أولا أسلوب الخطاب يستحيل أن يوحي بأن النبي صلى الله عليه وسلم هو مؤلف القرآن , بل الآيات واضحة في أنه يتلقى وحيا وخطابا من الله عزوجل .
هذه واحدة .
والأخرى :
إنَّ أسلوب الخطاب في الآية القرآنية لا يستلزم وقوع الشك في قلب رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- ففي لـغـة الـعـرب حرفان للشرطية: (إن) الشرطية و(إذا) الشرطية, لكن ما الفرق بينهما ؟؟
نقول : بأن (إن) الشرطية تحتمل وقوع الحدث[SIZE=4]
وقد لا تحتمله، أما (إذا) الشرطية فهي التي احتملت وقوع الحدث، فأسلوب الخطاب في الآية الكريمة هو (إن) والذي يحتمل وقوع الشك في قلب الرَّسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- وقد لا يحتمله.
قال قتادة بن دعامة (رضي الله عنه): بلغنا أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- قال: (لا أشك ولا أسأل) تفسير الإمام الطبري (11/168). وهذا الأسلوب معهود بطلب السؤال حَتَّى من المعدوم، كطريقة للتأكيد على الحزم والجزم،كما في قوله -تعالى-: {واسأل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا لهم من دون الرحمن آلهة يعبدون} ومن المعلوم استحالة سؤاله للمرسلين السابقين فقد ماتوا قبله بقرون.
ومما يزيد هذه الآية وضوحاً وتبياناً ماذكره الإمام القرطبي في تفسيره للآية السابقة التي استدل بها النصارى جهلاً بغير علم -أوبعلم- : فإن كنت في شك أي قل يا محمد للكافر فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك أي يا عابد الوثن إن كنت في شك من القرآن فاسأل من أسلم من اليهود يعني عبد الله بن سلام وأمثاله لأن عبدة الأوثان كانوا يقرون لليهود أنهم أعلم منهم من أجل أنهم أصحاب كتاب فدعاهم الرَّسُول -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- إلى أن يسألوا من يقرون بأنهم أعلم منهم هل يبعث الله برسول من بعد موسى؟.
وقيل: المراد بالخطاب النَّبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ- لا غيره والمعنى لو كنت يلحقك الشك فيما أخبرناك به فسألت أهل الكتاب لأزالوا عنك الشك. وقيل: الشك ضيق الصدر، أي: إن ضاق صدرك بكفر هؤلاء فاصبر واسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك يخبروك صبر الأنبياء من قبلك على أذى قومهم، وكيف كان عاقبة أمرهم.
ويقول الإمام ابن القيم (رحمه الله) في الرد على هذه الشبهة:
الحكمة تختص بأهل الكتاب دون عبدة الأوثان فبقاؤهم من أقوى الحجج على منكري النبوات والمعاد والتوحيد وقد قال تعالى لمنكري ذلك: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} النحل: 43. يعني: سلوا أهل الكتاب هل أرسلنا قبل محمد رجالاً يوحى إليهم أم كان محمد بدعاً من الرسل لم يتقدمه رسول حَتَّى يكون إرساله أمراً منكراً لم يطرق العالم رسول قبله؟ وقال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ} الزخرف، الآية:45 . والمراد بسؤالهم سؤال أممهم عما جاؤوهم به هل فيه أن الله شرع لهم أن يعبد من دونه إله غيره.
قال الفراء: المراد سؤال أهل التوراة والإنجيل فيخبرونه عن كتبهم وأنبيائهم.
وقال ابن قتيبة: التقدير واسأل من أرسلنا إليهم رسلاً من قبلك وهم أهل الكتاب.
وقال ابن الأنباري: التقدير وسل من أرسلنا من قبلك.
وعلى كل تقدير فالمراد تقرير مشركي قريش وغيرهم ممن أنكر النبوات والتوحيد وأن الله أرسل رسولاً أو أنزل كتاباً أو حرم عبادة الأوثان فشهادة أهل الكتاب بهذا حجة عليهم وهي من أعلام صحة رسالته إذ كان قد جاء على ما جاء به إخوانه الذين تقدموه من رسل الله سبحانه ولم يكن بدعاً من الرسل ولا جاء بضد ما جاؤوا به بل أخبر بمثل ما أخبروا به من غير شاهد ولا اقتران في الزمان وهذه من أعظم آيات صدقه.
وقال تعالى: {فَإِن كُنتَ فِي شَكٍّ مِّمَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَؤُونَ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءكَ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} سُورة يونس، الآية: 94.
وقد أشكلت هذه الآية على كثير من النَّاس وأورد اليهود والنصارى على المسلمين فيها إيراداً وقالوا: كان في شك فأمر أن يسألنا وليس فيها بحمد الله إشكال وإنما أتي أشباه الأنعام من سوء قصدهم وقلة فهمهم وإلا فالآية من أعلام نبوته وليس في الآية ما يدل على وقوع الشك ولا السؤال أصلاً فإن الشرط لا يدل على وقوع المشروط بل ولا على إمكانه كما قال تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ} سُورة الأنبياء، الآية:22 وقوله: {قُل لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لاَّبْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} سُورة الإسراء، الآية: 42 وقوله تعالى: { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ} سُورة الزخرف، الآية 81 وقوله تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} سُورة الزمر، الآية:85 ونظائره فرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يشك ولم يسأل.
http://www.islamprophet.ws/index.php?pg=des&t=m&id=203
وأما بخصوص سورة الكافرون : فماوجدته في كتب التفسير ( والذي أعرفه منذ ولدت ) أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم قد رفض عرضهم السفيه بعبادة أصنامهم سنة وعبادة الله سنة . وأما قولك ياروميو الذي لم تأت عليه برابط ولادليل : أنه قبل عرضهم فأنزل الله السورة : فهذا مالم أجده لافي كتب المسلمين ولا كتب النصارى ولا الهندوس .