(03-03-2010, 11:45 PM)مواطن مصرى كتب: عزيزى طريف
يسعدنى سؤالك هذا ومن الواضح الذكاء الشديد فى السؤال .. من العدل طبعا ان نفصل النظرية عن التطبيق بالنسبة لكل الانظمة بما فيها الشيوعية .. فليس القول مفصل على الاسلام فقط .. ولكن يصعب ان اتحدث عن هذا لأنه من المفروض ان اتحدث ولكن الامر بالنسبة لى هو خواطر افكر فيها واعتقد فى نفسى انها تفقد معناها إن حاولت أن أستدعيها .. لذلك ارحب بأن تطرح انت ما تراه مناسب وأفضل من الاسلام .. فقد يكون رأيك أفضل لى وأنفع.
عزيزي مواطن مصري
على الدوام ارى طرحك من منطلق " قدم في اليمين والاخرى في اليسار"، حيث بإستمرار يمكنك التراجع عن احد القدمين والاستمرار في الدفاع عن موقع القدم الاخرى وكأن هذا موقفك منذ الازل. مثلا في تعليقك السابق تقول:
(واعتقد انه ثبت للجميع فشل الاسلام السياسى لأن من يقوم به لا يطبق صحيح الاسلام .. ولكن يطبق ما يحقق له المكاسب وينطبق على العاملين بمبدأ الاسلام السياسى).. وهنا يعتقد القارئ انك ضد الاسلام السياسي فعلا، كما اشرت في التعبيرالذي سبقه بسطر واحد فقط، ولكن التعمق في رؤية المعنى يشير الى انك تراجعت عن المعنى الصريح السابق، لتصبح (جوهرياً) مع الاسلام السياسي إذا جرى تطبيقه من خلال صحيح الاسلام، بمعنى اخر انت تعتقد بإمكانية نجاح الاسلام السياسي إذا جرى تطبيقه من خلال " الاسلام الصحيح"، وبالتالي فأنت لست ضد الاسلام السياسي على إطلاقه، وتعتقد بجواز ان يكون الاسلام سياسي، من حيث المبدأ، وهو جوهر الامر الذي تدعو اليه كتاباتك التي تعتقد انت انها اصلاحية..
ولكن ماذا يعني الاسلام الصحيح، وانت بالذات الذي يشير الى ان الاسلام يجري من خلال قراءة ذاتية، وتحاول استقراء قراءة اكثر انسانية للنصوص المقدسة، مشيراً الى خطأ القراءات الاخرى. في ذات الوقت تعترف ان قرائتك ايضا تخطأ وتصيب، وبالتالي فالله وحده المؤهل ان يحكم بصحة القراءة وهو امر مستحيل.
ان " الاسلام الصحيح" مسألة على الدوام ذاتية، ولايجوز فرضها، وبالتالي لن يكون ابدا هناك اساس مقبول لتطبيق الاسلام السياسي على قاعدة " اسلام صحيح"، يتفق عليه الجميع او يحكم بصحته الله، بإعتباره الوحيد المخول بصحة ماهو صحيح.
وعلى هذه الخلفية، ليس من الغريب ان تفقد خواطرك معناها عندما تستدعيها للدفاع عن نظريات الاخرين، في حين تجد كل معانيها عندما تستدعيها للدفاع عن نظرية الاسلام من وجهة نظرك، الامر الذي يجعلك لاتشعر بالغضاضة من تناسي خواطرك عندما تدين النظريات الاخرى.
