زيد: نعم. ها هو البلاج. وها هي منضدة وعدة كراسي. تعالوا نجلس حتى يأتينا المسئول بطلبات السيد القس دانيال.
الشيخ: نشكرك صديقي القس دانيال وقبل أن نبدأ في سماع أسلئتك فإنني تذكرت أني نسيت أن أرد على تفسير آية أوردتها أنت. وهي:
قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَءَاتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوهَا وَأَنْتُمْ لَهَا كَارِهُونَ(28)وَيَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مَالًا إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَمَا أَنَا بِطَارِدِ الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ(29)وَيَا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ(30) وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا فِي أَنْفُسِهِمْ إِنِّي إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ(31)قَالُوا يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(32)قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شَاءَ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (33)وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ(34) (هود)
وبالتحيد:
وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُون
اقرأ الأية في سياق الآيات سيدي القس. لقد بذل سيدنا نوح جهدًا جبارًا مبينًا لهم الحق ومفندًا لهم الباطل لدرجة أنهم سئموا فقالوا: يَانُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ. أين عذاب الله الذي توعدتنا به أنت وربك؟! نريد أن نراه إن كنت صادقًا ونشك في ذلك بدليل إصرارنا على الكفر. لقد هداهم الله هداية الدلالة ولبث فيهم نوح 950 سنة يدعو إلى الله. ولا أقول أنه لم يفلح معهم، وإنما أقول انهم لم يفلحوا معه. لم ينتهزوا الفرصة للإيمان بالله الرؤوف الرحيم ويقبلوا على طاعة الله ولا يدبروا. إذن فبعد كل هذا لن ينفعهم توجيه سيدنا نوح فقد احترم الله حريتهم وإصرارهم على الباطل فختم على قلوبهم استغناءً عن عبيده الذين عبدوا غيره وجحدوا نعمه ومنها رسالته ونبيه نوح. ونوح يقول: إن كان الله يريد أن يغويكم، بمعنى أنه لن يهديكم هداية العناية لرفضهم هداية الدلالة. فإن كان الله يريد لكم ذلك فهو ربكم ولا يمكن أن يظلمكم لأنه خالقكم وهو العليم بما قلوبكم وما تؤول إليه عاقبتكم ثم إليه مرجعكم فيحاسبكم على كل هذا وكله مسجل عنده سبحانه ولا يظلم ربك أحدًا.
زيد: إذن نبدأ! تفضل أيها القس الشريف!
القس: الله يأمر بالفسق والفساد؛ والشيطان يأمر بالفحشاء: (الاسراء17: 16), (البقرة2: 268)
الشيخ:
1- وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا(16) (الإسراء)
2- الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(268) (البقرة)
القس: بصراحة أنا متشكك جدًا جدًا في الآية الأولى. أعتقد أن الأمر واضح لكما ويمكن لي أن أظهر بعض تعاطفي هنا مع السيد عماد.
الشيخ: سيدي القس! انظر إلى الآية الثانية! بماذا يأمر الشيطان؟
القس: يَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ. يأمرنا جميعًا بالفحشاء.
الشيخ: إذن فمادة الأمر قد ذكرت هنا. سيدي القس: لقد أمرت السيد زيد فعصاني وأرجو ان تحكم بيني وبينه وإني أثق في حكمك قبل أن أكمل شرحي.
القس: ولكن سيدي أنت لم تذكر بماذا أمرته، وكيف ولماذا عصاك. لابد أن أتبين الأمر لأحكم.
الشيخ: صدقت. إذن أنظر إلى الآية الأولى. واحكم بين الله وبين من عصوا أمره.
القس: ولكن في الآية لم يوضح الله بماذا أمرهم؟!
الشيخ: يعجبني ذكاءك ويبعث الثقة فيَّ في اختيار أصدقائي. بالفعل لم يوضح الله مادة الأمر هنا. ما هي الأوامر والنواهي التي قدمها الله لهم. وبالجملة ما هي الرسالة التي بعثها الحق عز وجل فرفضوها وظلموا وخططوا لقتل من آمن بها؟!
القس: إذن ما هي الرسالة يا شيخ؟
الشيخ: إن القرآن يفسر بعضه بعضًا.
القس: هذه حجة المسلمين للإفلات من السؤال.
