لو عدنا لتاريخ النقد الأدبي وعرجنا على الأدب الجاهلي والذي لم يفصله عن صدر الإسلام فاصل بل كثيرون كانوا من المخضرمين والذين لحقوا الإسلام فلم يسلموا وآخرون أسلموا والبعض نافَقَ. والمهم من ذلك أن أشير إلى الطعن الذي لحق الأدب الجاهلي آنذاك من حيث الانتحال وصحة النسبة للشعر الجاهلي لمن نظمه بالحقيقة.
وما دمنا سلمنا بالنّحل والخلل والتضمين في الشعر الجاهلي فلماذا ننكر أن يكون قد لحق القرآن الكريم خاصةً وقد نزل على نبيٍّ أُمّيٍّ لايعرف القراءة و لا الكتابة أما حافظوه وكاتبوه فهم قلة لم يتجاوزوا أصابع اليد الواحدة آنذاك. فمن يثبت أنّ كلَّ ما نزل كان صحيحا محقّقا.
و المسلمون الأوائل الذين عاصروا النبي لم يعرفوا القرآن كما هو عليه الآن. وللمحتج على هذا الكلام أقول. كيف لا والقرآن لم يجمع في حياة الرسول. فمن يحقّقُهُ ألاّ مَنْ نزلَ عليه.
ثم ماذا عن اختلاف الصحابة في ترتيب الآيات أولا في السورة الواحدة.
وماذا عن اختلافهم أيضا في ترتيب السورة في التقديم والتأخير. فمن هداهم للجمع الصحيح والكل يعرف بأن القرآن لم يكن مكتوبا بكامله زمن الرسول بل يتناقله المسلمون شفاهة هذا إذا استثنيا قرآن عمر بن الخطاب، وقرآن أبي بكر، وصحف عثمان، وكلها كانت تتمم بعضها بعضا ولم يكن فيها قرآنا كاملاً ومحقّقاً.
هنا أقول من يدري لعل بعض الآيات التي كتبها مسيلمة الكذاب قد تسللت للقرآن دون أن
يشعر بها أحد، وخير دليل على ذلك أننا الآن أمام نسختين مختلفتين للقرآن لدى كل من الطائفتين السنية والشيعية حيث نجد كثيرا من السور عند الشيعة لا نجد لها وجودا في قرآن السنة.
والنقطة الأهم كيف وصل القرآن إلينا وهو في زمنِ جَمْعِهِ لم يكنْ منقّطاً و لا محرّكا.
منْ نقَّطه ؟ مَنْ حرّكهُ ؟ ولعل أحداً لا يشكُّ مدى أهمية التنقيط والتحريك في توضيح المعنى.
فإذا كان التحريك والتنقيط متأخرين، فهذا يأخذنا إلى الشك بالفصاحة والمرجعية النحوية إلى غلبة أحد المدرستين الكوفية أوالبصرية. خاصة عندما يقول قائل قاصدا التبرير : أنّ القرآن جاء على سبعة أحرف. وهذه أسهل طريقة للهروب لأننا لم نعرف بتاريخ العرب تلك الحروف السبعة ولم نسمع بها إلا بعد أن كانت تلك المشكلة." قراءات القرآن " وما نعرفه لغة أهل الشمال ولغة أهل الجنوب على ما بينهما من فروقات.
هنا يبدأ الشكُّ، فلا القرآن ولا الشعر الجاهلي مستندٌ صحيح للنحو والصرف، لأنّ مَنْ نحّاه وصرّفَهُ هم علماء في النحو اخترعوا التحريك متأخراً فقام على الاجتهاد والظن والسماع كما ورد.
وهذا الشكُّ يدفعنا لأن نظنَّ الظّنون علما بأنني على اقتناع لو لم يكن هناك قرآن لاخترع العربي قرآنا كي يحاكي غيره ممن لديهم إنجيل أو توراة أو زبور أو صحف إبراهيم .
أي أنّ الأديان ما كانت لتكن لولا الغيرة العنصرية والقومية. و لو أنّ محمداً لم يقطعِ الطريقَ على غيرهِ بقولِهِ" لا نبيَّ بعدي " لوجدْتَ الأنبياء لا تزالُ تتوالى" عندنا " وهنا فقط لأنني أؤكدُ على سؤالي الذي طرحته سابقا.
لماذا لم يتواجدُ الأنبياء والرسل إلاّ على أرضنا العربية الروحانية فقط. ألم يكن هناك بشر في البرية غيرنا؟ أم أنهم كانوا أربأ بأنفسهم عن هذه الترهات منّـا.
تحياتي للجميع
محمد الدرة