نزار عثمان
Gramsci
المشاركات: 1,664
الانضمام: Dec 2004
|
الطاقة النووية بين السلم والحرب - مجلة السياسة الدولية (من أرشيف المجلة)
تحياتي
وزعت مجلة السياسة الدولية قرصا مدمجا تحت عنوان "الطاقة النووية بين السلم والحرب".. قسمته الى محاوز ثلاثة..
1- الملف النووي الايراني
2- الانتشار النووي
3 - من ارشيف السياسة الدولية
وسأقوم بنقلهم الى هذه الساحة تباعا في سبيل تعميم الفائدة
------
إعلان الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووى
العدد ( 53) 1/7/ 1978
قسم خاص
إعلان الشرق الأوسط منطقة منزوعة السلاح النووى
وحيد عبد المجيد
بدأ العالم يتنبه، منذ أواخر القرن الماضى، إلى أن إطلاق حرية الدول فى التسليح، ينطوى على أخطار جسيمة. فمنذ أن عقد مؤتمر لاهاى الأول فى 1899 بغرض إبرام اتفاقية دولية تحرم على الدول زيادة قوتها العسكرية فى وقت السلم، أخذ اهتمام الجماعة الدولية، بمشكلة نزع السلاح، بتصاعد على نحو مطرد، حتى باتت هذه المشكلة، بمختلف فروعها، أحد الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة، منذ نشأتها وقع التطور الهائل الذى يشهده العالم المعاصر فى التكنولوجيا، والتكنولوجيا النووية، وما يعنيه ذلك من ازدياد توفر الأساس المادى لتطوير أسلحة نووية لدى عدد متزايد من الدول، فقد برز مفهوم المنطقة اللا نووية nuclear-free zone ومفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية nuclear-weapon-free zone كوسيلة لمنع انتشار الأسلحة النووية فى مناطق مختلفة من العالم. وقد تم التوصل بالفعل، إلى عدد من الاتفاقيات الدولية لنزع السلاح فى مناطق معينة هى: الانتاركتا (القارة القطبية الجنوبية) ومنطقة الفضاء الخارجى، وأمريكا اللاتينية، ومنطقة قاع البحار وأرض المحيطات والتربة تحتها. وكذلك قدم عدد من الاقتراحات، بإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية فى وسط أوروبا ومنطقة المتوسط والبلقان، وأفريقيا، ومنطقة جنوب آسيا، ومنطقة الشرق الأوسط ويتناول هذا التقرير مفهوم المنطقة منزوعة السلاح النووى، والمشاريع المتعلقة بالشرق الأوسط بهذا الصدد ومواقف الدول المختلفة إزاء هذه المشاريع.
مفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية (1):
أ - نشأة المفهوم ومدلوله:
تشمل المناطق المنزوعة السلاح، بالمعنى الواسع، كل تسوية دولية تتم بناء على اتفاق دولى ثنائى أو جماعى، بقصد إبعاد إقليم معين، سواء لمدة مؤقتة أو لمدة غير محدودة، عن كل عمل من أعمال الحرب، أو الأعمال التحضيرية لها، وتعتبر المناطق الخالية من الأسلحة النووية، أحد التطبيقات النوعية للمناطق المنوعة السلاح بالمعنى العام، حيث يتم تجريد المنطقة من الأسلحة النووية، فى إطار اتفاق دولى، ولذلك ينظر إلى فكرة المناطق الخالية من الأسلحة النووية، باعتبارها وسيلة لتأكيد تجريد مناطق مختلفة فى العالم من الأسلحة النووية، وللوقاية من انتشار الأسلحة النووية.
ويعنى نزع سلاح المنطقة، إخلاءها من الأسلحة والمعدات والمنشآت والقواعد العسكرية، وتحريم مباشرة أى نشاط عسكرى فيها، والسلاح النووى، هو أى سلاح تنطلق بواسطته طاقة نووية دون سيطرة عليها، ويكون لها من الخصائص، مما يجعله صالحا للاستخدام فى الأغراض العسكرية. ولقد نبع مفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، من إدراك حقيقة أن عددا من الدول فى مناطق مختلفة من العالم تستطيع أن تمتلك القدرة على تطوير أسلحة نووية خلال فترة قصيرة، وأنه من المحتمل، أن يتزايد عدد الدول التى تقرر أن تفعل ذلك، مما يؤدى إلى سباق للتسليح النووى فى هذه المناطق، وإضافة مخاطر جديدة للحرب النووية فى موقف دولى ملئ بالأخطار كان هناك أيضا الشعور بأن جهود الحد من انتشار الأسلحة النووية لم تنجح تماما، وكذلك فإن الزيادة السريعة فى استخدام الطاقة النووية فى الأغراض السلمية، والخطر الكامن فيها، باعتبارها أساس ماديا لانتشار الأسلحة النووية، أضاف عاملا جديدا للاهتمام بمفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية واهتمت الجمعية العامة فى دورتها التاسعة والعشرين، بمشروع القرار الذى تقدمت به فنلندا تحت بند (نزع السلاح العام والكامل) ويدعو إلى قيام فريق من الخبراء الحكوميين، تحت رعاية مؤتمر لجنة نزع السلاح. بإجراء دراسة شاملة لمسألة المناطق الخالية من الأسلحة النووية من جميع جوانبها ووافقت الجمعية العامة على إجراء هذه الدراسة فى قرارها رقم 3261. وألحقت بهذه الدراسة عند إنجازها، ورقة عمل مقدمة من المكسيك، وتتضمن اقتراحا بتعريف محدود لمفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية، وقامت الجمعية العامة باعتماده رسميا فى قرارها رقم 3472 لعام 1975، وذلك فى شكل إعلان يتضمن تعريف مفهوم المنطقة الخالية من الأسلحة النووية على النحو التالى: تعتبر منطقة خالية من الأسلحة النووية كقاعدة عامة، أية منطقة تعترف بصفتها هذه الجمعية العامة للأمم المتحدة، وتنشئها أية مجموعة من الدول، على سبيل الممارسة الحرة لسيادتها، وذلك بمقتضى معاهدة أو اتفاقية يجرى بموجبها ما يلى:
1- تحديد نظام الخلو التام من الأسلحة النووية الذين تخضع له المنطقة المعنية، بما فى ذلك الإجراء الخاص بتعيين حدود المنطقة.
2 - إنشاء جهاز دولى للتحقيق والرقابة، لضمان الامتثال للالتزامات الناشئة عن ذلك النظام.
ب - الشروط اللازمة لنجاح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية:
يفترض إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية، توفر عدد من الشروط الضرورية لنجاح هذه المنطقة، فى مقدمتها.
أولا: الالتزامات المتعلقة بالمنطقة: وهذه الالتزامات، يجب ن يتم التعبير عنها رسميا فى المعاهدة المنشئة للمنطقة، ويحسن ألا تكون محدودة بمدة زمنية معينة، وهى يعنى ثلاث مجموعات من الدول كما يلى:
1 - دول المنطقة المعنية:
يجب التأكيد على أن دول المنطقة، لن تنتج أو تجرب أو تملك أو تحصل بأية وسيلة أخرى على أسلحة نووية، وأنها لن تسمح لأية دولة أخرى بتخزين أو وضع هذه الأسلحة على إقليمها. كما يجب أن تتفق دول المنطقة، على التعهد بعدم تلقى أية مساعدة فى مجال إنتاج الأسلحة النووية، وعلى نبذ الاستخدامات العسكرية للطاقة النووية.
2 - الدول النووية:
يرى معظم الخبراء، ضرورة التزام الدول النامية، باحترام وضع إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية، فلا تستخدم أو تهدد باستخدام الأسلحة النووية، ضد أية دولة من دول المنطقة، كما يتضمن ذلك، التعهد بعدم إرسال أسلحة نووية إلى المنطقة، أو سحب هذه الأسلحة إذا كانت قد قامت بإرسالها فى الماضى، وإذا كانت لهذه الدول قواعد أو منشآت عسكرية فى المنطقة، فيجب ألا تضع فيها أسلحة نووية، وأن تسمح بإخضاع هذه القواعد للمراقبة والتفتيش، كما ينبغى أن تمتنع الدول النووية، عن إمداد دول المنطقة بأية مساعدة، قد مكنها من إنتاج أو الحصول على أسلحة نووية ويثار فى هذا الصدد، الحوار حول ما إذا كان للدول النووية، أن تحتفظ بحق إعادة النظر فى التزاماتها تجاه المنطق الخالية من الأسلحة النووية، فى حالة إذا ما قامت إحدى أو بعض دول المنطقة، بعدوان أو شاركت فيه، فبينما يرى بعض الخبراء، أن هذا حق الدول النووية، يذهب فريق ثان، إلى أن احتفاظ الدول النووية بهذا الحق، يفقد المنطقة جزءا أساسيا من فعاليتها، فى حين يقترح فريق ثالث، أن تحتفظ الدول النووية بحق إعادة النظر فى التزاماتها تجاه طرف فى المنطقة فقط، فى حالة قيام هذا الطرف بعدوان يلقى فيه تأييد أو مساعدة من دولة نووية.
3 - الدول الأخرى:
فعلى الدول الأخرى (من خارج المنطقة وغير النووية)، أن تلتزم بعدم القيام بأى نشاط يعرض فعالية المنطقة للخطر، وبوجه خاص، عدم إمداد دول المنطقة بأية مساعدة قد تقود إلى تطوير أو إنتاج أسلحة نووية ولهذا الالتزام أهمية خاصة، فى حالة الدول التى تمتلك تكنولوجيا نووية متطورة.
ثانيا: ضمان أمن دول المنطقة:
تعتبر مسألة ضمانات الأمن، من المسائل التى لم يتوصل الخبراء إلى اتفاق كامل بشأنها غير أنه مما أمكن التوصل إليه، اعتبار أن المقدمة المنطقية التى يجب أن تقوم عليها أية منطقة خالية من الأسلحة النووية، هى امتناع الدول المعنية، بأن أمنها ومصالحها الحيوية يمكن تدعيمها من خلال المشاركة فى إقامة المنطقة ومع ن تحديد الأمن القومى للدولة، أمر يتعلق بالسياسة القومية لهذه الدولة، فإن الكثير من الخبراء، يعتقدون أن وجود أسلحة نووية فى منطقة ما، يهدد أمن دول هذه المنطقة، ومن هنا يوجد نوع من الاقتران بين المصالح القومية والإقليمية فى المناطق التى لا توجد بها أسلحة نووية، بصدد تأكيد غيابها الكامل فيما يختلف الوضع فى المناطق التى أدخلت فيها أسلحة نووية، إذ تثار قضايا خاصة، بشأن أمن كل دولة وهذه القضايا يجب أن تؤخذ فى الاعتبار، لدى إقامة منطقة من هذا النوع ويمكن القول بوجود اعتقاد سائد، مؤداه أن الشرط التى يمكن فى ظلما للمناطق الخالية من الأسلحة النووية أن تحقق الأمن، إنما تختلف من منطقة جغرافية إلى أخرى. ولما كانت اعتبارات الأمن، وإدراك الدول المختلفة لها تتنوع، فإنه ليس واقعيا، وضع خطوط عامة دقيقة فى هذا المجال، ولذلك فعلى الحكومات نفسها، أن تقرر متطلبات أمنها ومصالحها القومية، وتثار فى هذا المجال، قضية إذا كانت إحدى أو بعض دول المنطقة، عضوا فى أحلاف عسكرية، فيرى بعض الخبراء، أن هذه العضوية تعوق إنشاء المنطقة، بينما يرى آخرون، أن هذه العضوية، حال وجودها، لا يجب أن تبرر أى استثناء من الالتزامات التى ترتبها المعاهدة المنشئة للمنطقة، بل ويذهب بعضهم، إلى أن هذه الأحلاف حتى لو كانت تضم دولا نووية، ولا يوجد فى الغالب إلزام صريح للدول النووية، بمساعدة حلفائها بكل الوسائل، بما فى ذلك السلاح النووى، ومع ذلك يقررون بأن المسألة قد تكون معقدة، إذا كان هناك اتفاق - فى إطار معين- على إعطاء تسهيلات نووية. ثالثا: نظام فعال للرقابة والتفتيش:
فيجب أن تشتمل المعاهدة المنشئة للمنطقة الخالية من الأسلحة النووية، على نظام فعال للرقابة، بغرض التأكد من الامتثال الالتزامات. كما يجب أن تتبنى الدول المنضمة إلى المنطقة، ترتيبات تؤدى إلى تعزيز الثقة فيما بينها من ناحية، ومع الدول الأخرى خارج المنطقة من ناحية ثانية، فى إطار تأكيد أن أى نشاط تقوم به الدول الأعضاء يجب ألا يترتب عليه أى مساس بالتزاماتها، ويرى كثير من الخبراء أن نصوص المعاهدة المنشئة للمنطقة، يجب أن توجد نوعا من الصلة بين هذه الترتيبات. وبين نظام الأمن للأمم المتحدة.
إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط:
أولا: المبادرة الإيرانية - المصرية:
يجدر التنويه - بادئ ذى بدء - بأن قضية نزع السلاح، متضمنا السلاح النووى، فى منطقة الشرق الأوسط، كان قد سبق إثارتها، على نحو هامش، فى الدورة الخامسة عشرة للجمعية العامة للأمم المتحدة، وذلك فى إطار المشروع الذى قدمته أيرلندا إلى اللجنة الأولى فى 28 أكتوبر 1960 والذى اختص القسم الثانى فيمن (بإنشاء مناطق أربع منزوعة السلاح بحكم القانون، تشمل الشرق الوسط، وأوروبا الوسطى، وأفريقيا الوسطى والغربية، وجنوب شرق آسيا) ولكن الجمعية العامة، عندما أصدرت القرار رقم 1576 لسنة 1960 فى هذا الصدد، جاء خاليا من القسم الخاص بإنشاء مناطق منزوعة السلاح، وأن كان قد تضمن دعوة للدول التى تمتلك أسلحة نووية، بعدم إمداد الدول لا تملكها بأية مساعدات فى هذا المجال، وكذا دعوة للدول التى لا تملك الأسلحة النووية، لأن تمتنع عن صناعة هذه الأسلحة، أو الحصول عليها(2) كما أثير الموضوع مرة أخرى، على نحوها هامشى أيضا، عندما تحدث شاه إيران عام 1968 عن فكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط. تعزيزا للسلم والأمن الصعيدين الإقليمى والدولى (3)
ويمكن القول، بأن الطلب الذى تقدمت به إيران لإدراج بند (إنشاء منطقة لا نووية فى الشرق الأوسط) فى جدول أعمال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة 1974، هو أول مبادرة جدية لإثارة الموضوع، والاهتمام به، ومتابعته، وإدراجه كبند مستقل فى جدول أعمال الجمعية العامة ففى رسالة مؤرخة فى 15 يوليو 1974، وموجهة من القائم بالأعمال بالنيابة للبعثة الدائمة لإيران لدى الأمم المتحدة(4) طلبت إيران مناقشة الموضوع. وقد أرفقت بهذا الطلب، مذكرة إيضاحية (5) ورد فيها أن تعزيز السلم والأمن الدوليين، كان على الدوام هدفا أساسيا لسياسة إيران الخارجية، وأن طلب مناقشة موضوع إقامة لا نووية فى الشرق الوسط، يأتى فى إطار هذه السياسة، وأنه رغم أن فرص تطبيق خطة شاملة لجعل الشرق الأوسط منطقة لا نووية، تبدو أفضل من ذى قبل، فإن ازدياد فرص الحصول على التكنولوجيا النووية، يجعل من خطر انتشار الأسلحة النووية مشكلة أكثر حدة. وبعد أربعة أيام من تقديم الطلب الإيرانى، وفى 19 يوليو 1974، أرسل القائم بالأعمال بالنيابة للبعثة الدائمة لمصر لدى الأمم المتحدة د. أحمد عثمان رسالة إلى الأمين العام، لإبلاغه بقرار مصر الاشتراك فى الطلب المقدم من إيران، لإدراج بند بعنوان (إنشاء منطقة لا نووية فى الشرق الأوسط)(6). وفى 2 أغسطس 1974، وجهت كل من إيران ومصر، رسالة مشتركة إلى الأمين العام، لطلب تغيير عنوان البند المطلوب إدراجه فى جدول الأعمال من (إنشاء منطقة لا نووية فى الشرق الوسط establishment of unclear-weapon- free zone in the region of the middle east وفى 16 سبتمبر 1974، أرسل ممثل إيران الدائم لدى الأمم المتحدة، رسالة يميل فيها إلى الأمين العام نص الرسالة الصادرة عن شاه إيران، ورد فيها التحذير من أن ازدياد استعمال الطاقة النووية، وانتشار المعرفة العلمية، يجعلان من السهل امتلاك أسلحة نووية، وأن هذا - فى إطار الأوضاع السياسية للشرق الأوسط - قد يؤدى إلى أكثر من مجرد تورط الخصوم فى سباق التسليح النووى أحمق مبدد للطاقات. أما أشير فيما إلى وجود مصاعب تجعل من إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الوسط، أمرا غير يسير المنال، وإلى أنه من الممكن التوصل إلى النجاح بالتصميم والصبر وبتأييد الأمم المتحدة (8). وكتتويج لهذه المبادرة، قدمت إيران ومصر، مشروع قرار إلى الجمعية العامة فى دورتها التاسعة والعشرين، ينص على أن تدعو الجمعية جميع الأطراف المعنية بإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، إلى الإعلان فورا عن عزمها على الامتناع، على أساس متبادل، عن إنتاج أسلحة نووية أو حيازتها على أى وجه آخر، وإلى الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، وأن تطلب الجمعية العامة إلى الأمين العام، استطلاع أراء الأطراف المعنية بشأن تنفيذ هذا القرار، وتقديم تقرير عن ذلك إلى مجلس الأمن وإلى الجمعية العامة فى دورتها الثلاثين (9). ثانيا: مواقف الدول تجاه اقتراح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط:
1 - دول المنطقة - الإطار الإقليمى:
أدولتا المبادرة: إيران ومصر:
تعتبر إيران هى صاحبة فكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، فهى التى عبرت عنها بشكل متكرر (10) كما تعتبر مصر، أول دولة سارعت إلى المشاركة فى تقديم طلب إدراج هذا الموضوع، كبند مستقل فى جدول أعمال الدورة التاسعة والعشرين للجمعية العامة. وفى المناقشة التى دارت خلال هذه الدورة، قدمت مصر ثلاثة مبادئ أساسية، اعتبرتها متصلة بالمناقشة حول إقامة المنطقة المقترحة، وهى:
-ضرورة امتناع دول المنطقة عن إنتاج الأسلحة النووية أو حيازتها أو امتلاكها.
-ضرورة امتناع الدول الحائزة للأسلحة النووية، عن إدخال هذه الأسلحة إلى المنطقة، وعن استعمالها ضد أى من دول المنطقة.
-ضرورة إنشاء نظام ضمانات واف بالغرض، يسرى على الدول الحائزة للأسلحة النووية، وعلى دول المنطقة(11).
وأكدت مصر أيضا، على ضرورة ألا يحول إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية، دون تمتع الأطراف بالفوائد المترتبة على استخدام الطاقة الذرية فى الأغراض السلمية ولا سيما فى سبيل الإنماء الاقتصادى للدول النامية.
وعند قيام إيران ومصر، بتقديم مشروع قرارهما إلى الجمعية العامة، كان من رأى الدولتين، أن إنشاء المنطقة الخالية من الأسلحة النووية يجب أن يكون أمرا مكملا لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. واسترعت مصر الانتباه إلى أن مشروع القرار يدعو، على وجه الخصوص، الأطراف المعنية فى المنطقة، إلى الانضمام لمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، التى تعتبرها مصر شرطا أساسيا مسبقا لإنشاء أية منطقة خالية من الأسلحة النووية لها فعالية وفى هذا الصدد، وعدت مصر بالتصديق على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، عندما تنضم إسرائيل إليها وتجدر الإشارة، إلى أن الجمعية العامة اعتمدت مشروع القرار الإيرانى - المصرى فى 9 ديسمبر 1974 بوصفه القرار رقم 3263 بأغلبية 138 صوتا دون معارضة، مع امتناع دولتين عن التصويت هما إسرائيل وبورما. وقامت إيران ومصر أيضا، فى الدورة الثلاثين للجمعية العامة عام 1975، بتقديم مشروع قرار جديد، يؤكد أسس القرار 3263 السابق الإشارة إليه، وهو المشروع الذى اعتمدته الجمعية العامة باعتباره القرار رقم 3474 بأغلبية 125 صوتا دون معارضة، مع امتناع كل من إسرائيل والكمرون، كما قامت إيران ومصر بذات الجهد فى الدورة الحادية والثلاثين للجمعية العامة لعام 1976، وهو ما نتج عنه اعتماد الجمعية العامة بقرار رقم 3171 بأغلبية 130 صوتا، دون معارضة مع امتناع إسرائيل فحسب (12).
ب - إسرائيل:
تعتبر إسرائيل الدولة الوحيدة فى المنطقة، التى عبرت عن موقف متحفظ تجاه اقتراح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الوسط، فقد كان موقف إسرائيل، هو الامتناع عن التصويت عند عرض مشروع القرار الذى يدعو إلى إقامة هذه المنطقة على الجمعية العامة، وذلك فى الدورات التاسعة والعشرين والثلاثين، والحادية والثلاثين. وينطلق الموقف الإسرائيلى فى هذا الصدد، من الإصرار على ما يسمى فى التفكير الإسرائيلى (بالعلاقات الطبيعية) فى إطار السعى إلى اكتساب الشرعية الإقليمية، وفرض الاعتراف بدولة إسرائيل داخل الإطار الإقليمى للشرق الأوسط، ومن الواضح أن إسرائيل وجدت فى هذا الاقتراح، فرصة طيبة يمكن استغلاله فى هذا الاتجاه، فقد عبرت - فى مناقشات الدورة التاسعة والعشرين - عن رؤية مؤداها، أن التقدم نحو إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، إنما يمكن إحرازه على وجه أفضل، من خلال مشاورات مباشرة بين دول المنطقة، تؤدى فى النهاية، إلى عقد مؤتمر إقليمى بشأن هذه المسألة. واعتبرت أن الدعوة التى تضمنها مشروع القرار الإيرانى - المصرى، إلى إجراء مشاورات أولية بين الأمين العام وبين دول المنطقة، هى (غير عملية ومحبطة للغاية)(13). وأعادت إسرائيل تأكيد موقفها هذا فى الإجابات التى قدمتها إلى الأمين العام بأن الاستقصاء الذى قام به كمتابعة لقرار 3263 لسنة 1974، وإذ أصرت على أن الدول المعنية، يجب أن تدخل فى مفاوضات مباشرة فيما بينها (14). وأثناء الدورة الحادية والثلاثين وأثناء مناقشة البنود المتعلقة بنزع السلاح فى اجتماعات اللجنة الأولى، عبرت إسرائيل عن استعدادها للمشاركة فى مفاوضات لإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط. وتفسيرا موقفها، أشار المندوب الإسرائيلى إلى أن إسرائيل امتنعت عن التصويت، بسبب الموقف السياسى القائم فى الشرق الأوسط، ولأن نص المودة لم يدع إلى المشاورات المباشرة التى تعتبر الوسيلة الوحيدة لتحقيق الهدف المرجو (15). ج - الدول الأخرى فى المنطقة:
يمكن القول، بوجه عام، بأن الدول الأخرى فى المنطقة، وهى فى مجموعها دول عربية، قد عبرت عن موقف مؤيد من الناحية المبدئية، لفكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وكان تصويتها فى كل من اللجنة الأولى والجمعية العامة، يتصف على الدوام بالإيجابية تجاه اقتراح إقامة هذه المنطقة.
