سوداء، مستديرة، ليست كاملة الاستدارة تتخللها نتوءات وخطوط أشبه بحروف قدسية، تتوسط الجبهة، تنمو عليها منذ أن كان صبيا يسعى خلف أبيه تجاه المسجد.. بدأت كغلالة خفيفة أعلى الجبهة أخذت تتكثف وتتركز وتشتد.. حتى صنعت على جبهته تاريخا مجيدا يعرفه كل من يراه، فيكسبه وقارا وتقديرا بين الناس. صار وجودها مصدرا لأمنه واطمئنانه، يصافحها مع كل آذان ويغسلها بماء طهور عند الوضوء.. اعتاد كل صباح أن يرنو إليها في المرآة فيتأملها بعينيه، ويتحسسها بأنامله، ويتمتم ببعض الأهازيج والأدعية، فيقر قلبه وتهدأ نفسه ويصفو باله.. حتى عرف بها.. أبو النور.
ذات صباح استيقظ أبو النور من نومه ضائق النفس، مكروش الصدر مهموما على غير عادته، لا يدري سر هذا الشعور الغريب الذي تغلغل داخله، فجعله عصبي المزاج لا يطيق أحدا، حك قدميه بالأرض في طريقه إلى الحمام وهو يرغي ويزبد.. دخل رافعا رأسه بحركة لا إرادية إلى المرآة
ليستقبل قريرته العزيزة الساكنة على صفحة جبهته، انتفض وهو يبحلق في المرآة غير مصدق. صرخ بصوت خنقته الحسرة:
- أين الزبيبة؟
لم ير في المرآة سوى جبهة فارغة منطفئة، خامدة، مظلمة. خفق قلبه وراح يدق بعنف وهو يفتش في ثنايا وجهه عن زبيبته. أسرع إلى زوجته وراح يهزها بعنف ويصيح وهو يشير إلى رأسه:
- بهيجة.. أين ذهبت؟
انتفضت كمن لدغها عقرب: هل دخل لص علينا? المجوهرات?!
دفعها ثم عاد إلى الحمام وهو يترنح ويصيح: أي مجوهرات أيتها المخبولة. لقد ذهبت زبيبتي؟
امتلأت عيناه بالدموع.. لا يتذكر أنه فعل شيئا يستوجب فقدان خاتم الطهر والنقاء، فهو لا يكف عن التسبيح والشهادة، لم ينقطع عن المسجد ليلا أو نهارا، يصوم رمضان وستا من شوال، بالإضافة إلى الاثنين والخميس، يؤدي الزكاة بسخاء فضلا عن الصدقات التي يمنحها للفقراء كلما تيسر، حج البيت خمس مرات، ويعتمر في كل عام مرتين أو ثلاثا.
يسكت قليلا كمن تذكر شيئا عارضا لم يزن له وزنا.. سوى تلك النظرة الساربة التي تسللت رغما عنه نحو حسناء كانت تتمخطر.. لكنه سرعان ما غض بصره والتزم جانب الطريق، غير أنه لا يتذكر ما إذا كان نظر خلفه ليتابعها بعينيه أم لا.
أيكون السبب هو الحديث الذي دار بينه وبين إسماعيل زميله في العمل حول زميلهما سعيد.. فقد خاض في عرضه وحياته وانتقد شحه وتقتيره وتغامز عليه مرات أمام الزملاء، أو ربما المبلغ الذي تقاضاه من أحد العملاء نظير إنجازه مصلحة له، أو الشهادة التي أدلى بها في المحكمة قبل شهر ليخلص أحد معارفه كان متهما بالاختلاس ويوقع بريئا مكانه.
