الزملاء الاعزاء
تحية للجميع
اقدر مداخلات كل الزملاء واعتذر اننى اتناول الجانب المصرى فقط من الأزمة لمسيحيى الشرق الاوسط والتى لا اشك للحظة أنها أزمة مفتعلة أكثر منها ازمة حقيقية وأثق أن ما يتعرض له مسيحيى الشرق الاوسط هو ما يتعرض له كل مواطنى الوطن العربى ... فالمقابل لمسيحيى الشرق الاوسط هو إسلاميى الشرق الاوسط وهذا لا يجوز ... فما يجوز هو أننا عرب وهذا ما ينبغى ان نسعى له ونعمل عليه.
وقد اشار الاستاذ العلمانى للطبقة البرجوازية وهى اشارة فى محلها للدلالة على الهجرة الحقيقية التى تعرضت لها مصر حيث كانت الثورة تنتهج اسلوب محاربة الرجعيين (طبقة النبلاء والاثرياء) وتحارب الطبقة البرجوازية وأمعنت فى هذا الاتجاه لنصرة الطبقات الفقيرة نصرا نفسيا واجتماعيا لم يكن مبررا فى معظمه بل أدى إلى (الإستمراء) وفقدان البوصلة لنمو المجتمع نموا يتوافق مع الاسس العملية والعلمية لنمو الدول والمجتمعات.
وقد نشرت صحيفة الوطن تحقيق صحفى يتعلق بموضوعنا ولكن أعيب عليه أنه يخرج عن موضوعنا الذى يناقش الحالة السورية ... فالموضوع يناقش الازمة القبطية المصرية ولكنه يلقى بظلال حول محاور هامة فى تلك الأزمة وماهيتها.
كلام هام وخطير عند (عن) تعداد الاقباط فى مصر
كيس كورنيليس هولسمان، صحفى هولندى بارز يغطى أخبار مصر، خصوصا الشأن القبطى منذ عام 1976، ويعد فى هولندا أحد المراجع والخبراء الأساسيين فى الشأن المصرى، ويرجعون إليه فى جلسات برلمانهم، ومنه يتعرف قطاع كبير من الرأى العام فى هولندا وأوروبا على ما يجرى فى مصر. فى 9 مايو الماضى، أراد عدد من أعضاء الاتحاد الأوروبى التعرف على أحوال المسيحيين فى عدد من دول المنطقة، فدعوا مواطنين مسيحيين من هذه الدول، واختاروا «هولسمان» -المتزوج من مصرية- للحديث عن مصر.
فى مكتبه الصغير فى حى المعادى، حيث يصدر نشرته المعروفة Arab-West Reportالتقته «الوطن»، وقال إن الأقباط فى مصر يتعرضون للتمييز، لكنهم أبدا «لا يتعرضون للاضطهاد»، وأرجع أسباب تبنى الغرب هذه الفكرة، إلى ظاهرة «الإسلاموفوبيا» التى تدعمها إسرائيل، فضلا عن مبالغات بعض الأقباط الراغبين فى الهجرة، مشيرا إلى أن البابا شنودة الراحل لعب دورا فى تعميق شعور المسيحيين بالاضطهاد، بإصراره على المبالغة فى تعداد المسيحيين. ويؤكد «هولسمان» أن 5 ملايين هو عددهم الفعلى، فيما تبقى كل التقديرات الأخرى – برأيه – مجرد «كلام فارغ».
1) دعاك مؤخرا عدد من أعضاء برلمان الاتحاد الأوروبى للحديث عن أوضاع الأقباط فى مصر، فلماذا أنت وليس أحد الأقباط المصريين؟
- الحقيقة أن عددا من أعضاء البرلمان الأوروبى نظموا محاضرات فى شهر مايو الماضى عن أوضاع المسيحيين فى لبنان والأردن وسوريا ومصر. ومثل البلدان الثلاثة الأولى مواطنون مسيحيون منهم، وكنت أنا من مثل مصر، لأننى أغطى الشأن المصرى منذ عام 1976، وزوجتى مصرية، وحققت فى مئات التقارير عن انتهاكات حقوق الإنسان خصوصا فى الشأن القبطى.
