طبعاً الحوارات قصيرة النظر، خرجت عن الموضوع بمجملها..
عودة لموضوع النقاش..
اقتباس: محترف كتب/كتبت
تحية طيبة وبعد
لقد تابعت باهتمام شديد اغلب المواضيع المطروحة من
خلال هذا المنتدى منذ مدة طويلة وعرفت راي الاسلام بالمسيحية ، وكذلك المسيحية بالاسلام ولكن مالاحظته هو
غياب الديانة اليهودية من المواضيع المطروحة هنا
المهم اردت ان اعرف وجهة النظر المسيحية تجاه اليهودية كديانة سابقة له
وشكرا سلفا:97:
أنظر يا زميلنا العزيز..
سؤالك هذا على الرغم من بساطته، إلا أنه سيجرنا لأمور كثيرة معقّدة..
بداية، ما هى الديانة اليهودية؟ من الذى كلّف بتبليغها؟
لو بحثت فى أصل التسمية، لوجدته "يهوة" (اسم الله فى العهد القديم) فسمى أتباعه "يهوداً"
أى أن الأصل فى كلمة "يهودية" هم أتباع الله (يهوة)
برغم أن اليهودية (كتشريع وديانة وطقوس) لم تأخذ شكلها النهائى إلا بعد نبوّة موسى، وظهور "اللاويين" و"الكهنة" و"الطقسيات" و"التشريعات"، إلا أن اليهودية (كرسالة من الله للناس) بدأت منذ بدأ الخليقة..
موقفى - كمسيحى - من اليهودية إجمالاً، هو موقفى من تاريخ البشرية وعلاقتها مع الله فى عصر ما قبل المسيح.
والنتيجة، هذا التاريخ مثبوت لدى، أؤمن بحدوثه وبما ذكر فيه، لكن بما أنه مرحلة وليست نهاية، فبالتالى هناك أوضاع كثيرة متغيرة لكى نصل لحالة "الإكمال" التى نحن فيها الآن..
"الإكمال" ببساطة، هو أن يصبح الإنسان "مكوناً" غير "ملقناً"، قادر أن "يفهم" العلاقة وليس مجرد "حافظ" لشعائر العلاقة بجفاف دون أدراك..
"إكمال الشريعة" يعنى فهمها.. لا تصبح على وتيرة "من فعل كذا فمستوجب كذا" هكذا بعماء بصر وبصيرة..
البداية مع الله، كانت بداية آدم فى الجنة..
وبعد أحداث الطرد، والعصيان، ومرور حقب زمنية بلا وثيقة محددة من الله، أقام الله عهداً مع البشر عقب طوفان نوح..
هذا العهد، نسميه كمسيحيين "العهد القديم"، والذى تكرر تذكير الله للإنسان به فى رسالاته عن طريق أنبياء العهد القديم (أنبياء اليهودية) مثل إبراهيم، واسحق، ويعقوب (إسرائيل) وما تلاهم إلى زمن المسيح.
لهذا العهد القديم، سمات مميزة..
الإنسان فى هذا العهد، لم يكن بدرجة تحضر الإنسان الحالى..
كان الإنسان مختلفاً، غير قادر على دخول مرحلة "التكوين" وكل تعاليمه يتلقاها بالـ"تلقين"..
وبالتالى كان العهد وثائقياً تشريعياً، صالح لزمانه ومكانه، لكن لا يفترض فى صلاحيته صفة الديمومة، إذ أن هذا العهد بمجمله هو سلسلة مراحل إنتقالية للنمو مع الله، تمهيداً لعهد جديد للإنسان الناضج فكرياً كالحالى..
بل أن الشعب نفسه، لم يكن مسموح له بالإستنباط والإستنتاج والقياس مع السابق..
كان الله، هو القائد الأخلاقى والسياسى والتربوى لشعبه، وهذا الشعب كان منتقى من بين الشعوب كافة لحفظ الرسالة، فصاروا "اليهود" هم "شعب الله" إجمالاً، ولم يكن من يعرف الله غيرهم.
ظهر المسيح.. وبدأ العهد الجديد.. وتم الإكمال..