وقد تجاوزت بعض دول المنطقة موقف التأييد للاقتراح، إلى موقف المشاركة فى تقديم مشروعات القرارات المتعلقة بهذا الموضوع إلى الجمعية العامة ففى الدورة الثلاثين للجمعية العام، قامت كل من البحرين والأردن والكويت، وكذلك تونس، بالمشاركة فى مشروع القرار الذى كانت إيران ومصر أساسا بتقديمه فى 29 نوفمبر 1975 وفى الدورة الحادية والثلاثين، شاركت الكويت مع مصر وإيران فى تقديم مشروع القرار بشأن إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، ثم شاركت فى تقديمه بعد ذلك، كل من البحرين، والأردن، ودولة الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة إلى موريتانيا والسودان (16) وتعتبر الكويت من دول المنطقة التى عبرت عن وجهة نظر متبلورة تجاه هذه القضية، واعتبرت أن الانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية من جانب كل من دول المنطقة، شرطا مسبقا وأساسيا لإنشاء المنطقة المقترحة، وفسرت الموقف الإسرائيلى، بأنه نتيجة لامتلاك إسرائيل لأسلحة نووية، وأكدت أن إنشاء هذه المنطقة، هو أسلوب فعال لمواجهة فظائع الحرب النووية (17)
وعبرت الأردن عن ضرورة أن تتحمل الدول النووية مسئوليات محددة فى الامتناع عن إدخال الأسلحة النووية إلى المنطقة، وأكدت ضرورة انضمام جميع دول المنطقة إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية، وألا فسيبقى أمر تنفيذ قرار إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية بعيد المنال (18) ومن الملاحظ أن بعض دول المنطقة، مع تأيدها بصفة عامة لاقتراح إنشاء هذه المنطقة إلا أنها تنظر بنوع من التشاؤم، إلى إمكان تنفيذ هذا الاقتراح بسبب الموقف الإسرائيلى. وربما تعتبر سوريا نموذجا لهذا النوع من الدول حيث طغى موضوع الصراع العربى - الإسرائيلى على حديث مندوبها فى اللجنة الأولى إبان الندوة الحادية والثلاثين للجمعية العامة، فقد أشار إلى أن القضية ليست اتخاذ قرارات وتوصيات لأنه يوجد الكثير منها، وإنما المطلوب هو الإرادة السياسية الطيبة، والنية الصادقة فى تنفيذ هذه القرارات (19)
ويمكن القول بأن موقف الدول العربية عموما، هو التأييد المبدئى، للقرار، خاصة وأن هناك نسبة عالية من الدول العربية المعنية بالقرار، سبق أن انضمت وصدقت على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية. ويلاحظ أن القاسم المشترك فى موقف هذه الدول، هو اشتراط التزام جميع الأطراف المعنية من جهة وانضمام جميع هذه الأطراف إلى معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية من جهة أخرى، وكان التأكيد منصبا فى الأساس على ضرورة انضمام إسرائيل.
د - الدول الكبرى - الإطار الدولى:
اتخذت الدول الخمس الأعضاء فى النادى النووى (الاتحاد السوفيتى - الولايات المتحدة - بريطانيا - فرنسا -الصين) موقف التأييد لفكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وجاء تصويتها فى صالح المشروعات الداعية إلى إقامة هذه المنطقة، غير أن هذه الدول- عدا بريطانيا - عبرت عن بعض التحفظات تجاه بعض الفقرات، أو تجاه المنهج المقترح.
موقف الاتحاد السوفيتى:
ينطلق الموقف السوفيتى اعتبار أن إقامة المناطق الخالية من الأسلحة النووية، سيؤدى إلى تدعيم حظر انتشار الأسلحة النووية فى مناطق مختلفة من العالم، وتدعيم أمن الدول فى هذه المناطق وفى نفس الوقت تدعيم الأمن الدولى (20) ورغم هذا الموقف العام فقد أكد الاتحاد السوفيتى إلى أن موقفه من اقتراحات إنشاء هذه المناطق فى أى مكان من العالم سيتحدد فى كل حالة على حدة، على أساس المضمون المعين لهذه الاقتراحات، وعلى أساس الموقف الذى تتبناه الدول الأخرى تجاه الاقتراحات، وخاصة الأطراف المعنية (21) وقد أعلن الاتحاد السوفيتى تأييده لاقتراح إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، مع تحفظه فيما يتعلق بفقرة الديباجة، تشير إلى معاهدة تلاتيلوكو بوصفها إنجازا ملحوظا (22) ذلك أن الاتحاد السوفيتى يحتفظ بموقف خاص تجاه موقف المعاهدة من جراء التفجيرات النووية السلمية وفشلها فى منع مرور الأسلحة النووية عبر إقليم المنطقة ومد نطاق المعاهدة إلى منطقة أعالى البحار، على عكس القواعد العامة اتلى يقرها القانون الدولى. ب - موقف الولايات المتحدة:
تعتبر الولايات المتحدة أن إنشاء المناطق الخالية من الأسلحة النووية، له أهميته كوسيلة لترقية أهداف حظر انتشار الأسلحة النووية ولتدعيم الأمن الدولى والإقليمى. ومن هنا كان تأييدها لاقتراح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الوسط، غير أن الولايات المتحدة عبرت عن تحفظ مؤداه أنها ترتاب فى المنبر المستخدم من الناحية العملية والذى أساسه حث الدول المعنية على الالتزام بتعهدات قبل إجراء مفاوضات فعلية وعقد اتفاق.(23)
ج - موقف بريطانيا:
تعتبر بريطانيا الدولة النووية الوحيدة التى لم يصاحب تأييدها لفكرة إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط تحفظات معينة. ويبدو أن سبب ذلك يكمن فى اقتراح إقامة هذه المنطقة، جاء منسقا مع الموقف البريطانى العام تجاه مسألة المناطق الخالية من الأسلحة النووية بوجه عام، والذى عبر عنه المندوب البريطانى فى تعليقه على الدراسة الشاملة التى قام بها فريق من الخبراء تحت رعاية مؤتمر لجنة نزع السلاح، عندما قال أن بريطانيا ستتعاطف مع أية اقتراحات تتفق مع الخطوط العريضة التى جاءت فى ورقة العمل التى تقدمت بها على النحو التالى (24).
- أن قرار إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية يجب أن يؤخذ بحرية واختيار من دول المنطقة.
- يجب ألا تؤدى المنطقة إلى الانتقاص من أمن أى طرف من الأطراف المشاركة فيها.
- يجب أن تشمل المعاهدة المنشئة للمنطقة على الدول ذات الأهمية العسكرية ويفضل كل دول المنطقة.
- يجب أن تكون هناك ترتيبات للرقابة الدولية طبقا للظروف الخاصة بالمنطقة.
د - موقف فرنسا والصين:
اتخذت كل من فرنسا والصين موقف التأييد العام لفكرة إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط ولكنهما عبرتا عن تحفظ تجاه الفقرة التى وردت فى مشروع القرار بصدد الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (25) ومن المعروف أن كل من فرنسا والصين لم تنضم إلى هذه المعاهدة بسب رفض الدوليتين الالتزام بعدم امتلاك أسلحة نووية، فقد أن كانت كل منهما ترجى التجارب الأولى لصناعة هذه الأسلحة وتربط الصين بين إقامة هذه المناطق وبين النضال ضد هيمنة الدولتين العظميين كما يدعم ذلك المندوب الصينى فى اللجنة الأولى، إبان الدورة الحادية والثلاثين للجمعية العامة، فقد ذهب إلى أن العقبة الرئيسية أمام التحقيق الفعلى للمناطق اللا نووية ومناطق السلم، ناجمة عن سياسات الدول العظمى المرتبطة بالعدوان والتوسع والحرب (26)
مشاكل إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية:
رغم أن موضوع إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط قد أثير فى الجمعية العامة للأمم المتحدة، منذ الدورة التاسعة والعشرين لعام 1975 ورغم صدور عدد من القرارات الدولية للإشادة بهذه الفكرة وتأييد إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة النووية وبأغلبية ساحقة إلا أن التنفيذ الفعلى لهذه القرارات لم يزل يصطدم بمشاكل سياسية ترتبط فى مجملها بظروف الصراع العربى - الإسرائيلى، وما تعكسه من توتر فى المنطقة رغم تصاعد جهود التسوية فى الفترة اللاحقة لحرب أكتوبر 1973. وفى هذا الإطار يمكن الإشارة إلى عدد من المشاكل المترابطة بشكل وثيق بحى أن كلا منهما يقود إلى الآخر وذلك على النحو التالى:
أ - التحفظ الإسرائيلى على اقتراح إقامة المنطقة وينعكس هذا التحفظ فى الإصرار على الامتناع عن التصويت على مشروع القرار الداعى إلى إقامة هذه المنطقة، وذلك فى مواجهة أكثرية ساحقة تبدى موافقتها وكانت إسرائيل هى الدولة الوحيدة التى امتنعت عن التصويت على مشروع القرار المقدم فى الدورة الحادية والثلاثين للجمعية العامة 1976 والذى أقرته الجمعية دون معارضة وبأغلبية 130 صوتا يرتبط الموقف الإسرائيلى باستراتيجية متكاملة تهدف إلى اكتساب الشرعية الإقليمية وإقامة علاقات طبيعية مع دول منطقة الشرق الأوسط، ودلالة ذلك أن إسرائيل وجدت فى هذا الاقتراح فرصة ملائمة لتنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال ربط موافقتها على إقامة المنطقة المقترحة بالمفاوضات المباشرة التى تقود إلى عقد مؤتمر إقليمى لدول المنطقة بدعوى أن المنهج الذى يقوم على تشاور الأمين العام مع دول المنطقة غير عملى، ومعنى ذلك أن إسرائيل تريد الاحتفاظ بالدليل النووى، إلى حين قبول الدول العربية الاعتراف بإسرائيل. ب - مناخ التوتر وعدم الثقة فى المنطقة:
ويأتى هذا الموقف الإسرائيلى تعبيرا عن مناخ التوتر وعدم الثقة السائد فى المنطقة من ناحية وليفاقم من هذا المناخ من ناحية أخرى، وتدعم من ذلك، التأكيدات التى تقدم بصدد امتلاك إسرائيل الأسلحة النووية، أو قدرتها على امتلاكها فى فترة زمنية قصيرة. وقد عبر عدد من مندوبى البلاد العربية فى مناقشات نزع السلاح عن اعتقادهم فى امتلاك إسرائيل للقنبلة الذرية، واعتبروا ذلك تفسيرا للموقف الإسرائيلى الذى يتسم بالمراوغة تجاه قضايا نزع السلاح النووى فى المنطقة وهو ما ينعكس فى نظرة تشاؤمية تخيم على رؤية هذه الدول بدرجات متفاوتة تجاه إمكانات نزع السلاح النووى فى الشرق الوسط.
ج - رفض إسرائيل الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية:
فقد امتنعت إسرائيل منذ البداية عن الانضمام إلى هذه المعاهدة، وذلك فى الوقت الذى تصر جميع الدول العربية على انضمام الأطراف المعنية إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية، يعتبر شرطا أساسيا لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وتبرر إسرائيل موقفها هذا بأنها ليست ضد الانضمام إلى هذه المعاهدة ولكنها تدرس الجوانب القانونية المتعلقة بها، والنواحى الإجرائية لتنفيذها وذلك فى الرد الإسرائيلى على رسالة الأمين العام إلى الأطراف المعنية بإقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط، وكان تعليق وزير الخارجية المصرى على هذا الرد على أن إسرائيل تعلن منذ أكثر من سبع سنوات عن انشغالها بدراسة وإعادة دراسة الانضمام إلى المعاهدة دون جدوى وأن الموقف يظل بلا معنى ما لم تنضم إسرائيل فعلا إلى المعاهدة، وأن إسرائيل ترفض باستمرار أى تفتيش دولى على مفاعل ديمونة النووى وهى ماضية فى الحصول على أسلحة متطورة ذات إمكانيات نووية. وهكذا يبدو عدم انضمام إسرائيل إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بمثابة أساس لاستمرار عدم الثقة والشك من بل الدول العربية، وبالتالى عقبة هامة تعترض طريق إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.
د - خبرات عدم احترام إسرائيل لاتفاقيات الهدنة:
ذلك أن مناخ عدم الثقة السائد فى المنطقة تعززه الخبرات التاريخية لعدم احترام إسرائيل لاتفاقيات الهدنة وبالذات ما قررته هذه الاتفاقيات من إقامة مناطق منزوعة السلاح فى أعقاب حرب 1948، وأبرز نموذج للانتهاك الإسرائيلى لهذه الاتفاقيات هو احتلال إسرائيل فى سبتمبر 1955 لمنطقة العوجة وهى المنطقة المنزوع سلاحها طبقا لاتفاقية الهدنة المصرية - الإسرائيلية، والتى كانت إسرائيل قد تعهدت باحترامها والالتزام بتنفيذ كافة بنودها، فقد أعلنت إسرائيل ضم هذه المنطقة متنكرة لنصوص الاتفاقية التى تعهدت باحترامها.
