ليس في البشر كافر .. كلنا يتعلم من الآخر ..

ولو كان فينا من يرى أنه يعلم كل الحقيقة لما وجدت أحدا هنا يتحدث بما يجول في خاطره ويبذل الجهد في إثباته والدفاع عنه ..

الصوفي و الشاعر و المجتمع

شغلت قلبي عن الدنيا و لذتها ... فأنت و القلب شيء غير مفترق
وما تطابقت الأحداق من سنة ... إلا وجدتك بين الجفن و الحدق .
( ابن سمنون).
..................
يسعى الصوفي إلى التوحد بين المحب و المحبوب ، و الإتحاد بالله هنا يقصد كاملآ و لكنه ليس بين وجودين أصيلين بل هو التصاق الجزء في الكل ،و احتواء الكل لأجزائه التوقى للكمال، و تلك مرتبة باسقة من مراتب الترقي الصوفي ، بل هي قمة الطود التي لا يدانيها شيء ، تلك الغاية تعني الإنحياز التام إلى الله و الفرار ممن سواه ،وهذا الموقف بداهة ليس أقل من الإنعزال القاطع عن المجتمع . اعتزال الخلق إذا مبدأ أصيل عند الصوفية ، وهو أساس جوهري من أسس رحلتهم إلى الله ، و يقول الشبلي ( من علامة الإفلاس الإستئناس بالناس ) ، بينما يقول الجنيد ( من أراد أن يسلم له دينه ،و يستريح بدنه و قلبه ، فليعتزل الناس ، فإن هذا زمان وحشة و العاقل من اختار فيه الوحدة )، و الخلوة سمة مميزة للتجربة الصوفية ، فهي تفتح القلب للإسئناس بالله استوحاشا ممن سواه ، وهي تحرر ذات الإنسان الحقيقية من عكارة الجموع ،فمخالطة الناس تجعل الإنسان جما غفيرا بدلآ أن يكون متوحدا فريدا ،ويميل الصوفيون إلى تكوين جماعات الصفوة و النخب التي يتاقسم أفرادها أشكالآ من الرموز و أنماطا من الأفكار و القيم و السلوك ، و ترفض جماعات النخب الصوفية ثقافة الجماهير لما بها من سوقية و تناقض ، و بالتالي هي تميل أبدا إلى تخطئة الثقافة السائدة، و هكذا يصبح التنافر بين الصوفي و الشائع اليومي سمة مميزة لكلاهما .
على النقيض من الصوفي يقف الشاعر موقفا أكثر رحابة تجاه الكون و الحياة و الناس ، فهو يتعامل مع معطيات الكون و الواقع كله شره و خيره ، و الشاعر في ذلك يتشابه مع الأنبياء و الفلاسفة ، يقف من الخير موقف المدافع و النصير ،وهو أيضا يعري الشر و يقاومه بلا هوادة ، حتى ينتصر الخير على الشر في معركته المكررة الخالدة ، و من هنا فهموم الشاعر عريضة يختلط فيها الواقع و الغيب و الفرح و الحزن و الحياة و الموت ،وحتى عندما يفارق الشاعر الناس و يهجع إلى ذاته ، فهو لا يفعل ذلك فرارا من الناس ، بل إلى تأمل الحياة على مرآة تلك الذات ، فهو كما يقول صلاح عبد الصبور (أجافيكم –لأعرفكم ) .
الشاعر لا يستطيع أن يصلح الكون بالبعد عنه ، فالشاعر جزء من النسيج الإنساني ،و بغيره لا يكون شاعرا ، هو حجر زاه ناصع بهي الطلعة في صرح البناء البشري العظيم ، و عندما يتوجه الشاعر إلى الله ، فهو لا يبحث عن خصوصية النخب ، بل هو يتوجه إليه ممثلآ للجنس البشري معبرا عنهم ،وهو لا يكلف نفسه عناء الطرق و المجاهدة ، بل هو يتوجه إلى الله مباشرة و بعفوية ،وهو يلقي إلى الله برسالته حتى وهو غارق في الدنس بلا تطهر و لا وجل، بل ربما أيضا يواجه الخالق بتمرد يصعق الصوفي لو علم به ، و هل ننسى صلاح عبد الصبور وهو يخاطب الله صائحا متمردا .
وهو يقول
...............................................
الزملاء المحترمون .:97:
اليمامة
يجعله عامر
يوسفي .
انتم اهل البيت و نحن زواره
.........................

