انـا العاشق - محمد جودة

رسَمْتِكْ فِي عُيُون النَاسْ
قَصِيدة عِشْق مِن قَلْبِي بَغَنِّيهَا
رَسَمْت عيُونِك الحِلْوِينْ
قَمَرْهَا اللّي بيِضْوِي فِي لَيَالِيهَا
وحَبّيتكْ
وحَبّبْت الجَمِيعْ فِيكِي
وغَنّيتَك
لحَد مَا حِفْظِتْ العَصَافِير أغَانِيكِي
وصَوّرْتِك
و وَزّعْت الصِوَر عـَ القَمْح فِـ الغِيطَانْ
و وَصّيتْ السَنَابِلْ تِعْشَقْ الأوْطَانْ
و خَلّيتْ نَاسْ
بِتِضْحَكْ لمّا بِتشُوفْنِي
و تِتّرْيَقْ عَلي جنَانِي
بَقِتْ دِلوَقْتي عَارْفَاني
وعِشْقُوا لمّا عِرْفُوا إن عِشْقِي لِيكِي
شِئ تَاني

أنـَا اللّي العِشْق خَلاّني
سِكِنْت سجُونِك الضَلْمَة
و سِكِن اللِيل فى عِنْوَاني
و كُنْت أصْبُر عَلي سِجْني وسَجّاني
مَا دُمْتِي بتِيجِي عِزّ الليل توَاسِيني
أقُولْ عَاشْقِكْ
تقُولي إن إنتِي عَاشقَاني
تخَلّيني
أقُوم آخُد حِيطَانْ السِجْن بالأحْضَانْ
تخلّيني
أبُوسْ قِيدِي
وأعْشَقْ قَسْوِة القُضْبَانْ
تخَلّيني
أحِسْ بإِن أنـَا عَصْفُورْ
وطَايِرْ في سَمَاوَاتِكْ
و أنـَا اللّي سَاجِنْ السَجَّانْ
و أنـَا اللّي بَعَذِّبْ الكُرْبـَاجْ
و أنـَا اللّي بـألِّمْ الأشوَاكْ
و أنـَا السّاكِنْ فِـ زِنْزَانِتْهُم الضَلْمَة
لَكنِّي بَنَوَّرْ الدُنْيَا مِن الشِبَّاكْ

أنـَا عـَـاشِقْ
وطِيفِكْ لمّا بِيْجِيني
وأنّا بَحلَمْ
بَشُوفِك فُـوقْ جَبَل عَالي
و زَيْ النِجْمَة بِتْلالي
وأقُول أطْلَعْ
يقُول عَقْلِي مَتِقْدَرْشِي
وأنـَا بَمْشِي
مَادِام القَلْب قَال تِقْدَرْ
ولا أفَكّرْ
و أشُق الصَّخْر بإيدَيـَّا
وأسْمُو ، زَيْ مَا حُبِّكْ سَمَا بِيّا
تِشِدِّيني
ألاقِي إيدَيّا فِـ إيدِيكِي

أنـَا العَاشِقْ
وصُورْتِك قَمَرَة بِتْنَوَّر قَنَادِيلِي
وبِتْجِيلِي
تِنَادِيلِي
وأنـَا قَاعِد فِـ وِسْط العَتْمَة بَتْذَكَّرْ
وبَتْـفَكَّرْ
فِـ تَبْسِيمِة شَفَايفِكْ
لمّا تِتْغَنْدَرْ
وبَتْعَطَّرْ
بِكَفِّي لمّا تِلْمِسْ كَفِّكْ العَنْبَرْ
يـا أوْطَانْ عِشْقـَهَا سُكَّرْ

أنـَا عَاشِقْ
وعُمْرِي فِـ يُومْ مَا هَتْحَّوِّلْ
دَانَا اللّي عِشِقْتِكْ الأوِّلْ
ولِيهْ حَطَّاني فِـ الآخِرْ
وأنـَا اللّي أرْجَعْ وأتـَّاخِرْ
وأنـَا اللّي لمّا أقُولْ عَاشْقِكْ
بِتِتْفَسَّرْ وتِتْأوِّلْ
دَانَا اللّي عِشِقْتِكْ الأوِّلْ

