{myadvertisements[zone_3]}
بهجت
الحرية قدرنا.
    
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
نظرية الإطار و استحالة الحوار .
اقتباس:بيد أن الحسرة العتيقة هنا ،والحزن الذي لا شفاء له هنا ،و أمل السنين القديمة الملعونة هنا ، و الوحش غير المرئي هنا ، إنه يغرز ببطء شوكته في القلب الوحيد .
دينو بوتزاتي.
من المفضل في هذه المرحلة أن نضرب مثالا كنموذج واضح عن الأطر التي نعنيها ، و سيكون مثالي تجربة عاصرناها جميعا .
لعلنا نذكر الفتاوى التي أطلقها شيوخ الوهابية السعوديون و معهم الشيخ يوسف القرضاوي الذي يعرف بالاعتدال مقارنة بغيره من فقهاء التدين السياسي ، هذه الفتاوى ساهمت بشكل عملي في إذكاء الصراع في العراق و التحريض على العمليات الإرهابية ضد الشيعة تحت شعار مقاومة المحتل .نسأل أنفسنا أين الخطأ الذي جعل من رجال الدين أو بعضهم محرضين على الإرهاب المجاني ضد أبرياء بدعوى المقاومة ؟. هل المشكلة كامنة في أن هؤلاء الفقهاء الجهاديون لا يعبرون عن روح الإسلام أو أنهم مجرد رجال أشرار دافعهم الوحيد هو كراهية الشيعة ؟. الإجابة هي لا كبيرة على الأقل فيما يخص القرضاوي لأني أتردد بالفعل في تبرئة الفقهاء الوهابيين من الطائفية . إذا فالمشكلة أعمق كثيرا من كونها صراع طائفي . إنها في رأيي كامنة في الخلل البنيوي الذي يميز الإطار الذي يفكر و يعيش فيه الأصوليون .
سوف أخص بالحديث الآن الفتوى الشهيرة التي أجاز فيها القرضاوي قتل المدنيين الذين يقدمون خدمات للقوات الأمريكية في العراق و ما أحدثته من ردود فعل ، و نذكر أيضا المناظرة التلفزيونية في قناة الجزيرة وقتئذ التي قال فيها القرضاوي بالحرف :" ( مَن أراد أن يحاكمني فليحاكمني إلى أصول الإسلام التي أؤمن بها وأدعو إليها وأضمنها خطابي في كل..)، إن هذه العبارة الصغيرة توضح بشكل مكثف نظرية الإطار كلها ، فالقرضاوي كغيره من الفقهاء يفكر بالنص و ليس فيه و يرى الحياة في إطار محدد هو الإطار الديني النصي ،و لذلك هو متوافق تماما مع هذا الإطار . إن أفكار القرضاوي مفهومة و منطقية ليس فقط بالنسبة لمن يشاركه هذا الإطار من المعاصرين بل هي كذلك لمن كان يعيش في بغداد العباسية أو القيروان في عصر المرابطين ، فهذا الإطار لم يتغير في جوهره منذ القرن السابع أو الثامن الهجري ، وكل ما حدث أن أعيد طلاؤه . هذه الأفكار نفسها ستكون غير مفهومة البتة لمن ينتمي لإطار عقلاني معاصر يرى أن المرجعية التي يجب أن يلتزم بها الجميع هي القانون الاتفاقي الوضعي و أن ما يعول عليه هي التقاليد الفكرية التي لا ترى دورا لرجال الدين في الممارسات السياسية .