الكريم /بهجت(f)
سأقرأ المقطع الأول من تالية (الشاعر والصوفي) راجيًا أن أكون قد قاربتُ ما كتبتَ..
يسعى الصوفي حقًّا إلى التوحد بأصل الكون وخالقه ، اتحادًا كاملاً مارًا برحلة عبور ، وترقى ، لا نهاية لها ، حتى لو صعد لأعلى لا يكتفي ، وعندها لا يُعبّر عن الحال بكلام ، وإن عُبّر عنه ، لن يبلغ المُلقى إليه كُنه العبارة ، هو أمر يُذاق فحسب ، يُكشف لصاحب الحال / التجربة ، وحده لا شريك ، في الأولى تكون هناك حدود (وهمية) فثمة مُحبٍّ ومحبوب ، لكن حين يبدأالعبور تُلقى الجسور وتُخلع الصور فلا كون ولا مكوّن كما عبر قول بايزيد البسطامي عنه (أنائي أنائيتك) أو عبر مسيحنا (أنا الحق) ، وعليه سيدي لا يصح في التجربة تعبير مثل (التصاق) إذ الالتصاق لا يكون إلا بين جزئين ، وما هناك سوى الواحدية ، حين يدرك المخلوق خياليته ويحقق وجوده بتوحّده معه نحن أمام وحدة لا اجتماع لأجزاء ، صرف النظر عما يحويه لفظ (الالتصاق) بتعدد الأعيان ظاهرا ، وهنا سيصرخ العابثون علينا أريحونا من هذيانكم أيها الكفار!
ثمة أمر آخر أختلف معك سيدي فيه ، فالصوفي الحق يفرّ حقًّا إلى الله بالله ، لكنه لا يفرّ من الخلق أبدًا ، هو يهب الجسد للأبدان التي يعيش بينها ، يطارحهم يتقاطع معهم يعلم يربي يتعلم ، يخرج من بينهم مبدعًا متعاليًا على عكارتهم كما أشرتم ، كما يتعالى على ثقافتهم لكنه لا يرفضها ، إذ تظل رؤيا ، وما دام البشر أنواعا ستظل هناك ألوانا تعبر عنهم ، ورب كلمة تخرج من فم لم تصقله التجاريب أو الثقافة تخلع الصوفي خلعًا وتشق قلبه ، وتضعه أمام مرآة نفسه ليعرف قدرها إن اغتر .. وعليه فلا تخطئ أحدًا ولا تميل إلى تخطئته ، ولعل قول الحلاج المشهور يعبر بوضوح عن ذلك ، فضلا عن قول الرومي سالف الذكر .

ظنّي أن الشاعر أو نوع من الشاعر ، متخلقٌ من رحم الصوفي ، لأن عالم الأخير أرحب ، خاصة لو تحققت كينونته وعلا .

تقديري الجم ، ومتابع لكل ما تتفضل بكتابته هنا .

Array
الكريم /بهجت(f)
.......................
ثمة أمر آخر أختلف معك سيدي فيه ، فالصوفي الحق يفرّ حقًّا إلى الله بالله ، لكنه لا يفرّ من الخلق أبدًا ، هو يهب الجسد للأبدان التي يعيش بينها ، يطارحهم يتقاطع معهم يعلم يربي يتعلم ، يخرج من بينهم مبدعًا متعاليًا على عكارتهم كما أشرتم ، كما يتعالى على ثقافتهم لكنه لا يرفضها ، إذ تظل رؤيا ، وما دام البشر أنواعا ستظل هناك ألوانا تعبر عنهم ، ورب كلمة تخرج من فم لم تصقله التجاريب أو الثقافة تخلع الصوفي خلعًا وتشق قلبه ، وتضعه أمام مرآة نفسه ليعرف قدرها إن اغتر .. وعليه فلا تخطئ أحدًا ولا تميل إلى تخطئته ، ولعل قول الحلاج المشهور يعبر بوضوح عن ذلك ، فضلا عن قول الرومي سالف الذكر .

