اقتباس:تحياتي رفيق علماني
بداية الحديث ليس موجه لشخصك بقدر ما هو موجه لما كتبت
اقل ما يقال عما كتب سابقا انه فكر اقصائي نابع من خلفية تعصبيه ضيقه ، ومن فكر يفترض في نفسه التعالي والتسامي فوق الاخرين ووضع الاخرين في المراتب الدنيا .
يعني ما الفرق بين ما طرح سابقا وما يطرح على لسان العديد من المشددين المسيحيين او المسلمين او حتى اليهود
صراحه لا شيء لانو النغمة نفسها
لا أعتقد بأن مداخلتي السابقة، على حدتها، تحمل تعصباً أو تشدداً أو إقصاء ... بل هي تجنح إلى تلخيص ما قلته كثيراً، وفصلت فيه أكثر، عبر كلمات لا تقبل المواربة ولا المخاتلة ولا "بوس اللحى" ...
"حماس" عندي مشروع طائفي بامتياز، وطريق سريع نحو الرجعية والتخلف والاستبداد، أرى – على مضض – بأنه استطاع أن يجمع حوله مئات آلاف الفلسطينيين أو أكثر، وهذا بحد ذاته مصيبة وطنية كبرى لن نحصد من ثمارها سوى الكينا والحنظل أو العلقم والسفرجل في أحسن الأحوال ...
كمان مرة، مع "حماس" ليس هناك "وطن" ولا "مواطن" ولا "مواطنة" ولا دولة مؤسسات ولا قوانين حديثة. مع حماس هناك عودة مباشرة إلى "خير القرون" حتى تتكسر قرون الناس، حتى لو كان واحدهم "ذو القرنين". و"لفضل" أن يغتر "بالمكياج" المعاصر لوجه "الشمطاء الحيزبون"، وله أن يمني النفس بأن تسفر عن عيون "زبيدة ثروت" وفم "مونيكا بيللوتشي" وصدر "نبيلة عبيد" ومؤخرة "صوفي مارسو". أما أنا فلا أجد في ماكياج "حماس" وفصائلها إلا نية "ابن ملجم" وساعد "الحجاج بن يوسف" وسيف "قطري بن الفجاءة".
هل هذا الوضع أبدي لا يتغير ولا يتبدل حتى يرث الله الأرض وما عليها؟
طبعاً لا، فهو قابل للتعديل بمقدار تبني الإخوان عامة وحماس خاصة مباديء ديمقراطية حقيقية تقوم على "الحريات والإخاء والمساواة" في دولة مؤسسات ، محايدة دينياً، وتحترم حقوق الإنسان ...
ماذا لو لم يحصل هذا التغيير؟
طبعاً، لن نستطيع أن نفعل شيئاً على الصعيد المادي والعملي، ولكن علينا أن نسمي ا لأشياء بمسمياتها ولا ننافق ولا نداجي ولا نتملق بل نقول كلمتنا ثم نمضي كي نزيد الأرض سعة ... هذا كل ما هنالك ...
بالنسبة إلى مشكلة المسيحيين في ظل مناخ التعصب الديني الذي يتعاظم أكثر وأكثر، فليس أمامهم إلا النضال في سبيل "دولة علمانية". فوحدها الدولة العلمانية هي التي تستطيع أن تجعل منهم مواطنين في بلدهم وعلى أرضهم. "فحماس" و"الجهاد" - بمشروعاتهم الخلقة البالية الراجعة إلى الخلف - ليس لديهم ما يقدمونه إلى "الطرف الآخر المختلف" لأنهم يصدرون عن أيديولوجية "دينية فاشية شمولية" ليس لديها تفهم "للآخر المختلف" إلا بمقدار ما يكون هذا "دافعاً للجزية عن صغار". طبعاً، هذه الجملة الأخيرة لا تؤخذ بمفهومها "القروسطي القديم"، ولكن بمفهومها الحديث المعاصر، أي أن المسيحي أو أي طرف آخر غير مسلم سوف يكون "مواطناً درجة ثانية" لا مساواة له مع المسلم. بل يعطيه هذا الأخير "فتات موائد الكرام" حسب مزاج عصره ووجدانه وضيق أفقه أو اتساعه. بمعنى آخر، قد يكون "المسيحي" في ظل الدولة "الحماسية" معززاً مرة مقموعاً أخرى، يقضي العمر بين علو وهبوط في دولة "غريبة عنه دائماً" حتى لو كان يعيش على أرضه. هذا يعني في الساحة الفلسطينية، أن المسيحي الذي جارت عليه اسرائيل وشردته أسوة بإخوانه الفلسطينيين، ثم استطاع أن يعود ويقيم في الضفة الغربية وقطاع غزة، سوف يبقى مشرداً في وطنه وغريباً على ارضه. أما حقوقه التي حصلها فهي قد لا تساوي أحياناً الحقوق التي أعطته إياها إسرائيل ... و"كأنك يا أبو زيد ما غزيت" ...
ماذا يفعل المسيحي الفلسطيني لو تحقق هذا السيناريو الأسود وعدنا إلى "نظام الملة العثماني" وأصبحنا نصنف حقوق الناس حسب دياناتهم في الدولة الطائفية"الحمساوية الجهادية" الموعودة؟
إما أن يصبر ويناضل في سبيل دولة علمانية ديمقراطية عله يخرج من "الدردور الرهيب" الذي يسمى "الدولة الدينية" في يوم من الأيام (وهذا شبه مستحيل إلا بعد بذل الكثير من الدماء وبالكاد)، أو أن "ياكل تبن" ويسكت ويرضى من عيشه بالكفاف ولا يحلم يوماً بأن يكون مواطناً حقاً في بلده وعلى أرضه، وإما – ثالثة – أن يحمل "شراشه ودباشه" ويمشي وهو يقول مع الشنفرى:
"وفي الأرض منأى للكريم عن الأذى
وفيها لمن خاف القلى متعزّلُ
بقي ان "كارثة حماس" لا تقتصر على المسيحيين أو على الطوائف الأخرى الصغيرة فحسب، بل أن خطرها الداهم وخنجرها المسنون موجه إلى قلب المجتمع الفلسطيني ككل ... ولكن هذا ليس موضوعنا هنا ...
واسلموا لي
العلماني