ثمة رابط بين الحرب والدين في عرف كثير من الناس، فكلاهما يسعى نحو خضوع الناس، فالحرب تخضعهم لسلطان القوة، والدين يخضعهم لسلطان العقيدة!
وإذا عدنا إلى بسط الأسباب الداعية للحرب الهجومية لا الدفاعية لوجدناها تتعلق بضرورايات حياتية كالحرب على المياه اليوم والحرب على الكلأ والعشب في العصور البدائية.
أو مطامع اقتصادية كاستنزاف ثروات طبيعية أو الاستفادة من أسواق ومنافذ ومواقع استراتيجية
أو رغبة بهيمنة سياسية.
أو استجابة لتعاليم دينية أو فلسفية مثل (الفتوحات) الإسلامية و(الحملات) الصليبية و(الثورات) الشيوعية والحملة (الصليبية) الأمريكية الليبرالية من أجل حرية الشعوب والديمقراطية!
الجامع بين هذه الأسباب الأربعة هو الأنا والأثرة وعدم الإيمان بالآخر!
لتكن المياه لي ولكلابي وسائمتي ولا علي إن عانت شعوب الأرض من الجفاف والعطش!
لتكن لي تلك الثروات السوداء والألماسية، ولتطوع لي تلك الشعوب السوداء والملونة حتى أعيش في مجتمع الرفاهية بينما لا تحلم شعوب الأرض من الحصول على أدنى مستويات مجتمع الكفاية!
ليكن لي السلطان الأعلى على الأمم، فأحاكم الشعوب إلى المحاكم الدولية على أدنى الشبهات، بينما أستثني خاصتي وأرفعهم فوق القوانين والمواثيق الدولية!
ليكن ديني أو فلسفتي نظاما عالميا يخضع له الجميع، بينما هو كثير على خصومي أن يعيشوا خصوصياتهم الدينية والثقافية في أوساطهم الخاصة!

هي ذي أسباب الحروب كانت ولم تزل
تضخم الذات والكفر بالآخر...
من كان يظن من الفلسفات المتبوعة في عالم اليوم أنه بريئ من ذلك فليرم الأديان بحجر

أما الأديان
فصحيح أنها استغلت فيم استغل من ثروات ومواقع وضروريات، غير أن هذا لا يعني بحال أن نلعن الثروة ونكفر بالضروريات ونرفض المواقع الاستراتيجية هروبا من أسباب الحرب!
إن هذا الظن الساذج بالأديان لهو قريب من نصيحة احدهم لذي نعمة بأن يتخلص من نعمائه لمجرد أنه كل ذي نعمة محسود!!
إنه من حق الجميع أن يتدين كما من حقهم أن يتحصلوا على كل ضرورياتهم الحياتية، ويتمتعوا بثرواتهم الظاهرة والباطنة، العداوة والبغضاء والحروب لم تنشب من وراء هذه الضروريات والحاجيات الفطرية، ولكنها اضطرمت في عقول ضيقة ونفوس سوداوية كالحة، وأهواء تألهت (أرأيت من اتخذ إلهه هواه)؟!!
والحل ليس بأن نبدد الثروات حتى لا نطمع السراق بها، لا يقول بهذا من عنده ذرة من عقل...
الحل ليس بأن نتجاهل المياه كضرورة باعتبارها أحد أسباب الحروب!
الحل ليس بأن ننكر سلطان الدولة كما أنكره بعض المثاليين الحالمين ثم كانوا أكثر استبدادا وسطوة وسلطوية من كل دول الإقطاع والكنيسة!
ومثل هذا فالحل ليس في أن نغفل عن حاجة الإنسان الفطرية للتدين حتى ولو تعلق بحاجاته وضرورياته هذه معارك وحملات وثورات وانقلابات وفتوحات!
واسلموا لود واحترام(f)