الأخ الكندي .
تحية طيبة .(f)
خلال زمالة متصلة في 3 من نوادي الحوار أعتقد أن كلانا يعرف آراء الآخر بوضوح ، لهذا اسمح لي أن يكون خطابي للزملاء أساسا ، فلا أعتقد ان هناك خلافات جوهرية بين موقفينا من العراق ،ربما هناك استثناء وحيد هو أنني لم أعد مطمئنا أن آلية الديمقراطية التمثيلية قادرة على التعامل مع التناقضات العراقية أو التحديات في المجتمعات العربية الأخرى كما كنت آمل سابقا و لكن تلك قضية أخرى .
هذا هو موقفي الذي أبشر به في أكثر من مكان و موضوع و أيضا منذ أكثر من عامين بلا تبديل تقريبا ، أسمح لي أن أضع رأي هنا بدون حتى تعديلات تناسب التغيرات و التي كان أبرزها انخراط الشيعة بحماس أيضا في الحرب الأهلية وهذا ما سعت إليه التنظيمات الإرهابية التكفيرية و كنت أخشاه دائما .
....................
ربما يعرف بعضكم أن محدثكم مصري سني المذهب ، هذا لا يحول أن يكون قلبي مع الشعب العراقي و ضد الإرهابيين الفاشست العنصريين لعنهم الله سنة كانوا أو غير سنة .
أرى أن موقف المثقفين العرب سنة و شيعة و مسيحيين من الإرهاب في العراق يجب أن يكون موقفا واضحا لا نخفيه أو نتحايل عليه ، يجب أن نكون ضد الإرهاب كله ، و أرى أن ما يحدث في العراق يتحول إلى حرب أهليه تشنها بعض فئات السنة ضد الشيعة تحت شعار المقاومة . من الواقعية أن نتعامل مع المقاومة ككل وهي تشمل في نسيجها القتلة العنصريين و اللصوص و المتكسبين ، هذا لا ينفي وجود مقاومة سنية وطنية شريفة ضد المحتل ،و لكني حتى هذه المقاومة الشريفة تواجه مأزقا تحيلها إلى عمل إرهابي رغم إرادتها ، فالمقاومة تتصادم حتميا بمن يتعامل مع المحتل – خاصة عناصر الأمن – رغم أنها تعمل بشكل قانوني ( تراه الأغلبية شرعي أيضا ) بناء على موقف سياسي و فتاوى دينية للأغلبية الشيعية / الكردية ،و بالتالي تتورط المقاومة عمليا في حرب أهلية تحت شعار مقاومة المحتل و (عملائه) .
لهذا و بالمفاضلة بين العناصر المختلفة التي تتداخل في المشهد العراقي أرى ضرورة ( تعطيل ) حق المقاومة -و هو حق شرعي أصيل- و إعطاء العملية السلمية الديمقراطية فرصتها كاملة ، بل و الانخراط فيها و بحماس لإعادة إحياء العراق و تحريره ، ومن الجدير بالملاحظة أن هذا تحديدا ما يقبله العرب في فلسطين و يرفضونه في العراق في ازدواجية تستعصي على الفهم خارج النظرة المذهبية الضيقة و التحيز ضد الشيعة ، وهذه شهادة لا يمليها علي سوى الضمير !.
نعم إن حق المقاومة هو حق أخلاقي و شرعي خارج مجال النقاش فحتى القيادة الأمريكية لا تستطيع إنكاره ، و لكن الحديث عن مقاومة شريفة لا يعني أن هذا الوصف يمتد آليا إلى وصف العصابات التي تمارس الإجرام و الخطف و السرقة و التصفيات العرقية تحت اسم المقاومة .
إن الموضوع يطرح إشكالية خطورة أن تتحول المقاومة إلى حرب أهلية خلال آلية غير مسيطر عليها أوضحتها بالفعل ، و بالتالي رأيت أن الأسبقية لابد أن تكون لوفاق عراقي داخلي ولو على حساب ( تعطيل ) حق المقاومة المسلحة ، إن ما يدعو إليه السيستاني لحوار مع المقاومة الشريفة هو رأي عاقل تمليه الرغبة في خدمة المسلمين كافة ،وهو ما يدعو إليه جميع العقلاء من محبي العراق سواء في الداخل أو الخارج ،وهو ما دعوت إليه دائما .
إن حماقات شعوبنا تتحدى قدرات اللغة الاصطلاحية و مفرداتها ، إن الجمود الفكري الذي نعيش فيه لا يدفعنا فقط إلى سوء العمل بل بالأساس إلى سوء الفهم .إننا في حاجة لأبجديات جديدة كي تعبر عن واقعنا السياسي المتردي .إن صراعاتنا لا تنتمي لهذا العصر بل لعصور موغلة في القدم لأن من يديرونها يعيشون في التاريخ لا الحاضر ،و لا يمكننا فهمها بالمنهج الغربي بل خلال التراث العربي الإسلامي ، حسنا لا يمكن توصيف الصراع العراقي دون أن تحدد المنظور الذي تنظر خلاله .
فالقيادات السنية ممثلة في هيئة كبار العلماء ترى أن ما يحدث في العراق هو مقاومة إسلامية مشروعة ضد المحتل و المتعاونين معه ، هذه الرؤية يدعمها فتاوى كبار رجال الدين السنة داخل و خارج العراق ، خاصة من السلفيين السعوديين و رجال الدين الأصوليين المسيسين مثل القرضاوي . و هم لا يعترفون بشرعية الانتخابات العراقية وما يترتب عنها.
الأغلبية الشيعية / الكردية ترى أن تلك المقاومة السنية هي تمرد على السلطة الشرعية المنتخبة للشعب العراقي ، بينما القوات الدولية ( الأمريكية ) ترى المقاومة السنية نوعا من الإرهاب الذي يمارسه البعثيون و أنصار تنظيم القاعدة . يمكنك إذا أن ترى الأمور من الإطار الذي يناسبك و لكن هذه الأطر متناقضة تماما ولا سبيل لالتقائها .