إن مفكرا أوروبيا أو يابانيا لن يفهم كيف يدعو رجل دين إلى قتل حماة الدولة التي ينتمي إليها ( أمريكا - قطر ) ومن يعاونهم رغم أن هؤلاء المعاونون هم كل مواطنيه القطريين تقريبا ، و بالتالي سوف يعجب عندما يجد أن هذا الفقيه مازال يعتبر نفسه مواطنا صالحا لم يخالف القانون ، وسوف يزداد عجب ذلك المفكر – و ليس إعجابه – لأن الفقيه الجليل عندما يدافع عن موقفه يطالب أن يحاكم ليس وفقا لقانون دولته ، ولكن وفقا لنصوص أنتجها فقهاء منذ 1200 عام تجيز له التحريض على القتل طبقا لتقديره الفقهي !.هذا الأمر لا يمكن أبدا قياسه على أي فكر قانوني خارج الإطار الإسلامي الأصولي . هذه الحقيقة على بساطتها ووضوحها لا يفهمها ولا يقرها الأصوليون - أو حتى المعتدلون الذين ينتمون للإطار الديني - رغم أنها تبدوا بديهية لأي إنسان ينتمي لأطر حداثية مهما تنوعت هذه الأطر .إن من ينتمي لأطر غير دينية سيفهم -سواء وافق أو عارض ذلك- أن يعلن سياسي عراقي مثلا أنه سيقاتل من يتعاون مع القوات الأمريكية على أساس سياسي ( رغم أنه قد يرفض هذا الرأي السياسي) ، لأن الإطار العقلاني يقبل أن يقاتل الشعب الغزاة ومن يدعمهم على أسس من المصالح الوطنية و ليس نتيجة العقائد الدينية ، و يقبل هذا الإطار أيضا أن يقرر رجال السياسة قضايا الحرب و الصراع على أسس عقلانية ، و لكنه يرفض أن يقوم رجال الدين بذلك على أسس عقائدية ، لأن واجب رجال الدين ينحصر في الدعوة للسلام و الحب ،و ليس في شن الحروب و استحلال الدماء وركوب نساء الأعداء و استعباد أبنائهم !.
أرجو أن نفكر بعمق في ذلك كله ، آملا ألا يتعجل أحد بالقول أن هؤلاء الفقهاء لا يعرفون الدين الإسلامي السمح على وجهه الصحيح ،و أن مرجعيات الشيعة هي وحدها التي تعبر عن هذا الدين ، فهذا القول يكرره الفريقان منذ 1450 سنة إلى اليوم ولن يكفوا عن تكراره . إن الإطار الديني هو المشكلة ،ولو ناقشنا مشكلة العراق في إطار سياسي عقلاني لأمكن الوصول إلى حل توافقي يحوز رضاء الجميع ، فتلك قضية مدنية لا علاقة لها بالأحكام الفقهية التي لا تعرف شيئا عن العلاقات الدولية المعاصرة ولا قرارات الأمم المتحدة ولا التصفيات العرقية .
الزميل العزيز . The English Patient.
تحية تقدير على اهتمامك و تواصلك .
يسعدني أن أعد لك قائمة بالمراجع و الكتب التي بنيت عليها هذا الطرح مؤكدا أن أي قصور تعود علي بالأساس . وسوف أوافيك بهذه المراجع في المداخلة القادمة عن شاء الله ، ومعها خالص تقديري .
الزميل العزيز بوعائشة :97:
|
|
06-25-2005, 02:16 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
skeptic
عضو رائد
    
المشاركات: 1,346
الانضمام: Jan 2005
|
نظرية الإطار و استحالة الحوار .
اقتباس: بهجت كتب/كتبت
الإطار الديني هو المشكلة ،ولو ناقشنا ، فتلك قضية مدنية لا علاقة لها بالأحكام الفقهية التي لا تعرف شيئا عن العلاقات الدولية المعاصرة ولا قرارات الأمم المتحدة ولا التصفيات :[/
الأستاذ بهجت
تحية طيبة
أكثر ما قد أجده مبهمآ في الحوارات المنتدوية هو ذلك االانتقال والتقافز بين الضمائر الجمعية , التي يعجزني أحيانآ ((تأطير)) المخاطب فيها والمقصود ..وتقافز السياق بين تعميم أو تخصيص المخاطب بحيث تختلف الإسقاطات والنتائج جذريآ وفقآ لذلك... فمخاطبة الحاكم غير مخاطبة المحكوم مثلآ
وكامثلة وليس للحصر,تلك االضمائر الملونة أعلاه... لمن يتوجه الخطاب تحديدآ... من هم الموكلون بمهمة نقاش كهذا ويمكن لهم عند الوصول إلى نتائج, أن يرضاها الجميع...
|
|
06-26-2005, 01:22 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت
الحرية قدرنا.