وخلاصة القول أن هذه المشاكل التى تنبع جوهرها من ظروف الصراع العربى - الإسرائيلى، تحول دون توافر الشروط الضرورية لنجاح إقامة منطقة خالية من الأسلحة النووية إذ لا يمكن فى ظلها ضمان التزام دول المنطقة باحترام وضع إخلاء المنطقة من السلاح النووى وخاصة مع نزوع إسرائيل إلى الخيار النووى كما يصعب التوصل إلى تحديد متفق عليه لمتطلبات أمن دول المنطقة ويمكن الإشارة بوجه خاص إلى المشاكل المرتبطة بما يسمى بالأمن الإسرائيلى. وعلى ذلك يبدو أن إمكانيات إقامة المنطقة الخالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط ترتبط بإمكانيات التوصل إلى تسوية شاملة للصراع العربى -الإسرائيلى، تتضمن إنهاء حالة الحرب وتخفيف حدة التوتر فى المنطقة وهو ما يعنى توفر مناخ جديد يساعد على تحقيق المقومات الضرورية لتجاوز المشاكل التى تعترض إعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية. هوامش:
ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ
(1) أنظر فى هذا المجال:
Comprehensive study of the question of nuclear-weapon- free zones in all its aspects, special report of the conference of the committee on disarmament (Ga. or, 30th session, s. no 27a) nuclear-weapon-free zones, u.n. Office of public information, 1977, pp. 72-23. U.n. disarmament yearbook Nal. 1:1976, u.n., new York, 1977, pp. 44-46.
- د. عائشة راتب، بعض الجوانب القانونية للنزاع العربى -الإسرائيلى، دار النهضة العربية، القاهرة، 1969، ص 130-132.
- د. محمود خيرى، المناطق النووية المنزوعة السلاح، مجلة السياسة الدولية، العدد 26، أكتوبر 1971، ص 30-33.
(2) د. محمود خيرى، مرجع سابق، ص33.
(3) ورد ذلك فى رسالة القائم بالأعمال بالنيابة لبعثة إيران لدى الأمم المتحدة إلى الأمين العام فى 15 يوليو 1974.
(4) UNITED NATION, GENERAL ASSEMBLY, TWENTH-NINETH SESSION DISTR. GENERAL, A/9693.IBID.
(5)IBID., P.2.
(6) U.N., GENERAL ASSEMBLY, TWENTH, NINETH SESSION, DISTR GENERAL, A/9693/ADD.1.
(7) U.N., YENERAL ASSEMBLY, TWENTH-NINETH SESSION, DISTR. YENERAL, A/9693/ADD2.
(8) U.N., YENERAL ASSEMBLY, TWENTY-NINETH SESSION, DIST. YENERAL, A/9693/ADD.3.
(9) الأمم المتحدة ونزع السلاح: 1970-1975 الأمم المتحدة، إدارة الشئون السياسية وشئون مجلس الأمن، نيويورك 1976، ص 148.
(10) SEE: COMPREHEMSIVE STUDY OF THE QUESTION OF NUCLEAR-WEAPON-FREE ZONES, OP-CIT., P.31.
(11) الأمم المتحدة نزع السلاح: 1970-1975، مرجع سابق، ص 149.
(12) U.N. DISARMAMSENT YEARBOOK: 1976, U.N., New York, 1977, VOL. 1, P.73.
(13) 1970 - 1975، مرجع سابق، ص 149،150.
(14) U.N. DISARMAMENT YEARBOOK: 1976, OP.CIT., P.71.
(15) IBID., P.72.
(16) IBID., P. 73.
(17) U.N., GENERAL ASSEMBLY, 31 ST SESSION, FIRST COMMITTEE, 9-11-1976, DISTR: GENERAL, AIC. 1/31/PV. 25,PP.56-57.
(18) تقرير الأمين العام - وإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط.
(U.N. A/1022,72/9/1975).
(19) U.N., YENERAL ASSEMBLY, 31 ST SESSIAN FIST COMMITTEE, 8/11/1976, DISTR. YENERAL, AIC 1/31/PV. 25, PP.13-14.
(20) COMPREBENSIVE STUDY OF THE QUESTION OF NUCLEAR-FREE ZONES, OP.CIT., P.95.
(21) IBID., P.97.
(22)الأمم المتحدة ونزع السلاح: 1970- 1975، مرجع سابق، ص 150.
(23) الأمم المتحدة ونزع السلاح: 1970-1975، مرجع سابق، ص 151.
(24) COMPREHENSIVE STNDY..., OP. CIT., P.120.
(25) الأمم المتحدة ونزع السلاح: 1970- 1975 مرجع سابق، ص 152.
(26) U.N. GENERAL ASSEMBLY, 31 ST SESSION.
FIRST COMMITTEE, 8/11/1976.
DISTR. GENERAL, A
|
|
09-09-2006, 10:09 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
نزار عثمان
Gramsci
المشاركات: 1,664
الانضمام: Dec 2004
|
الطاقة النووية بين السلم والحرب - مجلة السياسة الدولية (من أرشيف المجلة)
العدد ( 120 ) بتاريخ 1 / 4 / 1995
قسم خاص
أضواء على الموقف المصرى من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية
محمود كارم
مقدمة:
إن الدول العاقدة لهذه المعاهدة إذ تدرك الدمار الذى تنزله الحروب النووية بالبشرية قاطبة، وضرورة القيام بالتالى ببذل جميع الجهود الممكنة لتفادى خطر مثل تلك الحروب، وباتخاذ التدابير اللازمة لحفظ أمن الشعوب ...
بتلك الكلمات التى تشع تفاؤلا ورغبة فى تدارك خطأ جسيم ارتكبه الإنسان عندما اخترع السلاح النووى، بدأت ديباجة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية المعروفة اختصارا باسم NPT أوسع المعاهدات الدولية عضوية بعد ميثاق الأمم المتحدة، ودعامة نظام منع الانتشار النووى.
عندما فتحت المعاهدة للتوقيع فى الأول من يوليو 1968 مثلت أملا للعديد من دول العالم فى تحقيق السلم والأمن ودرء أخطار السلاح النووى وأيضا تحقيق الاستخدام السلمى الفعال للتكنولوجيا النووية من أجل تقدم ورفاهية الإنسان، وبعد ديباجة طموحة تشير لضرورة القضاء على شبح الدمار الشامل للبشرية نجد أن مواد المعاهدة تتحدث عى نوعين من الدول الأول هو دول تسمح لها المعاهدة بامتلاك السلاح النووى بلا حدود ولا سقوف كمية أو نوعية ويطلق على تلك المجموعة الدول النووية Nuclear States والنوع الثانى هو تلك الدول التى لا يسمح لها بامتلاك أو حيازة أو إنتاج أو تطوير السلاح النووى ويطلق على تلك الدول الدول اللانووية Non-Nuclear Weapon States وكانت هذه الطبيعة التمييزية Discriminatory هى أحد الملامح الرئيسية لمعاهدة NPT ومازالت أحد المنافذ الرئيسية لتلك المعاهدة التى جمعت من الدول الأعضاء حتى الآن 171 دولة منهم خمس نووية.
هذا وقد مكثت مصر أحد الدول الداعمة لتلك المعاهدة عند نشأتها وظلت على مدى ربع قرن من الزمان أحد المدافعين عن تلك المعاهدة، ومن هنا تنبع أهمية تلك الدراسة التى تلقى بالضوء على الموقف المصرى تجاه معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية وتهدف فى هذا الصدد لتأكيد الأهداف الآتية:
1 - إن الدعاوى التى تصور مصر كدولة تقف ضد المعاهدة هى دعاوى باطلة يفندها تاريخ تلك المعاهدة الذى يشهد بدور مصر وخبرائها فى صياغة وتطبيق تلك المعاهدة على مدى أكثر من ربع قرن.
2 - إن الخلاف النووى بين مصر وإسرائيل والذى برز إلى السطح فى الشهور الأخيرة ليس موقفا مفتعلا من جانب مصر أو موقفا جديدا بل هو حلقة فى سلسلة مواقف ألزمت بها مصر نفسها منذ عقود طويلة.
3 - إن موقف مصر لا يتعارض ولا يهدم مبدأ تحقيق عالمية المعاهدة، بل هو يترجمه ويظهر حرص مصر عليه وضرورة ألا تكون هناك استثناءات.
وعلى ذلك رأينا أن تتناول الدراسة النقاط الرئيسية التالية:
أولا: الظروف الدولية والإقليمية التى أبرمت فيها المعاهدة.
ثانيا: مصر والانضمام للمعاهدة.
ثالثا: جهود مصر فى مجال نزع السلاح النووى وأسلحة الدمار الشامل.
رابعا: القرار255 والرؤية المصرية لموضوع ضمانات الأمن.
خامسا: فى انتظار إبريل "موقف مصر من مؤتمر مراجعة / تمديد سريان العمل بالمعاهدة".خاتمة: حول الرؤية المصرية لدور جهود نزع السلاح فى إحلال السلام فى الشرق الأوسط.
أولا: الظروف الدولية والإقليمية التى أبرمت فيها المعاهدة:
وقف العالم أكثر من مرة خلال عقد الستينات على حافة الحرب النووية وكانت قضيتى سور برلين 1961 وأزمة الصواريخ الكوبية 1963 مثالين على أن خطر الحرب النووية يمكن أن يكون مصدره أماكن أخرى غير أراضى القوتين العظميين وأن هناك احتمال أقوى من ذى قبل لأن تسعى العديد من الدول - ربما الخارجة عن نطاق القطبين الكبيرين وحليفيهما - لتطوير برامج نووية غير سلمية وبالتالى فإن قرار اندلاع الحرب النووية لن يكون فى يد العملاقين فقط وإنما سيتفرق فى أيدى العديد من القوى الإقليمية والأنظمة التى لا يوثق فى تقديرها لعواقب الأمور.
وانعكست تلك الصورة على المستوى الإقليمى فالمشكلات الساخنة والمشتعلة فى الشرق الأوسط وآسيا وأمريكا اللاتينية كانت تنذر بالتحول إلى كارثة حقيقية لو استطاع أى طرف أن يمتلك سلاحا نوويا ومن هنا كان حرص الدول النووية أن تنشئ إطارا دوليا تعاقديا لمنع الانتشار الأفقى يحمى وضعها كأطراف تستأثر بالسلاح النووى وتطوره دون حدود ويمنع الدول الأخرى من حيازة تلك الأسلحة ويعطيها بدلا من ذلك الحق فى الحصول على كل أنواع المعونة التى تسهل لها استخدام الطاقة النووية من أجل الأغراض السلمية.
وهكذا ولدت معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية من زخم الحرب الباردة ومعاييرها ومخاوفها التى حكمت كافة المنظورات الإقليمية والدولية فى تلك الفترة وحتى سنوات طويلة أخرى تالية.
ثانيا: مصر والانضمام للمعاهدة:
1 - مفاوضات إعداد المعاهدة:
بدأت مفاوضات إعداد مسودة المعاهدة عام 1965 واستمرت حتى 1968 عندما فتحت المعاهدة للتوقيع، وكان لمصر منذ البداية دورا هاما فى تلك المفاوضات وهو لم يكن بالأمر الهين مع وجود العملاقين الكبيرين وحلفائهما، وبالرجوع لأوراق ووثائق تلك المرحلة الهامة نجد أنها تعترف بدور مصر الإيجابى فى مرحلة المفاوضات وتشيد برؤية مصر التى أعلنتها فى ذلك الوقت تجاه المعاهدة من أنها تعتبرها وسيلة فعالة لإيقاف الانتشار الأفقى للأسلحة النووية وبالتالى فهى تطالب بان تكون المعاهدة غير محددة مدة سريانها (1).
ولاشك أن هذا الطلب يعكس ما وصل إليه الموقف المصرى من إيمان راسخ بأهمية المعاهدة وأهدافها، وقد طالبت مصر أيضا خلال المفاوضات بأن يولى مزيد من الاهتمام بمسألة ضمانات الأمن الفعالة لضحايا العدوان النووى ذلك أن الضمانات المقترحة من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى والمملكة المتحدة حينذاك ليست كافية، وطلبت بدلا من ذلك بأن تصاغ تلك الضمانات فى صورة تعهد ملزم من القوى النووية بالأخذ فى الاعتبار بأن التهديد باستخدام أو استخدام الأسلحة النووية ضد الدول اللانووية الأعضاء فى المعاهدة يعتبر سببا كافيا لمنع أو للرد بالمثل ضد العدوان النووى كإجراء من إجراءات الأمن الجماعى، وطالبت مصر الدول النووية الثلاث بأن تتكاتف لمنع العدوان النووى، وإنه من الأهمية القصوى أن تتضمن المعاهدة "الدول النووية المحتملة" حتى تصبح تلك المعاهدة ذات معنى (2).
