(01-07-2012, 12:13 PM)جمال الحر كتب:  وبحسب الأحاديث: يجب أن يعود قبل نهاية الزمان ليصلي خلف محمد نبي الإسلام. ألا يقول الحديث بذلك؟
هجرة المسيح الناصري عليه السلام , كانت نبوءة على لسانه هو أولا .
(( لي خراف ليست من هذه الحظيرة على أن أدركها كي تكون أمة واحدة و ربا واحدة)).
(( إنما بعثت لخراف بيت إسرائيل الضالة)).

عزيزي جمال الحر،

من يقتبس قولاً مجتزءاً أو من يبني نظرية على جزئية من فقرة أو آية من أصحاح، دون أن يربطها بغيرها من الآيات ذات العلاقة، أو بالمنظومة التعليمية الكاملة، فإنّه غالباً ما يخرج بمعاني ونظريات لا علاقة لها بالتعاليم الصحيحة والأصيلة لصاحب التعاليم.

أنت - أو صاحب فكرة تقريري البي بي سي - فعل تماماً ما لا يجدر بباحث يطلب الحقيقة أن يفعل. لقد فصل آية أو اثنتين عن بقية الإصحاح، وفصل الإصحاح عن بقية الإنجيل، وفصل الإنجيل عن تعاليم المسيح الموجودة في العهد الجديد، وفصل كل ذلك عن نبوءات العهد القديم، ولذلك ليس غريباً أن يخرج علينا بتفسير غريب جداً وبعيد كل البعد عن حقيقة التعليم المسيحي والإنجيلي.

أرجو أن تتحمل معي يا صديقي طول هذه المداخلة - لأنني أعتقد أنها ستطول - حتى أصل معك إلى الصورة الكاملة للتعاليم الواردة في الإصحاح العاشر من إنجيل يوحنا.

بدأ يسوع كلامه في الإصحاح العاشر بقوله: الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكم: مَن لا يَدخُلُ حَظيرَةَ الخِرافِ مِنَ الباب بل يَتَسَلَّقُ إِلَيها مِن مَكانٍ آخَر فهُو لِصٌّ سارِق. (١٠: ١)

قوله «الحق الحق أقول لكم» لم يأتِ كفاتحة لكلام جديد، بل هو تأكيد أو توضيح مبني على ما سبق. وما سبق في الإصحاح التاسع هو معجزة شفاء الأعمى الذي وُلِد أعمى واتّهام الفريسيين للمسيح أنّه بقوّة "بعل زبول" رئيس الشياطين إنما هو يجري هذه الأعمال.

فقام المسيح بإعلان واضح وصريح: هؤلاء (الفريسيين وغيرهم) الذين يدّعون أنّهم معلمون وقادة، ليسوا سوى لصوص. المسيح هو الراعي الصالح الذي يعرف الخراف والخراف تعرفه.

"أنا الراعي الصالح والراعي الصالح يبذل نفسه في سبيل الخراف".

هذه الآية غاية في الأهميّة، فهي تحمل في طياتها تصريحاً واضحاً أنّ مصير المسيح لأنّه الراعي الصالح سيكون أن يبذل نفسه في سبيل خلاص خرافه - وذلك في مقارنة مع اللصوص (الفريسيين) الذين يهربون إذا ما جاء الذئب لمهاجمة القطيع.

«فإِذا أَخرَجَ خِرافَه جَميعاً سارَ قُدَّامَها وهي تَتبَعُه لأَنَّها تَعرِفُ صَوتَه.
أَمَّا الغَريب فَلَن تَتبَعَه بل تَهرُبُ مِنه لأَنَّها لا تَعرِفُ صَوتَ الغُرَباء»

الخراف تأتي ليسوع وتصغي لكلامه وتتبعه وتعجب به، وتنفر من الفريسيين (وهذا ما أثار حفيظة الفريسيين).