نعم إذا تحدثنا عن عراق واحد .. جسم سياسي واحد ، فليس لدينا مشكلة ، فهناك انتخابات مستقلة و ناجحة أفرزت أغلبية معترف بها من المجتمع الدولي و القوى الإقليمية و تمتلك بالتالي الشرعية القانونية كي تحكم العراق و يعتبر الخروج عليها مجرد تمرد .
ولكن لو نظرنا للواقع السياسي فيكون لدينا شيء آخر .. أغلبية تتراوح من 75-80 % على أقل تقدير تقيم نظاما سياسيا محددا ،و أقلية لا تعترف بذلك النظام ، بل تقاومه مقاومة مسلحة تحت دعاوى دينية و سياسية مختلفة تتراوح ما بين تكفير الشيعة كلهم أو تكفير المتعاونين منهم و الإتهام بالعمالة و الخيانة ... الخ .
لقد فضلت استخدام تعبير حرب أهلية civil war و ليس تمرد insurrection لأن ما يحدث هو بالفعل أكبر و أشمل من تمرد محدود ، كما أن السنة هي أقلية كبيرة و لها امتداد واسع في المحيط الخارجي يغذيها بالسلاح و المال و الفتاوى الدينية و المتطوعين .
إن الحروب الأهلية كلها تقريبا تمت نتيجة تمرد أقليات كبيرة ضد الأغلبية أو العكس ووجود أغلبية لا يلغي الحروب الأهلية بشكل آلي طالما لم تعترف الأقلية بحق الأغلبية و تلجأ للسلاح كما حدث في الحرب الأهلية الأمريكية .
نعم مازلت أتمنى أن يكون هناك اتفاق في النهاية بين السنة من جهة و بين الشيعة و الأكراد من جانب آخر ، و لكن ماذا يحدث لو لم يمكن إجراء تلك المصالحة كما هو واضح .
هل تفرض الأغلبية شرعيتها بقوة السلاح . أم
هل تقبل الأغلبية بعودة دكتاتورية الأقلية مرة أخرى كما كان الحال تحت حكم البعث ؟.
هذا هو السؤال الحقيقي ؟ .
للشيعة و الأكراد مطلق الحق في بلادهم و لهم الحق أن يروا الأمريكيين حلفاء أو ضيوف أو كشرطة دولية في مهمة و تغادر في الوقت الذي يجدونه مناسبا ، فهذا خيارهم ، ومن الخبل أن نعتقد أنهم سيقبلون الوضع السابق بعد أن ذاقوا السيادة و التحرر من دكتاتورية الأقلية. أيضا أرى أنه من الخطأ أن نفرض على السنة وضعا لا يرضونه ، لأن ذلك سيعني استمرار الحرب الأهلية و تأججها ، ولا يمكن أن نحرر الشيعة عن طريق استعباد السنة .
نعم إذا لم يمكن للطيف العراقي أن يتفق بحرية فلينفصل بحرية أيضا .
لقد خلقت الدولة من اجل الإنسان ولم يخلق الإنسان من أجل الدولة."
إن أخطر الصراعات ليست بين الحق و الباطل بل بين حقين ، إننا نرى الحقائق وفقا للإطار الذي ننظر منه ،وهو ليس الإطار الوحيد و مقياس الشرعية لدينا قد لا يكون نفسه عند الآخر ، نعم لو لجأنا للشرعية الدولية لوجدناها تعترف بنتائج الانتخابات و بالتالي شرعية النظام المنبثق منه . إن جميع العراقيين متفقون على رفض الاحتلال و لا يوجد ما يدعونا للشك في هذا – سوى من يدينون الشيعة على الهوية كما يفعل البعض - الخلاف إذا هو في أسلوب مقاومة الاحتلال هل هو الكفاح المسلح أم النضال السياسي ؟.إن لدينا الآن منظوران لا يتفقان أبدا فالسنة لا يرون سوى المقاومة و الشيعة و الأكراد لا يرون سوى الإرهاب الذي تمارسه تلك المقاومة ضدهما !.
إن الانتخابات الأخيرة أفصحت عن رأي الأغلبية ،و حددت المسار الذي ترضاه و الممثلين الذي تفوضهم .
حتى لو افترض أحد أن هذا الرأي غير صائب فلا فرق لأني -و كما قلت سابقا - لا أرتب حقا لتلك الأغلبية في فرض رأيها على الأقلية التي ترفضه بشكل تام .إن جوهر المشكلة كما لمست من متابعة يومية تقريبا لتطورها ليس الاحتلال الأمريكي تحديدا فالجميع يعرفون أن أمريكا تتعجل الرحيل منذ البداية بعد أن تعيد ترتيب المشهد العراقي وفقا لرؤيتها و لمصالحها ،و لكنها مشكلة من يسود العراق ، فالسنة العرب لم يحكموا بواسطة الشيعة في أي بلد عربي في العصر الحديث ، وهم لا يقبلون هذا بالتحديد في العراق .
ما زلت أقول أن المشكلة هي مشكلة سياسية بالأساس و لو لم يمكن أن يستوعب العراق الجديد السنة أو لم يستوعب السنة العراق الجديد ، فستكون تلك هي اللحظة التي يجب أن تنفصل المسارات بشكل سلمي أخوي كما حدث في تشيكوسلوفاكيا ، فمن الأفضل أن يوجد عراقان متعايشان بدلا من عراق واحد متقاتل حتى الخراب .
إنها حرب أهلية أو في طريقها لذلك .. هذه هي الحقيقة التي أقولها للجميع محذرا من أن يكون العرب طرفا فيها فأطراف النزاع كلهم عرب أو مسلمون . أعلم أن هذه الحقيقة يرفضها السنة و الشيعة معا لأنها تضعهما أمام أنفسهما بلا مكياج و تطلب منهما أن يتصديا لمسئولياتهما تجاه الوطن الذي يضيعانه .
ودمتم جميعا لكل خير.

