الأخ الكريم عاشق الكلمة .
أنت رجل وطني فلا تحكم على الآخرين بمشاعرك الوطنية ، هناك بالفعل خونة و هناك جهلة و هناك مدعون ، هؤلاء يساقون إلى ماهو أبشع من الخيانة فهم كما اقتبست مرة من جوته في مسرحية فاوست
" تظن أنك تشق طريقك ،و الحقيقة ..هي أنك أنت الذي يتم دفعه .." ميفيستوفيليس – فاوست" . حسنا دعنا نجري تقدير موقف و ننظر للأمور من وجهة نظر الجانب الآخر .
1- هل هناك قوى عالمية أو إقليمية تريد تدمير مصر ، ومن هي ؟.
2- ماذا يمكن أن تفعله تلك القوى لتحقيق أهدافها ؟.
أولا : القوى العالمية و المحلية .
1- القوى المؤثرة على المنطقة خاصة في الشأن المصري هي الولايات المتحدة و إسرائيل وهما مركب واحد ، فسياسة أمريكا في المنطقة لها هدفان محددان هما تأمين تدفق البترول ، و الأهم أمن و مصلحة إسرائيل ليس فقط كما تراها المؤسسات الأمريكية بل كما تراها الحكومة الإسرائيلية أي حكومة يرأسها " نتنياهو" وهو مجرد متعصب و كاذب – كما أطلق عليه يهودي آخر هو ساركوزي – و يقود سياستها الخارجية متطرف إرهابي مثل " أفيجدور ليبرمان " تحدث سابقآ و في ظل إتفاقية السلام عن تدمير السد العالي و إغراق مصر !.
2- إذا إسرائيل هي التي تتحكم في سياسة أمريكا حيال مصر ، وهي سياسة قائمة على العداء و الكراهية تجاه العرب و مصر وسوريا خاصة ، فهما فقط من قاتل إسرائيل بجدية و ألحق بها خسائر يعتد بها ، و إسرائيل لا تنسى ثأرها ولو بعد 1000 عام ، و يمكن ببساطة أن نراجع مصير كل من قاتل إسرائيل في حرب أكتوبر أو أعان ضدها .. إغتيال فيصل و السادات ، إعدام صدام حسين ، تدمير و تفكيك الجيش العراقي ، وضع ليبيا تحت وصاية الناتو ، محاولة اشعال حرب أهلية في سوريا و توريط الجيش العربي السوري ، والجائزة الكبرى كما أعلن " جورج دابليو بوش " هي سقوط مصر و جيشها ،وهذا ما يجري الآن تحت سمعنا و بصرنا و بدعم السفهاء منا .
3- كي نفهم سياسة إسرائيل علينا أن نفكر بهدوء و عمق ، و هنا أستحضر أن اللواء عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات الحربية الإسرائيلية «أمان»، ذكر خلال مراسم تسليم مهامه للجنرال «أفيف كوخافى» أن: «مصر هى الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلى، وأن العمل فى مصر تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام ١٩٧٩، وأضاف اللواء يادلين «لقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية فى أكثر من موقع، ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً، ومنقسمة إلى أكثر من شطر فى سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، لكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك فى معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى فى مصر».
4- أمريكا و إسرائيل تبقيان كل شيء ساكنا في مصر طالما كان هناك رأس لمصر يسيطر عليها و يتوافق مع سياستها مثل حسني مبارك ، و لكنها لن تقبل أن تعود مصر القومية أو أن تكون هناك دولة إسلامية قوية ، بل لن تقبل حتى رجل مثل البرادعي متوافق و لكنه ضعيف . هنا تبدأ آليات الإضعاف و الإفقار .
5- المؤسسة العسكرية المصرية هي العدو الأول لإسرائيل ، حتى مع إحتفاظ مصر بحالة السلام يبقى الجيش المصري مصدر خطر كبير لإسرائيل ، فهذه المؤسسة ليست فقط الأداة العسكرية لمصر و العرب بل هي أيضا مستودع الوطنية و القيم القومية و الإسلامية . هذه المقولة ليست تقديرية و لكني واثق من ذلك خلال خيرة طويلة في اتصالات عمل مع أجانب داخل و خارج مصر . هناك حرب دائمة ضد الجيش المصري حتى داخل الدول العربية المتأثرة بالنفوذ الأجنبي ، فالضابط المصري رغم كفائته آخر من يعين و أول من يطرد في الجيوش العربية الخليجية .ولن أطيل في هذه النقطة ، فقط أؤكد أنه بمجرد أن تبدي أي تعاطف مع الجيش المصري سينظر إليك بكراهية في أي مؤسسة غربية خاصة التي يملكها و يسيطر عليها يهود .
ثانيآ : العدائيات المحتملة .
دعنا نجرب أن نقف في الجانب الآخر لنرى ماذا سيفعل ، بالطبع علينا أن نفكر كما تفكر الأجهزة الإسرائيلية و الأمريكية ( نطلق عليهما معآ المعادي ) و ليس كما نفكر نحن ،وهنا تحديدا وجه الصعوبة .. لم لا نحاول ؟.
1- لن يفكر المعادي في إعطاء دعاية مجانية لمصر و بالتالي سيحاول أن تبدوا العلاقات مع مصر طبيعية و ودية و لم تتغير !.
