اقتباس: العاقل كتب
[ والمسألة في حقيقتها هي مسألة كفر وإيمان ، مسألة شرك وتوحيد ، مسألة جاهلية وإسلام. وهذا ما ينبغي أن يكون واضحا ... ان الناس ليسوا مسلمين – كما يدعون – وهم يحيون حياة الجاهلية ]
معالم في الطريق ، سيد قطب ، دار الشروق : ص 158
كله " ميتافيزيقا " و " خرافات" ، كلاهما يؤمن بمثال ، أنموذج .. كامل لا تشوبه شائبة . وكلاهما يسعى لتحقيق هذا المثال على الواقع . وكلاهما مؤمن أن هذا المثال تحقق بكماليته. هذا ما تعنيه بالضبط كلمة العلماني " الديمقراطية الحقيقية ". هو بعبارة أخرى : منطق : الأبيض والأسود ، الذي يستحيل تماما أن يعترف بما تراه عينيه من ألوان .
حقيقة بت مستاء جدا من هذا الأسلوب غير الموضوعي الذي ينهجه عدد من الزملاء (المتدينين)، وبكل احترام أحيله لحالة من الضعف لا القوة!!
من حق كل منا أن ينقد ذاته، لكن ليس من حقه أن يجلدها، ومن حقه أن يخاطب الناس بأسلوب مهذب لكن حكمة الخطاب شيئ والمداهنة فيه شيئ آخر، وإني لأرى أن من المداهنة ألا نتكلم على من نرى بطلانه كعتم الليل مظلما، إلا عبر تقديم قربان ما في أحد من رموزنا أو شخصياتنا الإسلامية!!!
كلا يا صاحبي
ما كانت ولن تكون الديمقراطية في مجتمعاتنا أكثر من آلية مجردة، وحين تتحول لعقيدة فهو التطرف عينه..
نعاني ما نعانيه في مجتمعاتنا من الأدلجة القاتلة المجمدة لكل شيئ!!
بالأمس كنا عربا ونحن العرب، ونشعر أن الانتماء لأمتنا شيئ من تراثنا الذي نفخر به مع احترامنا للإنسان حيث كان مسقط رأسه ولون عينيه وشعره وجلده..
ولكن (ربعنا) الذين جعلوا مقلهم قبل المشرق والمغرب استهوتهم النازية الألمانية والفاشستية الإيطالية فخرجوا علينا بدين جديد أسموه بالعروبة تجاوزا به الأديان!
واليوم خرجت ناشئة متطرفة تزعم أن الديمقراطية لا تكون إلا علمانية!
مع أننا في منطقتنا منذ عرفنا شكل الدولة القطرية الحديثة لم نر العلمانية إلا قرين الاستبداد والجور ومصادرة الحريات والوصاية على الشعوب..
رأينا العلمانية بأثوابها الماركسية والليبرالية والقومية
وكلهم كان يحدثنا بالطريقة التي يحدثنا بها المذكور أعلاه
ها أمامكم ميشيل عفلق قبل أن يعفلقه البعث قال:
(إن علمانية البعث هي التي تحرر الدين من ظروف السياسة وملابساتها.. وتسمح له بالتالي أن يتحرر وينطلق في حياة الأفراد والمجتمع). في سبيل البعث- ميشيل عفلق، ص- 144.
بين يدي المذكور دولتان بالقرب منه لا تنصان في دستورهما على أن الإسلام دين الدولة، هما لبنان وسورية، فأي ديمقراطية ثمة؟!! أبطائفية تقسم المناصب على الملل كما في النموذج الفرانكفوني المثال!! أم هو الأسد الذي طبقها على شعبه منذ استلم حزبه قبل اثنين وأربعين عاما، وقانون الطوارئ لم يتوقف!!
أين هي العلمانية التي حكمت منطقتنا وكانت قرين الديمقراطية بالله عليكم؟!! أشيروا علي بنموذج واحد قبل أن نزاود على بعضنا!
نعم ربما ارتبطت العلمانية في بلاد الغرب بالديمقراطية، لأن "الحياد" الديني العلماني لدى الغربيين يعني فسح المجال لغير المتدين بممارسة العملية الديمقراطية على قدم المساواة مع المتدين، ومن هنا كانت العلمانية ظهيرا للديمقراطية، تعززها وتحميها من المصادرة على حق الآخر سياسيا واجتماعيا واقتصاديا تحت ذريعة الدين أو العنصر أو الجنس..
لكن في العالم العربي انسلخت العلمانية عن هذا الدور المعزز للديمقراطية، وتخلت عن هذا البعد الأساسي في كيانها. نظرا لتقديرها، أنه سيكون بمثابة تدمير للذات في البيئة العربية والإسلامية !!