اقتباس:  هاله   كتب/كتبت  
عزيزي الاستاذ بهجت
حتى لو خصصت النادي لك و للكتابة ضد احتلال العراق فمفيش فايدة  
فقد تحاورنا و تطاوشنا كثيرا أنا و الاخ ثندر و لا يزال يصر أني مع الاحتلال !
و يرجع موقفه الى السياسة البعثية ذاتها:
ان لم تكن بعثيا فانت خائن ! مش مهم انت ايه !!! ولا بتقول ايه !!!

تحياتي  

العزيزة هاله .(f)
عكس ما يعتقد الزملاء و ثندر نفسه فإني لا أرى ثندر خصما أو حتى زميلا عاديا بل هو قريب إلى قلبي .. إني دائما كنت منحازا لأصحاب المبادئ المتحمسين حتى لو اختلفت معهم فكريا ، أعلم أن ثندر مختلف جذريا عن كثير من الزملاء الذين يرتدون طرطورا ثوريا أحمرا و يأتون للإدعاء و البحث عن أدوار تعويضية بديلا عن حياتهم التافهة ، ثندر مخلص بالفعل لمبادئه لهذا أختلف معه و لكني أيضا أحبه كأخ ، كثيرا ما طالبت ثندر أن يظل مختلفا معي و ألا يتغير ، فيكفي العالم ما به من عقلاء و حكماء ، ربما كنا في حاجة فعلا لمتحمسين و متهورين، إن ثندر ليس عدوي و لكن تعقيدات القرن 21 هي عدونا المشترك ، عالم هلامي ملتبس يتقاتل فيه الأخوة و يحالفون الأعداء . :nocomment:

لكن تعقيدات القرن 21 هي عدونا المشترك ، عالم هلامي ملتبس يتقاتل فيه الأخوة و يحالفون الأعداء .

