حافظ الشيخ صالح

ليس كثيراً يُبهج الفوز العريض، وغير المتوقع، لحركة حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية، بل يُمكن هاهنا الـمُجازفة بالقول ان تبعات الفوز العريض هي أكثر بكثير وأثقل على كاهل حماس من فشلها، أو من تحقيقها نتائج أكثر تواضعاً، خصوصاً أن المكان هو فلسطين، ليس سواها، وخصوصاً أن حماس منتسبة الى «الإخوان المسلمين« أيْ الى إسلام المصبّ الرئيس.

خارجيا تجرى هذه الانتخابات، وتترتب عليها نتائجها من حيث إعادة توزيع موارد السلطة، في جوار وفي وسط بيئة جيوبوليتيكية، إقليمية ودولية، شديدة العداء لحماس وللإسلام، لاسيما الإسلام في السلطة، والقوى الفاعلة هاهنا، وفي مقدمتها بالطبع الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ومنظومة الدول العربية، التي هي عميلة من الدرجة الأولى ووكيلة طائعة مُذْعنة، على استعداد تلقائي للذهاب بعيداً جدا في التعاون من أجل تنفيذ انقلاب على العملية الانتخابية شبيه وأشد من الانقلاب العسكري والمافياوي على جبهة الإنقاذ في الجزائر قبل أعوام.

وأما على درجات مُتفاوتة فتأتي التهديدات الصهيونية الصريحة والوقحة، وتأتي التهديدات الأمريكية التي هي أيضاً لا تعوزها الصراحة والوقاحة، وتأتي الإيماءات الأوروبية ذات الجبين المقطّب والوجه العبوس القمطرير، مثلما، تأتي في الصلب تآمرات وخيانات الأنظمة، أنظمة الأمر الراهن، التي تحكم الوطن العربي وتكره أن ترى شعوبُها بعيونها أنموذجاً في الحكم والإدارة وتوزيع الثروة، عادلاً ونظيفاً، حتى في فلسطين التي هي بين مُحتلة مباشرة وشبه مُحتلة غير مُباشرة. وأما في الداخل المحليّ فلسوف يتعيّن على حماس، أو سلطة حماس، ان تواجه وان تعالج ركاماً مركوماً هائلاً من الفساد العام، ومن عصابات ومافياوات الفساد العام، التي هي مُستعدة جدا لأنْ تنزل ميليشياتها الـمُقاتلة الى الشوارع، وتشعل حرباً أهلية في امتياز، في سبيل ان تحفظ امتيازاتها وسرقاتها الملايينية والبلايينية، فهذا الفساد لدى هذه المافياوات والعصابات، شأنه الشأن في كل البلاد العربية من المحيط الى الخليج من غير استثناء واحد يتيم، هو الخط الأحمر الذي لا يُمسّ ولا يُلامس.

فوز حماس العريض، وغير المحسوب من قبلُ حسابه حتى لدى حماس نفسها، هو امتحان تاريخي لحماس بليغ القسوة، ويكاد يكون ورطة لحماس مُباغتة وعميقة ولا قعر لها وتختنق لسببها الأنفاس.

http://www.akhbar-alkhaleej.com/ArticlesFO...=154985&Sn=shkh

فوز حماس يبهج من لا يخاف، يبهج الحر الحق، الديمقراطي الحق، تبعات فوز حماس العريض يجب ان تكون كبيرة جدا إن كان في وطننا العربي الإسلامي أحرار ديمقراطيون ليبراليون حقا.

الثورة الخضراء ، لأسميها الثورة الخضراء ، تحمل في طياتها أهمية لا تقل عن الثورة الفرنسية، انهيار جدار برلين، انهيار الاتحاد السوفيتي، وبمراحل تحمل أهمية أكثر من احتلال العراق.

