المقال الثاني
العلم والعقل والايمان ترفض الادعاء بوجود مدفن السيد المسيح في تل بيوت
بقلم الأب د. بيتر مدروس
يزيد هذا المقال عناصر على ما سبقعن كذب المزاعم باكتشاف عظام السيد المسيح ووالدته وأفراد آخرين من "أسرته" في تل بيوت.
أ- التفنيد العلمي
- تم اكتشاف الصناديق العشرة الحاوية للعظام في الثامن والعشرين من مارس آذار 1980 وقد قام بفحصها العالم الاسرائيلي الراحل يوسيف جات. وما استنتج انها عظام يسوع الناصري. ودقق في الامر العالم الاسرائيلي المعروف عاموس كلونر الذي أكّد في الماضي والحاضر القريب :"امكانية أن تكون تلك عظام يسوع قريبة جدا من الصفر"...اذ هنالك على الاقل ثلاثة صناديق عظام عليها مكتوب اسم "يشوع" وصناديق أخرى كثيرة لا تقع تحت حصر تحمل اسمي يوسف ومريم". وفنّد الزعم أيضا عالم الاثار الاسرائيلي موطي نيجير معلنا ان "امكانية تحديد تلك العظام انها ليسوع الناصري شبه معدومة". ولكن أحب بعض القوم أن يشددوا على لفظة "شبه" ليفسحوا لانفسهم مجالا للتنظير ولكسب الاموال الطائلة.
- المتحمسان للفكرة والقائمان بمشروع فيلم وثائقي عنها – رصدت له شركة "ديسكفري" (أي "اكتتشاف " ) مبلغ 3 ملايين ونصف الميون دورا امريكيا – هما منتجا أفلام : الاسرائيلي سيمحا ياكوبوفيتشي والمخرج الشهير جيمس كامرون الذي أنتج فيلم ال "تايتانك". ويرى قوم انهما تشجعا للفكرة بعد سنة 2003 اذ نشر الروائي الامريكي دان براون القصة الخيالية "شيفرة دا فينتشي" حيث استغل زورا وبهتانا مصادر غنوصية (أي من بدعة المعرفة) للتأكيد على ان المسيح كان متزوجا المجدلية وأنه أنجب منها. لذا وصف أحد المحللين المبادرة بأنها تأتي من اناس "ركبوا موجة شيفرة دا فينتشي" وشجعتهم مرابح تلك الرواية للقيام بفيلمهم الوثائقي الذي يستغرق تسعين دقيقة.
- لا المام ولا كفاية لاي من ياكوبوفيتشي وكامرون بعلم الاثار ولا بالتاريخ.
- يبدو لاول وهلة ان "علماء" آثار وتاريخ يؤيدون نظرية المنتجين للفيلم المذكورين. ولكن آرون برودي لا يقول أكثر من ان تلك المدافن كلاسيكية معروفة في تلك المنطقة (أي تل بيوت)، في حين ان العالم فرانك مور كروس يعلن فقط ان تلك المدافن تعود الى العصر الهيرودسي (القرن الاول قبل الميلاد الى القرن الميلادي الاول).
- القائم على متحف روكفلر ، جو زياس ، أخذ العظام المشار اليها ، وما أعلن قطّ انها للسيد المسيح.
- العالم ستيفن بفان يشكك في وضوح الكتابة على عظام المدعوّ "يشوع ابن يوسف" ويبيّن انه من الممكن قراءة الكلمة الاولى "حانون" بدل "يشوع".