............................
أصدق ما قرأت لبهجت ,,,,:9:
بعد كده لن أقرأ لك شيء يكفيني هذه الجملة :97:

,
,
,
,
,
,
,
,
و
,






بهجت هذا
اللي عازمني عزومة مراكبية:emb:

مرة اخري يثبت بهجت انه كبير بتقبله للنقد .

ليس هذا غريبا فلاجل من هم مثل بهجت فقط يدخل المرئ نادي الفكر.

(f)

اقتباس: محارب النور كتب/كتبت
[QUOTE]بتروس :ألا تلاحظ شي غريب يا باولو

باولو :لا

بتروس : نحن نمشي منذ سبعة ايام ولم يتغير المنظر من حولنا لم نصادف قرية ولا حتى اناس في الطريق ما هو السبب .

باولو :لا اعلم يا بتروس انت دليل ولست انا ,انا تلميذك .

بتروس :لاننا يا باولو ندور حول نفس الجبل منذ سبعة ايام ..وانت لم تلاحظ هذا ..لان كل جوراحك وروحك مركزة على امر واحد ان تسترد سيفك ..نسيت الطريق وركزت على الغاية ..لم تنتبة الى الوسيلة .

عندما ندور حول الجبل سبعة ايام متواصلة ..لا نلاحظ اننا نسير في دوائر مغلقة ..هل يوجد غياب للعقل اكثر من هذا ..

بهجت (f).

محارب النور

اني ارى ما لا ترون _جلجامش .
محارب النور .:97:
أصميت إذ رميت .
هناك بالفعل من يرى أن العقلية العربية لا تعرف الخطوط المستقيمة بل هي مفرطة العشق للدوائر ، تظل تدور ثم تعود إلى نفس النقطة لتدور مرة أخرى ، دورات عدة لا تنتهي مثل باولو و مرشده بتروس ، فقط أضيف أننا نتحدث يا محارب و لكن لا نفكر لأنفسنا ، لهذا يمكنك أن تتنبأ و على أقصى درجات الدقة بكل ما يقوله المشاركون في الحوار العربي باستثناء قلة نادرة تستمد تقاليدها الفكرية من المجتمعات الغربية ،و يمكنك اعتبارهم غربيين يعيشون في الشرق ، إن الشرقي لا يفكر بعقله و لكنه يفكر بطائفته .. يفكر بعرقة و أجداده و قبورهم و كتبهم الصفراء و أفكارهم الصفراء و تاريخهم الدموي الأصفر الفقير ، إن الحضارة هي مجرد طلاء سرعان ما يسيل حول أجسادنا و الثقافة قناع سرعان ما يتشقق عن وجوهنا الصدئة المتكلسة منذ 1400 عام ، نعم نملك عقولا و لكنها مجرد عضو تذكاري لا وظيفة له مثل الزائدة الدودية ، إننا لا نستطيع التفكير خارج متلازمات ثقافتنا الطائفية الأصولية ، فالسني حفيد معاوية و الشيعي حفيد العلقمي و الدرزي متآمر و الكردي عدو متنمر و العلماني صليبي يحيك المؤامرات و الشيوعي كافر منحرف و الليبرالي معادي للإسلام و عميل للغرب و ..... .
نحن ندور بلا توقف فلا نحن سكنا ولا تقدمنا .
إننا نتحاور كما كان الرشيد يحاور ضحاياه قبل ان يسلم رقابهم لمسرور السياف ، ما أسخف ما نقول و أبأس ما نردده كأن 1000 عام لا تعني لنا شيء .. من فمك أدينك ( من يعطيه الحق كي يدين ؟، ) .. جدل لفظي بلا بداية ولا نهاية ولا هدف ولا ضرورة ، رغم كل هذا فالحضارة ستفرض نفسها .. نحن لسنا أبناء هذا المجتمع البائس فقط و لكننا بالأساس أبناء الإنسانية التي تتقدم بلا تتوقف لمصيرها الشجاع .
لنكن جديرين بهذا النسب الكريم .
لنجرب الخطوط المستقيمة
لنتوقف عن الدوران حول التل المجدب .