يضاف إلى الآراء السابقة لمصر أنه يذكر لمجموعة الدول السبع غير المنحازة التى ضمت مصر من بين أعضائها وحضرت جميع مراحل المفاوضات، أنها أدخلت نصين غاية فى الأهمية إلى بنيان المعاهدة:
1 - عقد مؤتمر للمراجعة لاستعراض سيرها وتحقيقها لأهدافها "مادة 8 فقرة3" وذلك كل خمس سنوات.
2 - عقد مؤتمر للبت فى استمرار نفاذ المعاهدة يعقد بعد مرور25 عاما على دخولها حيز النفاذ "مادة 10 فقرة 2".
2 - التوقيع على المعاهدة:
قامت مصر بالتوقيع على المعاهدة فى كل من لندن وموسكو فى أول يوليو 1968 أى فى أول يوم فتحت فيه المعاهدة للتوقيع، ويحمل ذلك الحدث وذلك التاريخ دلالة واضحة على اهتمام مصر بالمعاهدة وتقديرها لأهميتها وإيمانها بالأهداف التى تسعى إليها، وذلك على الرغم من تحفظاتها على بعض المسائل التى لم تتم الاستجابة إليها مثل مسألة ضمانات الأمن، وعلى الرغم من أن التصديق قد تأخر عن التوقيع نحو ثلاثة عشر عاما، إلا أن المجتمع الدولى كان ينظر بعين التفهم لموقف مصر من التصديق والذى يأخذ فى الاعتبار رفض إسرائيل الانضمام لها، ولم يكن هذا التأخير من جانب مصر فى التصديق على المعاهدة يخفى وراءه رغبة فى أن تطور مصر برنامجا نوويا عسكريا أو أن تتحايل من جانبها على نصوص المعاهدة بل كان واضحا أن مصر قد ألزمت نفسها بالمعاهدة من جانبها منذ اللحظة التى وقعت فيها عليها وذلك إيمانا - وفى ظل الحكومات المتتالية - بأن السلاح النووى لا يحمى ولا يوفر أمنا وإنما يبذر بذور الخطر المتفجر فى أية لحظة. وقد أكدت الأحداث التى تلت توقيع مصر على المعاهدة هذه الوضعية الفريدة "الالتزام دون التصديق" والتى كانت دافعا رئيسيا لأن تستكمل مصر موقفها من المعاهدة وذلك باتخاذ خطوة التصديق كإقرار بأمر واقع بالفعل وهو التزام مصر بأحكام المعاهدة.
3 - مؤتمر الدول النووية أغسطس 1968:
بعد فتح المعاهدة للتوقيع وفى خلال الفترة التى سبقت دخولها حيز النفاذ، انعقد تحت رعاية الأمم المتحدة مؤتمر ضم ست وتسعين دولة لا نووية فى أغسطس 1968 حيث اتخذ المؤتمر عدة قرارات عبرت عن وجهة نظر تلك الفئة من الدول والتى شملت:
أ - ضرورة القيام بإجراءات أكثر شمولا لنزع السلاح النووى مثل إنشاء المناطق الخالية من الأسلحة النووية.
ب - حتمية العمل على إيقاف إنتاج المواد الانشطارية للاستعمال العسكرى وتخفيض السلاح النووى تمهيدا لإزالته تحت نظام رقابة فعال.
ج - ضرورة العمل على الوقف التام للتجارب النووية من أجل الأغراض العسكرية. ومن اللافت للنظر أن مطالب دول عدم الانحياز سواء تلك التى تبدت أثناء مرحلة المفاوضات أو خلال مؤتمر الدول اللانووية كانت هى نفسها تلك المطالب التى نادت بها تلك الدول خلال مؤتمرات المراجعة الأربعة "75 - 80 - 85 - 90" ومازالت أيضا تشكل مطالب تلك الدول التى تريد ضمان أمنها وسلامتها من قرار متهور باستخدام السلاح النووى ضدها وفى نفس الوقت تريد لشعوبها مستوى أعلى من التنمية والرفاهية وتؤمن بدور الطاقة النووية فى ذلك - مازالت تشكلها فى مؤتمر المراجعة القادم إبريل 1995
4 - التصديق:
فى يوم 1980/12/14 وجه الدكتور بطرس غالى وزير الدولة للشئون الخارجية مذكرة للرئيس السادات ولرئيس الوزراء، يرجو فيها الموافقة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية NPT معددا مزايا التصديق على هذه المعاهدة وعلى رأسها أن هذا التصديق يتيح لمصر الحصول على التكنولوجيا النووية من الدول التى تمتنع عن إمداد مصر بها بحجة عدم تصديقها على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية.
وكانت تلك المذكرة إيذانا ببدء إجراءات دستورية انتهت بإصدار الرئيس الراحل أنور السادات قرارا جمهوريا - بناء على موافقة مجلس الشعب -بالتصديق على المعاهدة والموافقة على جميع أحكامها حكما حكما وذلك فى 22 فبراير 1981 ، ويمكن إجمال الأسباب التى حدت بمصر على التصديق هذه المعاهدة فيما يلى:
أ - إن هذه الخطوة من جانب مصر ستدفع إسرائيل لمزيد من التروى والتفكير فى الانضمام مستقبلا للمعاهدة ونبذ تصنيع السلاح النووى وخاصة فى ظل مناخ السلام السائد بعد توقيع معاهدة السلام عام 1979 بين مصر وإسرائيل.
ب - نجاح مصر فى إقناع إسرائيل بالموافقة على القرار الذى تبنته مصر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط مما يسهم فى عملية ترجمة هذا القرار لواقع فعلى وهو الأمر الذى يعنى إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط الأمر الذى يحمل فى طياته التزاما نافذا من كافة دول المنطقة بأهداف المنطقة المنزوعة السلاح النووى.
ج - حاجة مصر الملحة للاستثمار فى الطاقة النووية لمواجهة احتياجاتها من الطاقة الكهربية فى نهاية هذا القرن.
5 - موقف مصر من معاهدات نزع السلاح التالية لمعاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية:
تتمتع مصر بعضوية سبع معاهدات دولية لنزع السلاح والحد من التسلح تشكل أهم التعاقدات الدولية فى هذا المجال، وقد صدقت مصر على خمس من تلك المعاهدات وهى:
1 - بروتوكول جنيف لتحريم استخدام الغازات السامة والخانقة والأسلحة البيولوجية فى الحرب وكان تاريخ التصديق "1928".
2 - اتفاقية الحظر الجزئى للتجارب النووية 1963
3 - اتفاقية الفضاء الخارجى 1967
4 - معاهدة تحريم الاستخدامات العسكرية لتقنيات التغيير البيئى 1982
5 - تصديق مصر على معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية فى 1981
6 - بينما اكتفت مصر حتى الآن بتوقيع اتفاقية الأسلحة البيولوجية 1972 واتفاقية الأسلحة غير الإنسانية مما يعنى عدم التزام مصر بأحكام هاتين المعاهدتين من الناحية القانونية، وإن كان التزامها من الناحية الواقعية أمر معروف.
وتوضح الإحصائية السابقة أن مصر تتفوق على إسرائيل والعديد من الدول من حيث عدد معاهدات نزع السلاح والحد من التسلح التى ألزمت مصر نفسها بها، إيمانا بأهدافها السامية وتأكيدا على رغبتها الصادقة فى السلام الأمر الذى لم تحرم مصر عائده فى شكل تقدير واسع وملموس من العديد من دول العالم التى تؤمن بدور نزع السلاح بكافة أنواعه فى تحقيق الرفاهية للمجتمع البشرى. وبطبيعة الحال فان من بين تلك المعاهدات نجد أن معاهدات ثلاث تحظى باهتمام أكبر والتى تشكل الإطار القانونى لها لدى كافة الدول وهى المعاهدات التى تتناول أسلحة الدمار الشامل، معاهده حظر انتشار الأسلحة النووية NPT واتفاقية الأسلحة البيولوجية BWC ومعاهدة حظر الأسلحة الكيميائية CWC والتى لم توقع مصر عليها. ومن الواضح أنه يمكننا القول أن الموقف المصرى تجاه معاهدات نزع السلاح التى تم إبرامها بعد دخول معاهدة NPT حيز التنفيذ 1970 قد تأثر إلى درجة كبيرة بالموقف الإسرائيلى من هذه المعاهدة، فقد أدى عدم استجابة إسرائيل للنداءات المتكررة بوجوب انضمامها إلى NPT على الرغم من تغير الظروف، حيث انتقلت العلاقة من عداء فى أعقاب حرب 1967 ثم 1973 ومع بداية مسيرة السلام التى قطعتها مصر بمفردها15 عاما انتهى الأمر بعدها بدخول دول عربية أخرى فى نفس المسيرة مع إسرائيل وقد أدى عدم استجابة إسرائيل للانضمام للمعاهدة إلى اتخاذ مصر موقفا متحفظا من معاهدات نزع السلاح ذات الصفة الدولية والتى تلت 1970 تاريخ دخول معاهدة NPT حيز النفاذ، وذلك من منطلق أن إيمان مصر بدور نزع السلاح فى إحلال السلام هو إيمان ذو مبادئ أبرزها أن الحديث عن نزع السلاح وإجراءاته يعنى أن يتم ذلك بشكل متساو وموضوعى لا يعرف الاستثناءات، وهو ما سيلى الشرح فيه الحديث عن جهود مصر فى مجال نزع أسلحة الدمار الشامل. إلا أنه يهمنا قبل الانتقال لشرح تلك الجهود أن نوضح أن إحجام مصر عن التوقيع أو التصديق على معاهدات أسلحة الدمار الشامل التالية لمعاهدة NPT مثل CWC,BWC قد اقترن بتصرفات فريدة لم تقدم عليها دولة أخرى تمتنع عن الدخول فى التعاقدات الدولية لنزع السلاح، وتتمثل تلك التصرفات فى جهود حثيثة بذلتها مصر - ومازالت تبذلها - من أجل تدعيم إجراءات نزع السلاح فى المنطقة من خلال المبادرات ومشاركات الخبراء وعشرات الندوات وتصريحات السياسيين المصريين التى تؤكد كلها على ضرورة العمل على تجنيب منطقة الشرق الأوسط مخاطر حيازة السلاح النووى والكيماوى والبيولوجى.
ثالثا: جهود مصر فى مجال نزع أسلحة الدمار الشامل:
إذا كان تاريخ مصر مع معاهدة NPT يوضع بجلاء جانبا هاما من جهود مصر فى مجال نزع السلاح النووى فان هذا التاريخ ليس إلا جزءا من سجل حافل دافعت فيه مصر عن قضايا نزع أسلحة الدمار الشامل وطرحت العديد من المبادرات وخاض خبراؤها ودبلوماسيوها - ومازالوا - معارك طويلة فى سبيل تحقيق حلم إخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل "النووية - البيولوجية - الكيميائية".
أ - فبعد دخول معاهدة NPT حيز النفاذ عام 1970 بأربعة سنوات تقدمت مصر وإيران للجمعية العامة للأمم المتحدة بمشروع قرار بإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط وبالفعل أقرت الجمعية القرار عام 1974 وفى العام التالى والأعوام التى تلته حتى 1980 واصلت مصر جهودها فى الجمعية العامة لإصدار نفس القرار كل عام.
ب - وفى عام 1972 فتحت معاهده BWC للتوقيع فقامت مصر فورا بالتوقيع ولكنها لم تصدق عليها، وذلك على الرغم من المساهمة الفعالة لها فى مرحلة إعداد مسودة المعاهدة وعلى الرغم أيضا من التزام مصر الواقعى بأحكام المعاهدة، وكان ذلك الموقف من جانب مصر مرتبطا بوضوح لا يخفى على مختلف دول العالم - بموقف إسرائيل من معاهدة NPT ورفضها للتوقيع عليها أكثر من ارتباطه بموقف إسرائيل من معاهده BWC ذاتها والتى رفضت إسرائيل أيضا التوقيع عليها.