الوجوم العربي الرسمي يظهر خوف الأنظمة المهترئة العفنة من حراك شعبي يستطيع التغيير، كان احتلال العراق الخدمة الكبيرة لكل نظام ديكتاتوري عربي، فخيار المواطن العربي بدا ينحصر بين الاستبداد والفوضى، وعاد المأثور السياسي ، سلطان غشوم ولا فتنة تدوم، يسيطر على عقول عامة ومثقفي العرب، دون وعي منهم، كالخيار المتاح الوحيد ، ولكن نصر حماس أوضح أن خيار العربي السياسي لا ينحصر بين الاستبداد والفتنة بل بين الاستبداد والحرية، وكل ليبرالي ديمقراطي عربي يدعي إيمانه بهذه المبادئ يجب أن يقف خلف حماس بكل ما يستطيع من قوة فلأول مرة تستطيع الجماهير العربية إحداث تغيير سياسي بإزاحة النظام الحاكم الغاشم المستبد دون انقلاب عسكري أو تدخل خارجي.

هذا النموذج الذي قدمته حماس، بفضل من الله، وبدعم من مواطن فلسطيني رضع الحرية قبل حليب أمه هو نموذج يجب أن يفشل، حفاظا على استمرار الأنظمة العربية، والغريب هو التحالف الفوري ضد حماس من الأنظمة العربية مع الليبراليين والديمقراطيين الذين صدعوا رؤوسنا بدعوات الحرية ولكنهم الآن يتحالفون مع الأنظمة الديكتاتورية لأن هذه الحرية لم تأت على هواهم، أي أنهم يشترطون أن تتشكل الشعوب كما يريدون وتختار كما يريدون كي يسمحوا لها بتنشق نسائم حرية التعبير والاختيار، أو أنهم يتحالفون مع الأنظمة الديكتاتورية كي تقمع هذه الحرية في مهدها لأن الشعوب لم تنضج ولا تستحقها بعد، فهم فقط الناضجون الذين يحددون الشكل الصحيح لحرية الاختيار الذي يجب أن تختاره الشعوب، ثم يتهمون حماس بالوصاية

بعد الفوز و حفاظا على الأنظمة المهترئة والفساد المستشري في بلادنا العربية، يجب أن تفشل حركة الإصلاح ومحاولة قطع دابر الفساد، فهذا يغذي خيالات المقموعين القانعين بإمكانية مطاردة الفساد في بلادهم أيضا وهو مما لا يمكن السماح به، هل يتخيل أحد أثر محاكمات فلسطينية علنية للفاسدين من أعضاء السلطة السابقين وتداعيات ذلك على الجماهير العربية المقموعة المنهوبة، هو كبير، ولو أنكر من أنكر.

والأدهى أن كثيرا من أدعياء الديمقراطية والليبرالية أخذوا يسطرون المدائح لفتح متناسين أنها أخرجت من رحمها سلطة ديكتاتورية سجنت وعذبت وسرقت ونهبت وتسلطت واغتصبت(نساء)، هذا في المجال الداخلي، أما على الصعيد الخارجي فقد أصبحت السفارات الفلسطينية بؤر فساد ورشاوي ومحط سخرية وتندر، كما ترسخ فشل مشروع فتح التفاوضي السياسي بالانسحاب الأحادي الجانب من غزة وجدار الفصل العنصري ومستوطنة معاليه أدوميم، وخضع رئيسها ورئيس السلطة لحصار استمر عامين تخلى فيه جميع أنصاره وأتباعه عنه ليقتل أخيرا دون أن يبكوا عليه، ليغرقوا بعده في صراعات حول الكراسي والسلطة وصلت إلى القتل في حالة موسى عرفات واقتحام مراكز الاقتراع خلال البرايمرز، وتحولت البنادق الفتحاوية إلى أسلحة عصابات، أفهذه يدافع عنها ليبرالي ديمقراطي

هل هي الأيدلوجيا التي تحرك مثقفي وليبراليي العرب، وتتستر بالديمقراطية والحرية، يبدو ذلك فالواضح أن هؤلاء يشترطون حرية تختار أيدلوجيا توافق هواهم أو لا تكون الحرية ولا تكون الشعوب، وفي النهاية كل اللوم على حماس

سيء حظ حماس لأن رايتها لم تكن برتقالية :) وكفى