وفي تجربتها التي استغرقت تاريخ دولنا القطرية منذ التأسيس، غدت العلمانية حليفة استراتيجية للاستبداد بكل صوره (السياسي والفكري والعلمي)، فلا حق في ممارسة ديمقراطية إلا من خلال بوابة العلمانية! وفي الأنموذج التركي ومن ثم الجزائري مثال واضح على رفض العلمانية الديمقراطية (للإسلامي) وإن أعلن قناعته بالديمقراطية وقبل خيارها.!
عموما لست معنيا بفهم هذا أو ذاك، وحين تتحول الديمقراطية أو القومية أو أي مذهب وضعي إلى دين فسنرفسه بأرجلنا ولا نبالي به، فنحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ونتفهم جيدا عزيمة بعض الطائفيين في تحييدنا عن مكمن عزتنا حتى وإن سربل دعاويه بالحياد والنزاهة والموضوعية، ولكل أن يتـامل في الشخص نفسه مواقفه تجاه راحلين لم يكد يفصل بين وفاتهما عام، وبينما هو يزرع الورود وينصب نفسه محاميا عن أحدهم، راح يلطم ويتشكى على أن النادي كرم الآخر بشيئ بسيط مما كرم به (الحبر الأعظم) واستكثر على الشيخ أحمد ياسين حتى مسمى الشهادة! مع أن النادي لم يقدم عزاءه باسم أعضائه كما فعل لاحقا حين توفي (قداسة) البابا!
هذا (الحياد!) أتفهمه، وأعرف مسبباته، ولي موضوع في النادي لم يقبر في ساحة الأرشيف بعد عنوانه: (ملحدون طائفيون)
سقطت ورقة التوت ولم تعد الطائفية تتوارى تحت ذرائع الحياد والمساواة والضيم ولعبة الأقلية والأكثرية!
أما لماذا تضايقت من مقارنتك أخي العاقل، فلأنني مع ملاحظاتي على الشهيد ارى أنه قياس فاسد ولا أقول قياس مع الفارق..
يا سيدي ما يقوله سيد قطب في هذا الموضع تحديدا يتعلق بتخليط الاعتقاد
الاعتقاد كما تعلم -وأنت من تربى في البيئة السلفية- لا يمكن أن يقبله الله إلا خالصا لوجهه الكريم
أن يعتقد المسلم بنصف يقين، أو حتى ثلاثة أرباعه، فلا إيمان ثمة...
(ادخلوا في السلم كافة)، (إن هذا الأمر لا يقوم به إلا من أحاطه من جميع جوانبه)، (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض)
موضوع عبودية المسلم لله لا تقبل إلا أن تكون مطلقة كاملة غير مقيدة ولا مخصوصة
أما التلفيق الذي يدعو إليه البعض حين يطلبون منك أن تصلي وتموت وفق تعاليم الإسلام، وتفهم الاقتصاد حسب تعاليم ماركس، والاجتماع حسب تعاليم دركايم، وعلم النفس حسب تعاليم فرويد..... فذاك لا يقول به مسلم يعرف الإسلام كما هو
فرق يا صاح بين أمرين:
بين الاعتقاد والعمل
في الاعتقاد إما أن تؤمن بالإسلام كله أو تدعه كله
في الاعتقاد إن آمنت بمحمد وكفرت بعيسى فأنت كافر
إن آمنت بآل عمران وكفرت بالتوبة فأنت كافر
إن آمن بجبريل وكفرت بميكاييل فأنت كاقر
إن آمنت بأن الله خالق بارئ مصور ولم تؤمن بأنه واحد أحد فأنت كافر بمقياس دين الإسلام كما نطق به القرآن
أما في العمل، فاتقوا الله ما استطعتم، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ولا يضيع ربك عمل عامل من ذكر أو أنثى
بالعمل يرتفع الناس درجات بعضهم فوق بعض
ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بعمل
لكننا نكفره بجحده لآية واحدة من كتاب الله
وهنا حين نقارن الديمقراطية (وهي في نظرنا إجرائيات وعمل) بعقيدة يفاصل بينها سيد قطب وبين الجاهلية فذلك محض ظلم
نعم في العقيدة القلبية لا يوجد إلا طريقان طريق للجنة وطريق للنار لا ثالث بينهما ولا منزلة بين المنزلتين
أما في العمل فدرجات تتفاوت
وآفة بعض متطرفي العلمانية، كما بعض المتدينين الذين يرفضون الديمقراطية، أنهم يجعلون الديمقراطية دينا وما كان لها أن تكون
أعتذر لخشونتي أخي العاقل، فوالله ما هي العصبية لسيد قطب رحمه الله مع أنه يستحق أن يذب عنه، ولكنها الحمية لأصول الاعتقاد التي لا أعلم فيها خلافا بين السنة والشيعة، ولأجل مقارنتك الظالمة تحمست بعض الحماس وها أنا أعتذر إليك لتقبلني بعجري وبجري
واسلموا لود واحترام(f)