ولكن لماذا تعاود (من جديد) الى إعتبار ان من اهدافي ان اطرح ماهو مناسب اكثر من الاسلام، بمعنى اخر لماذا تعتبر ان نقدي لتصوراتك الاسلامية تعني نقد للاسلام على اطلاق الرؤى الذاتية، على الرغم من ان افكارك هي تصوراتك الشخصية وليست الاسلام؟ الايمكن ان تكون لدي تصورات عن الاسلام مختلفة عن مالديك، ولاتستدعي الوقوع في التناقض؟
في تعليق سابق لي اشرت الى ان الاسلام بالنسبة لي هو دين العلاقة الفردية بين الانسان وربه، وبالتالي فهو ليس منظومة اجتماعية او سياسية حتى يكون اسوء من النظريات الاخرى. ومحاولتك دفعي لتقديم شئ افضل من الاسلام هو اصرار منك على ان الاسلام نظرية سياسية يمكن تقديم بديل عنها، وليس مجرد دين العلاقة الفردية ، وبالتالي يتناقض مع إدعائك انك لاترى ان الاسلام لايجوز تحويله الى " اسلام سياسي" او على الاقل لديك تسمية اخرى لاستغلال الاسلام في الحكم كشريعة قائدة للدولة.
وكما قال الزميل بهجت عن حق، لايجوز على الاطلاق، ولايمكن منطقيا وعقليا وفعليا، فصل النظرية عن التطبيق، الامر الذي يتوافق مع تصوراتي عن الاسلام بأنه شريعة العلاقة بين الفرد وربه، وليس شريعة ادارة دولة.
على هذه الخلفية من السهل تفسير فشل الاسلام في ادارة الدولة والمجتمعات، بدون ان يكون هذا الفشل هو فشل الدين بذاته، وانما فشل من زجه في معمعمة ليس مصمم لها ولايمكنه تحقيقها.
لايمكن القول ان فشل التطبيق ليس فشل للنظرية، من حيث ان النظرية لايمكن البرهنة على صحتها الا من خلال التطبيق العملي وحده. ومن نافلة القول ان النظرية الشيوعية والنظرية الاسلامية (من منطلق تصورات اتباع الاسلام السياسي او دولة الشريعة) هما نظريتان مصمماتان اجل التطبيق على المجتمعات البشرية من خلال العامل البشري نفسه، وبيده، وهو الاحتمال الوحيد الممكن والذي يجب على مصمم النظرية ان يأخذه بعين الاعتبار.
لذلك من الطبيعي ان تكون النظرية الناجحة هي التي تأخذ العامل البشري بعين الاعتبار، والنظرية الفاشلة هي التي لاتأخذ هذا العامل بعين الاعتبار المسبق وتتفوق على ثغراته. وفشل كلا النظريتين، على الرغم من نبلهم (من حيث النية) ، يدلان على فشلهم في اخذ العامل الانساني بعين الاعتبار. وإذا كان بالامكان فهم هذا النقص في النظرية الشيوعية، التي وضعها بشر، فإنه من الصعب فهم مبررات هذا الخطأ في النظرية الاسلامية التي وضعها عقل إله، إذ كيف يمكل لعقل الهي كامل وقادر ان يفوته خلق ميكانيزم خارق قادر على الالتفاف على النقص العقلي في العامل االانساني، او يسوق نظرية وهو يعلم فشلها المسبق لعدم تداريها للنواقص الفطرية في الانسان، الذي لايخفى عنه؟ ومن حيث ان الاله لايخطأ، يدل ذلك على الفور ان النظرية الاسلامية ليست نظرية مصممة للحكم او لادارة مجتمعات حديثة.
وايضا التجربة وحدها المحك لنجاح او فشل اية نظرية، بما فيه النظرية الالهية، إذا كان يجري تسويقها على انها نظرية ادارة مجتمعات ودول. وخطأ هذا التسويق يقع على عاتق المسوقين وليس الله، ولكنه يدلل على حقيقة ان الاسلام ليس شريعة دولة ولايمكن ان تكون.
ان جزء من النظرية الوحيدة القابلة للتطبيق اليوم، والتي اعطت افضل النتائج الممكنة على الرغم نواقصها، هي المؤسساتية البشرية، وهي التي تبنتها جميع دول الشريعة اليوم في محاولة لترقيع الشريعة كنظرية ادارة دول، مع التغاضي عن التذكير بالتبني، وكأن الامر طبيعي.
خالص ودي