أخي الحبيب " مسلم" مساؤك خير, ولكن قل لي : أي شيطان عفريت الذي يلقي لك تلك التساؤلات المتعبة , تصدق يا أخي الموضوع والله أبسط مما تتخيل أو تتصور, لي عندك بعض الأسئلة من فضلك أريد أجوبة بصدق وبشفافية؛ فأنا - بصراحة - سأنهي حواري على قدر استطاعتي بمشاركتي هذه, وأحاول التفرغ لرسالتي التي ستحتاج لمجهود ضخم عملا بنصيحة أخي الحبيب إبراهيم -
أما أسئلتي : هل أنت منكرٌ فعلاً لوجود الله؟
وإن كنت غير مؤمن هل أنت مرتاح نفسيًا - بصراحة - بهذا الفكر؟
ثم سأوفر وقتك يا صاحبي :
وأختصر لك الكلام : الله - سبحانه وتعالى - غيب عرفنا نفسه طريق رسله وأنبيائه, وجعل لهم حججا ومعجزات يستدلوا بها على صدقهم, وكان آخرهم محمدًأ (صلى الله عليه وسلم) وجعل الله له القرآن معجزةً باقيةً, وآيةً بينةً بما حوى من تشريعاتٍ تناسب كل زمانٍ ومكانٍ, وأخبارٍ غيبيةٍ كشف العلم صحتها, وبما صحح من عقائد أفسدها الزمان فيما سبقه من أديان, والكلام لك ويدخل فيه الزميل anass
القرآن والسنة احتويا على معجزات تشريعية وكونية تفوق الحصر, وكل من أراد التوسع والمعرفة فليراجع ما كتب في ذلك فهو يفوق الحصر
نأتي للسؤال الذي أثرته زميلي " مسلم" أقول : من وجهة نظري كان سؤالك سيكون أجمل وأكثر واقعية لو قلت : معشر المؤمنين بالله لماذا لم يتجلى الله للبشر جميعًا حتى يروه ويكلموه ويعرفوه ويؤمنوا جميعًا به بلا تردد؟ لو كان السؤال هكذا لكان منطقيًا أكثر.
ونقول : اعلم أنه - سبحانه غيب كما قلت لك وكشف لنا عن نفسه عن طريق أنبيائه, فمن الناس من آمن ومنهم من كفر وذلك على مر العصور وكر الدهور, وتاريخ البشرية شاهد بذلك.
ولكن كان من الممكن أن يؤمن الجميع لو ظهر الله للكل وعاينوه بأبصارهم فلماذا؟
ونقول القرآن نفسه يجيبك ويقول : (الم (1) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (3) والَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ وَبِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُوْلَـئِكَ عَلَى هُدًى مِّن رَّبِّهِمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) .
حتى يظهر لخلقه من يؤمن بالغيبات التي جاء بها رسله من الإيمان بالله والآخرة والجن والملائكة, ومن لا يؤمن, لو كشف الحجاب للكل لما تبين قوي الإيمان من المنافق والكافر والجاحد.
وبهذا يظهر الفرق واضحًا جليًا بيننا وبينكم؛ نحن آمن بالله ورسله وقلنا : سمعنا لك يالله, وأنتم جحدتم وأنكرتم, فلا نستوي نحن وأنتم عند الله.
هذا والقرآن نفسه أخبرنا أن هناك أيةً تسبق القيامة وهي طلوع الشمس من مغربها فإذا رآها الناس آمنوا جميعا؛ ولكن لا ينفع ذلك الإيمان؛ لأنه إيمان مشاهدة لا غيب قال تعالى

هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن تَأْتِيهُمُ الْمَلآئِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انتَظِرُواْ إِنَّا مُنتَظِرُونَ [الأنعام : 158] صدق الله العظيم
ويقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت فرآها الناس آمنوا أجمعون، فذاك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا) متفق عليه .
