تحية جديدة متأخره قليلا...
لقد طرحت أيها الزميل
حارث", يمكن لهذه القاعدة أن تكون صحيحة إذا أعطيت لحدودها قيما مناسبة , كأن تنظر لمفهوم السلسلة السببية نظرة خاصة و محددة, و لكن عندها سينحصر صدق القاعدة بتبني تلك القيم فقط , و يمكن لهذه القيم أن تختلف بشكل كبير مما يجعل صحة هذه القاعدة صحة نسبية ,و لعلك تلاحظ المحتوى النظري لمثل هذه القاعدة لإستحالة التحقق منها تجريبيا,فلا نعرف بالضبط ماهي اللانهاية و لا نستطيع أن نتتبع بدقه سلسة الأحداث لنعرف بالضبط أن هذا الحدث نشأ عن ذاك الحدث, لذلك أعتبر قانونك السابق "صورة" ذهنية يتدخل في تشكيلها "الهوى", أو الميل النفسي ,و بمقابل صورتك السابقة أعطيتك صورة العداء الذي يريد تجاوز عدد لانهائي من الأنصاف ثم ينجح في ذلك, و لكنك عندما تقول :
اقتباس:لا بد من التوضيح يا عزيزي.
فأجد نفسي مجبرا على العودة الى نقطة البداية....
تتصور أن حدثا "أ" نشأ عنه حدثا آخر "ب", و بدوره "ب" أنتج حدثا "ج" و هكذا بشكل مباشر وواضح, و لا يمكنك أن تتصور حدثا دون و عله أو سبب , و أنا بدوري لا أجد "سببا" يدعوني لأن أعتقد بأن الأحدث تنشأ دون عله و لكن ما هو المعنى الحقيقي لقولي :
أن حدثا سبب آخر
التجارب الإنسانية ساهمت في تشكيل "صورة" محددة للسببية , فقد كان الإنسان يلوم البحر إذا أبتلعت أمواجه عزيزا , أو قد يلوم صخرة إذا سقطت على رأس صديق , و من السهل أن نرى كيف كانت الثقافات البدائية تفترض وجود أرواحا حيه في الأشياء و خاصة في الظواهر الطبيعية التي تسبب دمارا , الآن إذا قذفت حجرا فكسرت نافذه زجاجية , فيمكن أن نقول أن قذف الحجر سبب كسر النافذه , أو أن قذف الحجر "ولد" أو "خلق" كسر النافذه , إن عبارات من قبيل "ولد أو خلق" , تخلق تشويشا في فهم الظاهرة .
سنحاول إزالة هذا التشويش بطرح السؤال ما هي أنواع الموجودات التي تربط فيما بينها بشكل سببي؟؟؟!!! ,عندما نقول أن القمر هو سبب المد و الجزر فإننا نعني أن كتلة القمر تسبب هذه الظاهره ,السبب هنا في الواقع هو "عملية " جذب , و لكن في حياتنا اليومية لا نكون بمثل هذاالتحديد فيكفي أن نقول أن القمر هو سبب االمد و الجزر , هناك حالات أخرى يكون السبب فيها ظرف أو مناخ أو حتى شرط ,تخيل حادث اصدام سيارة بجدار , لمعرفة سبب هذا الإصطدام يجب دراسة كل العوامل سلوك السائق , حالة الطريق ,إتجاه الشمس ,سلامة أجزاء السيارة , ولعلط تلاحظ أن الإصطدام لم بنشأ عن سبب واحد , و لكننا في حياتنا اليومية نميل الى أن "نورط" سببا واحد في الأمر , كأن يقول طبيب أن سبب موت فلان هو سرطان الدم و كفى ,و لكن في حالة إصطدام الاسيارة :
عامل البلدية سيقول أن سبب الحادث هو تبلل سطح الطريق ولو كان الطريق جافا لما حدث ما حدث
شرطي المرور سيقول أن السائق كان يسير بسرعته القصوى ولو كان أبطأ لما حدث ما حدث
زوجة سائق السيارة قد تقول أن زوجي "تخانق" معي و لم يكن مركزا في السواقه لذلك حدث ما حدث
و قد يأتي الميكانيكي المعتم بتصليح السيارة ليقول بأن فرامل السيارة كان محلولا قليلا لذلك حدث الحادث
الآن كيف لي و لك ان نحدد السبب الحقيقي لهذا الحادث و كل تقرير من التقارير السابقه يقترح سببا مختلفا؟؟ قد لا أستطيع أنتقاء حدث بعينه و لكن يمكن أن أقول أنه ليس ثمة سبب وحيد قاد الى ذلك الحادث و لكنها مجموعة معقدة و متشابكة من الأسباب .
فلا استطيع أن القول و أكون صادقا كل الصدق بأن الحدث "ب" نشأ عن الحدث "أ" بشكل خالص , إلا إذا كانت كل الظروف و الشروط و المناخات الملائمة لظهور الحدث "ب" متضمنه كليا في الحادث "أ", و إذا وجد مثل هذا الحدث "أ" المعروف من قبلي بما يحوية من عوامل نفسية و ميكانيكية لأستطعت أن "أتنبأ" بحدث "ب" قبل أن يحدث. و لا أعتقد بوجود شيئا مشابها لهذا و كذلك لا أظنك تعترف بوجوده.
البساطة التي تعرض فيها سلسلتك السببية , و التي ينشأ فيها العنصر التالي عن العنصر الذي قبله مباشرة و دون وسائط , تخلق خطأ في الفهم لأنها توظف مفهوم السببية بشكل خاطىء فتجعل السبب واضحا كل الوضوح و ضروري النتيجة فيما الواقع يختلف عن ذلك تماما.و من سوء الحظ أنك طبقت هذا الفهم في قانونك أعلاه ليبدو صحيحا , ثم لتستخدم نتائجة بشكل جائر.
مودتي