http://etudiantdz.net/vb/t27052.html
http://www.egyptianoasis.net/forums/show...p?p=394613
مثلما أن الحجاب هو زينة المرأة المسلمة فمن المؤمل أن تصبح عما قريب
(الزبيبة ) زينة الرجل المسلم أينما كان..! والزبيبة لمن لا يعرف هي جرح في
منتصف الجبين يأخذ شكل دائرة سوداء دائمة ترتسم على جبين المسلم
المواظب
على الصلاة خمس مرات في اليوم.. ولكي يحدث الجرح يجب أن يضغط المصلي بقوة
على الأرض عند سجوده،
46 46 46 46 46
والرجل المواظب على الصلاة خمس مرات في اليوم يسجد في
كل عام / 12642 / مرة بما معناه أن من يريد أن تكون له زبيبة على جبينه
فعليه أن يصدم جبينه بالأرض بقوة لمدة عام واحد على الأقل فيحصل على زبيبة
نموذجية تكفي للدلالة على شدة ورع وتقوى صاحبها .! والزبيبة السوداء هذه
ستساعد من غير شك كبير الملائكة الذين يشرفون على عملية فرز المؤمنين عن
غيرهم يوم الحساب العسير فيسوق من لهم زبيبة نظامية محترمة إلى الجنة
ويركل الآخرين على أقفيتهم صوب لهيب جهنم خالدين فيها إلى أبد الآبدين
46 46 46 46 46
المسألة ليست شكلية كما قد يظن البعض إذ أنها تعكس مقدار الاتساع الأفقي
للثقافة الموروثة وقد كان من المؤمل أن تتأثر نسبياً بسمات العصر الذي
أصبح عصراً للعقل بالدرجة الأولى ومن دون أن يرتبط ذلك بأي مساس سلبي
بقضية الإيمان الذي يبقى شأناً إنسانياً خالصاً يعني صاحبه لكن بدا الأمر
وكأنه حراثة في البحر.!لقد حفلت الثقافة الإسلامية المتوارثة كما هو بيِّن
ومعروف بكل موبقات الخرافة والجهل وبكل ما ينافي العقل السليم في الأساس..
وقد تخصص الفقهاء المحترفون طيلة قرون متتالية بإنتاج كم هائل من الخرافات
ساعدهم في ذلك الحالة السائدة بما هي ظروف موضوعية وذاتية شكَّلت أرضاً
خصبة لبذارهم الفاسدة الأمر الذي ساعد على إنتاج وإعادة إنتاج وتعميم
وتوريث وترسيخ تلك الثقافة..! و في الوقت نفسه تمَّ حقنها بكل عناصر
الممانعة الإيمانية فصار من الصعوبة بمكان تسجيل حالات اختراق واسعة
لتطعيمها وتقويم اعوجاجها وبما يتلائم مع مستجدات التطور التي يشهدها
المجتمع البشري على مر العقود الأمر الذي يفسِّر مدى جسامة المهمة التي
تواجه نفراً محدوداً من التنويرين العرب.!إن الذين عملوا ولا زالوا يعملون
على تبسيط مسألة الحجاب باعتباره مسألة زي شخصي وخيار يجب احترامه سيعمدون
إلى ذات الفعل في مقاربة هذا المنعكس الجديد للثقافة السائدة والذي يتجلى
هذه المرة بزي من لحم وجلد يسمونه: زبيبة..! ولا شك في أن كل ما هو شخصي
يبقى ملك لصاحبه يتوجب احترامه لكن أن يعتبر مشايخ وفقهاء المسلمين أن
الثقافة التي أنتجوها تشكِّل تراثاً إنسانياً صالحاً لكل أمم الأرض من حيث
أنهم يعتبرون الدين الإسلامي ركيزتها وجوهرها وهو جاء من لدن الله ويؤسسون
لذلك منظمات تعمل لترجمة ذلك كما هو حال المنظمة الإسلامية ( إيسيسكو )
التي وضعت من جملة أهدافها العمل على نشر الثقافة الإسلامية في جميع أنحاء
العالم والعمل على جعلها محور مناهج التعليم في جميع مراحله ومستوياته و
السلطات الحاكمة وهي بأغلبيتها سلطات متخلفة واستبدادية تعتاش على ما
احتوته أرض المنطقة من ثروات تعرف قبل غيرها أن الثقافة إياها إنما هي
ثقافة ماضوية مرتهنة بالكامل للماضي السحيق وهي لذلك لا تؤسس للمستقبل على
أي صعيد وبالرغم من هذه الحقيقة التي تكشف عنها أوضاع الدول الإسلامية فإن
الفقهاء المبجَّلون الذين يعملون أجراء عند أصحاب النعم وبالرغم من
معرفتهم بأن أولياء نعمتهم عجزوا عن تقديم أي مشروع حضاري منذ عدة قرون