الأمر الثاني رؤية الله وملائكته لا تطيقها حواسنا البشرية؛ لكنها ممكنة وواقعة في الآخرة؛ فهذا سيدنا موسى - عليه السلام - طلب من ربه أن يراه عيانًا؛ وكان الله خصه بالكلام معه قال تعالى : (وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيماً )[النساء : 164] وقال : (وَلَمَّا جَاء مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَـكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكّاً وَخَرَّ موسَى صَعِقاً فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ) [الأعراف : 143] ورسول الله (صلى الله عليه وسلم نفسه ما رأي ربه رؤية عينية, وقد سئل : هل رأيت ربك - وذلك ليلة الإسراء والمعراج - فقال : نور أنى أراه ؟ وفي روايةٍ : رأيت نورًا. يعني كان هناك نورٌ حال دون رؤيته. ولكن للإسف لن يتمكن الملحدون والكافرون من رؤيته تعالى؛ بل هي لمن آمن به وصدقه؛ قال - تعالى - : ( لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلاَ يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلاَ ذِلَّةٌ أُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) [يونس : 26]
والحسنى : هي الجنة, والزيادة : هي رؤية الله - عز وجل - .
وقال - تعالى - : (كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (20) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (25) )سورة القيامة.
وسبحان الله أنظر ماذا يقول الحق يخاطب كل من أنكر : (وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِّلْمُكَذِّبِينَ (10) الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (11) وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ (12) إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (13) كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ (14) كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ (15) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُوا الْجَحِيمِ (16) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنتُم بِهِ تُكَذِّبُونَ (17) ) سورة المطففين.
وأما قولك في مقالك - هناك - الله غيب ولايمكن إثبات ما هو غيب ولا يمكن للعقل تصوره!!!!!!!
أقول لك : زميلي الفاضل : قد يصح هذا لولم يرسل الله رسلاً وأنبياء, ويرينا من آيات قدرته وعظمته الكثير, وهب أننا جاءتنا رسالة لا سلكية من مكان ما على الأرض أو من الفضاء تخبرنا بوجود شيء ما أو حضارات أخرى أو كائنات أخرى فهي غيب؛ ولكن رسالتها لنا ستجعل لها في الذهن تصورًا, والله أرسل لكم رسلا متعاقبين, وأنبياء متلاحقين أما آن لكم أن تتعقلوا الأمور وتتركوا تلك الشبهات الشيطانية التي لن تزيدكم إلا بعدًا من الله.
وبالنسبة لصديقي anass فأقول لك زميلي الفاضل : لقد فتحت لنا بابا من ولجه بغير علم ويقين كان - لامحالة هالكًا - وهو باب القضاء والقدر, فهو مثل الفلسفة إن صح التعبير يغرق في بحرها من عام قريبا من شاطئها, وينجو من أدلج وتعمق في عمقها.
بسبب سوء الفهم لقضية القضاء والقدر, وبسبب عدم الفهم الصحيح للنصوص القرآنية ضل كثيرون وذلت أرجلهم وكانوا من جملة الهالكين, يجب أخذ النصوص القرآنية كلها معا وفهمها فهما جيدا, وثم يتسنى لك فهم الموضوع؛ فلا يوجود أي تناقض في القرآن الكريم, ونصحيتي لك أولاً ادرس الإسلام جيدًا فإن اقتنعت به كدين فسوف تتجلى لك الأمور.
وعموما هذه بعض الكتب قد تفيدك في الموضوع الذي طرحته والمقارنة التي أوردتها في سياق الآيتين الكريمتين:
القضاء والقدر للدكتور عمر الأشقر.
شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل لابن القيم
وكتب الشيخ محمد الغزالي درر قيمة.
والإنسان في القرآن من البداية للنهاية لعبد الكريم الخطيب.
ويعلم الله لولا ضيق الوقت لانتقيت لك بنفسي من تلك الكتب ما أرجو أن يبدد الله به ظلمات تلك الشبهات من قلبك.
وهذا يا صديقي بريدي
wahedabbas@yahoo.cim
وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه
دلوقت سأذهب لأنام, وتصبحون على الإيمان
أخوكم أبو بسملة