{myadvertisements[zone_1]}
 
تقييم الموضوع:
  • 0 صوت - 0 بمعدل
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
كيف أكتب القصة القصيرة، إيزابيل الليندي
بسمة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 681
الانضمام: May 2003
مشاركة: #1
كيف أكتب القصة القصيرة، إيزابيل الليندي
ترجمة : د. محمد قصيبات
1/3


[صورة: isabelallende.jpg]

ثمة حبٌ مشتركٌ يجمع الناسَ : حبهم سماع القصص، ولاشك أن أجدادنا الأولين اخترعوا القصصَ منذ أن كانوا يجلسون حول النارِ في ليالي شتاء العصر الحجري القديم.

لقد كانت حياتي مفعمة بالمغامرات. لقد عشتُ ثورات ثلاثا، وعشتُ غزوًا لبلادي من طرفِ الجيوش الأمريكية، ونجيتُ من أربعة زلازل ، ومن انقلابٍ عسكري مات فيه عمي، ولقد ظننتُ أن العنفَ كان يتبعني أينما كنتُ، وعندما قامت حربُ الشرق الأوسط ظننتُ أنني كنتُ مسؤولة عن ذلك، وعندما سافرتُ للاقامة في أمريكا ظننتُ أن سوء الحظ سوف يذهب عني، ولكن ها أنا بعد ثلاثة أعوام من إقامتي أنجو من زلزال ومن إعصار دمر جزءًا من المدينة، ثم عشتُ بعدها حريق “بيركلي” ، وكنتُ ذات يوم في مصرف أقتحمه اللصوص، ترى هل كنتُ أنا المسؤولة عن كل ذلك؟

في نهاية السبعينيات كنتُ أعمل في مدرسة بفنزويلا، وكانت المدرسة للأطفال المشاغبين. ذات يوم غاب أحد المدرسين فكان عليّ الذهاب مكانه، لقد وجدتني في غرفةٍ يحيط بي خمسة عشر قزمًا غير مروضين، يجرون وينطون في كل مكان، ويلقون بالكراسي على بعضهم البعض، وكنتُ أصرخ في وجوههم في محاولةٍ يائسةٍ لكي يتوقفوا، ولم يبق لي بعدها إلا أن أغمض عيني وأصلي… وبقيتُ على حالتي هذه حتى فتح شخص ما البابَ ودخلت امرأةٌ سوداء كانت تعمل كخادمةٍ في المدرسة وكان في يديها مكنسة وإناء، وفهمت المرأةُ موقفي من أول وهلة فشرعت في الحديثِ بهدوء وصوتٍ رتيبٍ ودون حاجة للصراخ.
قالت المرأة:
“كان يا ما كان في قديم الزمان…” فساد الهدوءُ المكانَ بسرعة غريبة، ثم كررت المرأةُ هذه الكلمات السبع فجلس الأطفالُ ينصتون وكأن المرأة ملكت آذانهم ثم واصلت الحديث وروت قصة. في ذلك اليوم أردتُ أن يكون لي مثل تلك القوة، فقررتُ أن أكون راوية قصص، أو على الأصح قبلتُ فكرة أن أكون راوية حيث أني كنتُ أروي القصص منذ أن كنتُ طفلة ولكني لم أعرف حتى ذلك اليوم أن في رواية القصص فائدة، فلمدة أربعين عامًا كانوا يقولون عني أني كذابة، لقد كان الناسُ يرون في كتابة القصة نوعًا من الكذب ولكن عندما اتخذتُ من ذلك الكذب مهنتي أصبحوا يسمونني “راوية”.

كان يا ما كان في قديم الزمان أميرة تعيش في مملكةٍ بعيدةٍ فجاءها الجنرالُ واستولى على عرشها فهربت إلى مملكةٍ أخرى، وسمعت الأميرة أن الملكَ كان يبحث عن زوجة فذهبت وطرقت أبواب القصر وطلبت أن يراها الملك، وكانت ترتدي ملابس رثة ولما كلمت الحرّاسَِ بلسانٍ فيه سحر أشفقوا عليها وحملوها إلى الملك فاستأذنته في الحديث ولما روت له حكايتها أحس الملكُ بآلامها وجمالها فرأى فيها ملكة لقلبه ولعرشه ولكنه اشترط أمرين اثنين: أن تكون ملكة قلبه من دم الملوك وأن تكون بكرًا ، ثم فتح الملكُ لها أبواب قصره، وبينما هي نائمة دخل الملكُ عليها ووضع صندوقًا صغيرًا تحت فراشها ثم خرج وأخذ ينظر من كوة في الجدار،ولما كان نوم الأميرة في تلك الليلة عسيرًا، كانت تتقلب في سريرها فأحست بالصندوق الصغير تحت ظهرها فأزاحت بالفراش ووجدت الصندوقَ ففتحته ووجدت فيه شيئًا ممددًا لما لم تعرف ما هو تأكد الملكُ من براءتها وحسن خلقها فدخل عليها وسجد إلى قدميها وطلب منها الزواجَ فرفضت بشدة وصاحت: كيف لي أن أتزوج من رجلٍ حقيرٍ ينظر خلسة إلى امرأةٍ من وراء جدار؟