2) وما أهم ما قلته فى هذه المحاضرة؟
- قلت إن الأقباط فى مصر يعانون - مثل الجميع- فى مصر، ليس لكونهم أقباطا، ولكن لأن الحياة فى مصر صعبة. صحيح أن متاعب المسيحيين أكثر من المسلمين، وأحيانا يعانون من التمييز ضدهم من جانب بعض الأشخاص أو فى بعض المواقع، لكن هذا لا يعنى تعرضهم للاضطهاد؛ لأن الاضطهاد يعنى سياسة ممنهجة لسلب الحقوق، وهذا غير وارد فى بلد تعترف فيه الدولة بالمسيحية كدين رسمى. ولم تشهد مصر فى تاريخها الحديث -بداية من عهد محمد على- توترات طائفية كبيرة إلا فى السبعينات فى عهد الرئيس السادات، ودائما ما يحب الجيل القديم من المسيحيين والمسلمين ذكر الأيام الخوالى عندما كانت المحبة تجمعهم والتوترات الدينية أقل انتشارا.
3) لكن الأقباط كثيرا ما يشكون علنا وسرا من قيود تفرض على بناء الكنائس وتولى الوظائف العامة؟
- مصر ليست بلدا مثاليا فى الحريات الدينية، لكن ما أصر عليه أنه لا يوجد اضطهاد، وكثير من التقارير الداخلية والخارجية عن متاعب المسيحيين مغلوطة أو مغرضة. فى مصر يمكن للمسيحيين أن يمارسوا شعائر دينهم كما يشاؤون، بل إنهم كانوا يتمتعون بحرية أكبر من المسلمين فى أداء شعائرهم قبل «ثورة يناير»؛ لأنه كان مسموحا للكنائس أن تظل مفتوحة طيلة اليوم فى حين أن معظم المساجد كانت تُفتح فقط فى أوقات الصلاة. وقضية بناء الكنائس موضوع أثير للمبالغة لدى بعض منظمات حقوق الإنسان التى تكتب باستفاضة عند حدوث مشكلة بخصوص بناء كنيسة، لكنها تتجاهل الأمر حين يجرى بناء الكنائس دون تصريح، وبنيت عشرات الكنائس -أو على الأقل وُسعت- بعد الثورة فى ظل غياب الدولة، دون تصريح، الأمر الذى ينطبق أيضا على المساجد.
4) ماذا عن حرمان الأقباط من تولى الوظائف العامة؟
لا يشغل الأقباط وظائف أمنية عليا، هذا صحيح، لكن هناك وزراء مسيحيين، ولواءات فى الجيش والشرطة، وفى غير ذلك من مواقع السلطة فى البلد. وإذا عرفنا العدد الحقيقى للمسيحيين فى مصر سيكون حكمنا على المسائل أكثر دقة ؛ فحسب إحصاءات الحكومة المصرية فى 2006، فإن عدد المسيحيين يتراوح بين 5 - 6% من تعداد المصريين أى أقل من 5 ملايين، والإحصاء الحكومى ينسجم مع بحث أجراه الدكتور فيليب فارج، عالم الديموجرافيا الفرنسى، وكانت نتيجته أن نسبة المسيحيين بين 5 – 7% من عدد السكان.
5) لكن اللواء أبوبكر الجندى، رئيس الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، قال إن آخر إحصاء للأقباط فى مصر كان 1986، وبلغت نسبتهم 5٫7%، ثم توقف إحصاؤهم؟
- ليس صحيحا أن الحكومة توقفت عن إحصائهم؛ هى توقفت عن النشر فقط. والإحصاء السكانى الذى أجراه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء فى 2006 - ولم تنشره الحكومة - موجود فى مؤسسة PEW الأمريكية الشهيرة، وأتاحته مؤخرا على موقعها. وكان تعداد السكان فى مصر يجرى بطريقتين؛ الأولى عن طريق الإحصاء الذى يجريه الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، والثانية عن طريق وزارة الداخلية وبيانات الرقم القومى وشهادات الميلاد، ولا يعرف أحد خارج مقار وزارة الداخلية شيئا عنه.