[SIZE=4]
(f)
عندما طرحت هذا الشريط لم اكن أفكر في العراق .. كنت أفكر فينا نحن .. في العرب خارج العراق
.. عرب الطوائف و الشتات .
إن العراق يغرق في حرب اهلية لا يعلم سوى الشيطان كيف تنتهي ، و نحن نغرق حوله في طائفية جديدة تهون بجوارها كل التقسيمات القديمة و السخافات القديمة .
إن طلاء الحضارة يسيل من حول أجسادنا و قناع المدنية يتشقق عن وجوهنا كاشفا عن عيون ميتة ووجوه محنطة منذ قرون طوال ، لا روح لدينا ولا نبض ولا شهيق ولا زفير .. فقط خوار الطائفية اللعين .
أصبحنا طوائف متخلفة .. فالتخلف و التقدم عادة !.
إن العالم العربي الواحد الكبير يتبخر حتى الدول الوطنية التي لا تروي غليلنا أخذت تتحلل و أصبح غاية أحلامنا أن نحافظ على أقطارنا المجهرية من الذوبان في بحار الطائفية التي أصبحت كالطوفان ، انتهى الزمان الذي كان من العار أن تقول أنا مصري لأنك عربي بالأساس ، انتهى هذا الزمان و لكن ظل من العار أن تقول أنا مصري فأنت بحمد الله مسلم سني !، العروبة جاهلية نتنة و الوطنية نتنة أيضا ، فقط الطائفية معطرة و بديعة .
لم نعد في زمن جمال عبد الناصر فقد اكتشفنا بحمد الله و لا حول ولا قوة إلا بالله أنه كافر و شرير ، نحن في زمن ملوك الطوائف و أبناء الطوائف .. زمن كل الرجال المؤمنين الطاهرين المتوضئين .. زمن الضاري و ابن لادن و الزنداني و الظواهري و المهاجري و السيستاني .. حتى الأحزاب السياسية تحولت إلى طوائف جديدة ، طائفة البعث و طائفة الدعوة و طائفة حزب الله و ....... ما أتعسه من زمن .
لم نعد مثقفين نتيه فخرا بأفكارنا الإنسانية و انتمائتنا الراقية و لغتنا الرشيقة و تقاليدنا الفكرية ، لقد ارتددنا بحمد الله و توفيقه إلى طوائفنا التي بال عليها الدهر من زمن طويل و عدنا إلى شيوخنا المغفلين أعداء البشرية ، عدنا سنة و شيعة و دروزا و مسيحيين و أرمن و أقباط و ... ، عدنا للتقاتل من أجل القبور القديمة و الكتب القديمة و العمائم القديمة .. عدنا طوائفا غبية يضرب بعضنا وجوه بعض من أجل أموات و ذكريات .. من أجل صراعات قديمة مخجلة و جثث صارت ترابا منذ مئات السنين .
أصاب بذعر حقيقي عندما أقرأ لمشارك يدعي أنه فتحاوي مستنير بينما يحرض ضد طائفة كاملة بكل رعونة رافضا السماع لرأي الآخر لأن هذا المشارك من الأغلبية السنية ذات الدماء الزرقاء النبيلة بينما خصمه مجرد درزي !، هناك زميله ( البعثي القومي ) الذي يخون كل الشيعة في العراق وهم 65 % من الشعب العراقي بينما يدعي أنه يدافع عن مصالح العرب ( العرب هم فقط طائفته هو و حزبه هو ) ، كل يضع مصالح طائفته و أفكاراها بمثابة المقياس المعتمد للوطنية و صحيح العقيدة و غيرها مجرد خيانة و كفر بواح .
إن أخطر ما في الطائفيين الجدد ليس فقط عقليتهم الإقصائية و لكن تبنيهم ثقافة غير مسبوقة للإرهاب الأحمق المجاني ، إن ما يحدث في العراق و ينتقل خارجه تموذج بهيمي غير إنساني و غير مفسر و غير مفهوم من الإرهاب لا تعرف البشرية له مثيلا ، إرهاب يستعصى على كل عقل و يفارق أي منطق ، إرهاب حقير و لكنه و للعجب إرهاب منهجي تفرزه مقررات التوحيد الدراسية في السعودية و المنابر في فلسطين و الكاسيتات في مصر و الإعلام في الأردن و الفضائيات الخليجية و المواقع العربية على شبكة الإنترنت ، إرهاب ليس كالإرهاب فهو إرهاب طائفي مطلق لا عقل له ولا دين و لكن له طائفة على صواب دائما . علينا أن نعترف أننا فشلنا في كبح هذا الإرهاب بل حتى رحنا نغذيه و نبرره طالما لا يصيبنا نحن ، الأردنيون ظلوا يدعمون أبو مصعب الزرقاوي ويرونه بطلا يرسلون أبنائهم لدعمه في تفجير شيعة العراق حتى فجر عمان أيضا فهبطت شعبيته من 75 إلى 25 % ، المصريون ظلوا يهللون لأسامه بن لادن عندما فجر أبراج نيويورك حتى فجر لهم طابا و شرم الشيخ فراحوا يهرشون رؤوسهم و يكذيون عيونهم ، السعوديون ظلوا ينصحوننا بحل مشكلة المسلمين الملتزمين في مصر حتى فجروا لهم الخبر فأصبحوا الفئة الضالة و الخوارج الكفار !، تلك هي العقلية التي يتعامل بها العرب مع أخطر تحديات العصر ( الإرهاب ) بعقل الحمار و قلب الفأر و شجاعة النعام !.
يحاول العالم كله فهم العقلية العربية بدون جدوى ، فما هو المبرر كي يتقاتل العراقيون بكل تلك الضراوة المتوحشة بدلا من التكاتف لمقاتلة المحتل و إجباره على الخروج ؟، لماذا يتقاتل السني و الشيعي و الكردي بينما بلادهم غنية قادرة على توفير الحياة الكريمة لكل المواطنيين ، ما هو المبرر للعودة إلى نوع بدائي من الطائفية كنموذج قياسي من الحياة الإجتماعية بدلا من الدولة الوطنية او الرابطة القومية ، و يبقى السؤال الأهم .
لماذا لا يتصدى المثقفون بكل قوة لظاهرة الطائفية الجديدة ، لماذا لا يتصدى المثقفون لظاهرة الإرهاب و العنف ؟، بل هل يكون المثقف جديرا بهذه الصفة ( الثقافة ) لو تخلى عن التقاليد الثقافية الإنسانية ؟.هل يمكن أن يكون الطائفي مثقفا حقيقيا ، هل يمكن أن يكون الإرهابي مثقفا حقيقيا ؟.