لاشك أنكم تريدون معرفة ما حدث بعدها ، هل تريدون معرفة نهايةِ الحكاية؟ ولكن الحياة قصة لا تنتهي، ترى هل عادت تلك الأميرة إلى قصرها؟ هل تحول الملكُ إلى ضفدعة؟ تلك هي الأسئلة التي يطرحها الإنسان العادي، أما الناقد فسوف يتساءل بالطبع عما تقصده الراوية ، إلى ما يرمز السرير؟ وهل الكاتبة متأثرة بغارثيا ماركيث؟ وهذا هو ما أسميه الأدب القصصي. إن القصة تحمل القارئ إلى بعد ٍ آخر من الواقع، فالسرير ليس سريرًا، والضفدعة ليست بضفدعة.

لقد جئت من بلدٍ يكثر فيه رواةُ القصص. في دول العالم الثالث ـ حيث يكثر عدد الأميين ويقل عدد الذين يستطيعون شراءَ الكتب ـ فإن الرواة يروون حكاياتهم في الأسواق، ويلقي الشعراءُ قصائدَهم من على المنابر. إن في ذلك حماية للذاكرة الجماعية ، لكن تلك الثقافة الشفهية بدأت تأخذ سبيلها إلى الزوال بعد تطور وسائل الأعلام الجديدة ولكن مهنة الرواة ومفسري الأحلام لم تختف، لقد تحول الرواة والمفسرون إلى كتاب.

كنتُ أتساءل دائمًا: لماذا يأخذ كُتاب القصة في بلدي مكانة خاصة، ففي أوروبا وأمريكا الكاتبُ هو مجرد كاتب مهما صادفه النجاح ولكن في أمريكا اللاتينية يمكنك أن تصبح رئيسًا للجمهورية لو كنت كاتبًا جيدًا؛ إن صوتك مسموعٌ في كل مكان، ولسوف يستشيرونك في كلّ الأمور… هذا بالطبع لو كنتَ رجلا ً ، أما المرأة فهي خلق آخر!

دعني أحاول الإجابة على هذا السؤال..

منذ خمسة قرون، عندما وصل الأسبان والبرتغاليون إلى القارةِ حدث تصادمٌ بين حضارتين : المملكة المسيحية من جهة والثيوقراطية الهندية من جهة أخرى. لقد قام الرجالُ الذين جاءوا بعد كريستوف كولومبس بأكبر مذابح عرفها التاريخ، لقد مات الملايين في الأسر بعد أن دُمرت مدنهم، ثم جاء ملايين الآخرين من بلدان كثيرةٍ من العالم هاربين من فقرهم وحكامهم فأحضروا معهم عاداتهم ولغاتهم، وكذلك ذكرياتهم وآلامهم، ثم أختلط هؤلاء بالسكان الأصليين فأنجبوا أناسًا ذوي قدرٍ مأساوي وخيالٍ لا حدود له. يُسمينا الجميع أمريكيين لاتينيين ولكن مجتمعنا ليس مجتمعًا متناسقًا، وقارتنا حديقة متعددة الأزهار يُصاب الذي يدخلها بالدوار، فعندما يأتي السائح إلى هنا ويشرع في تصوير الناس والشوارع ثم يعود إلى بلده، لا يستطيع هناك أن يميز بين البلدان التي رأى، إنه لا يعرف في أي بلد أخذ تلك الصورة، أتلك فنزويلا؟ الأرجنتين؟ تشيلي؟ ترى في أي بلد أُخذت الصورة؟ إنه لا يجد الإجابة، سيقول فقط في أمريكا اللاتينية، وقد يرجع ذلك لسبب واحد هو أننا في أمريكا الجنوبية احتفظنا بثقافتنا، وفي هذه النقطة نجح الكتابُ والشعراءُ فيما فشل فيه الساسة والحكام، لقد استطاع الكتابُ والشعراءُ أن ينسجوا في مخيلتهم ماضيًا وكان ذلك يظهر في كتاباتهم ـ وبطريقتهم الخاصة ـ فيرون ويكتبون تاريخ أمريكا اللاتينية للعالم ويكتبون عنا لنا.