    
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
نظرية الإطار و استحالة الحوار .
اقتباس:ذلك الذي يقتل الملك ،و ذلك الذي يموت من أجله ،كلاهما عابد أصنام . ج ب شو .
إنني في هذا الطرح كله لا أدعي عصمة ، بل إنني أحاول أن أضيف رؤية أعتقد أنها جديدة نوعا ما ، على أمل أن يطورها أو يعدلها أو حتى يفندها أحد مستقبلا . إنني بالأساس أحاول أن أفهم لماذا لم ننجح في التعايش مع هذا العالم المحيط بنا و ما هو الخطأ الأساسي الذي جعلنا نتصادم معه ؟. إننا نستنزف إمكانياتنا المحدودة في صراع غير متكافئ ، ولابد أن يكون هناك سبب أعمق كثيرا مما يعلن ، و أعقد كثيرا من أن نضعه في رقبة هذا أو ذاك .إنني أشعر وربما بشكل حدسي أن الأزمة في جوهرها نشأت من الإطار الذي نسجن أنفسنا فيه ، هذا الإطار ليس هو الإيمان فأكثر من 85 % ممن نعتقد أنهم أعداء لنا هم من المؤمنين ، رغم هذا لا نستطيع أن نتفاهم معهم ولو بالحد الأدنى الذي يكفل لهم الأمن ولنا البقاء .
لابد أن نتفق على حدود الإطار الذي نتحدث عنه حتى نصل إلى نتيجة واضحة من جدوى الحوار أو لا جدواه ، فالإطار كما أراه ليس إطارا ضيقا يحتم الاتفاق مبدئيا عما سوف نتفق عليه لاحقا ، فهذا هو حوار الشموليات العربية ،إن ما أراه هو إطار واسع قدر الإمكان و لكنه أيضا يفترض اتفاقا عاما حول المفاهيم الأساسية كما يحدث في الحوارات داخل البرلمانات الغربية أو المؤتمرات العلمية مثلا.
ولو طبقنا هذه الفكرة حتى على دوائر الحوار العربية و التي ينتسب أعضاؤها إلى نفس الثقافة العربية الدينية السائدة سنجد أن كثيرا ما نفتقد هذا الحد الأدنى من الاتفاق حول المفاهيم و التصورات الأساسية خاصة عندما نتعرض لمناقشة قضايا خلافية شائكة بشكل جدي ،و يحضرني أمثلة محددة فعندما نناقش تطبيق الشريعة الإسلامية على سبيل المثال ، فالزملاء الإسلاميون يرون أن دعم رأيهم بنص ديني من الدرجة الأولى مثل القرآن يكون كافيا ولا يحتاج الأمر إلى أي جهد إضافي لتأصيله ، بينما أرى – كعلماني - مثلا أن النص الديني ليس مادة علمية أساسا يعتد بها في الحوار لأن ما لا يخضع للنقد ليس علما،و من يرفض معاملة النص القرآني كنص أدبي تاريخي لا يجب أن يستخدمه في حوار أداته الأساسية هي النقد .أن المرجعية التي يعتد بها في أطر حداثية ليست نصوصا من أي نوع بل مناهجا فكرية ، أيضا هناك حتى اللبس القائم حول معنى النصوص اللغوية ودلالتها ، و يحضرني أني استخدمت في موضوع ما تعبير أن الفقه منتج بشري ولو كان شرع الله حقا ما طرحت الموضوع برمته ، فكنت أعتقد أنه سيفهم منه ما قصدته بل ووضحته بعد ذلك ، وهو أن شرع الله المفصح عن مراده لابد أن يتناسب مع روعة وعظمة هذا الكون الطبيعي الهائل ،و أن شرع الله وهو الذي يتجلى في قوانين الطبيعة بأوضح لغة لن يكون نفسه الذي يحصرونه في تطبيق حدود جسدية باترة ،و لكن العقل الديني لن يذهب إلى الطبيعة ليستجلي إرادة الله فهو يقتات على تقاليد فكرية لا تتجاوز النص و إيحاءاته ، إنه يرى أن شرع الله هو القاسم المشترك بين المذاهب الإسلامية الكبرى كما شرحها الفقهاء ، هذا لمن لا يراه حتى محصورا في مذهب بعينه ،إنني بهذه الأمثلة البسيطة الملموسة لا أرجح منهجا على آخر ، فقط أوضح الصعوبة البالغة المؤلمة في التحاور بين طرفي نفس الإطار ، فماذا لو فكرنا في التحاور مع أطر قابضة على ثقافات مختلفة تماما .