اقتباس: بهجت كتب/كتبت
[SIZE=4]
إن طلاء الحضارة يسيل من حول أجسادنا و قناع المدنية يتشقق عن وجوهنا كاشفا عن عيون ميتة ووجوه محنطة منذ قرون طوال ، لا روح لدينا ولا نبض ولا شهيق ولا زفير .. فقط خوار الطائفية اللعين .
أصبحنا طوائف متخلفة .. فالتخلف و التقدم عادة !.
الزميل المحترم / بهجت
(f)
إسمح لي أن أعيد جزء من مداخلة لي في شريط آخر - رأيت أنه قد يتوافق مع تلك الفقرة الجميلة - قوية التركيز و البلاغة.
[quote]في النهاية - أنتج الفكر التوفيقي منظومة فكرية جميلة الشكل و المقصد - قد تناسب العقل الجمعي لمجتمعاتنا - و لكن كل ما يعيبها أنها منظومة خيالية - لم و لن تتواجد سوى بخيالاتهم و من المستحيل تواجدها على أرض الواقع. مالبثت تلك المنظومة الخيالية أن تحطمت على أرض الواقع فيما هو حالنا الراهن.
فماكينات الحياكة أنتجت لباسا جميلا - من خيوط الوهم - إهترأ علينا بمجرد إرتداؤه. تاركا إيانا عراة حتى من لباسنا السابق الذي لم نعد نستطيع إرتداءه.