ظنّي أن الشاعر أو نوع من الشاعر ، متخلقٌ من رحم الصوفي ، لأن عالم الأخير أرحب ، خاصة لو تحققت كينونته وعلا .

تقديري الجم ، ومتابع لكل ما تتفضل بكتابته هنا .
[/quote]
الأخ الكريم يجعله عامر .:97:
لأن التجربة الصوفية ذاتية متعددة بتعدد المحبين ، فهي منطلقة لا يحدها أفق ، ولا يحكمها قانون بعينه ، فقط نلاحقها بالملاحظة و نخضعها للكم ،و هي الأبية بطبيعتها على الملاحظة و القياس ،و لكن ماحيلة الجاهل الذي يتعالم على العلماء سوى الرصد و القياس ؟.
إن المريد في بداية المكابدة يميل إلى العزلة و الإنقطاع عن الناس ، فهو يخشاهم على نفسه بقدر ما يخشى عليهم من نفسه الأمارة بالسوء ،وهو في ذلك أشبه بالشيخ الذي طوى ثيابه عن جليسه ، فقال له الأخير : " هل تخشى على طهر ثيابك من نجاستي ؟، فقال له الشيخ بل أخشى على طهرك من نجاسة ثيابي "، وهو كما يقول الجنيد أيضا :" من أراد أن يسلم له دينه ،و يستريح بدنه و قلبه ، فليعتزل الناس ، فإن هذا زمان وحشة و العاقل من اختار فيه الوحدة "، و العزلة عند الصوفي موقف من مواقف الإغتراب الإجتماعي ، نتيجة فساد عم الكون تجزع له نفسه المرهفة وروحة المشرقة ، الخلوة إذا مرحلة هامة للصوفي ، يقطع بها شواغل القلب بمن سوى الله ، فهي بالنسبة له مرحلة بناء و تكوين و استعداد للخروج الوافر الذي يستطيع به مواجهة الناس و الحياة ، فالعزلة إذا في جوهرها اعتزال للخصال المذمومة ، هي لتبديل الصفات و ليس للتنائي عن الأوطان ، أماعن الصوفي الذي تجاوز تلك المرحلة الأولى و اشتد عوده ، فيحوذ درجة عالية من الكمال الروحي لا يلائمها سلوك الخلوة و العزلة و الفرار .
إن التحليل النقدي ( السيسيولوجي ) للتصوف الإسلامي يوضح الإتجاه بدرجة عالية إلى ظاهرة ( الاستسرار ) أي تكوين الأسر الروحية ، و نزوع حاد إلى تأسيس الجماعات الروحية المغلقة ، هذه الجماعات كانت دائما تمارس الإغتراب الإجتماعي و الديني و السياسي ، وهي دائما تعتبر الخلاص شأنا فرديا و ليس خلال ثورة سياسية أو اجتماعية ، حتى لو كانت تقوم على خطاب إسلامي .
أو هكذا أرى الأمور بعقل يبحر بليل حوله الظلمات طباقا .

