يقول الأبّ هَنري بُولاد اليَسُوعيّ، في كتابه مَنْطِق الثالُوث: ((ولكن كيف يمكن أنْ نجمع بين وحدانيّة الله وتثليثه؟ هذه مشكلة ضخمة عانت منها الكنيسة كثيرًا في القرون الثلاثة الأولى من تاريخها، وتصدّت في أثنائها للكثير من البدع، إذ إنّ الموضوع ليس سهلاً. لا يجوز أنْ نعتقد بأنَّ أجدادنا المسيحيّين الأوائل قد تقبّلوا هذه الحقيقة بسهولة، كما نجترع رشفة ماء، بلّ إنّهم بالتفكير الجادّ المضني صاغوا هذه الحقيقة في قانون الإيمان الذي جاء نتيجة مجمع نيقية سنة 325، ثمّ مجمع القسطنطينية الأوّل سنة 381، وأصبح هذا النصّ هو المرجع الأساسيّ لإيماننا. ولكنْ لم يتمّ ذلك إلاَّ بعد اجتهادٍ شاقٍ ومعاناة طويلة لتحديد بعض المفاهيم الخاصّة بالثالوث. وعلى هذا، فإنّما لا نستغرب أن نجد صعوبة في هذه العقيدة.))
http://216.212.98.66/arabic/trinity_logic.htm

ما معنى هذا الكلام؟ وماذا يتضمن؟
إنه يتضمن أن الاعتقاد المسيحي الحالي لم يأت به المسيح عليه السلام، بل مرّ بمراحل تطورية حتى جاء مجمع نيقية بعد ثلاثة قرون من مغادرة المسيح.
وأنه خلال ذلك كله كان يواجه البدع! علمًا أن البدعة تطرأ بعد أن يتمّ تأصيل العقيدة الصحيحة، وليس قبلها، فكيف سمّى ما جاء قبل هذا المجمع بدعًا؟!
وأن أجداده لم يستسيغوا هذا الاعتقاد المعقَّد بسهولة، بل جاء الثالوث بعد تفكير مضنٍ، أي أنه ليس من وحي الله، باعترافه.
وأن هذا الإيمان معقّد، ويجد المرء صعوبة في فهمه.
قلّما يتحدث النصارى أمام المسلمين بهذا المنطق؛ فهو منطق قد بلغ من الضعف الغاية. ويشهد على أن المسيحية دين متصادم مع الفطرة قد طوّره البشر.
لذا فقد ظلّ الحلّ الرئيس عند القساوسة للدعوة إلى دينهم بين المسلمين هو الاكتفاء بانتقاد تفصيلات في الإسلام، ولم يتطرّق الانتقاد إلى التوحيد في الإسلام، أو البساطة في العقيدة الإسلامية. فمرة يحدثوننا عن مكانة المرأة، وأخرى عن الغزوات، وثالثة عن زوجات النبي (ص)، ورابعة عن أخطاء مزعومة في القرآن العظيم، وخامسة عن تناقض فيه أو في الأحاديث.. أما التوحيد ذاته، فهيهات.
هذا الدفاع الهجومي ليس مقصورًا على النصارى، بل يستعمله بعض المسلمين ليواجهوا به جماعتنا الإسلامية الأحمدية، فبدل أن يؤصّلوا تفسيراتٍ واضحة لعلامات الساعة، وخصوصًا مسألة نـزول المسيح، بعد أن ثبتت وفاته في القرآن الكريم، نراهم يركزون جهدهم على ما ظنّوه تناقضًا في كلام المسيح الموعود الإمام المهدي عليه السلام، أو ما رأوه نبوءة لم تتحقق، أو إلهامًا لم يرُق لهم.
هذا الأسلوب القسّيسي في الهجوم لا يريد صاحبه الخير، بل يريد الاستعراض، وأنه قرأ كثيرًا، ورأى تناقضًا، وأتى بما لم يأتِ به الأوائلُ! وهيهات أن يوفق الله من كان هذا حاله.
فلنهجر في نقاشنا من كان هذا حاله، ولنطالبه بأن يركز في الحوار على الأسس. فإن كان مسيحيًّا، فعليه أن يوضح لنا أسس اعتقاده، ثم أسسه في تكذيب نبينا محمد (ص). وإن كان مسلمًا، فعليه أن يوضح لنا فرقته الإسلامية، وأسسها العقديّة مؤصّلة، ثم أسس تكذيبه للمسيح الموعود عليه السلام. وإلا فالحوار العبثي ليس غايتنا، ولن يكون.

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	ما معنى قول المسيحي للمسلم إن المسيح ابن الله؟	إبراهيم	0	1,255	03-13-2012, 08:11 PM آخر رد: إبراهيم
	أيها الأخ المسيحي : هل لديك جواب من كتابك المقدس؟.	جمال الحر	19	3,879	12-13-2011, 06:47 PM آخر رد: جمال الحر
	نقص الدين المسيحي وشمولية الدين الإسلامي نظرة سريعة	مسلم	30	10,178	11-14-2010, 01:43 AM آخر رد: مسلم
	هل حقا يوجد ما يسمى ب الحوار المسيحي الاسلامي ؟	لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة	16	4,047	10-06-2010, 01:20 PM آخر رد: ابو القيرواني
	أيهما أقوى الله الإسلامي أم الله المسيحي	مؤمن مصلح	15	4,436	10-01-2010, 09:15 PM آخر رد: ابو القيرواني