ج -مبادرة الرئيس حسنى مبارك لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل:
تقدمت مصر بمبادرة رئاسية بجعل منطقة الشرق الأوسط منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل وهى المبادرة التى أعلنها السيد رئيس جمهورية مصر العربية فى 18 إبريل من عام 1990 والتى تضمنت المبادئ التالية:
- ضرورة تحريم جميع أسلحة الدمار الشامل بدون استثناء سواء كانت نووية أو بيولوجية او كيماوية .. الخ فى منطقة الشرق الأوسط.
- تقوم جميع دول المنطقة - بدون استثناء - بتقديم تعهدات متساوية ومتبادلة فى هذا الشأن.
- ضرورة وضع إجراءات وأساليب من أجل ضمان التزام جميع دول المنطقة دون استثناء بالنطاق الكامل للتحريم.
وفى يوليو 1991 أعلن السيد وزير خارجية جمهورية مصر العربية استعداد مصر للتعامل مع مقترحات نزع السلاح البناءة التى تحقق ما يلى:
- تطابق كمى وكيفى للقدرات العسكرية لدول المنطقة.
- زيادة الأمن ولكن بمستوى أدنى من التسلح وعن طريق الحوار والترتيبات السياسية بدلا من قوة السلاح.
- اتفاقات لتحديد التسلح ونزع السلاح تكون خلالها لدول المنطقة مسئوليات والتزامات متساوية وملزمة قانونا فى مجال نزع السلاح بحيث تسرى بمقياس واحد على دول المنطقة فى هذا الصدد. وقدم السيد وزير الخارجية مقترحات إضافية للإسراع بإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل تضمنت ما يلى:
- دعوة الدول الرئيسية المصدرة للسلاح خاصة الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بالإضافة إلى إسرائيل وكذلك الدول العربية، إلى إيداع إعلانات لدى مجلس الأمن تتضمن تأييدا واضحا وغير مشروط لإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل وتعهدا بعدم اتخاذ خطوات تعرقل هذا الهدف.
- دعوه الدول المصدرة للسلاح والدول الأطراف بمعاهدة عدم الانتشار النووى لضمان انضمام كافة دول الشرق الأوسط إلى تلك المعاهدة، ووضع منشآتها النووية تحت الإشراف الدولى.
- دعوة دول منطقة الشرق الأوسط التى لم تكن قد فعلت ذلك إلى الإعلان عن تعهدها:
أ - بعدم استخدام أسلحة نووية أو أسلحة كيميائية أو بيولوجية.
ب - بعدم إنتاج أو الحصول على أسلحة نووية.
ج - بعدم إنتاج أو الحصول على أى مواد نووية صالحة للاستخدام العسكرى.
د - بقبول نظام التفتيش الدولى التابع للوكالة الدولية للطاقة الذرية على كافة مرافقها النووية.
ثم تزايدت مظاهر التأييد لمبادرة الرئيس مبارك لإنشاء منطقة خالية من كافة أسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط تمثلت فى:
(أ) إدخال فقرات خاصة بتلك المبادرة ضمن أحكام قرار الجمعية العامة بشأن "إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط" مثل الفقرة 8 بالديباجة والتى تنص على:
WELCOMING ALL INITIATIVES LEADING TO GCD. INCLUDING IN THE REGION OF THE M. E. AND IN PARTICULAR ON THE ESTABLISHMENT THEREIN OF A ZONE FREE WEAPONS OF MASS DESTRUCTION INCLUDING NUCLEAR WEAPONS.
والفقرة 8 العاملة والتى تشير إلى:
INVITES ALL PARTIES TO CONSIDER THE APPROPRIATE MEANS THAT MAY CONTRIBUTE TOWARDS THE GOAL OF GCD AND THE ESTABLISHMENT OF A ZONE FREE OF WEAPONS OF MASS DESTRUCTION OF THE M. E.
(ب) إضافة فقره تأييد ضمن أحكام قرار "الضمانات"
قرار المؤتمر العام الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية (رقم 601 أكتوبر 1992) وقد مر القرار بتوافق الآراء:
الفقرة (د) بالديباجة والتى تم تضمينها لأول مرة على الرغم من أن المبادرة تعالج أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل تتعدى اختصاص الوكالة IAEA
WELCOMING THE INITIATIVES REGARDING THE ESTABLISHMENT A ZONE FREE OF WEAPONS OF MASS DESTRUCTION, INCLUDING NUCLEAR WEAPONS, IN THE M. E.
(ج) الفترة 14 من قرار مجلس الأمن 687 :
TAKES NOTE THAT THE ACTIONS TO BE TAKEN BY IRAQ IN PARIS 8,9,10,11,12 & 13 OF THIS RESOLUTION REPRESENT STEPS TOWARDS THE GOAL OF ESTABLISHING IN THE M. E. A ZONE FREE OF WEAPONS OF MASS DESTRUCTION & ALL MISSILES FOR THEIR DELIVERY & THE OBJECTIVE OF A GLOBAL BAN ON CW.
(د) الفقرة 2 من بيان اجتماع الدول الخمس الكبرى حول نقل الأسلحة ومنع الانتشار (باريس 8 و 9 يوليو 1991):
THEY ALSO STRONGLY SUPPORTED THE OBJECTIVE OF ESTABLISHING A WEAPONS OF MASS DESTRUCTION FREE ZONE IN THE M. E.
(هـ) كما أشارت الفقرة (2C) من قرار مجلس الأمن الصادر فى 22 نوفمبر 1991 :
THE TERRITORIAL INVIOLABILITY OF EVERY STATE IN THE AREA THROUGH MEASURES INCLUDING THE ESTABLISHMENT OF A DEMILITARIZED ZONE.
(و) البيان الختامى لعدم الانحياز الفقرة 50 من المستند NACIO سبتمبر 1992 :
THE HEADS OF STATE OF GOV. REITERATED THE SERIOUSNESS & IMPORTANCE OF ELIMINATING WEAPONS OF MASS DESTRUCTION & CONSIDERED THE ESTABLISHMENT OF THE NUCLEAR WEAPONS FREE ZONE IN PARTICULAR A NECESSARY STEP TOWARDS ATTAINING THIS OBJECTIVE. IN THIS CONTEXT THEY WELCOMED THE VARIOUS INITIATIVES FOR THE ESTABLISHMENT OF SUCH ZONE. PARA 46 OF THE SAML NAM DOCUMENT WELCOMED THE CWC AS A MENACING FULL STEP FORWARD TOWARDS THE ELIMINATION OF ALL WAND IN ALL REGIONS... (ز) بيان رئيس المجموعة الأوروبية فى الجمعية العامة بتاريخ 4 نوفمبر 1992 باسم المجموعة.
THE CALL TO MAKE THE M. E. ZONE FREE WMD MERITS FULL SUPPORT FROM THE INTERNATIONAL COMMUNITY & ITS MEMBERS ARE PLEASED THAT SUCH A CALL IS NOW ALSO REFLECTED IN THE RESOLUTION OF NWFZ IN THE M. E.
(ح) الفقرة 148 من دراسة السكرتير العام مستند رقم A/45/435 المؤرخ 1990/10/10 بشأن الإجراءات القابلة للتحقيق لتسهيل إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط والتى أشارت إلى:
RECENTLY PRESIDENT MUBARAK OF EGYPT MADE A PROPOSAL THAT OFFERS THE GOVS PARTICIPATION IN THE VARIOUS SUPPLIERS GROUPS AN OPPORTUNITY TO ALIGN THEMSELVES WITH A REGIONAL INITIATIVE (SEE A/45/219, S/21252, ANNEX). THE MUBARAK PLAN CALLS FOR MAKING THE MIDDLE EAST FREE OF ALL WEAPONS OF MASS DESTRUCTION WHAT PRACTICAL FORM SUCH AN ALIGNMENT AND SUPPORT COULD TAKE IS OUTSIDE THE MANDATE OF THE PRESENT STUDY. BUT IT IS CLEAR THAT THE OBJECTIVES ARE IN COMPLETE HARMONY.
PARA 189 THE STUDY UNDERSCORED:
THE LEADING INDUSTRIAL STATES MUST CONTINUE & EVEN EXPAND THEIR ACTIVITIES DESIGNED TO DISCOURAGE ANY PROLIFERATION OF WEAPONS OF MASS DESTRUCTION ESPECIALLY NUCLEAR WEAPONS. THESE ACTIVITIES SHOULD MOREOVER, BE EXTENDED TO ENLIST THE COOPERATION OF MIDDLE EASTERN STATES, PERHAPS, THROUGH THE MUBARAK PLAN.
(ط) قرار مجلس جامعة الدول العربية الدورة (98) فى سبتمبر 1992 بشأن تنسيق المواقف العربية تجاه أسلحة الدمار الشامل وتحريك الجهود الرامية لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط وقد نصت الفقرة العاملة الثانية:
"تأكيد تأبيد مجلس الجامعة لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من كافة أسلحة الدمار الشامل النووية والكيمائية والبيولوجية باعتبار ذلك افضل وسيلة لتحقيق الأمن لكافة دول المنطقة".
(ى) قرار جامعة الدول العربية رقم 5285 الصادر فى 19 إبريل الماضى الذى ينص على تشكيل لجنة من الدول الأعضاء لإعداد دراسة فنية بخصوص تحويل منطقة الشرق الأوسط إلى منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل.
(ك) إشارة العديد من رؤساء الوفود خلال مؤتمر باريس للتوقيع على اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية (يناير 1993) إلى المبادرة المصرية فعلى سبيل المثال: أشار وزير الخارجية الأمريكى إيجلبرجر إلى:
MAKING THE MIDDLE EAST A ZONE FREE OF ALL WEAPONS OF MASS DESTRUCTION AS CALLED FOR BY RESIDENT MUBARAK OF EGYPT.
كما تضمنت كلمة وفد المملكة المتحدة أمام مؤتمر باريس للتوقيع على معاهدة حظر الأسلحة الكيمائية إشارة لنفس المبادرة المصرية وإشادة بها.
ومن ناحية أخرى صدر تقرير السكرتير العام (رقم A/47/387) بتاريخ 1992/9/2 حول إنشاء منطقة خالية من السلاح النووى فى الشرق الأوسط، والذى تضمن من خلال فقراته المتعددة عدم الحاجة فى المرحلة الراهنة لقيام السكرتير العام بأية إجراءات تجاه إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية فى الشرق الأوسط فى ضوء تناول مباحثات السلام لهذا، ومن ناحية أخرى أشار التقرير أن إنشاء تلك المنطقة يكون فى مرحلة لاحقة، نتيجة لبناء الثقة بين الأطراف فى المنطقة ودعم إجراءات بناء الثقة والأمن فى منطقة الشرق الأوسط قبل الخوض فى مسألة السلاح النووى والحد من التسلح، وهو الأمر الذى يدفعنا إلى ضرورة التحرك لإبعاد شبح الجمود عن المبادرة المصرية:
TO MAINTAIN THE MOMENTUM AND TO BE ON THE OFFENSIVE.
(ل) مصر ومعاهدة حظر الأسلحة الكيمائية:
نصت اتفاقية BWC فى مادتها التاسعة على وجوب سعى الدول الأعضاء فيها للتوصل لاتفاقية لحظر الأسلحة الكيمائية، وكانت اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية تمثل هى الأخرى حلما غالبا لكل العاملين فى مجال نزع السلاح كضرورة حتمية للتنمية والرخاء وسعادة البشرية وأمنها، وقد صاغت مصر موقفها من المعاهدة بناء على حقائق ثابتة تتلخص فى:
(1) إن مصر تؤمن بأن الأسلحة الكيمائية فى شتى صورها تعد من أبشع أدوات الحرب فى ضوء قدرتها وامتداد آثارها بدون تمييز، الأمر الذى يفرض علينا جميعا السعى الحثيث من أجل التخلص النهائى من كافة أشكال هذا السلاح وغيره من أسلحة الدمار الشامل.
(2) شاركت مصر بكل جد وإخلاص من اجل بلورة مشروع اتفاقية محكمة متكاملة وشاملة لحظر الأسلحة الكيمائية فى إطار مؤتمر نزع السلاح بجنيف بهدف دعم الأمن والسلم الدوليين وبدافع حرصها على الأمن القومى العربى سعت لأحكام مواد الاتفاقية لأقصى حد وتدارك الثغرات.