هناك من تبع المسيح، وهناك من رفضه..
هنا، نحن مضطرون للتمييز بين هؤلاء المؤمنين بيهوة ويرفضون المسيح.. وبين هؤلاء المؤمنين بيهوة ويتبعون المسيح..
وسمى القسم الذى يتبع المسيح "مسيحيين"
وسمى القسم الذى لم يقبله "يهوداً"
من هنا فقط.. أصبحت العلاقة مع الله مؤطرة بدينين (اليهودية/المسيحية)
والآن، حينما تسألنى - كمسيحى - عن موقفى من اليهودية (كديانة قديمة مرحلية)، فلن أجيب بأكثر مما سبق.
لكن لو سألتنى - كمسيحى أيضاً - عن موقفى من اليهود (كأشخاص تابعين للديانة اليهودية الآن)، فهنا ستختلف الأقوال والمواقف..
بالنسبة لمسيحيو الشرق بشكل عام، فهم ينظرون لأن اليهود شعب ملعون بالخراب من فم المسيح.
يا اورشليم يا اورشليم..
يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها..
كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها، ولم تريدوا..
هوذا بيتكم يترك لكم خرابا..
ونحن فى أرض الواقع، لا نرى الآن كهنة، أو لاويين، أو المحرقة الدائمة، أو قدس الأقداس، أو طقوس التطهير، أو حتى البقرة الحمراء.
يوجد الآن ما يسمى "الرابيين" (جمع "رابى") وهى وظيفة وليست رتبة دينية..
وكتاب تشريعهم الرئيسى، صار الـ"تلمود" اليهودى، وليس التوراة أو كتب الأنبياء..
أى أنهم بالنسبة لمسيحيو الشرق، شعب مغضوب عليه من الله، لا يجب مساعدتهم لأن هذا مساعدة للمذنب على الإفلات من اللعنة..
المسيحى الشرقى، يكتفى بالصلاة لهم (صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم) بينما فى قرارة نفسه يحمّلهم المسؤولية، ويتركهم أمرهم كمذنبين لله..
خارج نطاق المسيحى الشرقى، الأمر يختلف، ومتشعب، ومعقّد، نتيجة لأحداث سياسية، وتاريخية، بل ونظرة دينية مختلفة أحياناً..
فالمذابح التى قامت بها ألمانيا النازية بحق اليهود، قد ساهمت فى خلق نوع من الشفقة الإنسانية إنعكست على الدين..
فنادى كاردينال ألمانى بحصول اليهود على "وثيقة البراءة"..
وهى وثيقة تقوم بتبرئة اليهود الحاليين من دم المسيح كمعتقد مسيحى عام بأن اليهود هم من صلبوه.
والكنيسة الغربية، منها من صدّق على هذه الوثيقة، ومنهم من رفضها مطلقين على أنفسهم اسم "الفاتيكان
2" (منهم "ميل جيبسون" مخرج فيلم the passion )
بالنسبة لكنيسة الشرق، فهذه الوثيقة مرفوضة شكلاً وموضوعاً..
ظهرت منذ فترة قريبة نسبياً، نوع من التزاوج والتهجين بين المسيحية واليهودية فى فكرة تم الإتفاق على تسميتها الـ"صهيومسيحية"، أو المسيحية الصهيونية..
وهى فكرة قائمة على مبدأ غريب جداً، ووجدتها منتشرة بين أقباط المهجر بغزارة نتيجة لضحالتهم الدينية (رغم أنهم تابعين للكنيسة الشرقية)
الفكرة كالتالى:
فى آخر الأيام، سيعود اليهود إلى أرض الموعد (فلسطين) وبعدها سيأتى المسيح ويعم السلام، ثم تقوم الساعة..
وبالتالى، فمساعدة اليهود على قيام دولة إسرائيل، هى أمر حسن للتسريع بمجئ المسيح!!!
طبعاً الفكر السياسى واضح، ولا عزاء لجهال الدين..
يكفى هذا القدر الآن، فالصهيومسيحية تحتاج مواضيع مستقلة وليس مداخلة فى موضوع..
تحياتى