تحية..
لا أستغرب أنك لم تستطع قراءة فحوى قانوك قراءة واعية و لم تبحث في طياته عما يحويه فعلا, لأنك فيما يبدو تبحث عن إثبات لسببك الأول, بأي طريقة حتى لو كانت مغالطة أو مضللة ,قانونك يتضمن مفهوم الخلق أو على الأقل قيما يخص السبب الأول ,و يتعامى عن سبق الإصرار و الترصد عن كثرة و تعدد و الأسباب التي تؤدي الى حدث مافترجعه الى سبب واحد وحيد فيما تسمية , "السبب الكافي", و سذاجة هذا السبب الكافي "كافيه" , لأتأكد من تقصدك المغالطة و الغش,ولكن سأحسن نيتتي و أسألك: جد لي أيها الزميل حارث "السبب الكافي" لحادثة السيارة التي دخلت في عمود النور , و دلني عليه مباشرة هل هو الطريق أم السيارة أم السائق أم عمود النور أم البلدية التي وضعت هذا العمود في مكان خاطىء, أم ماذا ,السبب الكافي ليس قانونا هو مجرد شعار ساذج لا يحمل أي مدلول, لأنني و بكل بساطة يجب أن أعرف ما هو السبب أولا لأتأكد من كفايته .
و بشكل عجيب تتبنى "السببية" و تضعها أمام عينيك لتنافح بواسطتها عن سببك الأول " و لا تريد أن تعترف بالشروط اللازمة لإنعقادها ,و أجدني مضطرا أن أعيدها بأبسط صيغة ممكنة :
الضغط على الزناد يسبق إنطلاق الرصاص
تجرع السم يسبق الموت
تكاثف الغيوم يسبق المطر
في كل تلك الأمثله هناك حدثا يعقبه حدث , والتعاقب الزمني أساسي لإدراك أي علاقة سببيه, فلا معنى لإنعقاد علاقة سببية في غياب الزمان , لأن التعاقب سيغيب , و ستضيع عبارات من نوع قبل و بعد أو يسبق أو يعقب, و قد يختلط الفهم و ينعدم التفريق بين العلة و المعلول, و أنت عندما تقول:
اقتباس:ومن قال لك إن الله تعالى يقع فى زمان أو فى مكان
أنت قلت لي ذلك بإعتمادك قانون سببي يوظف الوقت و يشترط المتاخمة الزمنية بين الأحداث المتعاقبة , و ليس لدي "سبب كافي" لأستثني "سببك الأول " من شرط الزمان,فإذا كان السبب الأول يقع خلف الزمان كيف لي و لك أن نعرف أنه يقع قبل أو بعد ما يحدث له ؟؟!!!إخراج السبب الأول من الزمان إخراجه من السلسة السببية ذاتها, و بالتالي فإن العلاقة بينه و بين الكون علاقة مبهمة لا ينطبق عليها أي تعريف, و قد لا يكون هناك علاقة على الإطلاق لصعوبة إدراكها.
الآن و قد بينت لك أن بداية السلسة السببية لا يصح بدون زمان , أريد أن ألفت عنايتك الى طرف السلسة الآخر و هو المحطة الأخيرة في الرحلة السببية ,بحسب ما تقرره في قانوك السابق فإن الحدث "أ" سينجم عنه الحدث "ب" و لا شيء غير "ب", و عن "ب" سينج "ج" و من "ج" سنحصل على "د", و هكذا و صولا الى "ي" و هي نهاية السلسة , هذا يعني أن هذا السياق "حتمي" و لا يوجد ثمة خيار لتغييره , و لا نملك شيئا حيال أي أمر , و كل ما هو حاصل هو تحصيل لحاصل "سببي" , من تكون المجرات و أنطفاء النجوم و حتى الرغبة في ربط شريط الحذاء,كلها أحداث تنتج عن بعضها البعض سببيا, و لا مجال لتغييرها إلا بتغير ما قبلها و هذا مستحيل, مما يعني أننا نعيش في عالم "جبري" لا نملك فيه من أمرنا شيئا , و كل ما يحدث لا يد لنا فيه , سواء كان جريمة قتل , أو كفر , أو ايمان , أو حتى كتابة مداخلة في نادي الفكر .
سأعطيك الآن خيارين لا ثالث لهما و بموجب قانوك "اللطيف" أعلاه :
الأول : قانونك السببي غير صحيح لإنعدام شرط الزمان على السبب الأول
الثاني : قانونك السببي صحيح و لكن العالم "جبري" ليس فيه ثمة خيار
فأختار يا مختار..
ايها الزميل حارث أصلحك "الله",تصر أن تتعامل بشكل غير علمي مع سببك الأول و تطليه بألوانك الخاصة , فتخرجه من الزمان و المكان و تقول بأنه "تعالى" , فنعرف بأن فكرتك "متبناة" و غير مستقاة "من التجربة", و هي نتاج "عمل عقلي" لا دخل للواقع و لا للتجارب بتشكلها ,فلا داعي إذن أن تأتي بقوانين و محاججة علميه تطبقها على كل شيء إلا على سببك الأول, في العلوم أيها الزميل أما أن تكون أو لا تكون , أفضل لك أن تقول أن "الله" خلق الكون و " الي عجبو عجبو و الي ما عجبو يدق راسو بالحيط". بقي أن أذكرك أن العمل العقلي يتضمن الخيال و الهلوسة .
كل التحية للزميل أبو ناتالي (f)
شكرا لك.
مودتي