لك كل إحترامي ,,

إننا لسنا ما نفكر أنه نحن ، بل نحن ما نفكر فيه
ماركوس اوريليوس ..امبراطور روماني و فيلسوف .
الزملاء الأعزاء
ثندر .(f)
أدين للزملاء بإيضاح لازم عن السبب الذي جعلني أفكر في هذا الرد أوجهه لثندر تحديدا ،خلال العاممين الأخيرين و بسبب موقفي من الإرهاب الأصولي في العراق ، أتحفني ثندر 75 بمجموعة من الشتائم المنتقاة بلا ضرورة سواء في الأثير أو في العاصفة أو نادي الفكر ،و قد امتنعت عن مجاراته في هذا المجال ، فليس سرا أني أرى الشتائم المجانية دليلا على النجاح و التأثير ، لهذا ربما علي أن أشكره !. إني أريد أن أنتهز هذه الفرصة ليس من أجل تصفية الحسابات ، فليس بيني و بين أحد حسابات من أي نوع ، فكما أخبرت ثندر نفسه فصداقتي متاحة دائما للجميع أما خصومتي فهي امتياز ليس من السهل الحصول عليه ! .
فقط أريد أن أوضح مجموعة من الأشياء لثندر و لباقي الزملاء خلاله . علينا أن نتفق أن الهدف من الحوار ليس المكسب أو الخسارة فتلك مفاهيم لا وجود لها في عالم الأفكار ،و لكن الهدف من الحوار هو أن يعرض كل منا أفكاره بمنتهى الدقة و الوضوح ،و أن يخضعها للنقاش و بالتالي يمكنه معرفة نقاط القوة و أوجه القصور ، إنه سيكون كافيا بل فوق الكفاية أن تكون أفكارنا أكثر وضوحا لأنفسنا ، عندما نتواجد على الشبكة علينا أن نتوقع أن نجد مشاركين مختلفين عنا ، و أن نقبل هذا الاختلاف ، إننا نعيش واقعا قطريا و ما يجمعنا هو اللغة العربية فقط ، حتى لو كنا نكره ذلك ،و علينا أن نواجه الحقائق لتغييرها بدلا أن نلعنها و نلعن الآخرين . إن تنوع الأفكار مفيد في حد ذاته ، و مفهوم الرأي الواحد أو محاولة فرض فكر ما كنموذج استرشادي للفكر الصحيح هو مفهوم شمولي يلائم الأحزاب الدكتاتورية مثل الأحزاب الإسلامية و الشيوعية و البعثية و الناصرية فقط ، في الشبكة لن يمكنك أن تفرض رأيك أبدا بالقوة و العنف و ستبدوا مضحكا لو حاولت ذلك ، فلم المحاولة ؟. لا يمكننا أن نكون عقلاء ثم نخون أو نكفر مخالفينا مهما تصورنا أنهم يستحقون ذلك ، لأننا بدورنا سنبدو خونة و كفرة وربما جهلة في نظرهم ، لهذا لا أرى ثتدر محقا في فورات غضبه المتلاحقة ضد مخالفيه فهي لن تضيف له شيئا ، إننا عندما نصيح نصبح أقرب للخطأ و للزلل . إن العنف اللفظي و حتى المعنوي لن يفيد الحوار في شيء بل هو يشوشر على تدفق الأفكار و صفائها ،وهو أيضا ينتقل خلال الموقع الحواري كله و يؤدي إلى فشله و انحطاط مستواه .هذا العنف سرعان ما يرتد إلى منبعه ، فلماذا لا نتوقف عنه ، بل يمكنا التوقف عن الحوار لفترة حتى يعود لنا صفاء العقل . ساحات الحوار ليست ساحات للدعاية السياسية ولا للترويج المذهبي ، كما أنها ليست مجالا للتراشق الطائفي ، وهذه ليست مثالية بل واقعية ، فعضوية نادي الفكر العربي مثلا حوالي 3000 عضو منهم ربما 20 أو 25 عضو نشط ، أما المهتمون بموضوع مثل العراق فلن يزيدوا عن 10 أعضاء ، فهل هناك عاقل يبذل جهدا كبيرا كي يؤثر عليهم ؟.إن من تسمعهم يتحدثون عن تأثير الشبكة يتحدثون عن مواقع مثل إيلاف يشاهدها الملايين ، هناك فقط التأثير ، أما هنا فنحن أشبه بجلساء في مقهى نتجاذب الحديث ثم يمضي كل إلى بيته . هذا لا يقلل أهمية أحد ، بل ربما بيننا من هو أعظم موهبة من كتاب محترفين ،و لكن بلا تأثير واسع .هذه يا ثندر حقيقة يجب أن تفهمها جيدا ، فلو أحببت خدمة المقاومة يمكنك البحث عن مجال أوسع أو حتى القيام بواجبك كانتحاري ، و لكن ورحمة الغاليين كلهم ، سيكون مضحكا أن تصرخ فينا متوهما أنك أديت واجبك و أنك مقاوم فشر جيفارا . لو تناولنا العراق كمثال فكلانا ليس عراقيا ، و لهذا فلسنا طرفا في الصراع ، وهذا يعطينا القدرة على رؤية أقرب للموضوعية و أبعد عن التعصب ، لقد طرحت شريطا جيدا عن الشيعة و الموقف من الإرهاب ( لا تكرهوا الشيعة !) ، و هو مفتوح لمختلف وجهات النظر ، و الجميع يبدي رأيه في حرية سواء في نادي الفكر او العاصفة ،و لكنك حاولت أن تفسده بشتائم لا تلائم سنك أو مركزك ، معتقدا انك بهذا تصبح مناضلا ضد أمريكا ،وهذا ضرب من الحماقة ، يمكنك أن تعرض رأيك بهدوء أو تتنحى ،و لكن لا يحق لك إفساد جهد غيرك دون أن تكون موضع احتقار فلم ترضى لنفسك وضعا غير صحيح .إني أنتظر أن أسمع الجميع شيعة و سنة و أكراد و بعثيين و تكفيريين و حتى قتلة أوباشا ، فهذا هو الهدف من الشريط .. أن نعرف و أن نفكر و أن نقارن بعقل مفتوح .إنكم في فلسطين تتحاورون مع اليهود بلا انقطاع فلماذا يكون حوارنا مع الشيعة العرب خيانة ؟.
الآن أعود
إلى مداخلة ثندر الأخيرة .

