رداً على مداخلة زميلنا الختياررقم 130 في موضوع اللقاء وبناءا على طلبه بفتح شريط جديد لأي مداخلة جديدة
http://forum.nadyelfikr.net/viewthread.php...07379#pid207379

اقتباس: الختيار كتب/كتبت


مسألة أخرها أثارها سنايبر في رده السابق حيث قال أن التفكير مثله مثل الروح لا يمكن دراسته أو تحديد مكانه حيث قال :


[QUOTE]هذا العلم الذي تتحدث عنه لا يستطيع أن يثبت وجود عقل لك ولي ولأبو ولد
هل يستطيع العلم التحقق من مادة العقل وقياسها علمياً؟
فقط نقول العقل هو الفرق بين العاقل والمجنون
كذلك الروح هي الفرق بين الحي والميت

قبل أن أجيبك يجب أن نتفق على معنى العقل الذي تبحث عن مادته .

فإن كان ما تقصده هو القدرة على التفكير و فهم الدلالات الكلامية و لتفكير المجرد (كحل مسألة رياضية) و التخيل و التذكر و غيرها ، فإنها بلا شك من نشاطات الدماغ التي لا يماري فيها إلا أحد شخصين (شخص يجهل الموضوع و لا يدري عنه شيئاً ، أو شخص يعرف لطنه يعاند) .

و حتى تفهم ذلك عزيزي ، فلتعلم أن هناك دراسات للدماغ تعتمد على دراسة تغير مستوى الغلوكوز في مناطق معينة فيه حسب ما يحدث مع الشخص من سماع للكلمات أو قولها أو التفكير فيها ، و اسم الاختبار Positron emission tomography (PET)

و هناك اختبار مشابه يقيس اختلاف تركيز الأكسجين في الدماغ حسب النشاط الذي يقوم به و اسمه functional magnetic resonance imaging (fMRI

و سألحق في هذه المداخلة صورة للاختبار الأول تثبت لك بما لا يدع مجالاً للشك أن التفكير يوجد في الدماغ في أماكن معينة يمكن تحديدها بسهولة .



طبعا يجب أن نعلم أن هذا العلم يعتبر علماً حديثاً جداً و لا يزال قيد الدراسة ، و لا تزال الآليات يلفها الكثير من الغموض ، لكن هذا لا يبرر أن يصرح متهوّر ما بأن العلم لا يعرف أين يتم التفكير ؟؟؟ و أنه قد يتم في مكان مفارق لمادة الجسم إسمه الروح .

تماماً مثل قصة ال DNA و الذي بدأ الكلام عنه في نهاية القرن التاسع عشر باسم الأحماض النووية ، نعم بدؤوا يدركون أن هناك أحماضاً في نواة الخلية لها علاقة بانقسام الخلية و غيره ، لكنهما احتاجوا لنصف قرن حتى يكتشفوا تركيبه على يد واتسون و كريك و من ثم يفهمون الآلية التي تقوم عليها الخلايا و كل ما سُمّي لاحقاً بالهندسة الوراثية .

العلم لا يستعجل في اكتشافاته ، لكن الجميل في اكتشافاته أنها غير خاضعة للهوى و الرغبة و العواطف الدينية ، بل هي خاضعة لأدوات القياس .


في النهاية أقول أن العلم مدعماً بال PET و ال FMRI يقول أن التفكير بكل نشاطاته يتم في الدماغ ، ليس هذا فقط بل يصوره لنا بتكنولوجيا معقدة ، و الكثير من الإخوة الزملاء لا يقتنعون بهذا ، لكنهم يقتنعون أن التفكير يكون في القلوب فقط لأن القرآن قال و في أكثر من موقع :

" لهم قلوبٌ لا يفقهون بها" الأعراف 179

" أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار و لكن تعمى القلوب التي في الصدور " الحج 46

أعتقد أن هذا من أخطاء القرآن الفادحة ، و لكني متأكد أن هناك من تعمى عيونهم عن هذه الأخطاء و يصرون أن هذا هو كلام الله الخالق و بالتالي يجب أن يكون صحيحاً دائماً و أبداً .

على كل حال ، سأفتح شريطاً في القريب عن هذه الأمور و أتكلم عليها بتفصيل أكبر .

إلى هنا سأتوقف في مسألة الروح في هذا اللقاء ، لأعود غداً لأتابع أسئلة الإخوة الآخرين

تحياتي للجميع
________________________________

لنضع تعريفاً أكثر دقة
التفكير(العقل): عملية ذهنية يتفاعل فيها الإدراك الحِسّي مع الخبرة والذكاء لتحقيق هدف ، ويحصل بدوافع وفي غياب الموانع .

