لمسألة العراق بعد طائفي لا يمكن تفاديه. ذلك أنه حتى عندما نحاول تحاشي الخوض في استنتاجات جيوسياسية على غرار ما قام به العاهل الأردني والرئيس التصريحات المصري، لا نفلت من فلك استنتاجات ممائلة ((،إن تقسيم العراق ليس من مصلحة أحد خاصة أمريكا التي تعي جيدا أن العراق الشيعي سيكون مواليا لإيران و ليس لها)).
بالرغم من ذلك، فإنني أعتقد أن إظهار مسألة العراق كمسألة طائفية هو خطأ بحق العراقيين وبحق الحقيقة. الإعتراض العربي – وبخاصة الشرائح العلمانية – لا يتعلق بانتقال الحكم الى الأغلبية الشيعية، بل يتعلّق بموقف القيادات الشيعية والكردية، وبالتالي حكومة الإحتلال، من الدور الأمريكي في العراق ومخطط المحافظين الجدد للشرق الأوسط. من الواضح جدا أن موقف هذه القيادات المؤيد للإحتلال - بالرغم من الخطاب الفارغ عن المقاومة السلمية – إنما هو ناتج عن تلاقي المصالح بين الفئتين. بمعنى آخر، هناك دلائل عقلانية كثيرة تؤكد أن حكومة الإحتلال تضع نفسها في الصف الأمريكوبريطاني طوعا لا كراهية.
عندما ننتقد الأصوليين في العراق علينا أن ننتبه الى كل الأصوليين – خصوصا أولئك الذين يجلسون على مقاعد الحكم ويتحكمون بقوى الجيش والأمن الداخلي والذين يملكون ميليشيات طائفية تختلط بهذين الجهازين لدرجة يصعب فيها التفرقة بين ما هو حكومي وبين ما هو طائفي. وعندما نهتّم بالإرهاب في العراق، يجب علينا أن نهتمّ بالإرهاب بشكل عام وليس الإرهاب ضد الشيعة فقط.
نعم، كأشخاص تهمّهم القضايا الإنسانية ويهمّهم أمر العراق، نودّ بكل صدق وأمل الوصول إلى حقائق الجرائم الإرهابية في العراق. ولكن كيف يمكن لنا ذلك والإعلام محاصر ومرهون بإرادة آلية البروباغاندا الأمريكية؟
من الذي يضيّق على الصحافة ويستهدف الصحفيين العرب والأجانب في العراق ومسألة العراق؟ من الذي قتل طارق أيوب
وكذب في مسألة الصحافية الإيطالية غويليانا سيرينا .. هذا إذا افتراضنا ان قتلة أطوار بهجت التي كانت تغطي حادثة تفجير قبة سامراء مجهولون فعل. من الذي يفرض على الصحافة مرافقة الجيش الأمريكي؟ كيف سنصل الى الحقائق إذا كانت "حاميها حراميها" وإذا كانت الحقيقة ذاتها – كما نعلم تماما – أول شهداء هذه الحرب التي قامت على الخداع والكذب وتستمر.
لا يمكننا الوصول الى أية استنتاجات مبنية على حقائق. ذلك أن الحقيقة لا تخدم الإحتلال وأطرافه – وأبي غريب ومجازر الحديثة والمحمودية أمثلة على ذلك. إذا ماذا نفعل؟ كل منا يبني استنتاجاته مرتكزا على ميوله وتصوراته وما هو متوفر لديه من معلومات.
كيف نغفل عن تصريح قائد القوات الأمريكية في العراق –
ربما على خلفية المقاومة الشيعية التي تلاقيها قوات الإحتلال في البصرة - الذي صرّح أن، ما أسماه فرق الموت الشيعية، هي طرف في الإرهاب مع القاعدة؟ لماذا تصعيد العنف الطائفي الآن عندما قررت قوات الإحتلال سحق التمرّد الشيعي؟؟؟
كلا، شخصيا، لا ارى أية شرعية، ولو جزئية، لدى حكومة الإحتلال. هذه الحكومة مكونة من أطراف في الحرب تستعين وتستظل بظلّ قوات الإحتلال. وهي لا تمارس أي نوع من المقاومة سلمية كانت أو عسكرية. على العكس، ما نراه هو أن أيديها غائصة في ارتكاب المجازر بحق العراقيين من خلال ميليشيات طائفية تابعة تشكّل الجيش والشرطة، وفرق الموت التابعة لحكومة الإحتلال وفقا لمخطط السلفادور الذي عرضناه سابقا بشكل مستفيض. اليوم، تحاول قوى التضليل الإعلامي الأمريكوعراقية ا
لزعم أن "فرق الموت" هي ذاتها ميليشا مقتدى الصدر، الزعيم الشيعي الوحيد الذي يميل الى المقاومة !!!
هذا ما يسمح لي به الوقت الآن، ولي عودة.
كامل تقديري للأخ بهجت على جميل تواصله (f)