[صورة: latin_america.jpg]

الموضوع منقول عن مجلة دروب الثقافية
وكذلك الأجزاء القادمة منه
10-19-2007, 09:34 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسمة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 681
الانضمام: May 2003
مشاركة: #2
كيف أكتب القصة القصيرة، إيزابيل الليندي
10-20-2007, 09:14 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
ابن سوريا غير متصل
يا حيف .. أخ ويا حيف
*****

المشاركات: 8,151
الانضمام: Dec 2001
مشاركة: #3
كيف أكتب القصة القصيرة، إيزابيل الليندي
رائع جداً يا بسمة، ألف شكر لك.
وبصراحة لم أحتمل أن تضعي بقية الأجزاء فذهبت للبحث عنها في الأنترنت لقرائتها.

خالص تحياتي وامتناني
(f)
10-20-2007, 09:38 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسمة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 681
الانضمام: May 2003
مشاركة: #4
كيف أكتب القصة القصيرة، إيزابيل الليندي
سعيدة جداً لمرورك
ومتأكدة أن ما كتبته إيزابيل أعجبك، فهذه الملعونة المعجونة بماء الشياطين من أفضل من يكتب الرواية
روايتها باولا، من أروع ما قرأت، في هذه الرواية تتحدث كثيرا عن أسرار كتابة القصة القصيرة والرواية. مدهشة حقا هذه المرأة، ولا أخفيك أنني أحاول البحث عن مقالاتها أو الحوارات التي تجرى معها.
دمت بود(f)
10-20-2007, 09:50 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
تموز المديني غير متصل
عضو جديد دائما
*****

المشاركات: 1,165
الانضمام: Jun 2004
مشاركة: #5
كيف أكتب القصة القصيرة، إيزابيل الليندي
ايزابيل الليندي كاتبة منزل الارواح لها كتاب اسمه "افروديت : وصفات و افروديات اخرى" هذا الكتاب هو عبارة عن كتاب وصفات لاطباق تقليدية اساسية محلية في التشيلي.. لم تحتمل مؤلفته فكرة ان لا تسجل هذه الوصفات التاريخية كي لايمحوها الزمن "...." فجعلت من الطبخ ادبا، اسميته في مقالة كتبتها استعرض فيها الكتاب: ادب المائدة.. مفارقة مع \آداب المائدة / ، حيث استطاعت ايزابيل الليندي بكتابها هذا ان تُدخل نوعا جديدا الى فروع الادب، وهو ادب الطبخ او المائدة، على ان لا ننسى ان هناك ما يسمى بالادب الجنسي وادب الرحلات ادب المذكرات واليوميات.؟.. التي تتطلع الى ادخال الحياة في الادب اذا لم نحب ان نقول ادخال الادب في الحياة ... لتجعل من الجنس والسفر... الخ مدارس ادبية تقارن بالفروع والاختصاصت الاخرى التي تنطعت لها القصة والرواية كالرواية التاريخية وادب الاساطير والادب الديني ....
مع دخول اي فرع او صنف او ظاهرة حياتية وتحولها الى جنس ادبي قائم بحد ذاته تزداد نبالة الادب وضرورته كمعادل معيشي حياتي لا يقل ضرورة و تأثيرا عن اساسيات الحياة والحد الادنى المطلوب لممارسة العيش..

في كتابها افروديت هذا تغوص في باطن الانسان وهنا هذه المرة في باطنه المادي الفعلي او "بطنه" بصريح العبارة، لتأخذنا مع تاريخ الطعام وعلاقته الافرودية، كغريزة اساسية "الجوع"، مع الغريزة "الجنسية" الاكثر من أساسية في مجمل غرائزنا كبني بشر، تأخذنا الى عوالم من السحر والمتعة في تاريخ الطعام عبر امتداد الشعوب من جانب الى علاقتها الحياتية الآنية والدائمة في مبنى الجسد ودوافعه وعوالمه الجنسية و النفسية وغرائزه عامة من جانب آخر ...
هذا كله بالاضافة الى مجموعة من الوصفات المطبخية الابسط والاسهل و بنفس الوقت الالذ والاطيب بين كل ما قمت بطهيه من اطباق، انا المهووس خاصة بفن الطبخ ممارسة وتذوقا ونقدا، وفي وصف وشهادات الكثير من مريدين اطباقي اللذيذة والمتنوعة والشهية...... وخاصة في مجال اعداد المرق الاساسي بانواعه الثلاث ثم اطباق الحساء الاولى والشوربات المتنوعة وعلى رأسها الشوربات البحرية الخاصة والمميزة على طريقة الليندي وامها اللاتينية الاصيلة...
انها بلا شك رائدة النوع ... نوع جديد من الادب اسمه ادب الطعام اوأدب الوصفات المطبخية


