ورد عن مولاتنا أم المؤمنين عائشة سلام الله عليها أنه روي في حضرتها أن ابن عمر يحدث عن أبيه أمير المؤمنين عمر رضي الله عنهما أنه قال حين طعن وسمع صوت النسوة يبكين عليه مروهن فليصمتن، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه. فقالت أم المؤمنين عائشة، غفر الله لأبي عبدالرحمن، ورحم الله أبا حفص، ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليقول أن أحدا يعذب ببكاء أحد عليه، يكفيكم كتاب الله (ألا تزر وازرة وزر أخرى* وأن ليس للإنسان إلا ما سعى*)


من هنا نشتق قاعدة رد الأحاديث دراية، والتي هي أصلا متضمنة في تعريف الحديث الصحيح،

الحديث الصحيح هو ما رواه العدل الضابط عن مثله إلى رسول الله، من غير شذوذ ولا علة قادحة.

الشطر الأول من التعريف يضبط الرواية أو سند الحديث، وهو البحث في الرجال الرواة وأحوالهم والتقاء كل راوية من سبقه
الشطر الثاني من التعريف يضبط الدراية أو متن الحديث، فلا يكفي أن يكون الحديث رواته عدولا ضابطين، بل يجب أن لا يكون في متن الحديث نفسه شذوذ أي مخالفة الراوي من هو أوثق منه، أو علة قادحة، أي وجود ما يجعل الحديث مستحيل الصدور عن رسول الله لأسباب يتم تفصيلها في كل حديث على حدة.

حديث الرعد يخالف أحوال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما ما هو أولى بالإجابة من الرعد، ويجعل الهادي صاحب حزازير، وهو أمر ظاهر فيه الصنعة والجدل بما يتصور صدوره في العصر العباسي الثاني. ولو شاء الحبيب أن يجيب مثل هذه الإجابات لأجاب مثل ما أجاب في الآيات المصدرة بيسألونك.

لأن السؤال الخاطئ لا يجاب عليه وإلا لكان الجواب خاطئا، السؤال الخاطئ يتم تصحيحه والإجابة على السؤال المصحح بدلا عن السؤال الخاطئ.

من المعروف أن أهل الكتاب قد أضاعوا دينهم بكثرة جدلهم في ما لا طائل تحته ولا نتيجة من بحثه، فليس من شأن الأنبياء شرح أسباب الرعد ولا من شأنهم تبيان الجانب البيولوجي للحيض أو الفلكي لتبدل وجوه القمر. لكن من شأنهم أن يعلموا الناس كيف يضبطون سلوكهم ضمن هذه السنن الكونية.
فمما يعني الناس أن تضبط سلوكها الجنسي إبان الحيض فلا يتجامع الرجل والمرأة إبان الحيض.
ومما يعني الناس أن تضبط تقويمها ضمن علامات لا تسطيع السلطات القائمة العبث بها، مثل تبدل الأهلة.

ولو كان للرعد أثر في السلوك البشري لتصورنا أن يصحح السؤال ثم تتم الإجابة على السؤال مصححا، لكن الحديث لم يقع ولم يسأل أحد الرسول عن الرعد حتى لو صح سند الرواية، فصحة السند لا تكفي لتصحيح الحديث.