«ولي خِرافٌ أُخْرى لَيسَت مِن هذِه الحَظيرَة فتِلكَ أَيضاً لابُدَّ لي أَن أَقودَها وسَتُصغي إِلى صَوتي فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد»

الفكرة التي زرعها الفريسيون وغيرهم في عقل الشعب اليهودي هي أنّ الشعب اليهودي هو وحده قطيع الرب وأن أرض إسرائيل هي وحدها المرعى. فاغتنم لمسيح الفرصة هنا ليعلّم هؤلاء أن هذا الكلام خاطئ وأن المسيا ليس حكراً على الشعب اليهودي وحسب، بل إن الأمم أيضاً هي من خراف الرب وإنّه يعتني بها ويسعى إلى خلاصها. ولذلك نرى للرب يسوع لقاءات مع وثنيين (من الأمم) سواء أكانت الكنعانية أو رئيس المائة أو قرنيليوس أو غيرهم. وهذا هو قصد المسيح بقوله لي خراف أخرى ليست من هذه الحظيرة.

وهنا لا يمكننا أن ننسى القسم الثاني من الآية: «فيَكونُ هُناكَ رَعِيَّةٌ واحِدة وراعٍ واحِد»
فمتى تحقق هذا الأمر والشعب الهندي لا يزال يدين بديانته ولا يعترف بالمسيحية؟
تحقق هذا الكلام عندما دخلت الأمم في الإيمان المسيحي وباتت رعية واحدة تدين بالمسيحية في العالم الحضاري المعروف في ذلك الزمان، وما حل القرن الثالث حتى باتت المسيحية هي ديانة الإمبراطورية الرومانية كلها وتدين لراعي واحد هو المسيح.

لو صح تقرير البي بي سي، فلماذا لم تتحقق هذه الآية ولا تزال الحظيرة متفرقة بين هندوسية وسيخ وبوذية وغيرها؟ سيكون المسيح قد قضى في الهند ٥٠ سنة أو أكثر دون طائل ودون أثر ودون أن يحقق شيئاً.

«إِنَّ الآبَ يُحِبُّني لِأَنِّي أَبذِلُ نَفْسي لأَنالَها ثانِيَةً » (يوحنا ١٠: ١٧)

أبذل نفسي لأنالها ثانية - نحن نرى فيها إشارة واضحة لموته وقيامته. أبذل نفسي لأنالها ثانية - أي أفقدها وأجدها مجدداً. هل من معنى آخر لهذه الكلمات؟
"ابن الإنسان يموت ويقوم في اليوم الثالث" - تجدها تردد حتى إنها شككت بطرس الذي أنّب المسيح لقيامه بمثل هذا التصريح، فانتهره المسيح بقوله: إمشِ خلفي يا شيطان.

أما أن كل الأمم مدعوة للإيمان بالمسيح وليس الشعب اليهودي وحسب، فقد ورد هذا الكلام في العهد القديم أيضاً، وكل ما فعله المسيح هو تذكيرهم بذلك:

تك-49-10: لا يَزولُ الصَّولَجانُ مِن يَهوذا ولا عَصا القِيادةِ مِن بَينِ قَدَميه إِلى أَن يأتِيَ صَاحِبُها وتُطيعَه الشُّعوب. (الشعوب وليس فقط الشعب العبراني)

مز-22-٢٨ و٢٩: جَميعُ أَقاصي الأَرضِ تَتَذَكَّر وإِلى الرَّبِّ تَتوب وجَميعُ عَشائِرِ الأمَمِ أَمامَه تَسجُد لأَنَّ المُلكَ لِلرَّبَ وهو يَسودُ الأمَم. (الأمم كافة وليس اليهود فقط)

اش-52-10: كَشَفَ الرَّبُّ عن ذراعِ قُدسِه على عُيونِ جَميعِ اَلأُمَم فتَرى كُلُّ أَطْرافِ الأَرضِ خَلاصَ إِلهِنا.

تحياتي القلبية