6) لكن 5 ملايين رقم متواضع جدا مع أرقام متباينة تنشرها شخصيات وجهات كنسية وغير كنسية داخل وخارج مصر؟
- هذا صحيح، لكن لا أحد من هؤلاء يخبرنا بمصدر تقديراته، البابا شنودة نفسه قال فى حوار له سنة 2008 على قناة مسيحية، إن الأقباط يمثلون 15% من المصريين، وبعد عدة أشهر لاحقة صرح الأنبا بيشوى أن الكنيسة لا تملك أى إحصاء بأعداد المسيحيين فى مصر، فكيف جاء البابا شنودة بتقديراته؟ وهناك تقارير أخرى لمنظمات حقوقية تدعى أن تعداد الأقباط يتراوح بين 10 و20% وكلها «تقديرات وهمية وكلام فارغ لا يستند لأى دليل»، وتهدف لإثبات أن المسيحيين يتعرضون للظلم، وأن أحد أشكال هذا الظلم تظهر فى «تمثيلهم بما لا يتناسب مع عددهم الفعلى فى المناصب العليا». ربما يكون الإحصاء الحكومى غير دقيق؛ لأن هناك نسبة خطأ فى أى إحصاء، لكن الخطأ لا يعنى أن يصل الفرق من 5 إلى 10 أو 15 مليونا. فى يناير الماضى زعم ثروت باسيلى، رجل الأعمال المصرى، فى حواره مع الأهرام، أن «عدد الأقباط يبلغ 18 مليونا، وعلى من لا يصدقنى أن يثبت خطأ كلامى». وقال أحد الصحفيين فى أكتوبر الماضى إن عدد الأقباط 20 مليونا، على مسئولية مصدر فى مصلحة السجل المدنى، من واقع بطاقات الرقم القومى، لكننى عند التقصى لم أستطع أبدا الوصول لهذا المصدر. المسألة لا تتوقف على تعداد الأقباط، فزعم نجيب جبرائيل - المحامى- أن 100 ألف مسيحى غادروا مصر فى الفترة بين مارس وسبتمبر 2011، واستنادا إلى معلومات أتاحتها لى مصادر متعددة، أستطيع أن أؤكد أن نجيب جبرائيل اختلق هذا العدد. نعم، هاجر مسيحيون من البلاد - بطبيعة الحال- لكن إطلاق عدد مثل 100 ألف، كان مبالغة كبيرة، وبلا سند حقيقى.
7) لنفرض أن «باسيلى» له مصلحة فى المبالغة، فما مصلحة الصحفيين؟
- بعض الصحفيين يفضلون الإثارة على الحقيقة، ويجب أن يقول صاحب هذا الرقم وغيره ما مصدر معلوماته، «باسيلى» مثلا تبنى منطقا غريبا، فهو يدعو من يتشكك فى تقديراته أن يثبت خطأها، وأنا أقول له إن على كوكب بلوتو أطنان من الألماس ومن لا يصدقنى فليذهب ويـتأكد.
8) إذا كان الأقباط فى مصر لا يعانون من الاضطهاد كما تقول، فلماذا تتبنى جهات كثيرة هذا الطرح داخل مصر وخارجها؟
- هناك 5 أسباب رئيسية لذلك؛ أولها: مبالغة بعض الأقباط فى الداخل فى الحديث عن تعرضهم للاضطهاد لرغبتهم فى الهجرة للغرب. وثانيها: الحصول على المال؛ فبعض جمعيات حقوق الإنسان والنشطاء المسيحيين فى الخارج يبالغون فى قصص الاضطهاد بهدف جمع تبرعات من الخارج، وغالبا ما تكلل حملاتهم بالنجاح بعد أى حدث طائفى، وفى الغالب أيضا تجمع هذه التبرعات، وحدث هذا مثلا بعد أحداث «أبوفانا»، أيضا هناك بعض التيارات الإسلامية تفعل ذلك؛ وحضر أحد الشيوخ المصريين لمسجد سلفى فى هولندا مؤخرا بهدف جمع تبرعات لمشروعات خيرية. أما ثالث الأسباب فيتعلق بظاهرة «الإسلاموفوبيا» -الخوف من الإسلام- التى تغذيها إسرائيل والجمعيات المناصرة لها فى كل مكان.
