الزميل الراعي
تعمدت أن أقرأ موضوعك كاملاً رغم ضيق وقتي ، ولأني أعلم أنك من أصحاب الموضوعات الطويلة جداً التي لا تأتي بجديد عادة ، ظننت في ردك على الزميل استشهادي المستقبل أن هناك دليل جديد مقنع في ردك ، ولكن كالعادة جاء ردك يحمل العديد من صور التضارب ، لقد رأيتك تستدل بما ورد من نصوص :
ولكي لا يسأله التلاميذ عن موعد حدوث ذلك قال لهم " وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب " (مر32:13)
ثم تقول بعدها : .
[ كان يعرف المعرفة التي لا يجوز الإعلان عنها ، كان يعرف اليوم والساعة ولكن الإعلان عنهما في سلطان الآب وحده ]
فكيف يقول النص لا يعلم بها إلا الآب ، ثم تناقض أنت الإنجيل وتقول أن الابن كان يعرف كل شئ ، فأي طريقة للتفسير هذه .
ثم رأيتك بعد ذلك تطيل في الاستشهاد بما فهمت أنت مما هو يخالف النص ، ومثلك في ذلك كمثل مسلم أراد أن يغالي في حقيقة النبي صلى الله عليه وسلم ، فأخذ يسرد العديد من الأدلة التي تتماشى مع هواه، فأخذ يقول بأن النبي صلى الله عليه وسلم ليس ببشر ، فالنبي نور ، ومادام الله نور والنبي نور ، فإن النبي ليس ببشر ، وأن العالم خلق له ، وأنه كان يعلم الغيب وأنه نطق بأشياء غيبية حدثت بالفعل تدل على أنه ليس ببشر..إلى غير ذلك من أقوال المغالين الضالين ، التي تتهاوى أمام النصوص الصريحة ( قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إليًّ أنما إلهكم إله واحد ) الكهف : الآية 110.
والخلاصة أن كل ما استدليت به لبيان أن المسيح إله يعلم الغيب تتهاوى أمام النص الصريح "
وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما أحد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الآب " .
الزميل الراعي ، أنتم بهذا التفسير تجعلون المسيح عليه السلام كذاباً يصرح بعكس الحقيقة ، فتدعون أنه يعلم الساعة ، في حين أنه عندما سأله البعض قال لا يعلمها إلا الآب . فهل هو كذاب يعلم ثم يقول أنه لا يعلم ؟؟
ولو كان المقصد كما تدعوا هو صرف السائل إلى الأهم ، وهو السهر والإعداد للساعة ، لتبين لنا بذلك بلاغة النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله رجل : متى الساعة ، فقال صلى الله عليه وسلم : وماذا أعددت لها . دون أن يلجأ إلى الكذب لصرف الرجل إلى الأهم وهو الإعداد لها .
كما أنك أيها الزميل نقلت العديد من النصوص التي تحمل معنى أن الله يأتي بأفعال على قدر فهم الناس ، فهو يصرح أنه ينزل ليرى ،أو يتكلم كأنه لا يعلم ، في حين أنه يعلم كل شئ .. لكن هل صرح الرب مباشرة أنه لا يعلم ونفى عن نفسه العلم فعلاً ، فكيف تقيس هذه على هذه .
الزميل الراعي ، رأيتك تسرد عده قصص لتستدل بها على الوهية المسيح والعياذ بالله ، على أساس أنه يعلم الغيب ، ولكنه كان يسأل وهو يعلم ، ومنها قصة المرأة التي سألها أن تذهب وتدعي زوجها، فقالت ليس لي زوج ، فقال لها كذا وكذا
فلماذا لا تقول عن هذا أنه وحي من الله تعالى بدلاً من تأليه المسيح عليه السلام ؟
وفي الإسلام العديد من المواضيع التي سأل فيها النبي صلى الله عليه وسلم بعض الناس عن أمور فأنكرواها ، ثم قال لهم بل كذا وكذا ، ومن أمثلة ذلك ما حدث في قصة إسلام عمير بن وهب ، والتي خلاصتها أن عمير بن وهب اتفق مع صفوان ابن امية في مكةعلى قتل النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن معهما ثالث ، فلما ذهب عمير إلى المدينة لتنفيذ خطته ، سأله النبي صلى الله عليه وسلم : لماذا أتيت ؟ فقال سبباً آخر لمجيئه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم في معنى ما قال : بل قعدت أنت وصفوان وقال كل منكما كذا وكذا ، فما كان من عمير إلا أن قال أشهد أنك رسول الله .
انظر بالتفصيل هنا :
http://sirah.al-islam.com/SearchDisp.asp?O...5&f=hes1727.htm
فهل قال المسلمون بأن النبي إله يعلم الغيب كما تقولون عن عيسى عليه السلام بسبب مثل هذه القصص .
الزميل الراعي ، انصحكم بعدم المغالاة في شأن عيسى عليه السلام ، وأسأل الله تعالى لنا ولكم الهداية .
{ يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق، إنما المسيح عيسى بن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، فآمنوا بالله ورسله، ولا تقولوا: ثلاثة، انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد، سبحانه أن يكون له ولد، له ما في السموات وما في الأرض، وكفى بالله وكيلا }النساء:171 .