(3) توجهت مصر توجها صادقا لدعم أمن منطقة الشرق الأوسط: مبادرة 1974 لإخلاء الشرق الأوسط - السلاح النووى - مبادرة الرئيس حسنى مبارك 1990
لإخلاء الشرق الأوسط من كافة أسلحة اللى مار الشامل - طالبت لها انضمام كافة دول المنطقة لاتفاقية منع الانتشار NPT وإخضاع إسرائيل لكافة مرافقها وأنشطتها لنظام ضمانات الوكالة الدولية للطاقة الذرية وضرورة تناول كافة أسلحة الدمار الشامل بمنظور شامل متساو ومتكافئ
(4) غياب أية خطوة إيجابية من جانب إسرائيل تجاه التعامل مع السلاح النووى وإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل فى الشرق الأوسط، لم وأشاعتها للتعرف حول قدراتها النووية واستمرارها فى نهج مواقف مبنية على عقيدة التفوق العسكرى الأمر الذى يعمق الخلل الأمنى فى المنطقة ويضر بالمفاوضات الجارية إلى توفر إطارا مناسبا لمفاوضات جادة.
إن مصر على استعداد للتعامل مع اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية بقدر تعاون إسرائيل مع معاهدة عدم الانتشار وإخضاع منشآتها وبرامجها النووية لنظام ضمان الوكالة. (5) إن تحرك المجتمع الدولى بالضغط على الدول العربية للانضمام لاتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية يجب أن يقابله تحرك مقابل للضغط على إسرائيل للانضمام لمعاهدة عدم الانتشار التى تعالج موضوع السلاح النووى الذى هو أكثر أسلحة الدمار الشامل خطورة وتدميرا.
(6) إن مصر ستلتزم واقعيا DE FACTO بالإطار العام للاتفاقية وهو ما أشار إليه السيد عمرو موسى وزير الخارجية فى 1992/12/10
(7) موقف الدول العربية أثناء مؤتمر باريس فى يناير 1989 أكد ضرورة التعامل مع حظر الأسلحة الكيمائية جنبا إلى جنب مع الجهود الدولية لوقف دفع انتشار الأسلحة النووية وقد مضت هذه الدعوة دون أن تلقى اهتماما من الدول "اللامبالية".
وفى سبتمبر 1992 ناقش وزراء خارجية دول جامعة الدول العربية الموقف العربى من مشروع اتفاقية الأسلحة الكيماوية حيث تمخضت تلك المناقشات عن بلورة موقف عربى يرتكز على ثلاث محاور صاغها السفير/ د نبيل العربى مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة فى كلمته أمام الجمعية العامة أثناء مناقشتها لمشروع الاتفاقية فى نوفمبر 1992 فيما يلى:
أولا: الاستعداد للتعامل مع جميع مقترحات نزع السلاح البناءة التى من شأنها أن تحقق تكافؤا كميا ونوعيا فى القدرات العسكرية لدول المنطقة وتوافر الأمن من خلال الالتزامات المتساوية والواجبة النفاذ قانونا فى مجال نزع السلاح بحيث تسرى بمقياس واحد على جميع دولى المنطقة واعتماد الترتيبات السياسية.
ثانيا: تأكيد تأييد إخلاء منطقة الشرق الأوسط من جميع أسلحة الدمار الشامل النووية والكيمائية والبيولوجية باعتبار ذلك أفضل وسيلة لتحقيق الأمن لجميع دول المنطقة.
ثالثا: استعداد التعامل مع اتفاقية حظر الأسلحة الكيمائية فى إطار الجهود الرامية إلى إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل بقدر ما تستجيب إسرائيل مع المطالب الدولية بالانضمام إلى معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وأن تضع منشآتها النووية تحت نظام الرقابة الدولية وفقا لقرار مجلس الأمن رقم 487 لسنة 1981
وإذا كان موقف مصر من اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية يعد امتدادا لموقفها من كل المعاهدات التالية لمعاهدة NPT والذى يستند إلى موقف إسرائيل الرافض للتوقيع إلا أننا هنا نلمح تطورا طرأ على الموقف المصرى متمثلا فى أن النظرة المصرية غدت أشمل وأوسع بحيث تشمل ضرورة إدراج جميع دول المنطقة فى منظومة دولية لنزع جميع أسلحة الدمار الشامل نووية وبيولوجية وكيماوية بحيث تحوى تلك المنظومة معاهدات NPT, BWC, CWC
رابعا: القرار 255 والرؤية المصرية لموضوع ضمانات الأمن:
خلال فترة صياغة مشروع معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية NPT طرح موضوع ضمانات الأمن للدول غير النووية بشكل متكرر حيث أعربت الدول التى عرفت أنها ستدخل إلى المعاهدة كدول آلت على نفسها عدم امتلاك السلاح النووى إلى الأبد عن مخاوفها من تعرضها ولأى سبب من الأسباب لهجوم نووى من دولة حائزة للسلاح النووى سواء كانت عضوا فى NPT أم لا. وكانت وجهة نظر مصر ودول عدم الانحياز المشاركة فى المفاوضات انه إذا كان الهدف الأول لتلك المعاهدة هو منع انتشار السلاح النووى بين الدول اللانووية الأعضاء، فلابد وأن توفر نفس المعاهدة إطارا يحمى تلك الدول من السبب الذى من شأنه أن يدفع أية دولة لحيازة سلاح نووى تحمى به أمنها وتردع به أى عدوان نووى، إلا أن المعاهدة جاءت خلوا من نص يتناول هذا الموضوع بشكل حاسم.
وقبيل فتح المعاهدة للتوقيع بأيام وفى 19 يونيو 1968 أصدر مجلس الأمن قرار رقم 255 الخاص بتدابير من الدول غير الحائزة على الأسلحة النووية الأطراف فى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والذى نص بعد ديباجته على أن مجلس الأمن "يقر بأن أى عدوان باستخدام الأسلحة النووية أو التهديد بشن هذا العدوان ضد دولة غير حائزة على الأسلحة النووية من شأنه أن يخلق موقفا يتحتم فيه على مجلس الأمن وبصفة خاصة أعضاءه الدائمين من الدول الحائزة على الأسلحة النووية أن تتخذ ما يلزم من الإجراءات الفورية وفقا لالتزاماتها بمقتضى ميثاق الأمم المتحدة. يرحب بالنية التى أعلنت عنها دول معينة بتقديم أو تأييد تقديم المساعدة الفورية وفقا للميثاق لأية دولة غير حائزة على الأسلحة النووية تكون طرفا فى معاهده منع انتشار الأسلحة النووية إذا ما وقعت ضحية لعمل عدوانى أو كانت محل تهديد باعتداء يستخدم فيه السلاح النووى.
يؤكد من جديد وبصفة خاصة الحق الطبيعى بمقتضى المادة 51 من الميثاق بخصوص حق الدفاع الفردى والجماعى فى حالة وقوع هجوم مسلح على عضو من أعضاء الأمم المتحدة ..."
وإزاء هذه القضية الهامة صاغت موقفها كما يلى:
1 - إن مصر تعطى أهمية كبيرة لقضية الترتيبات الدولية الفعالة لضمان أمن الدول غير النووية ضد استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية وتؤمن بأن أكثر الضمانات فعالية ضد استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية هو نزع السلاح النووى تحت سيطرة دولية فعالة، وإلى حين تحقيق هذا الهدف فإن ضمانات الأمن تعد إجراء هاما فى هذا الصدد.
2 - إن مصر ترى أن قرار255 يعد خطوة هامة إلا أنها ليست كافية وذلك لأوجه القصور التى شابت القرار نفسه والمتمثلة فى:
أ) أن الفقرة العاملة الأولى لم تعط الاهتمام الكافى لجسامة الاستخدام الفعلى أو التهديد باستخدام السلاح النووى حيث أن القرار لم يتسم بالوضوح الكافى فيما يتعلق بالنظر لهذا الموقف على أنه يمثل تهديدا للأمن والسلم الدوليين تمشيا مع المادة 39 من الميثاق.
ب) لم يتضمن القرار مادة تردع الدول من استخدام أو التهديد باستخدام الأسلحة النووية ولم يتضمن تأكيدا بأن المجلس سوف يهب لاتخاذ إجراءات للرد على ذلك الموقف الخطير تمشيا مع روح ونص المواد ذات الصلة فى الفصل السابع من الميثاق.
ج) إن القرار يفتقر لوجود التزام واضح وقاطع من الدول الحائزة للأسلحة النووية بأن تتخذ الإجراءات الفعالة كتطبيق العقوبات، وذلك فضلا عن أن القرار لم يشر لمدى وتعريف ما هو المقصود بالمساعدة، وعلى ذلك فإن أى تطوير للقرار255 لابد وأن يتضمن تعريفا شاملا للمساعدة بحيث تشمل الجوانب التقنية والعلمية والمالية والإنسانية.
د) من ناحية أخرى فإن القرار جاء مفتقدا لوجود نص بعدم تقديم المساعدة أية مساعدة تكنولوجية نووية لأى دولة غير موقعة على معاهدة منع الانتشار واتفاقيات الضمانات الشاملة مع الوكالة خاصة تلك الواقعة فى مناطق التوتر.
3 - بناء على ما سبق فلابد وأن يتم تطوير القرار255 عن طريق تبنى قرار جديد يتضمن تأكيدات ذات مصداقية وينبنى فى ذات الوقت على نصوص القرار255
4 - ترى مصر أنه لابد وأن تتخذ خطوة أولى ببدء التشاور بين الدول الحائزة للأسلحة النووية حول ضمانات الأمن مع الأخذ فى الاعتبار قرار مجلس الأمن رقم 255 وإخبار بقية الدول الأعضاء فى معاهدة NPT بأن تطور فى هذا الصدد تمهيدا للبناء عليه وسد أوجه القصور فى القرار القديم الصادر فى 1968 وإصدار قرار جديد.
وتجدر الإشارة إلى أن القرار255 صدر فى ظل ظروف دولية تختلف عن ظروف عالم اليوم والذى انتهت منه الحرب الباردة وأصبح السؤال الحاسم حول جدوى وشرعية الردع النووى "الردع ضد من ؟" وبالتالى فإن الجهود الدولية يجب أن تأخذ بعين الاعتبار منح الدول غير النووية ضمانات أمن فعالة وغير منقوصة وإمكان ربط ذلك بالمناطق الخالية من السلاح النووى على أن تقدم الدول النووية تعهدات صريحة باحترام وضع هذه المناطق المنزوعة السلاح النووى.
خامسا: فى انتظار إبريل 1995 (موقف مصر من مؤتمر مراجعة/ تمديد سريان العمل بالمعاهدة)
فى السابع عشر من شهر إبريل 1995 تعلن إشارة البدء للمؤتمر الذى تنتظره جميع الدول الأعضاء فى معاهدة NPT منذ خمسة وعشرين عاما ذلك أنه يحمل أهمية خاصة لأنه يتناول قضيتى المراجعة، وتمديد سريان العمل بالمعاهدة.
وفيما يتعلق بمصر فإننا نستطيع أن ننظر لجهود مصر فى مجال نزع السلاح مند فتح معاهدة NPT للتوقيع عام 1968 وحتى الآن مما سبق ذكره فى هذه الدراسة على أنه كان تمهيدا واستعدادا مصريا لمؤتمر إبريل 1995 الذى سيشهد ولاشك موقفا مصريا ينبنى على التاريخ المشرف لمصر فى مجال نزع السلاح النووى خاصة وأسلحة الدمار الشامل بصفة عامة. وعلى الرغم من تركيز العديد من الكتابات والندوات على قضية تمديد سريان العمل بالمعاهدة إلا أننا نريد أن نؤكد فى هذا الصدد أن قضية مراجعة التزام بأحكام المعاهدة ومدى تحقيقها لأهدافها لا تقل فى أهميتها عن قضية تمديد سريان العمل بها.
أ) الموقف المصرى من المراجعة:
شهدت أعوام 75، 80، 85،90 انعقاد مؤتمرات مراجعة معاهده NPT ومن بينها لم ينجح سوى مؤتمر واحد هو مؤتمر عام 1985 فى إصدار وثيقة نهائية تعبر عن آراء الدول الأعضاء فى المعاهدة وذلك بفضل جهود مصر التى رأست هذا المؤتمر ومثلها فى تلك الرئاسة أحد خبرائها المحنكين فى مجال نزع السلام وهو السفير أد. محمد شاكر.