9) وما مصلحة إسرائيل فى الدفاع عن الأقباط؟
- إسرائيل غير معنية بالدفاع عن الأقباط، هى معنية بتخويف العالم من الإسلام، وأحد وسائلها تضخيم ما يتعرض له الأقباط من متاعب. وليس من قبيل المصادفة أن تكون المواقع أو الصحف الأكثر هجوما على الإسلام وتعرضا لقضايا اضطهاد الأقباط مرتبطة بإسرائيل مثل موقع «Jihad Watch»، الذى تموله تبرعات أصحاب التوجهات اليمينية المتشددة فى أمريكا. وفى إسرائيل جماعات لديها مشاعر شديدة العداء للإسلام؛ خصوصا فى أوساط الليكود وما يعرف بـ«حركات المستوطنين» المختلفة ومنها حركة «جوشى أمونيم»، هؤلاء يفسرون الصراع العربى الفلسطينى على أنه صراع بين الإسلام واليهودية، ويعنى أن أى شىء إسلامى هو معادٍ لليهودية، ويروجون لمزاعمهم فى الغرب للحصول على مزيد من الدعم ضد الفلسطينيين والعرب.
10) وماذا عن الأسباب الأخرى التى تقف وراء شيوع فكرة اضطهاد الأقباط فى مصر؟
- هناك التقارير الصحفية المغلوطة. وكان عنوان محاضرتى فى البرلمان الأوروبى «أضرار تقديم تقارير مغلوطة عن المسيحيين فى مصر»، وللتقارير المغلوطة أسباب كثيرة بعضها مهنى، والصحفيون غالبا ما يجرون مقابلاتهم فى أعقاب وقوع أحداث طائفية مأساوية وتكون المشاعر ملتهبة والتعبيرات غير منضبطة وكل طرف يبالغ فى إثبات حجم الظلم الواقع عليه، وقليلون من الصحفيين من يثابرون لأشهر لتقصى الحقيقة فى هدوء. أيضا هناك كثير من الأوروبيين يحصلون على معلوماتهم من كتاب غير منصفين، منهم الدكتور هانس يانسن، المستعرب الهولندى المعروف. «يانسن» هذا لم يذهب إلى مصر منذ أكثر من 15 عاما ويعتمد فى كثير من كتاباته على نصوص إسلامية متطرفة، مثل آراء واعترافات قتلة السادات، ومحمد بويرى الشاب المغربى الأصل الذى قتل المخرج السينمائى الهولندى ثيو فان جوخ فى 2004، والجندى المسلم الأمريكى الذى أطلق النار على زملائه، مدعيا أن هذا هو الإسلام الحقيقى وهذا ليس صحيحا. والسبب الخامس والأخير أن كثيرا ممن يكتب عن أوضاع الأقباط فى مصر غير مدرك للسياق العام للأحداث.
فى تقديرى أن هناك عدة اعتبارات يجب أخذها فى الاعتبار عند دراسة أوضاع الأقباط، منها: أن مصر بلد متدين جدا، يتوقع المسلمون والمسيحيون احترام معتقداتهم الدينية، وغير ذلك يؤدى إلى ردود أفعال عاطفية سلبية للغاية. وتنتشر فى مصر ثقافة الشرف والعار، والحفاظ على شرف الشخص أهم من قول الحقيقة، وبالتالى ارتكبت منظمة «Open Doors» -منظمة مسيحية هولندية- خطأ فادحا عندما وصفت تحول «الفتاة إنجى» إلى الإسلام قبل عدة سنوات، على أنه حادث اختطاف، والحقيقة أن شقيقها ادعى هذا بغرض حماية شرف العائلة، ولكن جاءت روايات الآخرين المحيطين بالأسرة، بما فى ذلك اعترافات والدها والمحامى، مختلفة. أعرف جيدا أن ما تعرضت له أسرة «إنجى» أمر مؤلم، لكن لا يجعل إسلامها اختطافا.
وتعد الفجوة بين الأغنياء والفقراء كبيرة بصورة مخجلة؛ فنظام مبارك كان قائما على أساس اضطهاد الأغنياء للفقراء مسلمين ومسيحيين. ومن خلال تجربتى، فإن بعض المسيحيين يعرض كثيرا من المظالم التى يتعرض لها باعتبارها دليلا على وجود اضطهاد، بينما هى فى الحقيقة دليل اضطهاد لكل المصريين «الغلابة» سواء كانوا مسلمين أو مسيحيين، ذات يوم جاءنى موظف مسيحى بسيط يشكو من تجاهل مكتب الرئاسة -أيام مبارك- لطلب تقدم به لسفر ابنته للعلاج فى الخارج، فقلت له: «هل تعتقد أن أى زميل آخر لك من المسلمين كان سيلقى الاهتمام الذى حرمت منه؟ وهل تعتقد لو أن أحد أفراد عائلة بطرس غالى -وزير المالية وقتها- هو من تقدم بالطلب كان يمكن تجاهله؟»، ما أقصده هو أن نظام مبارك -خصوصا فى سنواته الأخيرة- كرس نفسه لاضطهاد الأغنياء والقادرين للفقراء والمهمشين، ولا علاقة لذلك بالدين، مع تسليمى أن بعض الأقباط يعانون أكثر لكونهم فقراء ومسيحيين.