لو قمت بتصنيف الموضوعات التي تظهر في أي صفحة من الفكر الحر في المنتديات العربية -كما فعلت - ستجد مؤشرا واضحا على الطبيعية الدينية للفكر / الإطار السائد ، فمن 35 موضوع في أحد المنتديات أحصيت حوالي 25 موضوعا دينيا أو له علاقة بالدين ، ناهيك أن معظم المداخلات في الموضوعات السياسية هي أيضا منطلقة من قاعدة دينية سنية أو شيعية وهكذا . بل عندما ندقق في طبيعة المواقف التي ترفض الدين ستجد أنها دينية المنشأ و ليست امتدادا للتأثر بفكر فلسفي مثلا ، فالملحد هو كاره للممارسات الدينية السائدة وليس بعيدا عن الفكر الديني كله كما هو الحال مع الملحد الأوروبي .
هل هناك سبيل للحوار .؟. هذه هي مداخلتنا القادمة .
الزميلة skeptic مرحبا ، و لي عودة شارحا أو معتذرا !.
|
|
06-26-2005, 01:45 AM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت
الحرية قدرنا.
    
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
نظرية الإطار و استحالة الحوار .
اقتباس:إن نمو المعرفة يعتمد بالكلية على الاختلاف . كارل بوبر ( فيلسوف ليبرالي نمساوي ) .
يثير كثير من المفكرين العرب خطورة القبول بفكرة صراع الحضارات أو الثقافات و بالتالي استحالة الحوار المجدي بين الشعوب الإسلامية و بين باقي الجنس البشري . إن القبول بهذه النتيجة يعني أننا في بداية مرحلة جديدة من المواجهات العنيفة مع العالم كله ،و أيضا نهاية القدر الضئيل من التطور الذي أحرزناه خلال العقود الأخيرة . بالقطع أتفق مع هؤلاء المفكرين ،و لكني أخشى أنه حتى لو رفضنا نظرية الإطار و نتائجها فلن يؤدي ذلك إلى التغلب على مشكلة الحوار مع الآخر . إننا لن نتغلب على المشكلة بإنكارها بل بالبحث العميق المخلص عن حل .
أرى أن هناك نوع من الحوار يمكن أن يمدنا بحل ، هو الحوار المستمد من مناقشات العلوم الطبيعية ، تلك هي المناقشات النقدية التي تحاول اختبار النظرية أو الرأي محور النقاش عن طريق ما إذا كانت عواقبها consequences أو أثارها المنطقية مقبولة أو غير مرغوبة ،وهذا يجعلنا قادرين على تمييز حوارا أو مناقشة كونها خاطئة أم صائبة . فالحوار الصائب هو الذي يتبع منهجا نقديا يقوم على المقارنة بين عواقب النظريات المختلفة و بالطبع يمكن أن نقول الأطر المختلفة ، و يحاول أن يكتشف أي النظريات لها عواقب نراها أفضل لنا ، هذا المنهج سيكون منهجا محايدا يعلو فوق الأطر المختلفة لأنه سيراها جميعا تقبل الخطأ و الصواب ، فهو منهج على وعي حقيقي بإمكان الخطأ الكامن في كافة النظريات و الأطر ، و يسعى أن يستبدل بكافة النظريات التي نناقشها نظريات أفضل ، أما المناقشات الفاسدة أو الخاطئة فهي تلك التي تبدأ من السؤال التقليدي وهو كيف يمكن أن نبرر أو نؤسس أطروحاتنا أو نظرياتنا ، فهذا المقترب يؤدي آليا إلى الدوجمائية أو الارتداد اللانهائي الذي تحدثنا عنه سابقا ، وهذا يقودنا مرة أخرى إلى مبدأ النسبوية المنادي بحتمية الأطر العقلية الخاضعة للامقايسة ، تلك الظاهرة التي تتراكم و تؤدي إلى صدام الحضارات .
