله القدوس. بينما هو لم يكن سوى أداة سمحت لذلك الروح القدس بالعمل فيه بحرية!
أحياناً يكون الإيحاء للذهن مباشراً أكثر. فالكاتب يتمكن من استلام معلومات من الله مباشرة إلى ذهنه دون أن يكون له علم مسبق بها. هذا الأمر حدث مع موسى مثلاً عندما كتب عن أيام الخلق السبعة وما حدث فيها، بحسب الإصحاحات الإفتتاحية لسفر التكوين. فهو لم يكن موجوداً آنذاك ليرى تتابع خلق الله للموجودات، ولم ينقلها من كتاب تاريخي آخر. كما أن الحوادث المذكورة في سفر أيوب 1 : 6 – 12 لم يكن لموسى القدرة على رؤيتها، إذ أنها حدثت في السماء. ومع ذلك نجد بأن الله تدخل لينقلها إلى ذهنه كمعلومات أكيدة ليكتبها. نفس الأمر حدث لداود باستلامه صورة وخرائط بيت الرب (الهيكل) مع الآنية والعدة اللازمة له، ليعطيها أخيراً لابنه سليمان قبل أن يموت، من أجل جلبها إلى أرض الواقع والوجود.
طبعاً لا يملي الله غالباً كلماته الواحدة بعد الأخرة، كلمة كلمة وحرفاً حرفاً. إن ما يعمله الله هو جلب فكرة أو حادثة معينة إلى الذهن. يشعر الشخص بضرورة الكتابة عن ذلك الأمر. فيكتب ويعبّر بأسلوبه البشري وطريقته الخاصة. لا بل تظهر أحياناً كتاباته متأثرة بخلفيته أو أجوائه أو حتى مهنته. ومع ذلك، نصل في الأخير إلى كتابة الأمر الذي أراده الله، وتصل رسالته إلى شعبه.
فالأفكار أو الحوادث تأتي بدفع روح الله، بينما الأسلوب والكلمات تأتي من الكاتب ذاته.
هذا طبعاً ما دعا الملك داود ليكتب قائلاً:
"23: 2
روح الرب تكلم بي وكلمته على لساني" – 2صموئيل 23 : 2.
http://st-takla.org/pub_oldtest/10_sam2.html
كما أن الرسول بطرس وجد من الضرورة التنويه بهذا الأمر. فنسب الفضل لروح الله في الكتابات المقدسة السابقة:
"1: 20 عالمين هذا اولا ان كل نبوة الكتاب ليست من تفسير خاص
1: 21 لانه لم تات نبوة قط بمشيئة انسان بل تكلم اناس الله القديسون
مسوقين من الروح القدس" – 2بطرس 1 : 20 و 21.
http://st-takla.org/pub_newtest/61_petr2.html
ماذا بالنسبة لتجميع أسفار الكتاب المقدس في واحد لتسمى أخيراً بـ "الكتاب المقدس"؟
حسناً! هنا أيضاً لم يتردد الله في التدخل بروحه ليشرف على الأمر. وكما سبق وفهمنا من كلمات الرسول بولس بأن الله يعطي البعض إمكانية "تمييز الأرواح" (1كورنثوس 12 : 10)، نجد بأنه تدخل في بعض الرجالات بروحه ليجعلهم يصنفون ويدمجون بعض الكتابات بين الكتب المعتبَرة "موحى بها من الله"، ويبعدون تلك التي اعتـُبـِرت "أبوكريفية".
جدير بالذكر بأن الله لم يحفظ كل كتابات خدامه الأمناء. فالبعض منها كانت رسائل أو كتابات شخصية لا تزيد ولا تنقص في قصد الله ولا تتعلق به. البعض منها أيضاً كانت كتابات تاريخية أو لتصف حوادث معينة لوقتهم أو مجتمعهم. لقد حفظ فقط ما يهمه ويرتبط بمقاصده، وما وجهه بروحه. ولذلك نجد الكتاب المقدس يشير أحياناً بأن حادثة معينة كـُتبتْ في السفر الفلاني أو الرسالة الفلانية، في الوقت الذي لا نجد ذلك المرجع بين أسفار الكتاب المقدس! لقد سمح فقط أحياناً باقتباس فكرة معينة من هنا ومن هناك لا أكثر. وعلى ما يظهر، لا يعتبر كامل ذلك المرجع لازماً أو صالحاً للحفظ ليبقى بين مجموعة كتبه.