زيد: لا. إنكم تتبعون نفس الأسلوب في شرح الكتاب المقدس. فالكتاب التالي هو كتاب في تفسير الكتاب المقدس متبعًا أسلوب "دع الكتاب المقدس يفسر نفسه بنفسه". اقرأ اسم الكتاب والتعليق عليه:
Treasury of Scripture Knowledge:
This classic Bible study help gives you a concordance, chain-reference system, topical Bible, and commentary all in one! Turn to any Bible passage and you'll find chapter synopses, key word cross-references, topical references, parallel passages, and illustrative notes that show how the Bible comments on itself. This really is a treasure
تجد ذلك على الرابط التالي:
http://e-sword.net/commentaries.html
القس: نعم. إذن تفضل يا شيخ.
الشيخ: فلنبحث في آيات القرآن الكريم بحثًا عن مادة أوامر الله تعالى ونستشهد بها هنا. تعالوا نرتل ما يلي:
{قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} (29) سورة الأعراف
{لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} (25) سورة الحديد
{وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (28) سورة الأعراف
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (19) سورة النــور
وهذه الآيات لا تحتاج لشرح احترامًا لتفكيركم وعقولكم. ولأن الله أمر بالقسط فإنه سيحاسبنا بالقسط، بالعدل والفضل:
{وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ } (47) سورة الأنبياء
وبذلك يكون المعنى أن الله امرهم بما أمر من قبلهم وهو أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئًا ويؤمنوا بنبيهم أو الرسول الذي أرسله إليهم.
تعالوا نتذكر الآية مرة أخرى:
وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا(16) (الإسراء)
الشيخ: وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً. لماذا أراد الرب أن يهلك سدوم وعمورة صديقي القس؟
القس: أراد لهم ذلك ليس ظلمًا من الرب ولكن لكثرة ذنوبهم وظلمهم وهرطقتهم.
الشيخ: إذن: إذا أراد الله أن يهلك قرية بسبب ذلك فإنه سبحانه وتعالى لا يظلمهم حتى لو بلغت خطاياهم عنان السماء كسدوم وعمورة دون أن يضع لهم قانونًا يحاسبهم على ضوئه وهو الشريعة والناموس والمنهج. أليس كذلك عزيزي القس؟!
القس: نعم. أوافقك الرأي.
الشيخ: المنهج يتمثل فيما أمر الله به وما نهى عنه. فإذا أراد الله أن يهلك قرية لبلوغ أهلها الحد الأقصى من الفساد والظلم والطغيان، أنزل عليم منهجه على يد رسول منهم، ففسقوا في القرية بأكثر من ذي قبل، هنا يحق العذاب. وذلك لوجود قانون وجريمة. فحق عليها القول فدمرناها تدميرًا:
مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (15)وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا(16)وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ الْقُرُونِ مِنْ بَعْدِ نُوحٍ وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا(17) (الإسراء)
هل هذا ظلم؟!: لا. فكفى بربك يا إنسان بذنوب عباده الذين خلقهم بصيرًا وخبيرًا. فهو العليم متى يمهل ومتى يأخذ. ولا يظلم ربك أحدًا. وما الله بظلام للعبيد.
القس: المنسوخ من الله؛ المنسوخ من الشيطان: (البقرة2: 106) , (الحج22: 52-53)
الشيخ: الآية: ما ننسخ من آية أو ننسها ...... تعرضت لها بالشرح والتبيان والحمد لله.
والآية: ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ..... لا علاقة له بالناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم بالمرة. وأحدثك عن علم لا عن جهل. والناسخ والمنسوخ ليس هو موضوعي. موضوعي يتركز حول: "شخصية إبليس بين الكتاب المقدس والقرآن الكريم" بعد التعديل بناءً على طلب الزميل الفاضل إسحاق.
القس: ولكن الآية الأخيرة تتعلق بأمر له علاقة بنفس العنوان.
الشيخ: وما هو هذا الأمر؟
القس: قصة الغرانيق التي نأخذها على نبيكم؟
الشيخ: معك حق في هذه. سأرد حالًا. إن .......
زيد: ولا إن ولا كان يا سادة. دعونا من هذا اللغط فقد حضر الطعام والشراب. دعونا نستمتع بوجبة دسمة من كرم السيد القس دانيال ثم نعاود الموضوع ولن أستأذن هذه المرة. كفانًا استئذانًا. تفضل سيدي القس ولا تخجل البيت بيتك والطعام طعامك والسيارة سيارتك. تفضلوا.