كم كنت أتمنى أن أعلن الآن بصوت ملؤه الظفر أنني نجحت في اختراق أعقد مشكلة ثقافية تواجهنا اليوم ،و لكنني لا أريد أن أخدع أحدا بهذا الحل ، لأن هناك على الطريق عقبة نظرية لا يستهان بها فهناك من سيرى أن هذا المنهج النقدي الصائب الذي نجح في العلوم الطبيعة لن يصلح في مجال بشري مغاير فهو لن يتيح لنا التحرر أبدا من سجن الإطار ، ذلك أن حكمنا على العواقب بأنها الأفضل سيكون فقط من وجهة نظرنا نحن ، و لن يراها كذلك من ينتمي لإطار مخالف الذي يمكن أن يرى تلك العواقب نفسها من رؤية مختلفة و أنها سيئة !.، أي أن تلك الرؤية للعواقب ستكون جزءا أو امتدادا لإطارنا نحن ، أي سيكون لدينا نموذج جديد للتبرير الذاتي و ليس منهجا نقديا يعلو على الإطار .
إن الالتزام بهذا المنهج الذي نفترضه وهو ( النقاش النقدي ) هو مهمة عسيرة جدا و رغم أنها ليست حلا جذريا لمشكلة الإطار لكنها جديرة بالمحاولة ، بل و يمكن أن تقدم لنا خطوة جيدة في اتجاه الحل ، لأنه لو حاولنا أن نحدد لنا أهدافا خارج الأطر المختلفة نتشارك فيها مع الآخرين مثل جعل العالم أكثر أمنا أو أن نحصل على فهم أفضل للعالم الذي نتشارك فيه ، كذلك لو سعينا للاتفاق مع الآخرين حول وضع قواعد منهجية و مقاييس جديدة للتفسير ، يمكننا أن نكون على عتبة جديدة للسلام بيننا و بين أنفسنا و مع العالم أيضا .
بالطبع يمكننا ألا نفعل أي شيء من ذلك كله و أن نظل على التصاقنا بكل القيم و الأهداف و الأفكار التي نجترها داخل الإطار الديني الذي نفكر و نعيش فيه ،و بهذا لن نتعلم شيئا من أخطائنا ولا من الآخرين ولن نستكشف أفاقا جديدة ، و سيضيق علينا هذا الإطار باستمرار و سيتحول إلى سجن يزداد انغلاقه علينا حتى نختنق و نتعفن داخله .
|
|
06-26-2005, 11:10 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}
{myadvertisements[zone_3]}
بهجت
الحرية قدرنا.
    
المشاركات: 7,099
الانضمام: Mar 2002
|
نظرية الإطار و استحالة الحوار .
اقتباس:حتى اليوم كنت أسعى لأكون لوحة
يخط الله عليها قوله .
................
إذا لم يكن بالإرادة ، فكيف السبيل إلى افتداء الإنسان .
( هنريك ابسن )
الزملاء الكرام .
خاتمة العرض .
علينا أن نرى إلى أين يسوقنا التقوقع داخل هذا السجن الثقافي الأصولي الذي نقاوم أي محاولة تسعى لتحريرنا منه ، مرة باسم القومية الشوفينية الضيقة و مرة باسم الأصالة و الثوابت ومرات باسم الدين الإسلامي و شريعته الغراء .