-الكتابات الست على ستة صناديق هي في ثلاث لغات : العبرية والارامية (اثنتان) واليونانية (عن "ماريامنه")، مع العلم ان اقارب يسوع كانوا يتكلمون الارامية لا اليونانية. وتزيد المسألة غرابة اذا فرض المرء جدلا واعتباطا ان المجدلية زوجة السيد المسيح ، حاشى وكلا. فلماذا نقشت الكتابة على مدفنه في الارامية ، وعلى مدفنها في اليونانية؟
- الاسماء المكتوبة على الصناديق الستة شائعة لدرجة مذهلة ، بحيث يضحي محالا أو شبه محال أن تعود الى السيد المسيح ووالدته وسائر اقاربه. اسم "مريم" هو الاول شيوعا بين الاناث (ربع بنات القدس ونسائها في القرن الميلادي الاول كن يحملن اسم "مريم" أو احد مشتقاتها). أمّا اسم "يشوع" فيأتي في الترتيب السادس بعد شمعون ويوسف ويهوذا... وهذه احصائية قام بها ريتشارد بوكهام نقلها بن هيذرنغتون (الذي عمل حينا مع ياكوبوفيتشي) : على 328 اسماء اناث ، ورد اسم مريم 70 مرة ، ومنها 42 مرة مكتوبا على صناديق رفات. وعلى 2625 اسما لذكور ، ورد اسم يوسف 218 مرة (منها 45 مكتوبا على صناديق عظام) واسم يهوذا 164 مرة (منها 44 على الصناديق) واسم "متى"62 مرة ، منها 17 على مثل تلك الصناديق.
- لا فحص جيني DNA يقدر أن يثبت ان تلك العظام ليسوع الناصري ، ولا بأي شكل من الاشكال. أقصى ما يمكن لمثل ذلك الفحص أن يثبته هو القرابة – أو عدم القرابة الدموية ، خصوصا عن طريق الام ، بين العظام المفحوصة.
- القول بأن كل العظام تنتمي لاقارب بقرابة الدم ، ما عدا الموجودة في صندوق "يشوع ابن يوسف" و"ماريامنه" جعل بعضهم يستنتج ان المسيح والمجدلية كانا زوجين (لوجود عظامهما في مغارة دفن واحدة عائلية). ولكن التأكيد ان "ماريامنه" هي المجدلية افتراض اعتباطي لا أساس له. فعلا : لا شيء يؤكد في المصادر الانجيلية ولا المسيحية الاولى ان المجدلية كانت تدعى كذلك. والكاتب الوحيد – فرانسوا بوفون – يقترح ذلك انطلاقا من مخطوط من القرن الرابع عشر الميلادي لكتاب منحول اسمه "أعمال فيليبوس" (مبدئيا من القرن الميلادي الثاني) ولكن ذلك الكتاب المنحول يجعل من "ماريامنه" شقيقة لفيليبس الرسول لا زوجة للسيد المسيح.
أمّا لفظة "مارا" (اليونانية) التي تلي فلا تعني "معلّمة" بل "سيّدة" ولعلّها اختصار أو تصغير ل "مارثا" الآرامية.
ب-التفنيد العقلاني
- لا يُعقَل أن يشير أقارب يسوع اليه بأنه "ابن يوسف" وجميعهم يعلم انه ليس ولده، وان البتول حملت به بشكل معجز فريد. وفعلا ، تصر المصادر المسيحية والاسلامية على ان يسوع هو "ابن مريم" ، وما اشار اليه ب"ابن يوسف" الا الجاهلون بسر ميلاده العجائبي.
- لا يُعقًل أن تقوم اسرة المسيح بتزيين مغارة دفنه وسائر افراد اسرته بشكل يلفت الانتباه ، وذلك في عصر الاضطهاد الذي دام حتى القرن الرابع الميلادي (بعد سنة 313 أي مرسوم ميلان). وهنالك تضارب غريب بين زينة المدخل الى المغارة (دائرة في هرم) وعدم وجود أي لقب شرف ولا لفظة محبة على الصناديق الستة.اما الاربعة الاخرى فلا كتابات عليها.
- لا تقدر اسرة فقيرة أن تشتري مغارة ولا صناديق حجرية لدفن موتاها ، خصوصا اذا كانت تلك المغارة في جنوب اورشليم في حين ان الاسرة المشار اليها من الجليل.