2- لن يلجأ المعادي إلى استخدام القوة المباشرة و لن يهدد بها ، فمن الأفضل أن يسود الهدوء لنجاح المخطط .
3- يجب تحديد الهدف بعناية و دقة بالغتين ، هل هو تدمير مصر نهائيا بما يصاحب ذلك من هجرات كبيرة في اتجاه إسرائيل القريبة و ليبيا التي أصبحت محمية غربية ، مما يؤثر على أمنهما و سلامتهما . إذا لم يكن هذا هو الهدف فماهو حجم التدمير المطلوب ؟. غالبا سيكون مبتكرآ .. نوع مابين الصوملة و الأفغنة ، المهم ألا تفيق مصر أبدآ من المشاكل و المحن على ألا تصل لحد التدمير الكامل .
4- الأدوات . لدى المعادي أدوات متاحة بالفعل أو ممكنة potential .
أ- أهم أدوات المعادي هي الفوضى الضاربة في الشارع المصري ، هذه نقطة غاية في الدقة و تحتاج تركيز .
(1) الإنتفاضة المصرية اشعلها مجموعة من الشباب الليبرالي الوطني المتحمس ، و لكنها اكتسبت زخمها من انضمام موجات متتالية من الإسلاميين ثم العشوائيين .
(2) لاقت الإنتفاضة دعمآ شعبيا واسعا ،وهذا أدى مع عزوف السلطة عن الإستخدام البالغ للقوة إلى نجاح الإنتفاضة و سقوط نظام مبارك .
(3) قامت القوات المسلحة المصرية بحماية الإنتفاضة و دعمها .
(4) لم ينته الموقف هذه النهاية السعيدة . فبينما عاد " أولاد الناس " إلى أعمالهم أو جامعاتهم ،و اتجه الإسلاميون إلى تشكيل الأحزاب و العمل السياسي ، ظل العشوائيون في الميدان و انضم إليهم تجار المخدرات و الصيع و البطجية ورواد التبول على مؤسسات الدولة ..
(5) في هذه الأجواء الملتيسة و في غياب أي قيادة مركزية تدخلت قوى عديدة لركوب الحركة ، وهكذا وجد الغرب و أمريكا تحديدآ مقعدآ مريحآ على قمة الحركة ، هذا المقعد اشترته أمريكا و غيرها بالمال ، فمع غياب أو تغييب أفضل عناصر الإنتفاضة وجدنا "أشكالا" ما أنزل الله بها من سلطان كل يدعي أنه هو الثورة ، وهكذا عمت الفوضى مصر ،و تحولت الإنتفاضة الثورية النقية إلى حركة فوضوية موجهة . هذه الفوضى ليست خلاقة بل مدمرة ، و هكذا وجدنا الإقتصاد ينهار و السياحة تتوقف و الشركات تغلق و الإعتصامات و الإضرابات و المليونيات تستهلك اقتصاد مصر الضعيف ، ووجدنا أنفسنا بجهود أبنائنا من " بني عشواء" على وشك الإفلاس !.
ب- الوضع الإقتصادي السيء و الذي هو في أساسه نتيجة البند السابق ، فمع إفلاس مصر و ظهور بوادر للمجاعة سيفر الجنود بسلاحهم إلى قراهم لتوفير القوت لعائلاتهم ، و بذلك تنهار القوات المسلحة بأكملها ، وفي هذا تكرار لسيناريو الأمن المركزي الذي ثبت نجاحه ،و إن كان الفرار لسبب مختلف ، هكذا يحقق المعادي هدفه الأساسي في تدمير القوات المسلحة بدون إطلاق طلقة واحدة .
ت- المشكلة الطائفية في مصر ، هذه المشكلة متفجرة بالفعل ، و أيضا لم تعد مشكلة داخلية فهناك عديدون في المطبخ الآن ؛ الكنيسة و أقباط المهجر و اللوبي اليهودي و منظمات دولية مثل حقوق الإنسان و حرية الأديان و ... الخ .و بالتالي فيمكن في أي وقت أن يضغط أي من الأطراف القوية " بيت أجهيون " في القدس أو واشنطن على " زر" الفتنة فتنطلق التظاهرات الدموية في ماسبيرو أو المقطم أو أي مكان آخر في مصر .
ث- الأصولية و وصول الإسلاميين إلى الحكم مما يخلق مناخآ دوليا و إقليميا معادي ،و بهذا ستكون مصر منفردة في مواجهة قوى عاتية لا تستطيع دفعها ، و سيكون منطق هؤلاء المعاديين قويآ بالفعل ، فلا أحد يريد نظامآ إسلاميا جديدا .
هذا هو ما يواجه مصر وقواتها المسلحة ، لا يمكن أن نترك الثقل كله على عاتق أبنائنا في القوات المسلحة ، بل علينا ان نشمر عن سواعدنا و ان نكون جديرين بمصر .
يبقى أني ممن لا يرون قيمة لخائن مهما تعددت مميزاته ، فمن يحرض ضد مصر وقواتها المسلحة هو ببساطة خائن سواء كان مسلمآ أو مسيحيا ، البعض مجرد عيال لا يمكن حتى وصفهم بالخيانة بل بالتفاهة ،و لكن آخرون خونة يخونون بلادهم مقابل المال أو الوعود بهجرة مريحية أو ... ،و كلهم خونة انذال .