فإنهم لا يكفون عن الصراخ: المستقبل للإسلام..!وبعد ما تقدم وهو نذر يسير
يبقى هناك من يبحث عن أسباب انتشار الحجاب في أوساط المجتمعات الإسلامية
وسيكون هناك قريباً من سيبحث هذه المرة عن أسباب انتشار ( الزبيبة ) وهي
زبيبة إسلامية مباركة ألا يقول المثل: الزبيبة زينة الرجل...!؟ وكلٌ واحد
مسئولٌ عن زبيبته إي نعم
http://amrdiab.ahlamountada.com/montada-...c-t547.htm
التقوى في القلوب وليست في "الزبيبة"
د. أحمد عبد الملك
في تقرير لـ"نيويورك تايمز" من مصر -نُشر يوم الجمعة 11/1/2008- تمت الإشارة فيه إلى احتدام المنافسة بين بعض الأشخاص الساعين إلى إثبات مدى "تديُّنهم"، وبدا ذلك في الاهتمام بإظهار "الزبيبة" على الجبهة كدليل على كثرة السجود، أو "التأهل" للتقوى ومخافة الله، أو للوصول إلى الحظوة، أو للفوز بمكانة أو معاملة أفضل، أو حتى للتأهل للحصول على وظيفة مناسبة. وظهرت في التقرير آراء سطحية من فتيات ما زلن في عُمر المراهقة؛ حيث قالت إحداهن: إن الزبيبة علامة صالحة ستُضيء جباههم يوم القيامة"، وهذا حكم تعميمي لا يجوز. ورجح التقرير أن "الزبيبة" تساعد الرجال في أن يجدوا أعمالاً. ويرى آخرون "أن الزبيبة دليل على "توق" المصريين لإظهار تديُّنهم". كما قال آخر: "تجري إشاعات عن عدة رجال يستخدمون الورق الرملي -على سبيل المثال- لتدكين لون الزبيبة"، ويحتدم النقاش بين أخوين.. ليقول أحدهما للآخر: "أنا أصلي لله.. لا لزبيبة على جبيني". (انتهى).
في الواقع نحن لا نعلم لماذا تثار مواضيع غاية في السطحية عن المسلمين؟ ولماذا لا تركز التقارير الغربية على مسائل الديمقراطية والإصلاح السياسي أو الفساد الإداري والمالي، أو الاستئثار بمقدرات الشعوب؟ ولماذا لا يُجهد المسلمون أنفسهم في الحديث أو العمل على إسعاد مجتمعاتهم أو إسعاد الآخرين، وأن يوجهوا الشباب نحو الإبداع والإنتاجية والأخلاق الفاضلة بدلاً من التنافس حول تكوين "زبيبة" على الجبهة قد لا تقدم ولا تؤخر في مسألة التقوى والإيمان القويم؟
نأمل أن يصحو هذا الإنسان المكلوم من أزمته؛ ويقابل الحياة بإنجازات واختراعات، بدلاً من انشغاله بـ"الزبيبة" ولربما غداً بـ"البصلة".
هنالك من يمتلكون "زبيبات" لكن أعمالهم لا تتطابق مع أخلاق الإسلام؛ فكم من تاجر نراه وقد كبرت لديه "الزبيبة" حتى صارت مثل "الكستناء"، نجده يسبّ الصبي العامل لديه بأقذع الكلمات، ونجده يغش في الميزان أو في مكونات المواد التي يبيعها. وكم من صاحب زبيبة نجده دائم الحديث عن الناس بالسوء، ويملأ الحقد قلبه؛ بل ونشعر بـ"تمثيله" لدور المؤمن أو الواعظ؛ تماماً كما تصور بعضهم الأفلام العربية.
إن "إلهاء" الشباب العربي بهذا النوع من التصرفات ينم عن جهل، ويغذي التخلف ولا يخرج الشاب إلى المجالات الأوسع ليرى العالم بعيون أخرى.
كما أن شغل وقت الشاب بتكبير وتضخيم "الزبيبة" والمحافظة عليها، يجعله مسلوب الإرادة، دائم التفكير في مدى صلاحيته -كإنسان- من واقع الزبيبة، وليس لكونه إنساناً مفكراً وصاحب عقل.
حريٌّ بكل الكتل -في مصر- دراسة أسباب الوضع الاقتصادي وأسباب الانفجار السكاني، وشح الوظائف، وأسباب الهُوة السحيقة بين أصحاب الملايين وأصحاب خيال الملاليم. حريٌّ بالشباب دراسة تحويل بلدهم إلى جاذب للاستثمارات الخارجية على أسس اقتصادية حديثة، وتوفير مناخات النجاح لهذه الاستثمارات، والنظر في الضرائب وتحسين دخل الفرد، وتدعيم الحريات من أجل الحياة لا الخوض في ثقافة الموت.