أنـَا اللّي كُنْت فِي أرْضِكْ
غُلاَمْ وَيـَّا النَبِي مُوسَى
خَدُوني الكَهَنَة على فِرْعُونْ
وأنـَا اللّي لِسَّة فِـ اللَفَّة
قَالُولي إزَّاي هَتِتْخَفَّي
هَتِخْدِمْ في بَلاَطْ القَصْر
وأنـَا اللّي كُنْتْ بَتْمَنَّي
أكُونْ في خِدْمِتِكْ يا مَصَرْ
ذَلـُّوني
لحَد مَا بَانْ شُعَاعْ النُورْ
وقَامْ مُوسَى
يِقَلّبْ فِى القُلُوبْ البُورْ
لِقِي قَلْب الحَجَرْ أرْحَمْ
كِتِيرْ مِ الظَالِم المَغْرُورْ
و رَاحْ فِرْعُونْ
غِرِقْ فِـ اليَمّ
و حَطِّيتِكْ فِـ شُرْيـَاني
بَدَالْ الدَمّ
و وَدَّعْتْ النَبي مُوسَى
و حَرَسْتِكْ
لمّا مِنْ كُتْر الأَمَانْ
سَمُّوكِي مَحْرُوسَة
و مِنْ يُومْهَا
وأنـَا وَاقِفْ عَلَى البِيبَانْ
ولاَ إتْقَدَّرْتْ
ولاَ يِلْزَمْنِي فِي حُبِّكْ
آخُدْلِي نِيشَان

أنـَا عـَاوْزِكْ
تبُصِّي بَسْ مِ الشِّبَّاكْ
و تِبْتِسْمِي
وأسْمَعْ فُوقْ شَفَايفِكْ دِي
حُرُوفْ إسْمِي
تقُولِي فِينْكُوا يـَا ولادِي
أقُولْ يـَا مَصَرْ خَدّامِكْ
لَكِنْ ألْقَى الجَبَانْ
يـَا مَصَرْ قُدَّامِكْ
وألاقِينِي وَرَا القُضْبَانْ
أعَانِي يـَا مَصَرْ نِسْيَانِكْ
وأعَانِي قَسْوِة السَجَّانْ

أنـَا عـَايـْزِكْ تثُورْي
عَ اللّي سَرَقْ العِشْق والأحْلاَمْ
وشَرًّبنَا الأَلاَمْ مَوَاوِيلْ
وبَكَّى عَلِينَا نَهْر النِيلْ
وضَيَّعْ جِيلْ
وسَكِّنْ فِي ضَلاَمْ السِجْنْ
كُلْ أصِيلْ
وأنـَا مِ السِجِنْ بَنْدَهْلِكْ
أنـَا نَاسِكْ وأنـَا أهْلِكْ
وأنـَا صَعْبِكْ وأنـَا سَهْلِكْ
وأنـَا نُوبِكْ وأنـَا نَابِكْ
وشَاوْرِي بَسْ يـَا غـَالْيـَة
تِـلاَقِينِي عَلَى بـَابِكِ
وخَلِّي حَدْ يِتْعَدَّى
وأنـَا أوْزِنْ دَمِّي بِتْرَابِكْ

سعدي يوسف

(إلى أحمد فؤاد نجم)
{ الشاعر المشارك في مظاهرات ميدان التحرير}


مصرُ البهيّةُ، أمّـنا، جاءت إلى الساحةْ.
مصرُ البهيّةُ، أشرعتْ للريحِ، طَرحتَها
ودارتْ رايةً، بالفُلّ والبارودِ، فوّاحةْ.
مصرُ البهيّةُ، أُمُّـنا، جاءتْ إلى الساحةْ.

* *
وتكونُ أنتَ
كما عهدتُكَ، يا رفيقَ العُمرِ
محترقَ الخُطى، في ساحة التحريرِ
ما أبهى النضالَ
وأقبحَ الراحةْ!
مصرُ البهيّةُ، أمُّـنا، جاءتْ إلى الساحةْ.

* *
إني أراكَ هناكَ
بالكوفيّةِ الرقطاءِ
والعَـلَـمِ الفلسطيني..
بالحُلْمِ الذي غلغلتَهُ، جيلاً فجيلاً، في منابتِ مصرَ
يا أحمد فؤاد النجم..
ها هي ذي القيامةُ آذَنَتْ:
مصرُ البهيّةُ، أُمُّـنـا، جاءتْ إلى الساحةْ!