أظن ان تساؤل الزميل المراقب كان عن معنى الشرف وليس عن مبدأ المفاضلة ذاته .. يعني عندما تقول أن فلانا أشرف من فلان فربما يعني هذا اتهامك للثاني في شرفه .. فالموضوع هو كلمة "الشرف" التي بدت للزميل المراقب وكأن فيها تعريضا ببقية الأنبياء ..

ما اعرفه عن كلمة شرف هو انها بمعنى الرتبة والمكانة الرفيعة .. ومنها الشرفة التي هي مكان مرتفع عما حوله يستشرف منها المرء على الآخرين وينظر إليهم من عل .. :)

والأنبياء كلهم عظماء ومكانتهم عالية .. إلا أن التفاوت يجري بينهم بقدر ملكاتهم البشرية وبقدر المهمة التي يكلها الإله إليهم والمزايا التي يميزهم بها.. تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ {2/253}

أما التفرقة بين الأنبياء فهي بحسب فهمي من الآيات الإيمان ببعض الأنبياء والكفر بالآخرين وليس المقصود بها المفاضلة بين الأنبياء.. إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً {4/150} أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا {4/151} وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {4/152}

أما الاحاديث فلا علم لي بها ولكن من فهمي للآيات لا أجد أن المفاضلة مبدأ مرفوض

تحياتي

اقتباس:والأنبياء كلهم عظماء ومكانتهم عالية .. إلا أن التفاوت يجري بينهم بقدر ملكاتهم البشرية وبقدر المهمة التي يكلها الإله إليهم والمزايا التي يميزهم بها.. تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ وَلَوْ شَاء اللّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ {2/253}

عزيزي : AntiVirus

الفضل الذي تتكلم عنه هذه الآية هو فضل دنيوي بالتكريم الإلهي سواء بالتأييد بالمعجزات أو بإعطائهم ملكا أو كرامة لا تكون لأنبياء آخرين بدليل أن تتمة الآية توضح لنا مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ ...

اقتباس:أما التفرقة بين الأنبياء فهي بحسب فهمي من الآيات الإيمان ببعض الأنبياء والكفر بالآخرين وليس المقصود بها المفاضلة بين الأنبياء..

حسنا و ماذا لو كان الفاعل في فعل التفريق يعود على لفظ الجلالة (الله) كما في قوله تعالى :

(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )

و عليه فأنا أعتقد أن المعنى الذي تفضلت به للتفريق لا يستقيم فهمه مع هذه الآية.

أخيرا هب أن الفهم الذي تفضلت به عن المفاضلة بين الرسل صحيح من أين لنا أن نعلم الترتيب التنازلي أو التصاعدي لمقامات الأنبياء عند الله و الله سبحانه و تعالى لم يطلعنا على هذا الغيب و لم يعلمنا به ناهيك عن أن الإسلام أقر مبدأ أن الله حده هو الذي يعلم بسرائر الناس و أعمالهم فلا يحق لنا أن نقول أن فلان أتقى من فلان و خير منه عند الله.

دمت بخير

الزميل العزيز ثندر ..

لو كان الفاعل في الجملة هو لفظ الجلالة كما تفضلت فلماذا يشار إليه في نفس الجملة بضمير الغائب (رسله)، التفسير الصحيح للجملة –في اعتقادي- أن تكون محكية على لسان النبي والمؤمنين وصفا لطبيعة إيمانهم بالرسل. ونحن لدينا آيتان ورد فيهما الأمر بعدم التفرقة مرة توجه فيها الخطاب للنبي ومرة للمؤمنين. وكأن الآية 285 في سورة البقرة تؤكد تحقق هذا الإيمان عند الرسول وعند المؤمنين.

قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {2/136}

قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ {3/84}

آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ {2/285}

ثم لدينا الآية التي تشرح سعي البعض للتفرقة بين الرسل بالإيمان ببعض الرسل والكفر بالآخرين بمقابل الإيمان الصحيح من المؤمنين الذي لا يقبل هذه التفرقة

إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً {4/150} أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا {4/151} وَالَّذِينَ آمَنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُواْ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ أُوْلَئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ وَكَانَ اللّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا {4/152}

والآيات كلها تذكر التفرقة (الفصل والتمييز) على مستوى الإيمان بالرسل، والآية الأخيرة توضح هذا الأمر صراحة بذكر محاولة الاكتفاء بالإيمان ببعض الرسل والكفر بالآخرين.

فما استنتجه أن النهي عن التفرقة لا يقصد التفضيل بين الأنبياء.

وكذلك فإن لاعتبارك الفاعل في الجملة هو لفظ الجلالة (الله) فهو لا يقودني لمعنى مفهوم .. ماذا يكون معنى أن الله لا يفرق بين أحد من رسله وهو الذي فضل بعضهم على بعض ؟ ..