تحية للدكتور بهجت
أنا متابع الشريط , وأن أهنأك على هذا الرقي الفكري والمعرفي والأخلاقي , وعلى حكمتك وطولة بالك .

نبيل

الأخ الفاضل "يهجت"،

أشكر لك تحيتك وترحيبك الجميلين ويسعدني جدا أن نلتقي مجددا على صفحات الأثير بعد أن فرّقت بين كلماتنا وأفكارنا المنتديات.

مسألة العراق، كما أراها، هي ليست مسألة مقاومة وأرهاب وأغلبية وأقليات. مسألة العراق مسألة معقدة جدا وقد تفضّلت بتبيان بعض زواياها في مداخلتك أعلاه. أسمح لي أن أقلب بعض زواياها الأخرى من وجهة نظري الشخصية. ولأن بعض هذه النقاط مرددة، سأحاول الإختصار فيها كي لا يدور حوارنا في حلقة مفرغة:

أعتقدنا على وفاق أن حق مقاومة المحتل للإحتلال العسكري هو حق مشروع تشرّعه ليس فقط قيم الحرية الإنسانية بل تعترف به وتشرّعه القوانين الدولية. ولا أعتقد أن واقع الإحتلال الأمريكوبريطاني للعراق هو أمر يتناطح فيه عنزان لكي نسمّيه خطأً "ضيفا على الكورد والشيعة". وأعتقد أنه بإمكاننا، بعد نقاش أعتقده سيكون قصيرا لبداهة الأمر، الخلوص الى نتيجة مفادها أن الحكومة العراقية القائمة هي "حكومة احتلال" تأتمر بأمره ولا تستطيع الخروج عن ما هو مفروض عليها بغضّ النظر عن مسرحية الإنتخابات التي تمّ إجراءها.

إذا، كمراقبين حياديين "أجانب"، ما نراه هو أمران: شرعية المقاومة أولا، وعدم شرعية حكومة الإحتلال ثانيا.

قد يقول قائل أن هذه الحكومة هي حكومة منتخبة وتمثل أغلبية الشعب العراقي، بينما المقاومة هي مقاومة فئوية تمثل أقلية عراقية وأن ذلك يقلب الموازين؛ قد يكون الأمر كذلك. في هذه الحال إذا الا يحق لنا أن نتسائل لماذا تحتاج حكومة أغلبية عراقية مدججة بكل أسلحة القرن االواحد والعشرين بالإضافة الى الدعمين الأمريكي والإيراني، لماذا تحتاج الى الوجود المباشر لقوى الإحتلال؟ وسؤال آخر: عندما تنفـّذ هذه الحكومة الأوامر الأمريكية، هل هي تمثــّل بذلك الشعب العراقي؟

الإرهاب في العراق أنواع كما ذكرت، ونحن إذ نلحظ إرهاب بعض القوى السنية المنضوية تحت غطاء المقاومة، لا نغفل عن إرهاب فرق الموت التابعة لوزارة الداخلية لحكومة الإحتلال. ولا نحن نغفل عن إرهاب الميليشيات الطائفية الشيعية .. وهي تابعة لذات الأشخاص الذين يمثلون أهم المناصب في هذه الحكومة.

الحرب الأهلية في العراق تصب في بحر التقسيم. والتقسيم تطالب به الإئتلاف ويطالب به الكورد. ولقد كتبت جهات غربية متعددة عن الدور الذي تلعبه فرق الموت العراقية في تأجيج الحرب الأهلية على طراز ذات الإستراتيجية الأمريكية المستخدمة في فيتنام وأمريكا اللاتينية. وسأنقل الى هذا الشريط بعض المواد عن هذا الموضوع.

للأسف، لكن، في محيط إعلامي تسيطر عليه تماما آلة البروباغاندا الأمريكية، يجنح الناس الى التبريريات السطحية وتفوتهم الممارسات الإستراتيجية بالرغم من أنها كلها ظاهرة ومعروفة علنا. هكذا هي البروباغاندا وهذا هو هدفها .. من يصدق الحقيقة إذا كانت غريبة؟

كإنسان عربي، لا يمكنني أن أقف من موقف تقسيم العراق موقف المؤيد. وإذا كان شأن العراق يهمّ أنسان أمريكي بما فيه الكفاية ليتدخل فيه عسكريا، فنحن أولى كعرب وأشخاص من أصول عربية أن يكون لنا آراء في مصيره.

تحياتي