حيث يتكون الإدراك الحسي من الإحساس بالواقع والانتباه إليه ؛ أما الخبرة فهي ما اكتسبه الإنسان من معلومات عن الواقع ، ومعايشته له، وما اكتسبه من أدوات التفكير وأساليبه ؛ وأما الذكاء فهو عبارة عن القدرات الذهنية الأساسية التي يتمتع بها الناس بدرجات متفاوتة . ويحتاج التفكير إلى دافع يدفعه ، ولا بد من إزالة العقبات التي تصده وتجنب الوقوع في أخطائه بنفسية مؤهلة ومهيأة للقيام به .

إذن التفكير أو العقل ليس مجرد الأحساس بالواقع بل أضف إلي ذلك الذكاء والخبرة

و قياساتك و أختباراتك ،لاتقيس العقل،أو التفكير،أو تحدد مكانه
ولكن هي بالأحرى تحدد أماكن الأحساس ،أو الادراك الحسي ،وأماكن ترجمة الأشارات العصبية القادمة من الحواس
فمؤخرة الرأس معروفة منذ قدم السنين بأسم (visual cortex)أو القشرة المخية للرؤية
لأن الأشارات القادمة من العين عبر العصب المخي الثاني(عصب الرؤية) تترجم في مؤخرة المخ إلي صور ،أو بلغة أسهل يتم في مؤخرة المخ تحميض فيلم الصورة
أما أدراك الصورة والتفاعل معها فهو مالم يتم قياسة وتحديده
فما قاسه ال PET و ال FMRI ماهو إلا أماكن الأحساس بالدماغ وأماكن تحميض الصور،وفك تشفير الاصوات ولم يقيس التفكير والادراك نفسه
ولو أنك أتيت بشخصين صحيحين وعرضتهما لنفس المؤثر(stimulus) ولنفرض جملة أنجليزية مثل (u r dog)
فأن هذا الموثر سيؤثر على كل منهما بنفس الدرجة
فستحدث نفس التغيرات الفيزبيوكيمائية في الشبكيات الأربعة ،وأماكن الاحساس بالمخ ،مرورا بعصب الرؤية ،وأنوية جذع المخ
ولكن أختلف تفكير كل منهما بالمؤثر،ورد فعل كل منهما
فهذا اعتبرها مجرد رموز
وذاك أدرك أنها حروف كلمة انجليزية
وهناك من فهم الكلمة وأعتبرها اهانة وبدأ بالتشاجر معك
هذا الأختلاف في الادراك والأعقال لم تقيسة اجهزتك واختباراتك
أما بخصوص ،وجود أماكن التفكير في الدماغ
فأنا اتفق معك فقط في أن أماكن الأحساس بالمؤثرات توجد في الدماغ ،أما أماكن التفكير و الادراك والقدرات الذهنية فلا يستطيع كلانا أن نجزم بمكانها

والعلم يقول أنه عندما يتعرض جلدك لمؤثر مؤلم(Painful stimulus) فأن العضلات تنقبض بطريقة فجائية لتبعد الطرف أو العضو عن المؤثر دون الرجوع إلي الدماغ وهذا ما يسمى (Reflex)،وبعد انقباض العضلات ،فأن الاشارات العصبية تصل للمخ لتبلغه(كان في هنا دبوس شكنا ،وتم أبعاد اليد)
أي أن هذه الأطراف فكرت في الأمر وأتخذت القرار في أقل من ملى ثانية وبدون تدخل الدماغ

ليس هذا فقط،عندما تقود سيارتك وتقف السيارة التي أمامك فجأة ،فأن قدمك تدوس تلقائياً على الفرامل،بدون تدخل المخ
بل هناك من يقول أن عملية قيادة السيارة كلها ،تتم بدون تدخل المخ
وأنظر إلي الطفل الصغير الذي يتعلم المشي،تجده ينظر إلي أقدامه ويفكر (هشيل رجلي اليمين بانقباض العضلات الضامة ،ثم اضعها في الامام بانقباض العضلات الباسطة ،وبعدها يأتي دور الرجل اليسرى)
أما أنت فأنت تسير بسهولة،وتتفادى هذا وذاك ،وتقفز من فوق برك الأمطار، ودون تدخل الدماغ

كل هذا يقودنا إلي أن التفكير والعقل ،هو شئ غير مادي لا يمكن قياسه لكننا نعرف أن العقل هو الفرق بين العاقل والمجنون ،
ويقول الاطباء عن المتخلف ذهنياً
Mental retardation is not a disease. You can't catch mental retardation from anyone. Mental retardation is also not a type of mental illness, like depression. There is no cure for mental retardation.
فالتخلف الذهني ليس بمرض ،ويتم تحديده فقط بما يسمى اختبار الذكاء (IQ test) وما هو الا المقارنة المريض بشخص سليم في نفس سن المريض ،ثم بشخص سليم أقل منه عمرا بعام ،ثم بعامين....
فما هي الا عملية نسبة وتناسب

نخرج من هذا أن العقل وهو الشئ اللامادي الذي لا يمكننا قياسه ، والذي لايمكننا الجزم بعدم وجوده
كذلك أيضاً الروح إذا كان العلم لا يستطيع قياسها مادياً،فليس ضرورياً أن ننفي وجودها

ولك التحية