تعقيب .
بداية أقر أن فكرة الإطار مركبة و ليست مألوفة في طرح القضايا التي نتعامل معها ، فنحن نتحاور مفترضين بداهة أننا جميعا ننتمي لنفس الإطار أو المرجعية المعرفية نظرا لوجودنا في وطن واحد و زمن واحد و هذا ليس صحيحا ، إن زمن الإنسان ليس زمنه التاريخي بل زمنه العقلي و مكان الإنسان ليس مكانه الجغرافي بل حيث تنبع ثقافته ، إن هناك من يعيش بجسده بيننا في القرن 21 ، و لكنه يعيش بعقله في القرن السادس أو السابع الميلادي و هناك من يعيش بجسده في باريس و نيويورك و لكن عقله يعيش في نجد أو في أورشليم زمن الملك سليمان ، إن النتيجة المنطقية لفكرة الإطار هي استحالة الحوار بين الحضارات او الثقافات المختلفة ، و أنه لا يوجد قاسم مشترك بين منتسبي إطارين مختلفين و لا يمكن الوقوف خارجهما و التحاور معهما ، كي يكون الحوار مجديا لابد أن يكون المتحاورين من داخل نفس الإطار و باستخدام نفس لغته و مفاهيمه .
و لمزيد من الإيضاح سأضرب مثلين بسيطين .
الأول هو قضية الطلاق بين المسيحيين الأرثوذكس في مصر ، فهناك إطاران تطرح فيهما هذه القضية الأول الإطار الكنسي الأصولي ، و هو إطار نصي مصمت ، مرجعيته النصوص الدينية المقدسة ،وهي تحرم الطلاق لقول المسيح بالرغم ان المسيح لم يتزوج ولا يعرف شيئا عن نكد النساء و ردعهن بسلاح الطلاق :thumbup:،و بالتالي تصبح القضية محسومة بالرفض البات ، بينما هناك الإطار الحداثي الذي يناقش القضية بعيدا عن النصوص الدينية و بمعيار المصلحة ، معتمدا على الإحصاءات و علم النفس و الإجتماع ، مع استبعاد النصوص الدينية لعدم الإختصاص ،و بالتالي ستكون نتائج الحوار أفكارا للتغلب على المشكلة و ليست نصوصا دينية تعمق المشكلة و تمنع حلها ، و بصرف النظر عن الآراء التي يمكن طرحها فما نؤكد عليه هو استحالة الحوار بين الإطارين نتيجة لتناقض المرجعية المعرفية ، فهناك أقوال المسيح و العهد القديم و هنا مناهج البحث العلمي و آراء علماء الإجتماع .
قضية أخرى هي التعامل مع النصوص الإسلامية من قرآن و أحاديث كمرجعية علمية ، و كمثال لذلك الشريط الذي طرحته عن إرضاع الكبير و هناك من طرح قضايا مثل التداوي ببول الإبل و قداسة مخرجات النبي و نكاح الجن و الإنس و غيرها من البلاهات و السخافات .. أيضا سنجد أن لدينا إطاران لا يمكن أبدا أن يتصلا هما إطار نصي مصمت يقدس كل ما ينسب إلى النبي ويراه دينا إلهي المصدر نتعامل معه خلال إذعان القلب المؤمن و ليس جلاء العقل الناقد ، بينما هناك إطار حداثي لا يرى الدين مصدرا للمعرفة ، ولا يعترف بالنبي طبيبا و عالما في الفيزياء و مناظرا عسكريا و..و ... و لكنه خارج نطاق الدعوة و التبليغ مجرد مواطن من قومه لا يزيد عنهم شيئا ، و بالتالي فهذا الإطار لا يطرح قضايا طبية أو قانونية و علمية و.. غيرها من أمور الحياة من عينة بول الإبل و إرضاع الكبير و الختان و .. سوى من الجانب العلمي فقط ،و غالبا للتحذير من شيوع الفكر الخرافي في المجتمع و مخاطره ،وفي هذا المجال فلن تضيف أحاديث النبي شيئا طالما لن نقبل نقدها كونها مجرد تعبير عن ثقافة مجتمع بدوي بدائي يعيش في منعزل صحراوي قديم ، لهذا يجب استبعادها كلية من مثل هذا النقاش العقلاني القائم على النقد لا سواه . نحن إذا نتعامل مع إطارين لن يلتقيا أبدا ولا جدوى من حوارهما ، الأول نصي لن يفهم مطلقا لماذا أو كيف يعمل عقله في النص الديني ،و الثاني منهجي عقلاني لن يقبل أبدا الإمتثال لنص يتحدث بلسان فقيه شبع موتا منذ 1400 سنة أو يزيد ، بل لا يرى البلاهة غير ذلك .

تسجيل الدخول
اسم المستخدم:
كلمة المرور:	فقدت كلمة المرور؟
	تذكرني

المواضيع المحتمل أن تكون متشابهة…
الموضوع		الكاتب	الردود	المشاهدات	آخر رد
	مشروع الحوار القروي	فارس اللواء	5	845	09-24-2013, 09:03 PM آخر رد: فارس اللواء
	مخالفك في الحوار، بين المعتبروغض النظر:	السيد مهدي الحسيني	3	891	02-09-2013, 09:35 PM آخر رد: إسم مستعار
	الصراع conflict و نظرية المؤامرة conspiracy .	بهجت	31	6,930	04-20-2012, 04:39 AM آخر رد: بهجت
	نظرية ولاية الفقيه، ورأي علماء مدرسة أهل البيت فيها:	السيد مهدي الحسيني	15	4,455	01-11-2012, 06:58 PM آخر رد: السلام الروحي
	نظرية المؤامرة	علي هلال	10	2,498	01-10-2012, 01:10 AM آخر رد: علي هلال