سيد بهجت ، واحتك هذه عذب ماؤها ، عليل نسيمها ..
أزورها لأستظل بفيء النخلات فيها .. :97:

Array
سيد بهجت ، واحتك هذه عذب ماؤها ، عليل نسيمها ..
أزورها لأستظل بفيء النخلات فيها .. :97:
[/quote]
اليمامة(f)
في حضرة الشموس تضيء ذواتنا ، ليس لأننا شموس مجاورة بل أقمار ، أقمار مظلمة و لكنها تعكس ضياء الشمس فتتلألأ و تنير ، إن الجمال كالقبح عادة، و عندما نرتاد حقول الجمال نعتاد الجمال و نمارس الفضيلة ، فلنودع عقولنا وداع غير وامق ، بهذا وحده ستسكر قلوبنا بالحقيقة ، و نصحب رجال الله إلى موعدهم القديم .. الموعد الله ، ولو لساعة ليس مثلها الزمن .

أعتقد أن العلاقة بين الشعر والموسيقى وشائج كثيرة..لن أخفي عنكم مدى ذوبان وجداني مع كل ما قرأت من شعر, فكل ما هاهنا أثلج صدري ،..شكرا لكم يا اصحاب الذوق الرفيع(f)وشكرا..

فالموسيقى الصوفية و الشعرالصوفي - لطالما اذهلتني والمستمع يجد نفسه دون شعور في مكان أخر يسبح في الكون

منذ سماعي أدهشني ها كلمات

كلما رمتم لقربي تنطفي نيران قلبي
زادني الوجد لهيبا هكذا حال المحب
انتم مرادي واربي وبكم حياتي وطبي
انتم زادي وشربي

في هواكم طار قلبي نحوكم ياخير عربي
نظرة تزيل كربي
***
***
قسما بالطهر طبي من سلب عقلي ولبي
انني في الحب مسبي
فخيالك لم يغيب نصب عيني
ياحبييا ارحمن صبا كئيبا
لاتلمني ياحبيبا إن دائي لـغريبا
لم يفد فيه الطبيبا
====

سمو المعاني...في حضرتكم.. شكرا لسيد بهجت(f)على هده الفسحة

(f)

أول الطريق هو منتهاه

ولد الشاعر المصري طاهر أبو فاشا في دمياط في 22/ 12/ 1908، والتحق بكلية دار العلوم ليتخرج بها سنة 1939 بترتيب الثاني على دفعته ، و توفى بالقاهرة يوم 12 / 5/ 1989 ، ودفن بها ، من أشهر ما قدمه برنامج ( ألف ليلة وليلة ) التي ألف منها 800 حلقة ، على امتداد 26 سنة ، كما كتب أغاني فيلم ( رابعة العدوية ) الذي لحن أغانيه رياض السنباطي ، ومحمد الموجي ، وكمال الطويل ، وغنتها أم كلثوم ، مع هذا الشاعر الجميل نبحر مع شهيدة العشق الإلهي في رحلتها لقرب الحمى ، ولنا عودة كلاهما ..الصوفية و الشاعر .

لغيرك ما مددت يدا

أعتقد أن العلاقة بين الشعر والموسيقى وشائج كثيرة..لن أخفي عنكم مدى ذوبان وجداني مع كل ما قرأت من شعر, فكل ما هاهنا أثلج صدري ،..شكرا لكم يا اصحاب الذوق الرفيع(f)وشكرا..

فالموسيقى الصوفية و الشعرالصوفي - لطالما اذهلتني والمستمع يجد نفسه دون شعور في مكان أخر يسبح في الكون

منذ سماعي أدهشني ها كلمات

كلما رمتم لقربي تنطفي نيران قلبي
زادني الوجد لهيبا هكذا حال المحب
انتم مرادي واربي وبكم حياتي وطبي
انتم زادي وشربي

في هواكم طار قلبي نحوكم ياخير عربي
نظرة تزيل كربي
***
***
قسما بالطهر طبي من سلب عقلي ولبي
انني في الحب مسبي
فخيالك لم يغيب نصب عيني
ياحبييا ارحمن صبا كئيبا
لاتلمني ياحبيبا إن دائي لـغريبا
لم يفد فيه الطبيبا
====

سمو المعاني...في حضرتكم.. شكرا لسيد بهجت(f)على هده الفسحة

(f)
[/quote]
:97:
مرحبا بك دوما .