من الذي قام بإجراء التصنيفات ليجري جمع وحفظ كتب معينة كموحى بها، ورفض أخرى ككتب أبوكريفية؟
لا شك بأنهم بشر! إلا أن هؤلاء البشر عملوا ذلك بتوجيه الروح القدس وضبطه للامور. وعلى ما يظهر كانت هنالك مجموعة معينة من الكتب المتوفرة أيام يسوع المسيح ورسله من الأسفار العبرانية (العهد القديم)، والتي جرى اعتبارها والإعتراف بها كموحى بها. إلا أن الكتاب المقدس لا يشير بالتحديد إلى عددها آنذاك. وطبعاً كانت كرازة يسوع المسيح ورسله مؤسسة عليها، معتبرين إياها "كلمة الله" الموحى بها. وهنا أتى دور كلمات الرسول بولس لتيموثاوس التي اقتبست منها عنوان شريطي هذا:
"3: 15 وانك منذ الطفولية تعرف الكتب المقدسة القادرة ان تحكمك للخلاص بالايمان الذي في المسيح يسوع
3: 16 كل الكتاب هو موحى به من الله ونافع للتعليم والتوبيخ للتقويم والتاديب الذي في البر" – 2تيموثاوس 3 : 51 و 16.
http://st-takla.org/pub_newtest/55_timo2.html
إذاً كانت أسفار العهد القديم متوفرة ويجري تعليمها حتى للصغار في العمر. وتيموثاوس هنا يظهر بأنه استفاد من معرفتها منذ الطفولية بواسطة العائلة. تلك الكتب التي كانت تشير بنبواتها إلى الخلاص الذي تحقق أخيراً بيسوع المسيح.
كتب الرسول بولس تلك الكلمات سنة 65 ميلادية. بذلك الوقت كانت قد جرت كتابة بعض كتب العهد الجديد أيضاً بتوجيه الروح القدس. ولذلك لا شك بأن الرسول بولس كان يعلم جيداً بأن تلك الكتب الجديدة ستـُضـَمّ إلى مجموعة الكتب المقدسة التي يعتمد عليها خدام الله. ولذلك اعتبرها من الكتب الموحى بها أيضاً، إذ أنها هي أيضاً كـُتِبَت بتوجيه نفس الروح (الروح القدس)!
من بين تلك الكتب الجديرة بالذكر حتى ذلك الحين: الأناجيل الثلاثة، متى ومرقس ولوقا. سفر أعمال الرسل، رسالة يعقوب، ورسالتي بطرس. هذا بالإضافة طبعاً إلى معظم رسائل بولس ذاته التي نالت شهادته بأنها من روح الله، وشهادة بطرس الرسول لها أيضاً:
" 7: 40 ولكنها اكثر غبطة ان لبثت هكذا بحسب رايي واظن اني
انا ايضا عندي روح الله" – 1كورنثوس 7 : 40.
http://st-takla.org/pub_newtest/46_kor1.html
وهنا شهادة بطرس ذاته لكتابات بولس ورسائله، معتبراً إياه في وحدة معه ومع الجماعة المسيحية الباكرة وإدارتها بالقول "
أخونا الحبيب بولس":
" 3: 15 واحسبوا اناة ربنا خلاصا كما كتب اليكم اخونا الحبيب بولس ايضا بحسب
الحكمة المعطاة له)
3: 16
كما في الرسائل كلها ايضا متكلما فيها عن هذه الامور التي فيها اشياء عسرة الفهم يحرفها غير العلماء وغير الثابتين كباقي الكتب ايضا لهلاك انفسهم" – 2بطرس 3 : 15 و 16.
http://st-takla.org/pub_newtest/61_petr2.html
بقي أن نذكر ضرورة انسجام كتابات العهد الجديد مع العهد القديم، والتصويب لهدف واحد (لأن الله واحد طبعاً). فهل صح هذا الأمر؟
لا شك في ذلك! فكل كتـّاب العهد الجديد أشاروا واقتبسوا من العهد القديم. وكان ذلك
للهدف الواحد، ألا وهو تدبير الله لخلاص الجنس البشري من الخطية والموت بواسطة يسوع المسيح. والتهيئة لتأسيس ملكوت الله الذي سيجلب أخيراً المجد والتكريم لإسم إلهنا يهوه الله. من أجل ذلك نلاحظ قيام كتبة الأسفار اليونانية المسيحية (العهد الجديد) بحوالي 320 اقتباس من العهد القديم. وما يقارب 890 إشارة إلى نصوصه وحوادثه! فما رأيكم؟
كيف تمكن المسيحيون الأوائل للقرون المسيحية الباكرة أن يميزوا كتابات العهد الجديد ككتب موحى بها من الله بنفس قيمة تلك التي للعهد القديم؟
حسناً، كان عليهم أن يأخذوا عدة عوامل بعين الإعتبار. ولا شك بأن الحكم عليها كان سيبدأ
بالدرجة الأولى بفحص محتواها بدقة. هوذا بعض المقاييس التي اعتمدوا ونعتمد عليها:
- أن تكون خالية من الخرافات.