- جرت عادة دفن العظام Osslegiumعند المسيحيين الاولين بحيث كان مدفن واحد يجمع عدة أجيال ، وأناسا يوحدهم الايمان لا قرابة الدم ولا النسب. وربما كان المدفن المشار اليه في تل بيوت يضم رفات اسرة مسيحية من القرن الثاني الميلادي وما بعد ، دخلت اليها بالايمان – او النسب- عناصر من أصل وثني ، مما يفسّر الكتابة اليونانية على عظام "ماريامنه".
- لا شيء يؤكد ان العظام بقيت على ما هي عليه منذ القرن الميلادي الاول بحيث ظلّ كل اسم (أهي ستة أم سبعة؟) مطابقا للعظام الموجودة في كل صندوق؟ حينها لا يكون أكيدا عدم التجانس الجيني بين "يشوع" و"ماريامنه" (الذي فرض انهما زوجان!) بل يمكن ان العظام هنا أو هناك تعود لشخصية أخرى.
- لا تورد المصادر الغنوصية المنحولة العكرة أي اسم لاي ولد أنجبه المسيح (!) من المجدلية. والسبب ان "الرفقة" بينهما معنوية روحانية ، بما ان الغنوصيين كانوا يحسبون الجسد والزواج والانجاب شرا جنى بها على البشرية اله شرير هو "سيقلاس"!
ج- تفنيد الايمان للنظرية
- منذ 1977سنة أي منذ سنة 30 للحساب الميلادي (عام صلب السيد المسيح وصعوده) حاول العبرانيون انكار قيامة السيد المسيح بالجسد المصلوب وارتفاعه الى السماء . ومن نظريات أحد المتفلسفين ان جثة يسوع وضعت في قبر جماعي واختفت منه. ولكن لماذا ما اختفت الجثث الاخرى؟
- في الثمانينات من القرن التاسع عشر ادعى امريكي ان "جثة يسوع تبخرت بشكل غاز" ، و"أن احد الملائكة نقل جثمان يسوع الى مكان مجهول" (فكيف عرفه هو؟) واستمر أتباعه في ضلاله فأكدوا ، بخلاف الكتاب المقدس والمنطق ، ان المسيح "قام بجسد آخر"- وهذا يعني انه لم يقم بما ان الجسد المصلوب لم يقم لانه لم يقم (حسب رأيهم) والجسد الاخر لم يقم لانه لم يمت. وزعموا أيضا انه "قام بالروح" ولكن بطرس الرسول يكتب انه "أحيي بالروح" أي ان الروح أحيت فيه الجسد. ولا معنى للعبارة "قام بالروح" لان الروح لا تموت بل الجسد. وزعموا انه قام بجسد آخر لان تلاميذه لم يتعرفوا عليه لاول وهلة. ولكن القديس مرقس (فصل 16) يؤكد ان المسيح ظهر "بهيئة أخرى" لا بجسد آخر. ويبين لوقا ان تلميذي عماوس لم يعرفا يسوع القائم من بين الاموات "لان أعينهما أمسكت عن معرفته". ولكن الرسل بعد كلمة من يسوع أو حركة (ككسر الخبز) كانوا يتعرفون عليه. يمكن للمرء هنا أن يلخّص الزعم الاخير وأن يجيب عليه هكذا انطلاقا من التفكير المعوج :اذا كان يسوع ليس هو هو بسبب عدم تعرف رسله وتلاميذه عليه ، فهو هو بعد تعرفهم عليه!!!
- كما بيّن سماحة قاضي القضاة الشيخ تيسير رجب التميمي ، ان الزعم باكتشاف عظام السيد المسيح يخالف أيضا الثوابت والعقيدة الاسلامية التي تؤكد ان الله رفع المسيح اليه (عن سورة النساء 165).
read more here
http://www.abouna.org/spirit/spirit%20(33).htm
http://www.abouna.org/articles/rifat23.htm