في المرة الماضية استعرضت احد اهم شرطين لمن يفكر بالخلاص الديني وقد رأينا انه لافائدة من اتباع دين لايعدنا بالوصول الى الكمال. بل رأينا انه ليس من الاخلاقي ان تتبع الطريق الذي لايؤدي الى كمالك، فليست الغاية من وجود الانسان هو ان يتكئ على الارائك ويأكل الخوخ والرمان والتمر ويشرب العسل والحليب ويستمتع بالنساء. هذا ليس هو الكمال وبالتأكيد ليس الفوز العظيم كما يخبرنا القرآن.

الشرط الاخر هو ان يكون الخلاص بمتناول اليد بمعنى الا يكون مستحيلاً او اشبه بالمستحيل. ثم يجب ان يكون بمتناول يد الجميع بغض النظر عن اعمارهم او ثقافتهم او تراثهم ومجتمعهم. يجب ان يكون بمتناول الطفل والكهل، بمتناول الجاهل والمتعلم، بمتناول من يعيش في الصحراء او فوق الجبال وفي اي بلد في العالم. دعنا نبدأ بامثلة:

في البوذية فان طريق الخلاص يتمثل باتباع الطريق ذو الخمسة شعاب (من ويكيبديا)

الكف عن القتل،
الكف عن أخذ ما لم يُعطى له،
الكف عن الكلام السيئ،
الكف عن السلوكيات الحِسية المُشينة،
الكف عن تناول المشروبات المُسْكِرة والمخدرات.

قد نختلف او نتفق مع هذه الوصايا الاخلاقية ولكن لاحظ انها اوامر بسيطة جدا وبعضها بديهي الى درجة كبيرة بحيث يفهمها الجاهل والمتعلم. انها احكام بديهية بالنسبة لمن يعيش في افريقيا او في اسيا او امريكا. وفوق هذا فهي محدودة وقليلة بحيث يستطيع الطفل ان يحفظها ويستطيع الاكثرية ان يلتزمو بها.

في اليهودية/المسيحية نجد الوصايا العشرة. ومع انني اختلف مع بعضها الا انها مرة اخرى وصايا بسيطة ومحدودة وفي متناول الجميع.

لكن لما نأتي الى الاسلام فنحن نجد عدد لاينتهي من الاحكام والاوامر الفقهية المستصعبة جداً والتي لايفهمها الا من درس لسنوات طويلة في المدارس الدينية وحتى بعد هذا فتجد بعضها مشكوك بها وبعضها مستحب واخر واجب وثالث على الاحوط وهلم جراً. هذه الاحكام بمجموعها ليست بمتناول الجميع فمن الذي يستطيع ان يحيط علما بكل هذه الوصايا والتعليمات التي تتدخل بكل شيء حتى بكيفية الدخول الى الخلاء او غسل الاسنان او ماذا يقال حينما تركب الدابة؟

وحتى لو انك التزمت بها كلها فليس هناك ضمان انك ستدخل الجنة لانك تدخلها برحمة الله وليس بعملك. والكثير من هذه الاحكام لاتبدو بديهية لنا ولايستطيع من يعيش في بلاد اخرى ان يجدها بديهية او حتى منطقية او قابلة للتنفيذ فليس كل الناس في العالم تستطيع ان تتحدث العربية وان تحفظ القرآن او تردده في الصلاة.

ثم القرآن نفسه يخبرنا بان من يستطيع ان يتبع هذه الوصايا حقا هم القلة القليلة والذين يوصفون احيانا بالقابضين على الجمر. هل هذه حقا مشكلتنا او مشكلة هذه الاحكام؟

اترك الجواب لكم