عزيزى بشّار، تحية لك ومحبة وسلام (f)
كلامك أكثر من رائع، وقد يأتى من قومك من يفسّر إشادتى بأنها لاقت هوى فى نفسى..
كلامك خطير جداً يا عزيزى..
إسمح لنا بمزيد من الغوص فى الموضوع..
اقتباس:كل هذه الاحاديث مشكوك في امرها لان الرسول محمد عليه الصلاة والسلام لا يعلم الغيب ولا ما سيحدث له في الدنيا او الآخرة
لا يقول الإسلام بعكس هذا كخط عريض، أنا متفق معك..
لكن للنبى (بشكل عام) وساطة الإخبار عن الغيب بما قد تلقاه من مصدر علوى..
فلو سقط الإخبار ببعض الغيب، سقطت الوساطة، سقطت النبوة..
أى أننا، لا يمكننا - عقلاً أو نقلاً - نفى إمكانية إخبار محمد عن بعض من غيب على أساس أنه نبى..
إذن لا يمكن - للمسلم - الشك فى نزاهة المجموعة كمبدأ، ويبقى الشك واقعاً فى نطاق علم التخريج المعتاد بالطعن فى السند دون المتن لأن المتن مقبول إجمالاً..
بالنسبة لما هو مذكور فى الآية الكريمة:
(قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِين) الأحقاف / 9
فلا يستفاد منها إلا نفى أن يكون محمداً هو المصدر بطريقة متواضعة منه..
لكن بالطبع لا تؤخذ حرفاً :)
فلا يمكن لمسلم أن يخالف الأقوال بأن ما سيحدث لمحمد فى الآخرة هو الجنة من أعلى مستوى..
ولو فتحنا باب أنه لا يعلم ما سيحدث له فى الآخرة (كما تقول حرفية الآية)، سقط الإسلام ذاته..
فليس من المعقول أن يذهب رسول دين إلى النار!!
وأى جنة يبتغيها المسلم إن كان رسوله لا يعلم مصيره؟ :?:
معذرة يا بشّار، لكن صدقاً، فأنت مجبر على القول بأن محمد يعلم مصيره (كإخبار من مصدر علوى، أو كإستنتاج لطبيعة الرسالة) وإلا سقطت الدعوة الإسلامية ذاتها..
نعود لإستفسارى لطالما وصلنا لهذا المنطق..
هل يمكن عزو السيادة فى هذه الأحاديث على سبيل الفخر عربى؟
نأتى لجزئية أخرى مثار قولان ولا تخلو من تحفظات هادئة..
اقتباس:يحلو لبعض المسلمين ان يعتبر الآية القائلة عن ان الرسول لا ينطق عن الهوى هي عن كل شيء قاله في حياته! هذا خطأ كبير فهذه الآية نزلت من أجل القرآن على أنه كلام الله ووحيه الى محمد فالنبي كان في حياته العادية يخطىء ويصيب
هذه نقطة خطيرة يا عزيزى فرويداً على عقلى يا رعاك الله..
بغضّ النظر عن محمد ذاته، فالإسلام يعتقد بعصمة الأنبياء جميعاً..
وإحقاقاً للحق، فهناك خلاف حول مدى العصمة..
فبعض المسلمين ينادى بأنها "عصمة مطلقة"
وبعضهم ينادى بأنها "عصمة تبليغ"
وسواء هذه أو تلك، فأحاديث محمد داخلة فى نطاق "عصمة التبليغ" لطالما هى أمر دينى..
طبعاً الحديث عن الجنة، هو أمر دينى يفترض فيه ثبوت العصمة..
ولما نذهب بعيدا، وأمامنا أمثلة أكثر وضوحاً؟
لا يوجد مسلم يفترض أنه يعبد الحجارة..
الجميع يؤمن أنها لا تنفع ولا تضر ولا تغنى..
لكن الجميع - بلا إستثناء - يقبّل الحجر الأسود..
لماذا؟ لا أحد يعلم لكن محمد فعل، إذن فهذا صواب (عن ثقة فى شخص، وليس عن إقتناع بجدوى)..
لم يذهب أحد يا عزيزى فى إحتمالية أن يكون هذا ناتج من "بشر مثلكم" بطريق الخطأ..
بل هو ناتج من شخص معصوم "وما ينطق عن الهوى"..
وأصبح جزء لا يتجزأ من "شعائر الحج"..
ولا سبيل لفصل هذا الجزء من طقس يمارس منذ 14 قرن..
إذ أنه ثبت بالتقادم حتى رغم إحتمالية كونه خطأ..
بنهاية المداخلة، أشكرك كل الشكر على أسلوبك الراقى والمحترم فى الحوار رغم حساسيته..
كم أتمنى أن تصير كل مداخلات الكل هكذا..
تحياتى وتقديرى (f)