قلت لزميلنا "سهيل" في المداخلة السابقة بأن حلقات "أمير الشعراء" التي قدمها التليفزيون الإماراتي أقنعتني بأن "الشعر ما زال بخير". أحد أصدقائي، الأعزاء جداً، والذي يعرف عن كثب ذوقي الأدبي ويعرف رأيي "بالشعر العمودي" عامة، كتب إلي على "الإيميل" يلومني على هذا الرأي ويستوضح وهو يقول: "شو عدا ما بدا" - كما تغني "كلوديا الشمالي" -.

الأمر بحاجة لتوضيح إذاً، وأنا أعترف بأن رأيي الذي ورد هنا يأخذ بعين الاعتبار "قريحة الشعراء" فقط وليس البناء الشعري للقصيدة. بمعنى أنني وجدت أمامي في حلقات "أمير الشعراء" أشخاص قد اكتملت أدواتهم الشعرية وفاضت قرائحهم كما ينبغي. مع هذا "فالقصيدة العمودية" (الكلاسيكية "الخليلية") عندي لم تعد تكفي لشعراء اليوم رغم ضرورة المرور بها للمبتدئين منهم. أي أن على الذي يحسب نفسه شاعراً، بين ليلة وضحاها (كما هو الحال في الكثير من "المصائب" الصادرة عن دور النشر) أن يجرب نفسه مع "القصيدة العمودية" قبل أي شيء. فالشاعر الشاعر الذي لا يستطيع أن ينظم بيت شعر واحد مضبوط على "بحور الخليل" ليس "بشاعر"، ولكنه شخص ظن "الشعر" لعبة وجدان وأحاسيس ومشاعر فياضة ومعرفة بأوليات القراءة والكتابة فقط.

أقول إذاً أن "القصيدة العمودية"، الخطابية الضيقة جداً في وزنها وقافيتها، لم تعد كافية اليوم لبوتقة أحاسيسنا ومشاعرنا وتجلياتها، وعلى الشعراء تجاوزها سريعاً، ولكن عليهم المرور بها أولاً. فهي مثل "الاختبار النظري لرخصة قيادة السيارة"؛ تتيح للشاعر التعرف على القوانين الأولية للسلامة على الطرق والدخول بخطى ثابتة إلى "عالم الشعر". لذلك فإنني اعتبر برنامجاً مثل برنامج "أمير الشعراء" مثل "الصف الأول الابتدائي" ليس إلا، يتيح "لطالب الشعر" السير في الطريق الصحيح وحذق المباديء الأولية للشعر. أما تتويج الشعراء من خلال "القصيدة العمودية" فهو ضرب من المحال وسخف ما بعده سخف، ولنتذكر: معظم الشعراء المعاصرين (وأتحدث هنا عن الكبار منهم) تجاوز هذه النوعية من القصائد منذ دواوينه الأولى: رأينا هذا مثلاً عند "السيّاب" و"البيّاتي" و"نزار" و"الدرويش" بما لا يرقى إلى الشك.

واسلموا لي
العلماني

أولى مشاركاتي منذ قرن :
خليها تكتب يا سندي
شو زاد ونقّص من بلدي
خليها كوسا محشية
أو وحدة ورقصة عربية
ونزيد عليها ملوخية
وبنصرخ عاشت للأبدي

وين الورود تبع زمان ؟ راحت من النادي ؟
حطوا لنا وردة هون....