وتعانى مصر من زيادة سكانية تعيش على مساحة صغيرة جدا، ما يؤدى إلى ما يمكن تسميته بـ«نموذج وعاء الضغط»؛ فعندما يتم وضع الكثير من الناس معا فى منطقة محدودة جدا وفى ظروف سيئة، تزداد التوترات والنزاعات، خصوصا أن 80% من المصريين يعانون اقتصاديا وهناك نسبة عالية من الأمية وأنصاف المتعلمين.
11) ما أكثر الأسباب المباشرة التى تؤدى بشكل متكرر لاشتعال العنف بين المسلمين والمسيحيين؟
- المسلمون والمسيحيون فى مصر يتصارعون على الأرض والمبانى والنساء. وتنفجر الأوضاع عادة لسببين لا ثالث لهما: تحول أحد أتباع الديانتين للديانة الأخرى، ويدخل تحت هذا العامل العلاقات العاطفية بين أتباع الديانتين. والثانى بناء الكنائس. وهناك أسباب أخرى غير مباشرة، منها غياب الحكومة وتركها للأزمات تتفاقم حتى تصل إلى الانفجار؛ فمثلا أحداث «أبوفانا» فى المنيا فى 2008، اندلعت بسبب خلاف على ملكية أرض غير مسجلة، كل طرف يدعى ملكيتها، ولو كانت الحكومة حسمت المسألة وسجلت الأراضى ونظمت ملكيتها ما كان هناك مجال للصدام، قس على ذلك حوادث كثيرة.
12) ماذا كان موقف الكنيسة الأرثوذكسية من قضايا الاضطهاد وتعداد الأقباط؛ خصوصا تحت قيادة البابا شنودة؟
- البابا شنودة كان رجلا سياسيا ماهرا ويعرف عواقب وتبعات كلماته، وكان متمرسا على إجابة أسئلة الصحفيين؛ فإجاباته تحمل معانٍ كثيرة، وأستطيع القول إن البابا شنودة كان «ذا وجهين» فهو يقول كلاما طيبا مثل «مصر وطن يعيش فينا»، وفى نفس الوقت يلعب دورا فى تعميق شعور المسيحيين بالاضطهاد بإصراره على أن أعداد المسيحيين أكبر بكثير من عددهم الفعلى. وأجرينا بحثا عن تطور المبالغة فى تقديرات أعداد الأقباط ووجدناها بدأت فى أواخر الخمسينات وزاد فى الستينات ووصلت لذروتها فى السبعينات أى الفترة التى شهدت الصراع بين السادات والبابا شنودة.
13) خلال متابعتك للكنيسة القبطية، هل يمكن توقع البابا القادم؟
- لا أستطيع، لكن أبرز الأسماء المطروحة هى «الأنبا موسى» و«الأنبا بيشوى»، مع إدراكى أن هناك معارضة أكبر ضد الأخير.
14) من منهما -فى حالة فوزه- قادر على تحقيق انسجام أكبر بين الأقباط والمسلمين من ناحية، وبين الطوائف المسيحية من ناحية أخرى؟
- «الأنبا موسى» بالطبع؛ فهو أكثر حرصا على لم الشمل وأقل حدة من «الأنبا بيشوى» و«البابا شنودة» نفسه فى التعامل مع الآخرين، ويحرص على إخفاء الخلافات الطائفية بين المذاهب المسيحية المختلفة، أما «بيشوى» فهو «طائفى إلى حد كبير»، وأقصد بـ«طائفى» أنه يصرح بأن الأرثوذكسية هى «الإيمان الوحيد الصحيح». ولا تنسى أن موقفه مع الأب «متى المسكين» ومعارضته لآرائه دون تقديم مبرر مقبول أكسبه كثيرا من العداوات. وعلى الرغم من ذلك، فإننى أعتقد أن «بيشوى» تعرض لبعض الظلم نتيجة عدم دقة الإعلام فى نقل آرائه.
الوطن