- أن تكون خالية من ترويج المصالح الشيطانية.
- أن تكون خالية من التشجيع على عبادة المخلوق.
- أن تكون في انسجام كامل مع بقية أسفار الكتاب المقدس، لتشكل واحداً معها، ناسبة الفضل ليهوه الله كمصدر لها.
- كل كتاب يجب أن يكون نموذجاً إلهياً للـ "تمسك بصورة الكلام الصحيح" (2تيموثاوس 1 : 13). وبالتالي ينسجم كاملاً مع كلمات وتعاليم ونشاطات يسوع المسيح.
- أن يجري الإعتراف بالكاتب من قِبَل رسل المسيح الأوائل (للقرن الأول للميلاد)، شاهدين بالأمانة المسيحية لذلك العضو (الكاتب) بينهم.
وهذا الشرط الأخير كان ممكناً نتيجة منح يهوه الله بروحه هبة القدرة على "تمييز الأرواح" (يعني تمييز مصدر الكتابات إن كانت من الروح القدس أم لا) (1كورنثوس 12 : 10). وبفضل هذه الموهبة كان يمكن للرسل (ومن تلاهم) أن يرفضوا كتابات البعض ويبقوا على تلك التي كـُتِبَت من قبَل أشخاص مشهود لهم بينهم.
ماذا بالنسبة للترجمات التي يظهر بأن بعضها نقل النص ببعض المعاني التي لا تنطبق 100 % على الأصل؟
علينا أن لا نكون صارمين أكثر من اللازم. فهذه الظاهرة هي طبيعية جداً في النقل من لغة إلى أخرى. وبما أن إيحاء الكتاب المقدس كان يعني توجيه الله للشخص نحو "الفكرة" أو "الحادثة" ليكتبها بكلماته الخاصة وأسلوبه البشري، إذاً يحتمل النص في هذه الحالة (حالة الترجمة)، استعمال الكلمات أو التعابير التي يمكن أن تعبر عن المعنى المطلوب حتى ولو لم تكن 100 % حرفية. المهم في الأمر هو الحفاظ على ذكر الحادثة بالكلمات الأقرب إلى المعنى الأصلي. والذين بيننا ملمون باللغات، لا شك أنهم يدركون ما يعني ذلك، خاصة صعوبة الترجمة من اللغات القديمة إلى الحديثة.
هل فـُقِدت أجزاء من الكتاب المقدس عبر التاريخ خلال الـ 3500 سنة الماضية؟
ربما! لكن حتى ولو فقِدت، فما هو متوفر لدينا يكفينا للحصول على الأمور الأساسية لمقاصد الله. ولا شك بأنه لا يمكن ليهوه الله أن يسمح لجزء أساسي من كلمته الملهمة أن يبقى ضائعاً أو مخفياً إن كانت المعلومات الموجودة فيه ضرورية لشعبه.
هل يمكننا اليوم أن نثق بما لدينا من كتب لنعتبرها ملهمة أو موحى بها من الله؟
صحة ودقة الكتاب المقدس لا يشهد لها مجرد المتدينين. فعلماء الآثار والمتاحف أيضاً يشهدون لذلك بكل وضوح. كما وأن المخطوطات أو آلاف القطع الأثرية المتوفرة في المتاحف وأماكن الحفظ لا تترك مكاناً للشك. فالبعض منها ليس بعيداً عن القرن الأول للميلاد. ومقارنته بما لدينا حالياً يظهر تطابقاً مدهشاً للغاية. ولذلك فاتهام الكتاب المقدس بالتحريف، لا يعكس في الواقع سوى الجهل ونوايا العداء ورفض الوقائع. وبالتالي ينم عن عدم جدّية الشخص وعدم ميله للتجاوب مع المشيئة الإلهية ومقاصدها.
