كان وئام محمود عماشة في عداد المعتصمين أمام قصر العدل بدمشق ، عند الساعة الواحدة من بعد ظهر الخميس 9 / 3 / 2006 . ولأن وئاماً لم يغادر السجن بعد ، ولم يره أحد في دمشق . ولأن الكثيرين لا يعرفون شيئاً عنه ، ولم يسمعوا باسمه قبل أن يذكره الدكتور برهان غليون في مقالته " وفاء الجولان " المنشورة على
موقعنا الأربعاء 1 / 3 / 2006 لا بد من تقديمه :
إنه مواطننا من أبناء الجولان المحتل ، وأحد الأسرى السوريين في سجون الاحتلال الإسرائيلي . ينفذ حكماً تجاوز سنوات عمره ، وبلغ ربع قرن من الزمان . وهو مثل غيره من أبناء الجولان ومناضليه واقع في ظل إهمالنا وتقصيرنا الفاضحين رسمياً وشعبياً . وهو مثلهم أيضاً ، يعلن قدرته على الحضور حيث يوجد الوطن والوطنية دون تبجح أو ادعاء ، لذلك كان في اعتصام دمشق .
يقول وئام في رسالته المنشورة : " بعد قضاء عشرين عاماً في الأسر أدركنا عمق الصلة والارتباط بين فقداننا لحريتنا داخل الأسر وفقدان المواطن لحريته في الشام وعالمنا العربي "
ويقول بيان اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق في دعوتها للاعتصام المذكور : " أظهرت وقائع المواجهات مع العدو وخاصة هزيمة حزيران 1967 ، بأن هذه الحالة ( حالة الطوارىء ) لم تساعد على الصمود ، إنما كانت من أسباب الهزيمة " .
من هنا كان وئام محمود عماشة والجولان المحتل في اعتصام دمشق .
وهل هي صدفة أن يكتشف المناضلون ضد الاحتلال في الجولان والمناضلون ضد الاستبداد في دمشق أن المعركة واحدة هي معركة الحرية . وأن فقدان الوطن لحريته هو النتيجة الطبيعية لحرمان المواطن من هذه الحرية ، وأنه ليس غير المواطنين الأحرار من يستطيع أن يدافع عن حرية الوطن ويحافظ عليها ؟!
من بين اللافتات التي رفعها المعتصمون ، ومزقتها يد القمع الغاشمة ، واحدة كتب عليها " حرية المواطن ضمانة لاستقلال البلاد ورد العدوان " ، وأخرى تقول " الديمقراطية طريق الشعوب إلى الانتصار " .
ويقول وئام في رسالته المذكورة : " أوطاننا العربية هي سجون تقتل إمكانية تحررنا من هذا العزل عن الوطن الأم . لقد أدركنا بأن أكبر توازن استراتيجي يمكن أن نحققه كدول عربية هو منح المواطن حريته وحقه في ممارسة الديمقراطية " .
فأي سر تكشف عنه هذه اللغة الواحدة في مواجهة السجان والسجون ؟! إذ تفضح الوشائج المرئية وغير المرئية بين زنازين الاحتلال وهراوات الحكم العرفي . وتميط اللثام عن المشترك بين عذابات وئام ورفاقه في سجون الاحتلال ، وبين جراح عدنان أبو عاصي وآلام سمر يزبك ومعاناة شوكت غرز الدين وأيهم بدور في الاعتقال أمام قصر العدل . وتعلن الصورة بوضوح سافر، بأن افتقاد المواطنين لحرياتهم العامة في شوارع دمشق وحلب وحماه وحمص واللاذقية وسائر المدن والقرى السورية أسس لافتقاد أهلنا في الجولان لحريتهم تحت الاحتلال . وأن حرية الكل الاجتماعي ( الشعب السوري ) شرط لاستعادة الجزء المحتل ( الجولان وأهله ) لحريته ودحر الاحتلال .
حضر الجولان إلى دمشق . ووقف وئام محمود عماشة - وبقية الأسرى الشهداء والمحررين والصامدين في زنازين الاحتلال بقاماتهم العالية ومقاومتهم الفذة – بين المعتصمين ، من أجل أن تذهب الحرية إلى مجدل شمس ، وتعيد الجولان وأهله على حضن الوطن .