تقول "الفضل الذي تتكلم عنه هذه الآية هو فضل دنيوي بالتكريم الإلهي سواء بالتأييد بالمعجزات أو بإعطائهم ملكا أو كرامة لا تكون لأنبياء آخرين بدليل أن تتمة الآية توضح لنا مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ ..."

المنح والكرامات هي انعكاس للتفضيل، فلوجود التفضيل منح هذا ما لم يمنحه ذاك .. والآية واضحة جدا في تفضيل الرسل على بعضهم ولا أفهم كيف يكون هذا التفضيل دنيويا بمعنى أنه صوري ولا ينطوي على تفاوت حقيقي في المكانة .. ثم ما معنى رفع الدرجات ضمن هذا التفسير الدنيوي للفضل؟

لا يعني كلامي هذا أن نخوض في مسألة التفضيل ونبدأ نرتب الأنبياء ونتكهن بمنزلة نبي على آخر، فكما تفضلت ليس من شأننا الحكم على تقوى أحد، وهذا من غيب الله الذي يختص به، لكن فقط أنا لا أجد أن النهي عن عدم التفرقة بين الرسل كاف لرفض الأحاديث التي تضع النبي محمد صلى الله عليه وسلم في مكانة أعلى بين الأنبياء، نحتاج للتدقيق في هذه الأحاديث ودراستها سندا ومتنا لمعرفة صحة ثبوتها، وهذا مما لا أحسنه :) ..

وحقيقة فإني لم أفكر يوما في أن مدح النبي صلى الله عليه وسلم بأنه سيد الخلق وأشرف المرسلين على أنه انتقاص أو إهانة لأحد من الرسل. فليس المجال مجال مفاخرة ومناكشة ونبينا أحسن من نبيكم أو شيء من هذه الأفعال الصبيانية .. وإنما هو إيمان ومحبة للرسل جميعا مع إكنان حب خاص لخاتم النبيين ..

تحياتي لك (f)

اقتباس:الزميل العزيز ثندر ..

لو كان الفاعل في الجملة هو لفظ الجلالة كما تفضلت فلماذا يشار إليه في نفس الجملة بضمير الغائب (رسله)،

أخي الفاضل AntiVirus

القرآن لا تكاد تخلو فيه سورة لا يتحدث فيها الله عن نفسه بضمير الغائب علما أنه ذات المتكلم في جميع السور كما تعلم و اقرأ معي على سبيل المثال لا الحصر قوله تعالى :

(الله كمشكاة فيها مصباح ...)
( قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين )
(من كان عدوا لله وملائكته ورسله )
(اولا يعلمون ان الله يعلم ما يسرون وما يعلنون )

اقتباس:التفسير الصحيح للجملة –في اعتقادي- أن تكون محكية على لسان النبي والمؤمنين وصفا لطبيعة إيمانهم بالرسل.

حسنا لنعد إلى الآية موضع البحث و الاختلاف بيننا :

(آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ )

من الناحية اللغوية البحتة لا يمكن أن يكون الحديث في فعل التفريق في هذه الآية تحديدا على لسان النبي (ص) و المؤمنين كما تفضلت إلا بعد أن يلي كلمة وَقَالُواْ و بدون أن يلي كلمة قالوا فإن الحديث في ( نفرق) يتم على لسان المتكلم الذي يسرد النص القرآني و هو الله.

الآيات التي تفضلت بعرضها مأخوذة من سياق آخر الفاعل فيه مختلف و بالتالي فإن دلالة اللفظ و المعنى الكلي مختلف.

أما عن موضوع الفضل و كونه دنيويا فأنا أحيلك إلى قوله تعالى :

1- (ولا يحسبن الذين يبخلون بما اتاهم الله من فضله هو خيرا لهم بل هو شر لهم )
2- (الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض )

فالآية الاولى تبين لك بوضوح أن معنى الفضل ليس أخرويا فحسب

أما الآية الثانية فيهمني أن تتأمل في محتواها جيدا فلو كان التفضيل فيها يعني تفضيلا اخرويا لتناقض ذلك بوضوح مع عدالة الله التي تقيم الإنسان بعمله لا بجنسه فالتفضيل هنا دنيوي بحت يوجب على الرجل أن يقوم على المرأة بمعنى أن يعيلها. و نفس الشيء ينطبق على رفع الدرجات و الذي هو دنيوي كما أفهمه تماما كما رفع للرسول (ص) ذكره في الدنيا و كما رفع يوسف (ع) إلى درجة دنيوية عالية جعل له معها سلطة و نفوذا.

1- (وهو الذي جعلكم خلائف الارض ورفع بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم في ما اتاكم ان ربك سريع العقاب وانه لغفور رحيم )

2- (كذلك كدنا ليوسف ما كان لياخذ اخاه في دين الملك الا ان يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذي علم عليم )

اقتباس:لا يعني كلامي هذا أن نخوض في مسألة التفضيل ونبدأ نرتب الأنبياء ونتكهن بمنزلة نبي على آخر،

ممتاز جدا نحن إذن متفقين على هذا المبدأ و إن اختلفت منطلقاتنا الفكرية .

طاب يومك