وعبر خمسة وعشرين عاما من عمر المعاهدة بلورت مصر موقفها من قضية المراجع فى النقاط الرئيسية التالية:
1 - تطالب مصر بتوفير ضمانات أمن سلبية وإيجابية كافية وغير مشروطة لأنه لا سبيل لضمان أمن الدول غير النووية ومن بينها مصر ضد استخدام السلاح النووى أو التهديد باستخدامه سوى تلك الضمانات ولمصر مقترحات ذكرناها فى الجزء الرابع من هذه الدراسة فى هذا الصدد. 2 - تحقيق عالمية المعاهدة وتنظر لمصر فى ذلك لانضمام إسرائيل كخطوه رئيسية لتحقيق هذا الهدف وكذلك تتمسك مصر فى نفس الإطار بمبادرة السيد الرئيس حسنى مبارك لإخلاء الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل.
3 - ضرورة توصل الدول النووية إلى اتفاقية للحظر الشامل للتجارب النووية.
4 - ضرورة توصل الدول النووية إلى اتفاق حول وقف إنتاج المواد الانشطارية للأغراض العسكرية ودخول إسرائيل فى أى تعهد دولى ينشأ لهذا الغرض مع توافر نظام تحقيق فعال يشمل المخزون.
5 - ضرورة التزام جميع الدول الأعضاء فى المعاهدة بعدم تقديم أية مساعدات فى المجال النووى إلا للدول الأعضاء فى تلك المعاهدة والتى وقعت اتفاق ضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
6 - إجراء مزيد من التخفيضات للمخزون من الأسلحة النووية لدى الدول النووية الخمس الأعضاء فى المعاهدة وأن يتم ذلك التخفيض تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصولا لنزع السلاح العام والكامل وبالأخص السلاح النووى.
7 - ضرورة دعم التعاون بين الدول النووية والدول اللانووية فى مجال الاستخدامات السليمة للطاقة النووية تحقيقا للمادة 4 من المعاهدة التى لم تستفد منها الدول اللانووية حيث استطاعت بعض الدول غير الأطراف الحصول على التكنولوجيا النووية وبالتالى طالبت مصر بضرورة إنشاء سجل أو نظام متابعة لعمل تقارير دورية. يكون تابعا للأمم المتحدة وذلك لمتابعة أنشطة الدول فى مجال التسلح النووى.
8 - أهمية تدعيم دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتحقيق هذا الهدف، حيث لابد من مراجعة نظام الضمانات التابع للوكالة وضرورة إعطاء مفتش الوكالة حق التفتيش بالتحدى أو التفتيش المفاجئ لزيادة كفاءة النظام ولمنع تكرار حدوث حالتى كوريا الشمالية والعراق، علما بأن الوكالة تناقش حاليا نظاما تحت اسم ت(93)+ت2 وهو خاص بزيادة كفاءة الوكالة فى اكتشاف الانتهاكات عن طريق استخدام السبل التقنية الجديدة مثل التحليل البيئى.
9 - فيما يتعلق بأحكام المادة السادسة من المعاهدة تنادى مصر وتشاركها العديد من الدول غير النووية بضرورة إصلاح العيوب التى ولدتها المعاهدة فى المسئوليات والحقوق بين الأطراف وبالتالى تطالب الدول غير النووية الدول النووية ببذل المزيد من الجهد لنزع السلاح النووى وإبرام الاتفاقات الجديدة بهذا الشأن فى إطار زمنى محدد.
الموقف المصرى من تمديد سريان العمل بالمعاهدة:
وفقا للمادة العاشرة فقرة 2 من المعاهدة فإنه "يصار، بعد خمس وعشرين سنة من نفاذ المعاهدة ، إلى عقد مؤتمر استمرار نفاذ المعاهدة إلى اجل غير مسمى أو تمديدها لفترة أو فترات محددة جديدة. ويكون اتخاذ هذا القرار بأغلبية الدول الأطراف فى المعاهدة".
وعلى ذلك فإن تلك الفقرة تضع الدول الأعضاء فى المعاهدة أمام 3 احتمالات لقرار المد حتى يتم إعمال هذه الفقرة.
الأول: أن يتم مد العمل بالمعاهدة إلى أجل مطلق أى استمرار العمل بالمعاهدة إلى الأبد بشكلها الحالى إلا إذا تم الاتفاق على إدخال تعديل لأحد نصوصها وفقا للمادة (8) والتى تنص على إجراءات بالغة الصعوبة للتعديل.
الثانى: أن يتم مد العمل بالمعاهدة فترة واحدة محددة تقترح بعض الدول الأطراف أن تكون خمسا وعشرين سنة (فنزويلا).
الثالث: أن يتم مد العمل بالمعاهدة عددا محددا من الفترات (نيجيريا تقترح من خمس إلى عشر سنوات).
وفى حالة الخيارين الثانى والثالث فإن انتهاء المدة أو المدد المحددة سلفا يعنى أن الدول الأعضاء قد نفذت الفقرة 2 مادة 1، وعلى ذلك تنتهى المعاهدة فى هذه الحالة لأن هذه المادة لم تشر إلى تكرار عقد مؤتمر النظر فى مد المعاهدة كلما انتهى العمل بالمعاهدة وعلى ذلك يكفى إتباع هذا الأسلوب مرة واحدة للوفاء بأحكام المادة العاشرة.
ووفقا لهذه المادة فإن قرار التمديد يتخذ بأصوات أغلبية الأعضاء ويسرى على الجميع حتى من كان رأيه معارضا، وفى هذه القضية يبرز خلاف جوهرى حول مسألة الأغلبية التى ترى الدول المؤيدة للتحديد اللانهائى للمعاهدة أنها أغلبية بسيطة بينما تنادى الدول اللانووية إن تلك الأغلبية ينبغى أن تكون أغلبية ساحقة ضمانا لمصداقية واحترام المعاهدة لدى أكبر عدد من أعضائها، إن لم يكن الأمر بتوافق الآراء وهى وسيلة اتخاذ القرارات فى جميع مؤتمرات المراجعة السابقة.
وعلى أية حال فجميع الخيارات متاحة أمام مصر، إلا أننا نريد التأكيد على أنه إزاء تاريخ طويل من المبادرات المصرية والتحركات النشطة من جانب مصر لإزالة الخلاف النووى مع إسرائيل وإزاء عدم حصول مصر على ردود إيجابية من إسرائيل بشأن انضمامها للمعاهدة حتى الآن كان لزاما على مصر أن تعلن أكثر من مرة فى الفترة التى سبقت عقد مؤتمر إبريل على لسان الرئيس حسنى مبارك ووزير الخارجية السيد عمرو موسى أن موقف مصر النهائى من قضية تمديد سريان العمل بالمعاهدة سيتحدد بشكل نهائى وفقا لما نتخذه إسرائيل فى هذا الشأن. الخاتمة:
لقد حرصت مصر أن تؤكد مرارا على لسان وزير خارجيتها السيد عمرو موسى عمق نظرتها لإجراءات نزع السلاح فى منطقة الشرق الأوسط حيث تحتل تلك الإجراءات موقعا متميزا فى هيكل السياسة الخارجية المصرية من منطلق إدراك مصر لأن تلك الجهود تعد أحد أهم المفاتيح لتحقيق السلام فى المنطقة.
إن السلام الكامل بمفهومه الواسع لن يستقيم فى الشرق الأوسط إلا إذا غيرنا من مفاهيمنا القديمة وليدة سنوات الحرب والعداء، ومجملها أن الأمن يمكن أن يتعزز بتكديس السلاح أو بحيازة أسلحة الدمار الشامل.
إن سباق التسلح الذى سار المنطقة على مدى العقود الماضية، والذى تسارعت خطاه فى ظل مناخ الشك والتحفز، لابد وأن يتم ترويضه ليتواءم مع الأوضاع الجديدة فى المنطقة.
وتعتقد مصر أن السلام فى الشرق الأوسط يلزم تدعيمه باتخاذ إجراءات للحد من التسلح، توفر شروطا أساسية ثلاثة.
أولها: تخفيض مستويات التسلح:
فقد أثبتت تجارب المنطقة أن ارتفاع مستويات التسلح لدى أى دولة من دولها كما أو كيفا، لم يشكل رادعا ولا وفر أمنا، وإذا كانت هذه التجارب سببا كافيا لإعادة تقييم سياساتنا فى هذا المجال، فإن الإنجازات السياسية التى وضعتنا وبثقة على طريق السلام فى المنطقة تجعلنا نتساءل عن حكمة تصعيد .. التسلح تحت مظلة السلام.
وثانيها: تحقيق توازن أمنى أفضل بين دول المنطقة:
إن شرقا أوسطيا جديدا ومستقرا، لا يتحقق إلا إذا رفضنا مفاهيم التفوق العسكرى واتفقنا على إخلاء المنطقة من أسلحة الدمار الشامل، إن استمرار هذه المفاهيم من شأنه أن يهدد الفرصة القائمة بالفعل للوصول إلى شرق أوسط مختلف لأن أى خلل فى التوازنات الأمنية لابد وان يولد شكوكا تعود بالمنطقة إلى ننافس وسباق فنزاع فصراع فصدام.
وثالثها: أن تتسم إجراءات نزع السلام الإقليمية بالمساواة والشمولية:
فإذا كنا نسعى إلى علاقات طبيعية بين الأطراف فعلينا أن نراعى فى مجال الأمن ونزع السلاح، أن تتساوى التزامات دول المنطقة. فلا يمكن القبول بوضع متميز أو استثنائى لطرف دون الآخرين، وإلا ظهرت شروخ خطيرة فى الأساس الذى نضعه قد تمتد وتتسع لتؤثر فى البنيان كله.
من هذا المنطلق كانت مبادرة مصر التى أطلقها الرئيس حسنى مبارك فى إبريل 1990 مقترحا إنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل قى الشرق الأوسط، تطبيقا لمفاهيم المرحلة الدولية الجديدة على المستوى الإقليمى، وكامتداد طبيعى لدعوة مصر منذ 1974 لإنشاء منطقة منزوعة السلاح النووى فى الشرق الأوسط.
وإعمالا لذلك تدعو مصر بكل إصرار إلى الانضمام الإقليمى الكامل إلى معاهدة عدم الانتشار النووى، وقبول تطبيق نظام الضمانات الشاملة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، الأمر الذى إن تم سيشكل خطوة رئيسية تدفع بجهود السلام والمصالحة فى الشرق الأوسط إلى آفاق جديدة وتمنع حدوث انتكاسات فى العلاقات الإقليمية فى المستقبل وتعلق مصر أهمية كبيرة على سرعة قيام إسرائيل بهذه الخطوة، خاصة ونحن نقترب حثيثا من موعد انعقاد مؤتمر مراجعة ومد العمل بمعاهدة عدم الانتشار النووى فى1995، وإلا سينتهى مد سريان المعاهدة - التى ترمى إلى تحقيق منع الانتشار النووى - إلى تكريس لواقع عكسى، غير متوازن وغير سليم، يتنافى مع مبدأ العالمية ويعتبر استثناء خاصا عليه وهو وضع غريب لا يمكن قبوله.
إنى انتهز هذه المناسبة لأناشد إسرائيل باسم مصر أن تستجيب لهذه الدعوة الجادة غاية الجدية، والتى تحمى المنطقة من ويلات سباق تسلح نحن جميعا فى غنى عنه، وهى خطوة تساعد على دعم الأمن الإقليمى. لابد أيها السادة من أن يولد فى عصر السلام فكر جديد، ينظر إلى شروط تحقيق الأمن من منظور علاقات السلم الجديدة، بدلا من الاعتبارات التى كانت تحكمها فى إطار منطلقات النزاع الإقليمى، كما لابد لإسرائيل أن تساير الفكر العالمى لا أن تخرج عنه، والفكر العالمى يدعو إلى عالمية معاهدة عدم الانتشار ونحن نصر على ذلك الإصرار كله، تجنبا لسباق فى هذا المجال الخطير (3). الهوامش:
(*) وزير مفوض ومدير شئون نزع السلاح بوزارة الخارجية.
(**) أسهم فى إعداد هذه الدراسة الملحق أحمد مصطفى (شئون نزع السلاح).
[1] SIPRI Yearbo-K 1972 ,p.p. 313 , 315
[2] SIPRI OP. Cit.
(3) بيان السيد عمرو موسى وزير الخارجية أمام الدورة 49 للجمعية العامة للأمم المتحدة.
|
|
09-09-2006, 10:23 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
|