الليندي ايزابيل ابنت اخ سيلفادور الليندي رئيس التشيلي السابق المقال والمقتول عبر انقلاب قام به العسكري الفاشي الساقط بحكم التاريخ والانسانية بينوشييه...... تبقى احد اهم شخصيات تشيلي حاليا الى جانب عمها سيلفادور ورائدة من أعمدة الادب اللاتيني _ العالمي بدوره_ لما يعج به من اسماء كتاب كبار وعظام اقل ما يقال فيهم انهم يملكون من الخصوصية التمييز بين واحدهم والآخر ما قد لانلاقاه في اي كاتبين من ثقافتين مختلفتين تماما... هو الاختلاف الذي تتصف به اميركا اللاتينية على حد قول ايزابيل نفسها

للاسف الشديد لم اقرأ لها "باولا" من عديد من رواياتها وكتبها التي استمتتعت جدا بمطالعتها وطبخها ؟

تحية اليها والى رائدة الكتابة الادبية في نادينا المتواضع "بسمة" على هذه اللفتة الجميلة التي لفتت انتباهي اخيرا.. مع الازدحام الشديد للقصة الصغيرة هذه الايام في عالم الادب في النادي
ارجوك منك يا بسمة ان لا تكوني بعيدة عنها


:redrose:
(تم إجراء آخر تعديل على هذه المشاركة: 11-08-2007, 07:59 PM بواسطة تموز المديني.)
11-08-2007, 07:56 PM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}
بسمة غير متصل
عضو متقدم
****

المشاركات: 681
الانضمام: May 2003
مشاركة: #6
كيف أكتب القصة القصيرة، إيزابيل الليندي
تموز المديني
صباح ومساء الخيرات والطيبات.
سعدت جدا بتعليقك، كتابها "أفروديت" سمعت عنه كثيرا، لكني للأسف لم أقرؤه بعد، لكن ما يسعدني حين أسمع وأقرأ عن كتب جميلة، أنني على موعد مع الجمال والفائدة والمتعة.

رواية "باولا" من أجمل ما كتبت إيزابيل الليندي ومن أروع ما قرأت شخصيا، تتحدث إيزابيل عن ابنتها باولا التي ماتت في عز الصبا والجمال والعطاء. كتبتها وهي في المستشفى بجانب ابنتها، الرواية مدهشة، عميقة، متشعّبة، غنية.... مدهشة حقا!

واسمح لي أن أعدّل معلومة بسيطة ذكرتها حضرتك في ردك الغني أعلاه، وهو بخصوص أن إيزابيل أبنة أخ سلفادور الليندي. وهذه ليست صحيحة تماما، وصحيحة. فـ سلفادوي الليندي من أقاربها لوالدها، وليس عمّها اللّزم.

وشكر أخير واستفسار، ألا ترى معي أن لقب رائدة الكتابة الأدبية في النادي، لقب كبير عليّ؟؟ والله هو كذلك، مع ذكر الأسماء الجميلة هنا

دمتَ بود كبير
بسمة
11-09-2007, 10:27 AM
عرض جميع مشاركات هذا العضو إقتباس هذه الرسالة في الرد
{myadvertisements[zone_3]}


المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع الكاتب الردود المشاهدات آخر رد
  رائعة القصة العراقية: سبعة اودية، للتحميل طريف سردست 1 1,427 01-24-2011, 06:58 PM
آخر رد: هاله
  لن أكتب بعد الآن mind 3 990 09-07-2008, 10:53 AM
آخر رد: mind
  مختاراتي من القصص القصيرة مع حجب اسم الكاتب بسام الخوري 1 682 06-28-2005, 12:00 AM
آخر رد: بسام الخوري
  أريد أن أكتب زياد 2 915 05-02-2005, 04:07 PM
آخر رد: زياد

الانتقال السريع للمنتدى:


يتصفح هذا الموضوع من الأعضاء الان: بالاضافة الى ( 3 ) زائر
{myadvertisements[zone_2]}
إتصل بنا | نادي الفكر العربي | العودة للأعلى | | الوضع البسيط (الأرشيف) | خلاصات التغذية RSS