إن العبادة أمر إنساني خاص. ولا تكون أبداً في تطويل اللحى أو تقصير الثياب أو تخليق "زبيبة" أو حتى لبس النقاب؛ الذي جاء دخيلاً على المجتمع الإسلامي في العالم العربي. فكم من الأعمال السلبية والخارجة على الأخلاق تمارسُ تحت النقاب. وكم من المخالفات الشرعية تستشري وراء "الزبيبات".
إن الإيمان الحقيقي يكمن داخل القلب.. ولقد رُوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال ما معناه: "التقوى ها هنا"، وكان يشير إلى منطقة القلب.
للأسف؛ المسلمون والعرب يحبّون الـ(Show) في كل شيء، سواء في السياسة أو الاقتصاد أو حتى الدين. ولعل أول ما خرج الداعية عمرو خالد بلباسه الإفرنجي كان الاستهجان والرفض من بعض "الغلاة"؛ حتى أصبح الرجل "النجم الديني" الأول في العالم العربي، وتجمعت حوله أغلبُ نساء القبيلة (الجميلات).
إن قضية الـ(Show) يجب أن يتدارسها علماء المسلمين بشكل جدي، وألا يدعوا الشباب العربي يضيع وسط الفتاوى والتوجهات حول الزبيبة أو الحجاب الذي يجعل الفتاة وكأنها تلبس "كفناً". إن تغطية الشعر والصدر يُمكن أن تتم بصورة حضارية وجميلة تؤدي الغرض الديني، تماماً كما هو صنع "الزبيبة"، فالسجود لله -كما قال أحد الشباب في التقرير المذكور- وليس من أجل "تخليق" زبيبة على الجبهة. ومتى فكّر المصلي أنه يجب الضغط على الجبهة باتجاه الأرض من أجل حقن الدم تحت الزبيبة أو الجبهة فإنه يفقد الخشوع؛ بل وأنا متأكد، أنه سيفقد التركيز على الآيات وتسلسلها أو التسبيحات في الصلاة. حيث سيكون له هدف واحد هو تكوين "الزبيبة".
نحن في العالم الإسلامي نحتاج إلى صحوة تُخرجنا من الـ(Show) الإسلامي، والحديث الإسلامي يدعونا إلى أن "نأخذ زينتنا عند كل مسجد"، وتفسير العام بما نص عليه الخاص، فإن في الحديث دعوة بأن نأخذ زينتنا في الحياة كلها، وليس المسجد على الخصوص. والزينة تعني -ضمن ما تعني- النظافة وحسن اختيار الألوان والأناقة وإصلاح الهيئة، تماماً كما هي الزينة الداخلية -غير الملموسة- وهي نظافة القلب وطهارة الإحساس والجوارح.
أنا لست مع "المظهرية" الإسلامية؛ وإن أغلب ما نراه اليوم من "موضات" تصدّرها لنا بعض الجماعات المتشددة -اليائسة من الحكم الديكتاتوري، أو الموتورة على الحياة ورموزها من الناجحين من العرب والأعاجم تحت ستار الدين- لن تستمر وتنمو؛ لأنها ضد حركة التاريخ، ولكن الإشكالية أن هذه الموضات تنتشر بين فئات الشباب المحبط واليائس والعاطل عن العمل، وبين الشابات المنتظرات الوظيفة لسنوات أو الزوج الصالح، كلاهما نادر هذه الأيام.
نحن ندعو علماءنا الأفاضل إلى الحديث عن هذه "الموضات" التي تخرجُ عن مدلولات الدين لتكون "مَطية" اجتماعية لتحقيق أهداف معينة مثل العمل أو الزواج أو التباهي بالأخلاق؛ لأن العلاقة بين الإنسان وخالقه يجب ألا تكون محل تنافس أو تظاهر بين الناس؛ وهنالك من المصلين من قضى 50 عاماً يصلي ولا تظهر له زبيبة، أو لم يكن يهتم لذلك -لتركيزه على الصلاة وآدابها- فهل هذا مسلم أو مؤمن غير كامل؟
نأمل أن يصحو هذا الإنسان المكلوم من أزمته؛ ويقابل الحياة بإنجازات واختراعات وحب العمل والإنتاجية والتفاني في إنجاز عمله في وقته؛ بدلاً من انشغاله بالزبيبة؛ ولربما غداً بـ"البصلة".
http://www.s-oman.net/avb/showthread.php?t=145744