كان لدى العرب ثلاثون مليون أمي قبل خمسين سنة ثم أصبح لديهم اليوم سبعون مليوناً، معظمهم في مصر أول مجتمع بدأ التحديث في العالم العربي ، هذا يعني أن العرب بدلا من التقدم كغيرهم من شعوب العالم قد تخلفوا عما كانوا عليه قبل خمسين سنة! ، أما المدهش أنهم بينما يتخلفون بشكل مخجل على مقاييس التنمية الاقتصادية و البشرية يغرقون في استيراد المنتجات النهائية للحضارات الأخرى بما في ذلك الكماليات ، ففي شوارعهم أفخم السيارات وفي جيوبهم أحدث الهواتف النقالة وعلى مكاتبهم كمبيوترات متطورة وتفوح من ثيابهم روائح أفخر العطور!
و المعنى الحقيقي لذلك أن العرب يستنزفون ثرواتهم المحدودة في تمويل عملية تحديث modernizationاستهلاكية شكلية ( المقصود بالتحديث أنها عملية تاريخية لتغيير المجتمع ليتوافق مع العصر و متطلباته ) ،و لكنها تنقلب في عالمنا العربي إلى استنساخ شكلي للتقاليد الاستهلاكية الغربية و الاكتفاء بنقل المنتجات الجاهزة عن الغرب تحديدا وزراعتها في بيئة غير مستعدة للتعامل معها بشكل مجدي ، ولعل أوضح مثال على ذلك هو عمليات التسليح باهظة التكاليف التي تمارسها الدول العربية بدون وجود هياكل بشرية تستوعب هذا السلاح وتحيله إلى قدرات قتالية مضافة و فعالة ،و النتيجة أنه بالرغم من كل السلاح الحديث المتوفر لدى العرب فإنهم لم ينجحوا في مواجهة أي عدوان خارجي طوال تاريخهم الحديث بما في ذلك القوات المسلحة لدولة إسرائيل التي لا تزيد في تعدادها عن تعداد حي في القاهرة .في نفس هذا الوقت يبعد العرب عن الحداثة modernity و التي هي الفكر النظري أو المقولات العلمية و الفلسفية التي تحكم عملية التحديث كما هي آليات تلك العملية ، إن الحداثة تهدف أيضا إلى عدم تبديد الموارد في شكليات لا جدوى حقيقية منها .
والنتيجة الحتمية لفوضى التحديث المنبت عن أصول الحداثة أن عدد العاطلين عن العمل في الوطن العربي يفوقون ما كانوا عليه قبل عشر سنوات، وأن يضل ملايين الأطفال طريقهم إلى المدرسة، ليجدوا في المهن القاسية مرتعاً خصباً لضياع مستقبلهم ووقوفهم عاجزين أمام عجلة التقدم والتطور، و بدلا من النمو تسقط شرائح متزايدة من البرجوازية العربية باستمرار إلى مستويات الحياة المتدينة للبروليتاريا ، بينما تتكون النخب الحاكمة من أدنى الشرائح الثقافية و أقلها تهذيبا و أكثرها جشعا وبلادة ، هذه النخب لا تحفل بالتردي الذي تنساق إليه تلك المجتمعات .
إن التحديث هو عملية نقل لمنتجات مادية نهائية بلا جهد سوى ما تدفعه في مقابلها من ثروة و لا يلزمها تغيير في الأطر العقلية السائدة ، بل ربما يكون التخلف المعرفي سببا لمزيد من الإقبال على عمليات الاقتناء السلعي و الحداثة الاستهلاكية ، و من جانب آخر نجد أن التحديث هو بالأساس إطار من القيم و المناهج و الأفكار و الممارسات لابد من تبنيها و استيعابها ، وهذه بالتالي عملية تربية و إعداد شاقة تستلزم توفير بيئة ثقافية مناسبة كما فعلت اليابان وكوريا وماليزيا ، أما رفض عملية الحداثة و الاستعاضة عنها بالتحديث الشكلي بل و حتى بالإفراط فيه كما تفعل دول الخليج على سبيل المثال ، فلن يؤدي سوى إلى استنزاف الموارد المحدودة بدون طائل ، و سيؤدي إلى هشاشة المجتمعات و سقوطها في براثن التعصب و التطرف كما هو حادث بالفعل .
|
|
06-30-2005, 01:12 PM |
|
{myadvertisements[zone_3]}