لماذا إذاً يرفض البعض حقائق الكتاب المقدس الواضحة فيه، بمن في ذلك طبعاً معظم المدّعين المسيحية؟
حسناً، فالعيب ليس في الكتاب المقدس ذاته! إنه فيهم هم. ولا ننسَ رفض القادة الدينيون اليهود ليسوع المسيح ورسالته بالرغم من انتظارهم إياه لمئات السنين. فمع أن أسفار الكتاب المقدس كانت بحوزتهم، إلا أنهم لم يسمحوا لروح الله القدوس بفتح أذهانهم أو قلوبهم. فبقوا أسرى تحت عبودية إله هذا الدهر، الشيطان إبليس:
"4: 4 الذين فيهم
اله هذا الدهر ([COLOR=Blue]الشيطان إبليس لئلا تضيء لهم انارة انجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله" – 2كورنثوس 4 : 4.
http://st-takla.org/pub_newtest/47_kor2.html
طبعاً يحدث الأمر نفسه في وقتنا، إن كان من قِبَل المدّعين المسيحية أم غيرهم. ولذلك تقوم عينا الله بالجوَلان في كل الأرض باحثاً عن ذوي النيات الحسنة والقلوب المستعدة لقبول حقه، كي يرسل إليهم روحه ويفتح قلوبهم. أما الباقون فليستمروا في الضياع في ظلمة هذا العالم الذي يسيطر عليه الشيطان إبليس:
"16: 9 لان
عيني الرب تجولان في كل الارض ليتشدد مع الذين قلوبهم كاملة نحوه فقد حمقت في هذا حتى انه من الان تكون عليك حروب" – 2 أخبار الأيام 16 : 9.
http://st-takla.org/pub_oldtest/14_chr2.html
لماذا الإختلافات إذاً في فهم الحق الواحد للكتاب المقدس؟
الجواب غير معقد. فبما أن الله واحد، وهو أوحى بالروح الواحد بالكتاب المقدس، إذاً ففهم كلمته الملهمة يجب أن يكون واحداً أيضاً! الله منطقي، إذاً فهم كلمته يجب أن ينم عن المنطق! الله حق، إذاً فهم كلمته يجب أن يعكس الحق! فإلى أولئك الأشخاص الذين يختارهم، نجده يرسل روحه ليفتح قلوبهم ويجعلهم يفهمون كلمته. كلمة الحق التي أوحى بها الله،
لا يمكن أن تـُفهَم إلا بمساعدة روح الله ذاته:
"2: 10
فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله
2: 11 لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا
امور الله لا يعرفها احد الا روح الله" – 1كورنثوس 2 : 10 و 11.
http://st-takla.org/pub_newtest/46_kor1.html
والشعب الذي لا يملك روح الله لدعمه، لا يمكن أن يفهم أو يذعن لما ذكر الله في كلمته المقدسة!
النتيجة:
روح الله (أو الروح القدس) هو نهر جارف وتيار قوي باتجاه معين ليتمم قصد الله ومشيئته. فلا يمكن لأي مخلوق في الكون كله أن يوقفه، لا المخلوقات الأرضية، ولا حتى السماوية! كل من يحاول اعتراضه، يعرّض نفسه للهلاك المحتم!
إن إنتاج الكتاب المقدس هو من الأمور الصغيرة والبسيطة جداً لإمكانيات الروح القدس الكونية الهائلة بالمقارنة! وكما لاحظنا أعلاه، فمجالات الروح القدس لانهائية. إنها في الواقع كونية لامحدودة وليست أرضية فقط. ولذلك لا نعمل حسناً إن نسبنا السوء إلى الله أو إلى إنجازات روحه!
"12: 31 لذلك اقول لكم كل خطية وتجديف يغفر للناس واما
التجديف على الروح فلن يغفر للناس
12: 32 ومن قال كلمة على ابن الانسان يغفر له واما
من قال على الروح القدس فلن يغفر له لا في هذا العالم ولا في الاتي" - متى 12 : 31 و 32.
http://st-takla.org/pub_newtest/40_matt.html
ولا شك بأن الباحثين بإخلاص عن الحق بيننا، لا يناسبهم أن يعرفوا أخيراً بأن ما اختاروه من طريق روحي ليس إلا تضليلاً إبليسياً أعمى أذهانهم عن الله وروحه!
إخواني الأحباء،
أعتذر أولاً عن الإطالة في الموضوع! فالروح القدس موضوعه واسع جداً إلى حد يمكنني أن أملأ كتباً بالحديث عنه. والواقع عملت حقاً بعض الجهود لأختصر قدر الإمكان. ومع ذلك، رأيتم النتيجة.
أشكر لكم صبركم جميعاً وطول بالكم عليّ بعدم التدخل أثناء العرض. أقدّر كثيراً سماحكم لي بالجوَلان بروية في الموضوع دون اعتراض. الأمر الذي حقاً يزيد تقديري واحترامي لكم.
أما الآن، فيمكن لكم أعزائي التدخل والبحث في الموضوع. ولذلك أرجو أن يكون الحوار بناء والنقاط مفيدة للجميع.
شكراً لكم ثانية !
:redrose: